أحدث الأخبارفلسطين

آه … يا شيرين ابو عاقلة يا شهيدة… عيون الحرية

13 أيار 2022
أحمد الغز-اللواء
آه… يا شيرين ابو عاقلة… ليتنا كنا معك على تخوم مخيم جنين، حين استهدفك رصاص العدو كما استهدف الاجداد والاباء والابناء والاوطان… وحيث تُحمل الجثامين على أكف الصابرين الصامدين … ويعيش الاحرار في مواجهة الواقع الاليم جيلا بعد جيل، آه يا شيرين… لو تعلمين اي مخيم بؤس يسكنني ويجعلني تائه في ذاتي واغترابي ومقتلع من جذوري وانا اشاهد اقدام الاشقاء تدوس الكرامات وتغتصب اخر ما تبقى من عذرية الاحرار الطيبين، يا شيرين … لو تعملين اي جراح عميقة برحيلك تحركين… آه يا شيرين… ان ظلم ذوي القربى اشد مرارة مما تعتقدين..
يا شيرين … أية صحوة انسانية عالمية تحدثين عبر استشهادك الرقيق الحميم بعد سبعة عقود من السبات الكريه وتجاهل حقوق الفلسطينيين، يا شيرين… انا الاخرس الحقير الشاهد على استكبار الطغاة وهم يغتصبون حرياتنا الفردية والفكرية والسياسية والاعلامية وخصوصياتنا الوطنية، آه… يا شيرين انهم قساة حاقدين ونحن ضعفاء ومهزومين ومستتبعين منذ عشرات السنين … يا شيرين … اهلك المشاهدين في مدن وارياف البؤس والفقر والقهر وفي مخيمات اللاجئين والنازحين يشعرون بالحزن الشديد على رحيلك الاليم..
آه… يا شيرين ابو عاقلة… انا لبناني اسير يخجل من حاضره المهين ومن مستقبله المريب المحاصر بالاستبداد والاذلال والجهل والاحقاد والافقار والاستتباع، آه… يا شيرين لو تعلمين ان آلام نكبة ٤٨ ونكسة ٦٧ واحتلال ٨٢ واغتيالات ٢٠٠٥ هي اقل مرارة من ذل الاغتصاب السياسي الهجين، حيث نقف نحن الرجال عراة اذلاء صغار امام كبرياء جسدك المستكين تحت ظلال شجرة الصحفيين على تخوم مخيم جنين، آه … يا شيرين الجزيرة المرابطة على جبهة باب العامود على دروب المؤمنين نحو الاقصى والقيامة في القدس الشريف، آه … يا شيرين … (يا شهيدة عيون الحرية)، وانا اشاهد خوف عصابات الاعداء من نعش جنازتك المتواضع ادركت عمق أوهام سلام الشجعان مع الجبناء فبكيت نفسي وامتي وانا اتابع مسيرتك على طريق جلجلتك نحو مثواك الاخير، يا شيرين… أردت في وداعك ان اتشارك معك ما تركه الشاعر الدمشقي الكبير نزار قباني قبل الرحيل:


“لا تَسأليني، يا صديقةُ، مَنْ أنا؟.. ما عُدْتُ أعرفُ…- حينَ اكتُبُ – ما أُريدُ… رَحلتْ عباءَاتٌ غزَلتُ… خُيُوطَها… وتَمَلمَلَت منّي… العُيُون السُودُ… لا الياسمينُ تجيئُني أخبارُهُ… أمَّا البَريدُ… فليسَ ثَمّ بَريدُ … لا تسأليني… يا صديقةُ: أين تبتدئ الدموعُ… وأين يبتدئ النشيدُ؟ أنا مركبٌ سكرانُ… يُقلعُ دون… أشرعةٍ.. ويُبحرُ دون بُوصلةٍ …ويجهلُ ما أرادَ… وما يريدُ… لا تسأليني عن مخازي أُمتي… ما عدتُ أعرفُ – حين أغضبُ – ما أُريدُ… وإذا السيوفَ تكسرت أنصالُها… فشجاعةُ الكلماتِ… ليس تُفيدُ… لا تسأليني… من هو المأمونُ… والمنصورُ؟ أو من كان مروانٌ؟ ومن كانَ الرشيدُ؟ … أيامَ كان السيفُ مرفوعاً… وكان الرأسُ مرفوعاً… وصوتُ الله مسموعاً… وكانت تملأ الدنيا… الكتائبُ… والبنودُ… واليومَ، تختـــجلُ العروبة من عروبتنا… وتختجلُ الرجولةُ من رجولتنا… و يلعننا هشامٌ… والوليدُ!
لا تسأليني… مرةً أخرى… عن التاريخ… فهو إشاعةٌ عربيةٌ… وقصاصةٌ صحفيةٌ… وروايةٌ عبثية… لا تسألي، إن السّؤَالَ مذلةٌ… وكذا الجوابُ مذلةٌ… أنا من بلادٍ… كالطحينِ تناثرَت … أنا من بلادٍ… نكّست راياتها…
هل في أقاليم العروبة كُلّها… رجلٌ سَوِيُّ العقلِ… يجرؤ أن يقول: أنا سعيدُ؟؟…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى