أحدث الأخبار

أزمة طاقة عالمية كاملة لن تنتهي قريبا

تواجه دول العالم حالياً، صراعاً شديداً على مصادر الطاقة الأحفورية، تفرض عليها التنافس فيما بينها لتأمين حاجاتها وحتى تخزين احتياط استراتيجي. وهذا ما سيدفعهم جميعاً الى إقامة تحالفات جيوسياسية في المستقبل القريب، من أجل تأمين إمدادات الطاقة.

فالعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، لم تتسبب لوحدها برفع أسعار المشتقات النفطية والغاز عالمياً، بل قرّبت حصولها بعدما، باتت كميات هذه المصادر في مسار انحداري نحو النفاذ، خلال العقود القليلة المقبلة. وأبرز تجليات أزمة الطاقة هذه، هو ما يحصل من تحركات غاضبة في أمريكا وأوروبا وآسيا بشأن أسعار الوقود والغاز، وخفض بعض الدول استهلاكها من التدفئة، وانهيار شبكات الكهرباء الوطنية في العديد من الدول.

وبالعودة الى ما يحصل في أوروبا الشرقية وتداعياتها، فقد كان الرئيس الأميركي جوزيف بايدن يأمل، في تعويض ما توفره روسيا من مصادر للطاقة عبر دول أخرى، مثل الجمهورية الإسلامية في إيران. إلا أن أمله خاب، بعد عجزه عن إحياء الاتفاق النووي معها، والذي من شأنه أن يعيد نفطها وغازها إلى الأسواق العالمية. كما أنه بالموازاة فشل في إقناع المنتجين الآخرين بزيادة إنتاجهم، بينما نما طلب الصين على واردات الغاز بنسبة 20% خلال العام الماضي. كل هذه العوامل دفعت أسعار الغاز الأوروبية، الى الارتفاع لنحو 6 أضعاف في الأشهر القليلة الماضية، والتي قد تؤدي الى نتائج شبيهة كثيراً بما حصل في السبعينيات، بعد الصدمة النفطية عقب الحرب ما بين سوريا ومصر وما بين الكيان المؤقت (حرب تشرين).


تفاقم الأزمة

لذلك يعتقد الاقتصاديون أن أسعار الطاقة قد لا تتراجع بشكل كبير هذا العام، وقد ترتفع أكثر حتى إذا لم تُفرض عقوبات جديدة على روسيا. الأمر الذي سيؤدي الى استمرار معدلات التضخم في العالم بالارتفاع، لفترة أطول مما كان متوقعاً، مما سيؤثر على القدرة الشرائية للأفراد والأسر بشكل أكبر، وسيحافظ على ارتفاع تكاليف الإنتاج.

ونظرًا لأنه من الصعب على العديد من الأسر تقليل استهلاكها للطاقة، يتوقع الاقتصاديون ارتفاع أسعار الكهرباء ووقود التدفئة والبنزين، بالتزامن مع تقييد الإنفاق على السلع والخدمات الأخرى. فبحسب تقديرات خبراء “جي بي مورغان” (JPMorgan)، فإن الارتفاع بنسبة 20% في أسعار البنزين في أمريكا بعد العملية الروسية في أوكرانيا، قد يؤدي إلى خفض استهلاك السلع والخدمات الأخرى بمقدار 9.6 مليارات دولار شهريًا.

أما على صعيد نموّ الدول، فبالتأكيد ستتأثر أغلبيتها بهذه الأزمة، باستثناء أكبر الدول المصدّرة للطاقة. كما أثّرت على جميع الخطط التي وضعت قيد التنفيذ، من أجل مكافحة مشكلة الاحتباس الحراري العالمية، عبر مشاريع الطاقة النظيفة لإيصال انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية في منتصف القرن الحالي الى الصفر، والحد من الاحتباس إلى 1.5 درجة مئوية.

الكاتب: الخنادق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى