أحدث الأخبارالخليج الفارسية

أتى العـيد ولم تُذبح البقـرة

مجلة تحليلات العصر الدولية -د. أسماء عبد الوهاب الشهاري / مجلة يمن ثبات

هو جنونٌ أصاب البقر قبل عدة سنوات، بعضها مات والآخر تعافى، بيد أن بقرة قصتنا هذه كان قد أصابها قبل ذلك بكثير، وظل فيها كمتلازمة خطيرة، والذي لم يكن أثره عليها وعلى أهل بلدتها فحسب، بل على الجوار والمحيط كذلك؛ ورغم مزايا هذه البقرة التي أصابها الكِبَر والجنون معاً، فقد كانت بقرةً حلوبًا غزيرة اللبن، مما جعلها مصدر إغراء للكثير من الطامعين وعلى رأسهم بلدة يكثر فيها رعاة البقر الذين اشتهر عنهم أنهم سفاحون قتلة ومجرمون والكثير منهم مجانين كآخرهم وليس الأخير، والذين لم يختلفوا عنها كثيرًا، إلاّ في مقدرتهم الهائلة على استعباد البقرة وجمع أكبر قدر من اللبن الذي تُغدقه عليهم، رغم جفوتهم معها، ومعاملتهم القاسية، وألفاظهم النابية، وتوبيخهم الدائم والمستمر لها.

وكأنّهم سوط مُسلط على ظهرها ليل نهار، فقد كانت البقرة العجوز ترى فيهم أنهم رعاتها الأمناء، على الرغم من أنه ينطبق عليهم المثل القائل: «حاميها حراميها»، بينما لم تكن رؤيتهم لها سوى ضرعٍ حلوب، ليس عليهم سوى أن يستغلوه بأكبر قدر ممكن قبل أن يصيب منها الخرف ما هو أكثر من ذلك أو يجف الضرع، وحينها لن يجدوا بُداً من ذبحها، حينما لن يبقى منها سوى الخرَف والجنون وقصص لها بداية وليس لها نهاية عن جرائم ومشكلات أقحمت البقرة المجنونة فيها نفسها، أو أقحمها الراعي وشركاؤه فيها، فهي في نظرهم ليست أكثر من أداة ومطية لتنفيذ المخططات وتمويلها وجني الأموال، وهل هناك في هذا الكون ما يضاهي هذه المنحة؟، فكثير من رغبات الراعي -إن لم يكن أغلبها- تقوم بها بقرته الحلوب دون أن يخسر شيئاً سوى سوقها وتوجيهها نحو مراميه والتستر خلفها، بينما تضحي هي بالعجول والأموال وسمعتها التي باتت أبشع سمعة على وجه المعمورة من حيث الجرائم والمنكرات، وكفى بالمنشار دليلًا للإشارة إليها أو الكنه عنها.

وهكذا تتوالى الأعياد مع انتظار المظلومين والمستضعفين هلاك البقرة الطاغية، أو أن يصل إلى مسامعهم خبر ذبحها من قبل حالبيها، وإنه لمن الأشياء المستهجنة أن البقرة العجوز ليس فيها خير على أهل منطقتها أو المناطق المجاورة، ولا يصلهم شيء من لبنها، بل على العكس، تقوم بجبي كل ما أمكنها من قوتهم وخيراتهم وسعيها الدؤوب في نهب خيرات الآخرين أو تدميرها وفرض سيطرتها عليها، فهي تعتبر كل المروج والخيرات في بلدها ملكاً خاصاً بها وحكراً عليها وحدها، سواء أكان ذلك في ظاهر الأرض أم باطنها، تقوم بنهبه والعبث به وتوزيعه بالمجان لمن يشبعها ضربًا وركضًا، فهي لم تعد تستطيع التنفس والعيش بدون ذلك، فقد اعتادت حياة الَّلاكرامة والامتهان مع الأيدي الأمينة من وجهة نظرها، لكنها في الوقت ذاته تحدّ قرونها وتبرز عضلاتها على أهلها وجيرانها، وتستضعفهم حتى باتا مغروسين كخنجرين سامّين في خاصرة وقلب كل من جاورها أو بينه وبينها صلة من قرابة أو لغة أو عقيدة أو غير ذلك، حتى كثرت المصائب والمشاكل فيهم، وكانت لها اليد الطولى في كل ذلك، وكأنّها قرن الشيطان ورأس المحن، أو هي كذلك بالفعل كما أخبر سيد الخلق والمرسلين -صلى الله عليه وآله وسلم- عنها حينما قال عن نجد: «إنها قرن الشيطان ومنبع الفتن».

فولاؤها المطلق مع أعداء أهل ملتها وجيرانها. تدر لهم الحليب وتهذب لهم العشب وتزيل العراقيل وتذلل أمامهم كافة السبل، حتى تكون أراضيها والأراضي المجاورة سواء في الخنوع والإذعان لطواغيت الأرض ومجرميها، بل ما هو أبعد من ذلك، فهي تعادي بكل شراسة وتبرز قرنيها في وجه كل ما هو عربي ومسلم، وفي وجه كل من يسعى أو حتى يفكر أن يقف في وجه أعداء الأمة وأعدائها هي قبل أن يكونوا أعداءهم هم.

المؤسف في الأمر، أن البقرة المجنونة قد فقدت السيطرة بعد أن سلمت أمرها بالكامل لغيرها، ولم تعد تمتلك أي قدرة أو فرصة في تدبير أي من أمورها، فقد أصبحت مسيّرة في كل أمورها ولا خِيرة لها في شيء، ولكن الأكثر أسفًا أن عقلها الذي أصابه الجنون أصبح وحشيًا إجراميًا وغرائزيًا، فكل ما يهمها هو إثارة الفتن ونشر الفاحشة وتوزيع الجرائم والمنكرات، فلم يسلم من شرها عدو ولا صديق، عقلية نتنة إجرامية فاقدة للسيطرة وخارجة عن حدود الفطرة البشرية، والأدهى أن من يقودها أكثر جنونًا وقبحًا وإجرامًا منها، فعلى الأقل هو المستفيد الأول والأكبر من كل حماقاتها، بينما هي لا تحظى سوى بكره الناس وسمعة سيئة الصيت ستظل تطاردها أينما كانت، وأينما رحلت وارتحلت وحتى بعد أن يجف ضرعها ويتم سلخ جلدها واقتلاع قرنيها المؤذيين.

لكن يبقى السؤال عن الكيفية التي سيزول بها «آل سعود» من الوجود، فقد أكثروا في الأرض الفساد، فهذه الفئة زائلة لا محالة ولا أحد سيرضى بأن تظل بقرة الشر جاثمة على صدر الأمة وقرونها مغروزة فيها.

جميع الاحتمالات واردة، فهل سيجف الضرع قريبًا فيتخلص منها رعاتها غير المؤتمنين قبل غيرهم، أم أن هناك جماعة من الناس قد بدأت سعيها في كسر هذه القرون بالفعل وبشكل عملي للتخلص من هذا الخطر الداهم، وحتى يعود الأمن والسلام لأهل بلدتها قبل بلدان العالم؟

ربما تكثر التحليلات حول ذلك، لكن مما لا شك فيه أن السكوت عن جرائمها لن يطول في الشام أو العراق أو لبنان أو اليمن، أو حتى تلك البلدان البعيدة عنها كـ»ليبيا» وغيرها، فهي كما أسلفنا عدوة لكل ما هو عربي ومسلم، وهي على العكس تمامًا مع رعاتها الحالبين من اليهود والنصارى، ظهر للامتطاء وضرعٌ للحلب حتى آخر قطرة.

لكن مما لا شك فيه أنه مع كل جريمة جديدة تصبح نهايتها وشيكة، والتوقع الأقرب أنه سيكون على يد المستضعفين قبل الحالبين، وأن أكثر من اكتوى بنار شرها سيكون أول من يقتلع قرونها، ولا يستبعد بل الأكثر تأكيًدا بناءً على كل المعطيات على الأرض أنه سيكون من اليمن، ومَن غير اليمنيين أهل الإيمان والنصرة والتمكين، وسنة الله التي لن تتبدل ولن تتغير أن الله ناصر المستضعفين وقاصم المستكبرين في الأرض بغير الحق والله مولى المؤمنين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى