أحدث الأخبارلبنانمحور المقاومة

البطريرك الراعي ماض ٍ في مشروع التطبيع

مجلة تحليلات العصر الدولية - د.محسن الموسوي

لا يختلف اثنان على أن نهج ألبطريرك الراعي جزء من عملية إنهاء العداء لإسرائيل والتطبيع معها أسوة” ببعض الدول العربية المطبعة وانسجاما” مع سياسة عراب التطبيع الحديث أعني المملكة العربية السعودية، التي أغدقت العطاءات على حلفائها من البطرك الراعي إلى وليد جنبلاط وسمير جعجع وسعدر الحريري وغيرهم ممن لم يفلحوا في عداواتهم للمقاومة أن يغيروا شيئا”، لا من نهجها ولا من فعاليتها في مقاومة العدو الإسرائيلي وربيبته أمريكا ولا من بنك اعتمادها المملكة العبرية السعودية.
لا أريد في مقالي هذا أن أتحدث في مقالي هذا عن التاريخ السياسي للبطركية المارونية وهو في معظمه تاريخ تآمري على المسلمين والشيعة بشكل خاص وذلك بالتعاون مع الدول الأوروبية ومع السلطنة العثمانية لطرد الشيعة من الجبل والساحل والإستيلاء على ممتلكاتهم بالقوة والإكراه وهكذا أفرغ الساحل وجبل لبنان من الشيعة سكانه الأصليين وتحولت ملكيته للموارنة بقيادة ألبطركية المارونية التي يتزعمها الآن البطرك الراعي، وهكذا نستنتج أن مواقف الراعي السياسية ليست غريبة عن مواقف البطركية المارونية فقد سبقه عليها البطرك صفير الذي استخدم كل نفوذه وجهوده لمحاربة المقاومة ونهجها المتمثل بالحياد الإيجابي تجاه أعداء المقاومة والعداء المستميت تجاه حلف المقاومة المتمثل بحزب الله وسوريا وإيران.
نعم عندما فشل أذناب الحلف السياسي الشيطاني الصهيو – أمريكي في تغيير المعادلة في لبنان كان لا بد من إدخال العامل الديني لإعطاء الأمر فعالية” أكثر وتجييش المسيحيين وتجييرهم إلى مواقف عدائية لحزب الله والمقاومة أي إلى عداء الطائفة الشيعية وما تمثل في لبنان.
نعم قبل البطرك الراعي القيام بهذا الدور، بطلب أمريكي سعودي وتشجيع من مقربيه سمير جعجع، وليد جنبلاط وسعد الحريري، وهكذا يكون البطرك الراعي قبل أن يكون رأس الحربة لقيادة تيار معارضة الطائفة الشيعية ومقاومتها للعدو الصهيوني عن طريق إلصاق التهم الباطلة المزيفة كتاريخ البطركية المارونية الأسود تجاه الشيعة.
في خطاب البطرك الأخير تحدث عن الحياد الإيجابي الناشط، وأنا اسأله لماذا لم تقل هذا الكلام عندما كان حلفاؤك يهربون السلاح والمسلحين إلى جارتنا وشقيقتنا سوريا تحت إسم الحفاضات وحليب الأطفال؟ لماذا سكتّت عن ذلك ولم تحرك ساكنا”؟
أسكتتك الدولارات الأمريكية والسعودية؟
الدولارات التي غطيت بها حاكم مصرف لبنان عندما جعلته خطا” أحمرا” ممنوع محاكمته لأنه ساعدك على تهريبها إلى الخارج؟.إذا لم يكن ذلك فهي إذن قناعاتك المعادية لخط المقاومة وللطائفة الشيعية رمز عزة لبنان وسيادته ووحدته.
أضا”توجه البطرك في حديثه إلى جمهوره طالبا” منه عدم السكوت عن عدم تأليف الحكومة، وكأن البطرك عائش في المريخ ولا يعرف بأن الضغوط الصهيو-سعودية-أمريكية هي التي تمنع تشكيل الحكومة. ألا يعرف البطرك العظيم أن سعد الحريري لا يجرؤ على مخالفة الأوامر السعودية وقد ذاق طعمتها من قبل؟ ولولا كلام السيد نصرالله لبقي مسجونا” عند محمد بن سلمان، تحت التعذيب النفسي والجسدي؟. لماذا أيها الراعي تتكلم زورا” وتتهم حزب الله بأنه السبب بعدم تشكيل الحكومة؟. كنا نربأ بك أيها البطرك أن تقول الحقيقة إكراما” واحتراما” لمقامك، لا أن تقول زورا” لتشحن مؤيديك.
أيضا” تحدث البطرك عن الفساد والإصلاحات وكأنه يستغشم الناس بذلك، فهو كان دائما” وأبدا” المانع والحاجز الأول لهذه الإصلاحات، فإذا جرت محاولات إصلاح الدستور، طالب بإصلاح” النفوس قبل النصوص” وهي عبارة مشهورة عنه. إذا جرت محاولة لماحكمة الفاسدين اول من تصدى لذلك، وما موقفه المشهور من رياض سلامة إلا دليل على ذلك رغم أنه يدرك جيدا” أن كل الشعب اللبناني بما فيه مناصروه، يتهمون رياض سلامة بالفساد المالي والإداري لا بل أنه مفتاح فساد الطبقة السياسية وعصابة الفاسدين في لبنان. إن إصلاح الفساد في لبنان لا يتم إلا بمحاكمة الفاسدين، حلفاء البطرك الراعي من السياسيين والإداريين اليوم، عصب الفساد في النظام اللبناني الحالي.
لم أفهم قصد البطرك من كلامه عن المحاولة الإنقلابية إلا التجييش لإستنفار مناصريه وإيهامهم ان وجودهم في خطر وأن حزب الله يريد السيطرة عليهم وحكمهم بالقوة أي بالدكتاتورية وهذا قمة الحقن الشعبي الذي فعله البطرك لشحن مناصريه ضد حزب الله والطائفة الشيعية. الحقيقة تقال، فلو أن حزب الله أراد السيطرة على لبنان لفعل ذلك في العام ألفين يوم انسحب من جنوب لبنان وانسحب معه عملاؤه؛ الذين أشبعوا اللبنانيين، قتلا” وتعذيبا” وتنكيلا”، بالنار والماء والكهرباء وفقأ” للأعين؛ هؤلاء الذين دافع عنهم البطرك يوم زار فلسطين المحتلة تحت حماية جنود العدو وتنقَّل من مدينة إلى أخرى بحمايتهم وتحت حراستهم وخطب خطبته الشهيرة رافضا” اتهامهم بالعمالة لا بل ألبسهم طربوش الوطنية التي يفهمها هو والذين ينسجمون مع تفكيره المطبع مع العدو الصهيوني والحيادي الإيجابي. الحقيقة لو أن هناك دولة لبنانية تطبق القانون لوجب عليها أن تمنعه من زيارة العدو أو تمنعه من العودة إلى لبنان ليبقى مع أحبائه العملاء الوطنيين بمعتقده، أو تعتقله حسب القانون اللبناني وتحاكمه، غير أن ذلك لن يحصل لأن فوق رأسه طربوشا” أحمرا” يمنع محاكمته لأنه فوق القانون اللبناني، الذي يحاكم فقط الضعفاء من شعبه الذين لا حول لهم ولا طول.
اما وثيقة الطائف التي يطالب بها فإنه كان العقبة الأولى في تطبيقها عندما دعا الرئيس نبيه بري إلى تطبيق إتفاق الطائف، أجابه :”يجب إصلاح النفوس قبل النصوص”. لقد جرّب البطرك كل خرطوشات “الفشنك” التي يملكها والتي بدأها بالدعوة إلى مؤتمر دولي كان الإمام موسى الصدر قد رفضه بداية الحرب الأهلية اللبنانية لأ ن نتيجته تقسيم لبنان وما يدور في المنطقة العربية خير دليل على ذلك.
أخيرا” أتوجه إلى البطرك الراعي لأقول له: باسمي وباسم شيعة لبنان وجميع اللبنانيين المؤيدين لوحدة لبنان أرضا” وشعبا” ومؤسسات، المقتنعين به وطنا” حرا” سيدا” مستقلا” قويا” بجيشه ومقاومته مستندا” على شعبه الداعم المؤيد، وطن الشراكة الوطنية والمواطنية الحقة التي ينشدها كل لبناني، إننا نرفض خطابك المعادي للمقاومة وللطائفة الشيعية، ولكل أحرار لبنان المؤيدين للقضية الفلسطينية، في الوقت ذاته أدعو المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وقيادة حزب الله وحركة أمل إلى الدعوة لمهرجان عام مؤيد للمقاومة وقوتها ومنعتها، يقام في بعلبك على مرجة رأس العين أو في صور في جنوب لبنان للرد على كل من تسول له نفسه إرغام اللبنانيين على التطبيع مع العدو الصهيوني وشيطنة المقاومة في لبنان أو حكم لبنان متجاهلا” الطائفة الشيعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى