أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

أحداث الناصرية .. كشف الخطوط والأهداف

مجلة تحليلات العصر الدولية - مهند جواد

الحراك الجماهيري المتواصل  والاحداث في الناصرية تثير جملة من التساؤلات وترسم علامات استفهام كبيرة. فما هي الأسباب الكامنة خلف تلك الأحداث ؟ ومن المستفيد منها  ؟ وما هي الخطوط التي تعمل على ادامة الأزمة ؟ وما هي الأهداف التي تسعى إليها تلك الخطوط ؟ ولماذا محافظة الناصرية على وجهة الحديد ؟ وفي هذه المقالة نحاول مقاربة الموضوع ووضع إجابات عن تلك التساؤلات وفق منظور  انثروبولوجي  تحليلي ؛ وذلك عبر النقاط الآتية، وهي :
أولا : في البداية تقتضي الضرورة الموضوعية تبيين ان المظاهرات كانت حراك مطلبي ، اي ان أبناء المجتمع تحركوا من أجل المطالبة بحقوقهم المنهوبة من قبل الفاسدين ، اذ ان الناس نزلوا إلى الشارع لسببين أساسيين،  هما : السبب الأول : سوء الأوضاع الخدمية ؛ وذلك بسبب الفساد المالي والإداري الذي راح ينخر في بنية الدولة . والسبب الثاني : البطالة التي تعاني منها  وشريحة الشباب ، وهذين السببين لا شك فيهما ولا جدال في صدقهما .
ولكن هناك جهات وخطوط محلية وإقليمية ودولية عملت على استغلال سوء الأوضاع وحرف بوصلة التظاهرات وتوجيه الحراك الجماهيري نحو أهداف سياسية بعيده عن مطالب الناس .
ثانيا :  لماذا محافظة الناصرية على وجه التحديد ؟ إذ أن الجواب عن هذا السؤال يوضح لنا بعض الجوانب الغامضة في أحداث الناصرية، فهناك ثلاثة عوامل أساسية تجعل من  محافظة الناصرية  ساحة مفتوحة  للاضطرابات ومستهدفة من قبل الخطوط التي تعمل في العراق  ، وهي :
العامل الجغرافي،  أن محافظة الناصرية من الناحية الجغرافية لها موقع مركزي وخطير،  إذ أنها  تقع في وسط المحافظات الآتية : البصرة ، ميسان ، واسط ، المثنى ، القادسية ، وهذا يعني إذا بقيت الناصرية غير مستقرة أمنيا والشارع فيها ملتهب فسوف تنتقل الشرارة إلى المحافظات الأخرى ، وتبقى محافظات  الجنوب والوسط في حالة فوضى.
العامل الديموغرافي، إذ أن محافظة الناصرية من الناحية الديموغرافية تتميز بكونها تضم عشائر متنوعة من حيث الانتماء المذهبي ، فهي غير مغلقة على المكون الشيعي فحسب ، بل فيها عشائر سنية لها نفوذ وتمتلك رؤوس أموال ، ولها علاقات وخطوط تواصل مع دول الخليج ، مما يجعل الناصرية  ساحة مفتوحة للتدخل الإقليمي.
العامل الأيديولوجي، أي أن محافظة الناصرية تحتوي على تيارات وأحزاب تنتمي إلى  أيديولوجيات متباينة ، دينية وعلمانية، ففيها البعثيين والشيوعيين والاسلاميين والجوكريين،  مما يجعلها في صراع وتدافع دائم.
ثالثا : وفق المعلومات المتوافرة هناك أربع خطوط داخلية وخارجية تعمل في محافظة الناصرية، وهي : الاول ، ( خط النظام السابق ) من البعثية وضباط الجيش والمخابرات وجهاز الأمن ، وقيادات هذا الخط تدير العمليات من  دولتين ، هما : ( بريطانيا ) و ( الأردن ). والثاني ، ( خط الفاسدين ) وهم تيارات وأحزاب مشاركة في العملية السياسية . والثالث ،( خط دول الخليج ) وهم جماعات وشيوخ عشائر مدعومين من قبل السعودية والإمارات. والرابع ، ( خط السفارة الأمريكية ) وهم جماعات منظمة وتعمل بخطط مدروسة وبتوجيه من قبل السفارة الأمريكية.
رابعا : ان لكل خط من هذه الخطوط أهداف يسعي إلى تحقيقها ، فإن ( خط النظام السابق ) يعمل منذ سنوات من أجل العودة إلى السلطة بعناوين ووجوه جديدة ، فكلما وجد ارضا هشة يقوم باستغلالها وجعلها طريقا لتحقيق طموحة في العودة الى السلطة ، إذ أن البعثيين يعملون على زعزعة الاستقرار من أجل إقناع الناس بأن النظام السابق أفضل من الوضع الحالي ، وبهذه الخدعة يريدون تحقيق أهدافهم. أما ( خط الفاسدين )  فإنه في صراع على منصب المحافظ والاستفادة من التخصيصات المالية للمحافظة، اخذين بنظر الاعتبار الانتخابات المقبلة. و ( خط دول الخليج ) يعمل بشكل مستمر وجهد متواصل من أجل تقويض العملية السياسية في العراق ؛ وذلك لأن النظام الحالي في العراق نظام ديموقراطي ، وهم يحكمون بنظام دكتاتوري ، فإذا فشلت الديمقراطية في العراق ،يكون ذلك مبررا ومسوغا لبقاء انظمة حكمهم، وأيضا  الجانب الطائفي محرك أساسي  لدول الخليج ، فهم يعملون على زعزعة الاستقرار في المحافظات الشيعية .
والأخير هو ( الخط الأمريكي ) فالأمريكيين وخصوصا الحزب الديموقراطي  تقوم سياستهم في المنطقة على ركيزتين، هما الفوضى الخلاقة وتفكيك دول المنطقة، وجعلها دويلات واقاليم متصارعة.
والإدارة الأمريكية لها في العراق ثلاث أهداف أساسية،  تتمثل بالعمل على إيجاد حكومة في العراق تكون موالية للولايات المتحدة بشكل مطلق، كما تعمل على اضعاف العراق من خلال إشغاله بالصراعات الداخلية، وتقويض اي قوة عسكرية تدافع عن وحدة العراق ؛ ولذا نراهم يستهدفون الحشد الشعبي .
ويبقى الهدف الاكبر لجميع الادارات الأميركية المتعاقبة هي تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم من أجل أحكام السيطرة عليه ، وهذا هو مشروع  الرئيس الأمريكي ( بايدن ) في العراق من قبل ان يصبح رئيسا ويبدو أن محافظة الناصرية هي منطلق لتنفيذ هذا المشروع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى