أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

إسرائيل … الطرف الثالث في معركة العراق

مجلة تحليلات العصر-د. محسن باقر القزويني

من يستطيع ان يلاحق الامريكان في كل مكان من العراق غير حليفتهم إسرائيل، فبعد القصف المتكرر على المنطقة الخضراء والسفارة الامريكية والحديث جارٍ حول نقل السفارة إلى أربيل وإذا بثلاثة صواريخ تقصف مطار أربيل ليعلن من خلالها القاصفون انه لا مكان آمن للامريكان سواء في بغداد أو أربيل.
فقد أعلن قادة فصائل الحشد الشعبي عن شجبهم واستنكارهم لضرب السفارات وأكدت ايران لوزير خارجية العراق فؤاد حسين في زيارته الأخيرة بأن لا علاقة لإيران بما يحدث في العراق من قصف مستمر للسفارة الامريكية ومصالحها في العراق.
إذًا من هي الجهة التي تقوم بهذه الاعمال الإرهابية؟
الجهة المستفيدة من هذا القصف هي وراء كل ما يجري من مخطط يهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في العراق.
(يوسي كوهين) رئيس الاستخبارات الإسرائيلية في زيارته السرية الأخيرة قبل شهرين حسب الموقع الأمريكي [ديفنس وان ]التي قام بها لمعسكر عين الأسد وضع خططاً وبرامج لازاحة الحشد الشعبي من خارطة العراق بعد أن فشلت المساعي الإسرائيلية في ضرب الحشد من خلال العمليات الاجرامية التي قامت بها طائرات إسرائيلية بدون طيار في سبتمبر من العام الماضي، والتي أدت إلى تفجير مقرات الحشد الشعبي في وسط وجنوب العراق، وقد اعترف بنيامين نتنياهو في ذلك الوقت عن تنفيذ عمليات عسكرية في العمق العراقي، وأعلن وقتها بأن العراق بات يشغل المنظومة الأمنية الإسرائيلية والسبب في ذلك هو بالطبع وجود الحشد الشعبي الذي أعاد للعراق مكان الصدارة في الصراع العربي الإسرائيلي.
فإسرائيل لا تبعد عن الحدود العراقية بأكثر من 400 كيلومتر، وهذا يعني انها ستكون تحت مرمى أية قوة معادية لها في العراق، تستطيع أن تصلها بكل سهولة. والحشد الشعبي الذي استطاع وبالتعاون مع الجيش العراقي أن يتخلص من داعش ويقذف بها خارج الحدود العراقية في وقت قياسي بامكانه تسديد أية ضربة لإسرائيل.
من هنا أصبح العراق في نطاق الاهتمام الإسرائيلي فلابد من مواجهة الخطر المتنامي في العراق والذي أصبح يقلق أصحاب القرار في تل أبيب ويحثهم لاتخاذ التدابير الصارمة للوقوف بوجه هذه القوة الضاربة.
فلم يكن أمام إسرائيل سوى الدفع بالحكومة العراقية لاعلان الحرب ضد فصائل الحشد الشعبي من خلال افتعال سيناريو ضرب السفارة والمصالح الامريكية في العراق والذي لا يشك أحد انه تم بتدبير إسرائيلي، وقد تنبه جهاز المخابرات الوطني العراقي إلى هذا المخطط الإسرائيلي والقاضي باثارة الفتن في العراق في كتابه المؤرخ بتاريخ 21/كانون الثاني/ سنة 2019 والموجه إلى مجلس الوزراء ومجلس النواب ومجلس القضاء والذي تحدث فيه عن استهداف إسرائيل لاستقرار العراق وأمنه.
وليس غريباً على أحد ان إسرائيل لا تريد أي استقرار للعراق لأن استقرار العراق يعني عراقاً قوياً مزدهراً وهو ما يشكل خطراً عليها وعلى مصالحها في المنطقة وفي العراق بالخصوص.
فمن خلال ضرب السفارة الامريكية ستضرب عصفورين بحجر واحد، فمن جانب ستفتح أبواب المواجهة بين الحكومة العراقية وفصائل الحشد الشعبي، ومن جانب آخر ستدفع بالقوات الأمريكية والدبلوماسيين الامريكان للخروج من العراق ليخلو لها الجو لأن خروج الامريكان من العراق سيجعلهم يفكروا بالبديل الذي يحافظ على مصالحهم وليس هناك أفضل من إسرائيل للحفاظ على المصالح الامريكية في المنطقة.
فعلى الحكومة العراقية أن تعي اللعبة الإسرائيلية التي تريد أن تزج بها في معركة خاسرة مع فصائل الحشد الشعبي، وان تسرع الخطى باكتشاف مصادر القصف وتعلن على الملأ من وراء ذلك وهم بالقطع واليقين؛ إسرائيل. إسرائيل التي أخذت توجه أنظارها إلى العراق منذ عام 2003 ويزداد هذا الاهتمام مع تصاعد الاحداث في هذا البلد.
والعراق بلد المقدسات لدى جميع الأديان ومنهم اليهود، فهو يضم رفاة أربعة من أنبياء بني إسرائيل، النبي حزقيل في الكفل في بابل، والنبي عزير في مدينة العزير في محافظة ميسان والنبي يونس في الموصل والنبي دانيال في كركوك بالإضافة إلى الوعد التوراتي بعودة اليهود إلى أرض الميعاد من النيل إلى الفرات.
ووجود جالية عراقي يهودية كبيرة ومؤثرة في إسرائيل تدفع بالقيادة الإسرائيلية إلى اتخاذ الإجراءات لعودة اليهود إلى وطنهم العراق واستعادة أراضيهم وممتلكاتهم التي لازالت قائمة حتى الآن.
ان إسرائيل ذات الخبرة الطويلة في حياكة المؤامرات والدسائس ليس غريبا عليها ان تقصف سفارة حليفتها الولايات المتحدة من أجل تحقيق مآربها الشيطانية في العراق، والغريب أن تتهم الولايات المتحدة فصائل الحشد الشعبي بارتكاب هذه العمليات وهي لا تملك دليلاً واحداً على هذا المدعى وباستطاعتها أن تقدم ألف دليل على أن هذه الانتهاكات هي من عمل الطرف الثالث فهي تملك سماء العراق وهي تستطيع أن ترصد أي شيء يتحرك فوق الأرض وتحت السماء بما تمتلكه من أقمار صناعية وطائرات متطورة لأغراض التجسس والمراقبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى