أحدث الأخبارلبنانمحور المقاومة

أوان المعركة الوجودية

مجلة تحليلات العصر الدولية - علي الشاب

بات واضحا للجميع أن النظام السياسي في لبنان صار عاجزا عن الاستمرار فهذا النظام الذي يشهد أزمة إدارة شؤونه لتأمين استمراريته عند كل استحقاق دستوري عادي مثل تشكيل السلطة التنفيذية او انتخاب رئيس الجمهورية وكذلك انتخاب السلطة التشريعية وإنتاج وتطوير قوانين إنتخابات مقبولة من القوى السياسية الأساسية في البلاد، أن هذا العجز ليس عجزا مرحليا او مؤقتا بل لقد امتد هذا العجز إلى انعدام القدرة على تأمين مستلزمات الحياة لأبناء الوطن الذين منعوا من الوصول إلى أموالهم في البنوك اذا لم نقل سرقت أموالهم وتوقفت اعمالهم و هم حتى مع وجود أموال في ايديهم لا يجدون ما يحتاجون اليه من مواد غذائية ومشتقات نفطية وأدوية ضرورية واذا ارتفعت الحماية على هذه المواد كما هو متوقع فستصبح خارج القدرة الشرائية لقطاعات واسعة منهم. أمام هذا الواقع يجب أن نحاول النظر الى الصورة بشكل شامل فالنظام اللبناني الذي تشكل منذ مئة عام تقريبا للقيام بدور وظيفي محدد في العلاقة بين الشرق المستعمر والغرب الاستعماري للاستفادة منه في عملية السيطرة على هذا الشرق لتسهيل نهبه قد استنفذ كامل قدراته على البقاء و متابعة هذا الدور فالشرق المقصود يبدو أن جزءا منه قد سبق لبنان بأشواط في علاقته بالغرب و الجزء الآخر يخوض معركة استقلاله عن هذا الغرب بالحديد والنار ومن جهة أخرى فإن الغرب نفسه الذي اخترع المسألة الشرقية خلال مرحلة الحكم العثماني وتعامل مع مسيحيي الشرق باعتبارهم كمسمار “جحى” لتسهيل تدخله في شؤون دولة الخلافة العثمانية فقد حماسه لدعمهم أمام حجم المتغيرات ونقاط التركيز والاستراتيجيات المستجدة فتارة يقبل بانتزاعهم من أرضهم على يد ارهاب دولة الكيان الصهيوني وتارة يذرف عليهم دموع التماسيح حين يتعرضون للذبح على يد منتجاته الغربية الفظيعة مثل داعش وأخواتها في سوريا والعراق فلا يجدون عند هذا الغرب الذي قدم نفسه كحام لهم في بدايات القرن الماضي الا عدد محدد من تأشيرات العبور او تسهيلات الإقامة ونصائح كثيرة بضرورة الانضمام إلى صفوف قتلتهم في معركة تدمير اوطانهم واخيرا وليس آخرا لاحظنا أن هذا الغرب لم يحرك ساكنا أمام الهزيمة النكراء لجمهورية أرمينيا التي تهاوى نظامها الحليف للغرب أمام طموحات توسيع النفوذ التركي. إن الحب من طرف واحد الذي يربط مسيحيي لبنان بالغرب ليس قادرا على تفعيل دور جديد لهذا الكيان و بالتالي تجديد حياة هذا النظام السياسي اللبناني انسجاما مع هذا الدور الجديد الا اذا انتظم في المشروع الأميركي لحماية دولة الكيان الصهيوني وتطبيق ما طالب به الموفدون الأميركيون المتتالون من نوع نزع سلاح المقاومة وترسيم الحدود وتوطين اللاجئين والدخول في الحلف المعلن مع دولة الكيان الصهيوني ويعلم الجميع أن هذا الأمر دونه خرط القتاد ، لقد انتهى زمن رعاية الأم الحنون وانتهى زمن القروض الميسرة التي كان يعلم الغرب سلفا عدم قدرة البلد على سدادها وانتهى زمن المساعدات التي كان جلها لمساعدة أمراء الطوائف على ضمان ولاءات طوائفهم لاستمالتها في صراعه مع محور المقاومة ولكسب ود المقتعين إبان المعارك الانتخابية لقد انتهى هذا الزمن إلى غير رجعة وهذا ما يجب على كافة القوى أن تدركه وأن تهيء نفسها لوضع خطط جديدة لإدارة البلاد وشؤون العباد انطلاقا منه ومن لا يستجيب لشروط المستقبل يضع نفسه خارجه، ان الحلول المقترحة على الصعيد الاقتصادي لا تف بالمطلوب فلا سيدرز ولا البنك الدولي يستطيع انتشال البلد من الهوة المركبة التي يتهاوى فيها أن التوجه شرقا باتجاه سوريا والعراق وتركيا وإيران بل وروسيا والهند والصين وماليزيا وباكستان واجتراح حلول وخلق تحالفات وابداع خطط وتخطيط سياسات بات أمرا مصيريا لكل القوى السياسية والطوائف وليس خيارا سياسيا او عقائديا لطرف بعينه انها معركة البقاء التي يقول سماحة الأمين العام انه يعد العدة لها و أننا سنخوضها وسننتصر بمن حضر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى