أحدث الأخبارشؤون آسيوية

إسرائيل تفضح نفسها في حي الشيخ جراح إسرائيل لم تغير من طباعها فهي لازالت الثعلب الماكر

مجلة تحليلات العصر الدولية / صحيفة الاحداث - الدكتور محسن القزويني

اشتدّت مواجهة الفلسطينيين مع المستوطنين المسنودين بالقوات الإسرائيلية يوم أمس الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك والتي أسفرت عن اعتقال العشرات وإصابة أكثر من 160 فلسطينياً بجروح مختلفة، وذلك على أثر صدور قرار المحكمة الإسرائيلية بإخلاء بيوت فلسطينية لصالح المستوطنين الإسرائيليين في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، ومن الجدير بالذكر إن هذه المواجهات مستمرة منذ بداية شهر رمضان المبارك في كل ليلة وبعد الإفطار لتؤكد مرة أخرى على عزم الفلسطينيين في البقاء على أرضهم والالتجاء إلى الاحتجاجات والمظاهرات كسبيل وحيد لاسترداد حقهم التي تثبتها الوثائق والمستندات منذ عام 1948 بأنها بِيعت للفلسطينيين من قبل السلطات الأردنية التي كانت تدير شؤون الفلسطينيين في تلك الفترة الزمنية.
فالتجاء الشعب الفلسطيني إلى ممارسة سياسة الاحتجاج له أكثر من سبب. أولاً: يأس الفلسطينيون من القضاء الإسرائيلي الذي يميل إلى جانب المستوطنين على رغم ما يُقال عن الحياة الديمقراطية التي تمتلكها إسرائيل، فقد أظهرت وقائع حي الشيخ جراح زيف هذا الادعاء وان إسرائيل ليست أكثر من قوة غاصبة، وليست دولة مؤسسات، وانها تمارس مخططها الاستيطاني ضد الفلسطينيين بكل الوسائل المتاحة؛ ومنها القضاء الذي أصبح الأداة المنفذة للسياسة الإسرائيلية على رغم الدعاية المزيفة التي كسبه هذا القضاء من خلال محاكماته للقادة الإسرائيليين.
فالديمقراطية التي تتبجح بها إسرائيل ومعها أبواق الدول الكبرى تنتهي عند الحدود الفلسطينية، وكأن الشعب الفلسطيني لا حق له بالحياة على أرضه وان أي احتجاج حتى لو كان سلمياً سيُقابل بقوة السلاح.
والقانون أيضاً لا معنى له مع الفلسطيني المشرد الذي يحمل كل الوثائق والمستندات الداحضة للادعاءات الإسرائيلية، هذه حقائق بدأ العالم الصامت يعيها تحت رُكام الدولة العصرية، دولة القانون ودولة المؤسسات الإسرائيلية.
فقد بدت صورة إسرائيل في الأيام الأخيرة معتمة في الاعلام العالمي وكشفت عن الوجه الآخر لإسرائيل؛ إسرائيل الغاصبة، إسرائيل التي تمارس الإبادة الجماعية، إسرائيل العصابات والمافيات.
ومن أسباب التجاء الشباب الفلسطيني إلى أسلوب الاحتجاج هو يأسه من الدول العربية وجامعتها ومن المجتمع الدولي ومنظمته الذي وقف متفرجاً بل مطبّعا ومستقبلاً للوفود الإسرائيلية التي أخذت تتنقّل بين العواصم العربية.
لقد أحرج الشباب الفلسطيني المجتمع الدولي الذي يطالب بتطبيق شرعة حقوق الانسان في كل أرجاء العالم إلا في فلسطين، وكأن هذا الشعب جاء من كوكب آخر وانه ليس من الكرة الأرضية، فلا حق له بالحياة ولا بامتلاك شبر من الأرض حتى لو كان سكنها جده العاشر.
لقد فضحت أحداث حي الشيخ جراح هذا المجتمع المنافق وكشفت للعيان زيف شعارات حقوق الانسان التي تطلقها هذه الدول والتي لم تقل كلمة واحدة إزاء ما يجري في القدس، وكان هذه المدينة خارج الكرة الأرضية.
لقد وجد الشعب الفلسطيني وحده في مواجهة إسرائيل فخرج وأعلن عن عزمه في استرداد حقه بعد أن خذله الصديق وباعه من كان يهتف باسمه من قوى التطبيع ودعاة السلام المزيف.
فلقد أُحرجت دول التطبيع مع أحداث القدس الشرقية فماذا تقول عما يجري للفلسطينيين؟ والإسرائيلي يسرح ويمرح على أراضيها، وهو يُقيم الندوات واللقاءات في عواصم التطبيع متحدثاً عن الفردوس الإسرائيلي داعياً المجتمع العربي إلى تغيير نظرته عن إسرائيل، لكن يأتي في كل يوم حدثٌ جديد ليؤكد للعالم وليس فقط للشعوب العربية والمسلمة؛ بان إسرائيل لم تغير من طباعها فهي لازالت الثعلب الماكر الذي يفترس الضحية تحت عنوان الصداقة والسلام والمحبة، فإلى متى هذه الغفلة عن العدو الماكر وهذا التجاهل عن الضحية الفلسطيني المضطهد الذي لم يجد عوناً له إلا سواعده التي لازالت تحمل مطالبه الحقة في أرضه، وسيبقى حاملاً هذه المطالب حتى يذعن الإسرائيليون لها كما نكسوا رؤوسهم بالأمس في باب العمود والبوابات الالكترونية وهذه هي اللغة الوحيدة التي يفهمها الإسرائيليون وتلك هي الوسيلة الوحيدة التي يُمارسها الفلسطينيون بجدارة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى