أحدث الأخبارشؤون آسيويةشؤون امريكيةشؤون اوروبيية

أمريكا تستولي على كل وسيلة إعلامية إلكترونية معارضة لها

مجلة تحليلات العصر الدولية - عدنان علامه

في خطوة مفاجئة أعلنت وزارة العدل الأمريكية وبكل وقاحة:- إنها سيطرت على 36 موقعا إلكترونياً على صلة بإيران، كثير منها إما مرتبط بأنشطة تضليل إعلامي أو بمنظمات تنتهج العنف، وإنها أوقفت عمل تلك المواقع لإنتهاكها العقوبات الأمريكية.

وفي تحليل لمضمون الفقرة الأولى من البيان استوقفتني العبارات التالي:-

1- 36 موقعا إلكترونياً على صلة بإيران
2- إما مرتبطة أنشطة تضليل إعلامي أو منظمات تنتهج العنف
3- إنتهاكها العقوبات الأمريكية

ويعتبر البيان بنفسه تضليلاً إعلامياً بإمتياز؛ وهو إما للتخفيف من أثار أحداث سابقة للحد من تداولها أو خطوة إستباقية للتحضير لعدوان على أحدى دول محور المقاومة او أكثر.
وإذا راجعنا الأحداث الهامة في المنطقة في الفترة القريبة نجد الأحداث التالية :-
1-محاولة تهويد حي الشيخ جراح وطرد العائلات العربية منه.
2-عملية سيف القدس
3- عملية إنتخاب السيد إبراهيم رئيسي رئيسا للجمهورية الإسلامية في أبهى وأرقى صورة تجسد الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأي منذ لحظة فتح مراكز الإقتراع وحتى إعلان نتيجة فوزه.

فقد أوصلت الوسائل الإعلامية الإلكترونية الصورة الحقيقية الواقعية لمظلومية أهالي الشيخ جراح، وإعتداءات المستوطنين والشرطة على أهالي الحي . كما نقلت صور وحشية جنود العدو وعنصريتهم في تفريق حشود المصلين في باحات المسجد الأقصى؛ ووصل إستهتارهم بحرمة مسجد الصخرة إلى تدنيسه وإطلاق عشرات القنابل الصوتية و قنابل الغازات السامة بداخله، لإجبار المصلين على إخلائه، تمهيداً لإقتحام المسجد الأقصى لإقامة مسيرة أعلام بمناسبة يوم توحيد القدس في غير موعدها. وللعلم فإن إحتلال القدس حصل في شهر حزيران وليس في أيار.

واما في عملية “سيف القدس” فقد وثقت هذه المواقع بالإضافة إلى القنوات الفضائية الواقع كما هو لعنصرية العدو الصهيوني ووحشيته وارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في اليوم الثاني للعدوان بعدما تبين أن بنك أهداف العدو خالٍ من الأهداف العسكرية. وكما وثقت هذه الوسائل الإعلامية سقوط القبة الحديدية إلى غير رجعة ووصول صواريخ المقاومة إلى تل أبيب بكثافة. وباتت المقاومة تحدد ساعات التجول المسموح بها في تل أبيب وباقي البلدات الفلسطينية المحتلة.

وأما بالنسبة لإنتخابات إيران فقد أعطى الشعب الإيراني إنموذجاً في الرقي، التمدن، الحضارة والديمقراطية. فأختار الناخب بكل حرية مرشحه الذي يؤيده. وكان إكتمال المشهد التنافسي الشريف حين توجه منافسو السيد رئيسي بتهنئته بعدما أظهرت نتائج فرز الأصوات تقدمه وتضاءلت نسبهم في المنافسة. وفي ظاهرة غير مسبوقة في إيران سجلت وسائل الإعلام الأجنبية حضورا كثيفاً في المؤتمر الصحفي الأول للرئيس رئيسي؛ وقارن معظم الخبراء،إ المحللين والمعلقين الغربيين والمحليين بين إعلان فوز السيد رئيسي وإعلان فوز ترامب. وهذه الصورة الحضارية لا تعجب حتماً الغرف السوداء في أمريكا.

وآمل التدقيق في المقطع الثاني من بيان وزارة العدل:-

وقالت وزارة العدل الأمريكية في بيان يوم الثلاثاء “اليوم، بموجب أوامر قضائية، صادرت الولايات المتحدة 33 موقعا يستخدمها اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية الإيراني وثلاثة مواقع تديرها كتائب حزب الله، في انتهاك للعقوبات الأمريكية”.

فقد استعملت وزارة العدل 3 مفردات مختلفة في معانيها وتؤدي لنتيجة واحدة وهي قرصنة المواقع خلافاً لقانون حرية التعبير عن الراي الذي ضمنته القوانين الدولية لحرية الإنسان. وما التذرع بإنتهاك للعقوبات الأمريكية سوى كذبة كبيرة اطلقها ترامب وصدقها وبدأت الإدارة الأمريكية تبني عليها كافة التصرفات التعسفية وغير القانونية؛ وساتطرق لذلك في فقرة خاصة. فعلى لوحة القرصنة كتبوا : “الإستيلاء” (مرفقة)، وفي الفقرة الأولى من البيان استعملوا مفردة “السيطرة”، وفي الفقرة الثانية استعملوا مفردة “صادرت” وادعوا أنها بموجب قرار قضائي؛ والحقيقة هي ما بثوه على شاشات القنوات التي تم قرصنتها والإستيلاء عليها خلافاً لكافة القوانين الدولية:-” تم الإستيلاء على هذا الموقع”. واللافت في الأمر أن الشعارين اللذين قاما بالإستيلاء على المواقع يرمزان إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) – قسم العدالة؛ ومكتب الصناعة والأمن قسم التجارة الأمريكية.
FEDRAL BUREAU OF INVESTIGATION/ DEPARTMENT OF JUSTICE

BUREAU OF INDUSTRY AND SECURITY/U.S DEPARTMENT OF COMMERCE

وفي العودة لموضوع انتهاك العقوبات؛ لا بد من التذكير بأن ترامب هو الذي إنسحب من الإتفاق النووي بالرغم من ضمان مجلس الامن والدول الأوروبية وفرض العقوبات على إيران دون اي مسوغ قانوني، وخلافاً لأي نصٍ قانون دولي؛ وبالتالي هي لاغية بقوة القانون. ولكن ترامب فرضها بقانون القوة والغطرسة والتسلط ورضخت أوروبا لرغبة الطاغية ترامب.

وبناء عليه فإن امريكا قامت بالإستيلاء على المواقع الإلكترونية؛ وهو جريمة الكترونية لأنها قرصنة موصوفة. وهي جريمة دولية وإنسانية وأخلاقية لقيامها بإلغاء حرية التعبير لكل من يعارضها.
ومن حيث التوقيت فإن أمريكا استولت على 36 موقعاً إلكترونيا بالتزامن مع الحديث عن التوصل إلى تفاهم حول عودة امريكا إلى الإتفاق النووي ورفع العقوبات؛ وبالتالي هناك شيء غير منطقي في هذه الخطوة. فهل هناك في داخل إدارة بايدن من يريد نسف الإتفاق مع إيران؟

الأيام القادمة كفيلة بكشف المستور.

وإن غداً لناظره قريب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى