أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

إلى متى يُحرق الغاز العراقي… والشعبُ في ظلامٍ دامس

مجلة تحليلات العصر الدولية / صحيفة الاحداث - د. محسن القزويني

كلّما اشتدّت أزمة الكهرباء في العراق جاء التبرير الحكومي حاضراً مغلفاً الحقيقة وراء ازمات الكهرباء بهالة من العوامل والأسباب الواهية مرة بسبب انقطاع الغاز الإيراني وطورا بتفجير الأبراج وتارة بانخفاض المياه وما شابه ذلك من المبررات التي تفتقر إلى الموضوعية والمصداقية، فبعد شهر كامل من أشهر الحر من تفجيرات الأبراج دخول العراق في فصل الخريف المتسم باعتدال الجو مع بداية سبتمبر أيلول الحالي والذي كان يشهد سنوياً تحسناً ملحوظاً في الكهرباء، جاءت المفاجئة بانخفاض انتاج الكهرباء 5 ميكا واط والتبرير هذه المرة هو انخفاض امدادات الغاز الإيراني وتاليا توجيه اللوم إلى إيران بأنها هي السبب، وهنا يُطرح السؤال المؤلم والاجابة عليه أشد إيلاماً؛ أليس بإمكان العراق أن يستغني عن الغاز الإيراني؟!
وهو الذي يحرق من غازه المصاحب أكثر من عشرة أضعاف مما يشتريه من الغاز حسب تقرير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى والذي اشار الى ما يستورده العراق من الغاز من إيران لا يزيد عن 850 الف متر مكعب يومياً في الوقت الذي يحرق فيه أكثر من 30 مليون متر مكعب يومياً أي بمعدل 18 مليون دولار يخسره العراق كل يوم.
و بدلا من أن تضع الحكومة حلاً لهذا الهدر من ثروات البلد، نجد ان الأزمة في تفاقم مستمر، فقد أشار تقرير البنك الدولي الصادر في تموز من هذا العام إلى زيادة كميات الحرق في عام 2019 عن الأعوام السابقة حيث بلغ مقدار ما أُحرق من الغاز 17.91 مليار مكعب في السنة، بينما كانت كمية الهدر من الغاز المحترق في عام 2016 هو 17.73 ومعنى ذلك ان المشكلة في تزايد مستمر والحكومة وكانها غير معنية بالمشكلة، بينما قدمت شركات دولية عاملة في حقول النفط في العراق عروضاً باستثمار الغاز ومنع هذا الهدر، وقد عزا خبراء عراقيون ان احراق الغاز الطبيعي المصاحب هو بسبب التقاعس والإهمال والفساد، وليس بسبب ضعف التمويل والأسباب الفنية المعقدة كما يُصرح المسؤولون في وزارة النفط العراقية.
والعراق الذي يُعتبر رابع دولة في العالم في احتياطي الغاز كان يُفترض به أن يُصدر الكهرباء كما هي إيران اليوم حيث تُصدر كهربائها الفائض عن الحاجة لعدة دول مجاورة ومنها العراق، لكن نجد الأمر معكوساً في العراق على رغم امتلاكه لموارد الطاقة الكبيرة نجد ان الشعب العراقي يُعاني من تدهور مستمر في الكهرباء بالرغم من انه انفق ثمانين مليار دولار على الكهرباء كما ذكر السيد رئيس الوزراء في تصريح له ذاكراً أسباب ذلك إلى أزمة في الإدارة وإلى الفساد، والتجهيز بالكهرباء كما هو واضح في فترة ترؤسه للحكومة ليس بأفضل مما كان عليه في السابق إن لم يكن اسوء من السابق. فلماذا لا يقف السيد رئيس الوزراء بوجه الفساد والفاسدين؟
ولماذا لا يُسلم أمر الكهرباء لذوي الاختصاص لمعالجة هذه المشكلة المزمنة على مدى الأعوام الماضية فالسيد الكاظمي اليوم مُطالبٌ بحل مشكلة الكهرباء لا بالمشاريع الترقيعية المتمثلة باستيراد الكهرباء، أو الربط الكهربائي فبلدٌ كالعراق ليس بحاجة إلى هذه الحلول الوقتية التي تُزيد من المشكلة، وتُثقل الميزانية العراقية بأموال طائلة. فاليوم رئيس الوزراء مدعوٌّ لوضع حلولاً جذرية لمشكلة الطاقة وإحدى هذه الحلول باستثمار الغاز الطبيعي المُصاحب والذي يكفي لوحده في تزويد ثلاثة ملايين منزل بالطاقة الكهربائية وفق بيانات وكالة الطاقة الدولية.
فهل تجد أزمة الكهرباء حلاً جذرياً على أيدي السيد الكاظمي ليترحم عليه الشعب العراقي وليذكره التاريخ بمدادٍ من ذهب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى