أحدث الأخباراليمنمحور المقاومة

إشــارة القـائـد

مجلة تحليلات العصر الدولية - د . مصباح الهمداني / مجلة يمن ثبات

دخلَ العدوان عامه السابع، وتحدَّث القائد حديثًا مفصلًا، لكنه ضربَ بيده على الطاولة، في إشارة لم تفك سرها، ولم تفهم مغزاها إلا مطارات الرياض وجدة وجيزان ونجران وأبها. لقد استفتحنا العام السابع بمفاجآت لم تكن في حسبان العدو، ولا حسابات الصديق.

لم يكن أحد فوق هذا الكوكب يتوقع أن يخرج اليمنيون بهذا الزخم والقوة، ويمطروا مملكة الأسرة السعودية بثماني عشرة طائرة مسيرة، وثمانية صواريخ باليستية؛ ليصل الإجمالي إلى ست وعشرين طائرة وصاروخا، وهذا الرقم يشير إلى تاريخ بدء العدوان.

كانت المفاجأة صادمة للمراقبين والمحللين، بل حتى لأقرب المقربين؛ لأن العقل والمنطق يشيران بكل وضوح إلى الانكفاء والتعب والوهن، حسب المعطيات الموجودة، والحصار المضروب، لكن قواميس المسيرة غيرت نواميس الكون، وحسن الظن بالله، وعظيم الثقة به غيّر مجريات الأحداث، وعكس مسارات التوقعات، وجعلَ العالم يضرب الأخماس في الأسداس، ويفقد وظائف الحواس، فمن يمتلك أدنى فهم في المسائل القتالية، فسيُدرك أن الوصول إلى العام السابع هو معجزة بحد ذاته، ومن يمتلك خبرة عسكرية، فسيصل إلى حد الجنون، وهو يشاهد معجزات الأرض والبحر والسماء.

وكان شعار العام السابع» ولا تهنوا في ابتغاء القوم» مقتبسًا من الآية الكريمة « ولا تهنوا في ابتغاء القوم ، إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون، وترجون من الله ما لا يرجون، وكان الله عليمًا حكيما».. جاء معبرًا وراسمًا مرحلة الثبات في يوم الصمود الوطني، وقد كان فعله يسبقُ قوله، والوجعُ في العدو يهشم عظامه، ويفري لحمه، ويجعله عبرة لمن لا يعتبر، وأضحوكة أمام كل متبختر.

وفيما كانت الصواريخ والطائرات اليمنية تقوم بواجبها على مواقع العدو المهمة في عقر داره، كانت الأنظار تتوجه نحو صنعاء والمحافظات الحرة، خاصة أن العدو يراهن على طول أمد حربه في إضعاف الناس، وإبعادهم عن القيادة، وإشغالهم بالبحث عن لقمة العيش بدلا عن الكرامة والحرية والعزة، لكن العالَم تفاجأ في يوم الصمود الوطني بخروج الملايين من البشر، وهم أشد بأسًا، وأكثر عزيمة، وأقوى شكيمة، وأعظم صبرًا، وفي حناجرهم معاني الصبر، وبأيديهم أدوات النصر، وفي قلوبهم يقين الحق، وفي عقولهم بصيرة الهَدي، خرجوا كأن العدوان في عامه الأول، بل في شهره الأول، بل في يومه الأول، ملايين من البشر تحركوا نحو الساحات المخصصة بلا تأخير أو تلكؤ، بلا وهنٍ ولا كسل، وكأنما هم ذاهبون لإحياء مناسبة دينية أو اجتماعية، ثقتهم العالية بالقائد، وفخرهم الدائم بالمجاهدين العظماء، وحسن ظنهم بربهم جعلهم كالسيول الجارفة يسيرون ببصيرة، وينطلقون بعزيمة، ويجددون العهد والولاء برغبة، ويتطلعون إلى النصر بثقة.

خرجوا في المحافظات الحرة كلها، وهم يرددون آيات النصر، وزوامل الظفر، وصرخة الحرية، خرجوا ليقولوا لأمريكا: إنك كنتِ ومازلتِ وستظلين قشَّة في نظر اليمنيين الأحرار الشرفاء.

عامٌ سابع لكنه يُعلن عن موعد النصر بضربة القائد، يُعلن عن الوجع الكبير الذي طالما حذرهم منه أبو جبريل، يؤذن بميلاد جيل جديد متكامل من صواريخ وطائرات مسيرة ليس لها شبيه في مصانع الشرق والغرب، يؤذن بضربات قاصمة في رأس العدو ومفاصله.

كان الخروج المليوني يَعكس معنى الشرعية الحقيقي، ويشير إلى الشعب اليمني وموقفه، ويفضح كل الدعاوى الكاذبة، والتزويرات الواضحة حول هوية الشعب اليمني وأصالته.

لقد أرادت مملكة الأسرة السعودية أن تستمر في تركيع هذا الشعب وتجويعه؛ لكي يبقى أسيرًا للفتات مما يُرمى له، وينام جائعًا فوق أكبر بحر نفطي في الجوف، وينتظر كيس القمح الأسترالي بفارغ الصبر، هكذا فعلت المملكة بشعب الإيمان والحكمة، وهكذا استمر حكام بني سعود في تطويع اليمن من خلال أدواتهم الرخيصة والقذرة من بني الأحمر وبني مجهول اللقب « عفاش».

وكل هذه الحرب وهذا الحصار وهذا الدمار من أجل أن تستعيد المملكة أحذيتها، وتستمر في تسيير اليمن كالماشية بلا قرار ولا هوية ولا إرادة ولا حرية، لكن إرادة الله أقوى وعزيمة اليمنيين أصلب، ولم يكن ينقصهم إلا القائد، وحين هيأ الله لهذه الأمة قيادتها الحقيقية الحرة الأبية، انطلق الناس كأنما ولدوا من جديد، وساروا في درب القائد خطوة بخطوة، وكتفًا بكتف، لا يخالفونه قرارا، ولا يعصونه أمرا، خاصة أنهم قد عرفوا خطورة التفريط، ومرارة التقصير، وسوء عاقبة التهاون، وأدركوا أن الخمسين السنة الماضية كانت مجرد عبودية في حدائق السعودية، وتبعية في أحواش قصور الأمراء، وامتهان للكرامة في أسواق الرياض، وسلخ للعزة في سجون آل مرخان.

خروج اليمنيين في العام السابع للحرب بهذا الزخم وبهذا الإصرار يؤكد للعالم أجمع أنه لا تراجع ولا تردد ولا حيرة ولا شك عند هؤلاء في وضوح الطريق، وصدق المبدأ، ونُبل الأهداف.

ولم يضرب القائد بيده تلك الضربة المحمدية الحيدرية إلا وهو يعلم بأن خلفه شعبًا لا يعرف الوهَن، ولا تخيفه المِحن، ولا يرهبه هول الزمن.

وفيما يطل العام السابع بأيامه الأولى، كان الأبطال يرسمون لوحات المجد على أطراف مأرب، ويرسلون رسائل البُشرى إلى من احتجزهم المرتزقة كدروعٍ بشرية.

مأرب على موعد قريب يستبشر به المؤمنون، ويرتعبُ لهوله المنافقون؛ ولهذا تحركَ العالمُ أجمع ليوقف هذا الزحف، ويكسر هذا النصر، ويؤخر هذا الحسم بحجج واهية مستهلكة، تارة بعودة المفاوضات، وتارة بفك الحصار، وتارة بإطلاق السفن المحتجزة، وتارة بإشعال جبهات متعددة، لكن بصيرة المجاهدين والمفاوضين لم تغِب عنها كل هذه الحيل، ولم يخفَ عليها أن الحرص الغربي والخوف المفاجئ الأمريكي، والقلق الأممي، والترقب الفرنسي لم يكن إلا بسبب قرب تحرير مأرب، وإعادتها إلى حضن الوطن، وتطهيرها من وسخ وقذارة الغزاة. بدأ العدو يغير لهجته، ويُعدل سياسته، لكنه تغيير وتعديل ظاهري، أما الجوهر فكان الحقد والسم والأذى الشديد، ولم تكن ألاعيبهم بعيدة عن بصيرة القائد ورجاله.

وبحلول العام السابع كانت الخبرة تتضاعف، والمهارة تتزايد، والمعرفة تتلاقح ببركة وعظمة وحكمة القائد الاستثنائي، والذي أخرجَ للساحات والجبهات أشجع الاستثنائيين، وأكرم المحاربين، وأصدق المجاهدين، وما بين القائد ورجاله كان هذا الشعب العظيم برجاله ونسائه، بفقرائه وأغنيائه، بشماله وجنوبه، وشرقه وغربه.

وبفضل الله وكرمه وقوته وجبروته، وبهذا القائد وشعبه، سيتحقق النصر والوعد الإلهي بعد أن أدركنا وأيقنا أننا مع القرآن وعلم الأمة، ونبراس العترة، وذلك وعد إلهي أكدته الآية الكريمة «وقل جاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا».

ومن بين ملايين الحناجر اليمنية الصادعة بالحق والحاملة للثأر كان لهذا الشاعر الشعبي «صقر اللاحجي» في جموع ذمار الغفيرة قول فصل، وخبر مفصل يُترجم صوت الأخيار، ويعبر عن ضمير اليمنيين الأحرار، ومما قاله:

ياشعــب نوّخ ذلـول السابعـة واركـب

اللــه بالـنصــــر والتـأييــد زهـّــبها

أمامــك الــمجـد مـهد منكبه تذهب

إلـى مـقامـات تــقصـدها وتـرغبـهـا

مواقفك فـي السنين الســت لا تكتب

اُعجِب بها الدهـر حتــى كـاد يـشربها

سابــع سنـه وانــت لا تهزم ولا تغلب

أمــام عاتـي جيـوش الأرض واغــلبها

سـابع سـنه وانــت تتجلد وتتــصلب

وانـت الـذي تجـلد اعداءك وتصــلبها

سابع سنه وانت في الألطــاف تـتقلب

ونـجـد فــي نارك الحــمـرا تـقـلّبـها

سابـــع سنـه وامـهات العاصفه تنحب

سابـع سنــه والجـثث للـنار نــسحبها

سابـع سنـه والـدول تحــرق وتتلهـب

سابـع ســنه واليمـن واقـف يـعـذبها

سابـع سـنه والمعـارك كـل يـوم ازوب

ونـهاية المملكـه فـي روسـنا اعـصـبها

هذه السنه حرب لغف اللغف قَب القَب

من يحنـج الجمجمــه حــقه يـجنبها

فينا غضــب ما لــو ان الأرض باتلغب

لا نحــتـرب فـــوقـها لامــا نلـــغـبها

فيــنا وجع ما لو ان الشمس با تحجب

من الــدخايين لانقصــف ونــحجبها

فـينا سخــط ما لو ان الريـح تتجعـب

بــخــط نــاري صــواعق لا نــجعـبها

فــينا إباء مــا لو ان الــروح باتُـسلب

من اجــل لحظــه أبيــه روحي اسلبها

فـــينا ولاء ما لـو ان الروس تتخصب

فــي حــب طــه وآلــه لا نــخصـبها

شـــعب اليمــن قايده قايـد وربه رب

وابطاله ابــطال خط (ادريس) عسوبها

سـبحان من يجعل الأحداث تتـشقلب

أمـــس الــدول تضربه واليوم يضربها

عـــد العجايــب فيَ الدنيا ولا تعجب

هــذه السنه تــعتبر سابـــع عجايبها

عـــاد الصــواريخ ذات الطول تتأهب

وأمـــس كــنا بـــتنـــوره نجــربـها

لا قــد تصيـــح السعـوديه ولا تغضب

ولا الصـــواريــخ باتــوصل تحـــببها

فــيها مــن الغيظ ماتفلق به الكوكب

وما يشــط السمـــا الــدنيا ويـثقبها

فيــها لــظا ينعــثك لا عنــد سابع أب

إذا شـــبك خــيط ســالبها ومـوجبها

ضــغط الحوارات ما با يـجعلك تكسب

أمــور مـا كان لك بالـحـرب تكســبها

بطِـّل خـبَل و اوقــف الـغارات واتأدب

وارفــع حصارك ومجموعاتك اسـحبها

والا لـنا العــار يعــورنا في العســوب

ويســود الــوجــه والرجلـه يــكذبها

لا مــا ســرحنا نـغــلقها من المنــدب

ونــحاصر الأرض مــشرقها ومــغـربها

وأخيرًا، فإن إشارة القائد كانت للعدو في البر والبحر والجو بأن السابعة لنا، والقول قولنا، والفصل فصلنا، ونحن من نرسم خواتم الحرب، ونحن من نضع أوزارها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى