أحدث الأخبارشؤون امريكية

أمريكا بعيون كل من: هنري ميللر  و نعوم تشومسكي  ..؟!!

✍️ الدكتور
احمدحسن القشائي

من لم يعرف الاديب والمفكر الأمريكي ( هنري ميللر)  لايمكنه ان يعرف الواقع الاجتماعي الأمريكي وطبقاته ومن يهيمن عليه ويتحكم بمصيره وتوجهاته وقناعته،  ومن لا يعرف المفكر والفيلسوف الامريكي ( نعوم تشومسكي)  لا يمكنه ان يدرك حقيقة وتوجهات الدولة الأمريكية كاجهزة ومؤسسات ومراكز صناعات القرار ومن يحكم امريكا ويصنع قرارها ويحدد مسار علاقاتها السياسية داخليا والجيوسياسية خارجيا..؟!
في اجراء رواية سطرها وألفها  الكاتب الأمريكي هنري ميللر  حملت عنوان ( الجدي) وفي هذه الرواية الجرئية استطاع ميللر فضح وتشخيص المجتمع النخبوي الأمريكي الذي سيطر عليه (الصهاينة المسيحيون) ويرئ ميللر أن الصهاينة أخضعوا المجتمع الأمريكي لقيم وأخلاقيات ومفاهيم ثقافية وسلوكية منحطة ومجردة من كل القيم والمفاهيم الحضارية  الإنسانية ليصل ميللر في روايته حد (التشكيك) بوجود (الرب) أن كان هذا الرب حسب ميللر هو الداعم لهؤلاء المتسلطين الصهاينة الذين دمروا قيم وأخلاقيات المجتمع الأمريكي وثقافته ومشاعر الانتماء الوطني، ليتحول الانتماء لكل ما هو مادي وتصبح الترويكا الرأسمالية بنفوذها هي سيدة أمريكا ومن تصنع القرار الأمريكي والهوية الأمريكية، ليؤغل ميللر في رواية ( الجدي) في كشف الفضائع التي يمارسها الكارتل المتحكم بمصير أمريكا  والذي لا ينتمي لها ولا يؤمن بقيمها ولا بحرية وحقوق مواطنيها الذين ينصاعون دون رغبتهم وإرادتهم خلف سياسة قطيع اللصوص والقتلة و ( القوادين) حسب ميللر الذي يؤكد حرفيا أن هذا الكارتل المتسلط الذي يتحكم بمصير وهوية أمريكا لم يتردد في اتخاذ (الدعارة) احد مقومات وعوامل الثراء ومراكمة الثروة بيد رموز هذا الكارتل الشيطاني الذي لم يتردد في توظيف ( الرب) ودهاقنة الدين ليكونوا عونا لهذا الكارتل المنحط الذي رسم وشكل هوية أمريكا المنحطة والذي حولها من مجتمع حضاري وانساني إلى مجتمع مسلوب الحرية والإرادة والقرار ومجرد من كل القيم و الأخلاقيات ومصيره بيد كارتل من النخاسين يتزعمهم اليوم مجمع صناعات السلاح وهذا المجمع لا يؤمن بأمريكا كوطن ولا ينتمي للشعب الأمريكي بقدر ما يؤمن بمصالحه ومن أجل تحقيق مصالحه لن يتردد حتى بالتضحية بالشعب الأمريكي وأمريكا أن تطلب الأمر..؟


المفكر نعوم تشومسكي وهو مفكر وفيلسوف ويراس مركز الشرق الأدنى للدراسات الاستراتيجية في نيويورك تتماهي مواقفه مع مواقف ميللر وفي كتابه ( الدولة الفاشلة) يستعرض تشومسكي الواقع الرسمي الأمريكي وطريقة تعاطي الإدارات الأمريكية المتعاقبة مع الشعب الأمريكي ومع شعوب ودول العالم مستغلة مكانة أمريكا وما تحتضن من عوامل القوة ومقومات التطور مستغلة موقعها كقوة عظمى حملت لقب (السوبر باور) وهو لقب أنتزعته واشنطن بعد أن أقدمت على إرتكاب جريمتي (هيروشيما ونجازاكي) في اليابان خلال الحرب العالمية الثانية والتي بموجب تلك الجريمة الإنسانية حصلت واشنطن على حق زعامة العالم والتحكم فيه عبر طرق إستعمارية مغلفة بقيم وأخلاقيات حضارية وإنسانية براقة.. مع انها أي أمريكا الدولة الأولى في الإجرام عالميا فهي أول من استخدم الأسلحة النووية وهي من تستخدم الأسلحة الجرثومية والبيلوجية ولاتزال وهي من تستخدم كل العمليات القذرة ضد شعوب وأنظمة العالم ولاتزال وما تمارسه اليوم في أوكرانيا والعالم أكبر دليل على عربدتها التي تشير كل الدلائل إنها تعيش مرحلة احتضار حضاري وحالة أفول تعكس نهاية حتمية لغطرسة آن وقت زوالها..!!
توماس فريدمان أبرز وأهم الكتاب الأمريكيين القريب من البيت الأبيض والبنتاجون يكتب مؤخرا مقالا استلهمه من لقاء جمعه بالرئيس بايدن على طاولة الغداء عبرا فيه عن قلق حقيقي يعاني منه الرئيس الذي استطاع أن يوحد أوروبا ويعيد الحياة لحلف (الناتو) الذي كان يعيش موتا سريريا لكن أدارة بايدن إعادة الحياة لهذا الحلف ليواجه روسيا الاتحادية، ويقول فريدمان أن الرئيس يعيش قلق تفكك إمريكا من الداخل..؟
نعم تعاني أمريكا من قلق يتصل بوجودها وبتماسكها الجغرافي والاجتماعي وأيضا قلق على نفوذها وهيمنتها الخارجية التي أخذت بالتصدع وهذا نتاج طبيعي لما طرحه (ميللر) و( تشومسكي) وما تؤكده الدلائل والمؤشرات التي تعكسها كتابات وتناولات أبرز الكتاب والصحفيين الأمريكيين وما تشهده الساحة الأمريكية من صراعات اجتماعية ذات طابع عنصري وجرائم قتل توحي بل تؤكد أن امريكا أهتمت بنفوذها الخارجي وتجاهلت واقعها الاجتماعي الداخلي وقضايا وهموم مواطنيها فكانت النتيجة هذا التفسخ والتمزق الاجتماعي الذي لا ينذر بتمزق أمريكا داخليا بل ما يشاهد اليوم في أمريكا إنها فعلا تسير بطريق التمزق الداخلي والتفسخ الاجتماعي ولم يبقى معها من أوراق تلعب بها كدولة سوى أن تدفع بعض حلفائها بقوة هيمنتها العسكرية ليقاتلوا نيابة عنها وقد جعلت من هؤلاء الحلفاء دروعا بشرية لمواجهة النفوذ الروسي والصيني وهي محاولات تبدوا للان فاشلة ورغم إدراك واشنطن لهذه الحقيقة إلا أنها تكابر وترفض الاعتراف بهذه الحقيقة التي حتما سيعلن عنها قريبا وهذا ما سوف تثبته تداعيات قادم الأيام.
——
✒️الدكتور/
احمدحسن القشائي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى