أحدث الأخبارايرانمحور المقاومة

إنتصار الثورة الإسلامية المباركة: آفاق وإنجازات

مجلة تحليلات العصر الدولية - د. أحمد الزين

مع حلول الذكرى السنوية الثالثة والاربعين لإنتصار الثورة الإسلامية في إيران، ومع إحتفالات الفرح والابتهاج في ذكرى ”عشرة الفجر“، نبارك لإيران قيادة وحكومة وشعبا لهذا النجاح العظيم الذي حققه مفجّرها الإمام الراحل الخميني (قده) في تأسيس الجمهورية الإسلامية، وتحقيق حلم الأنبياء. هذا الإنجاز العظيم شكل تحولا سياسيا إقليميا عالميا وحدثا تاريخيا وإستراتيجياً غيّر مجرى التاريخ، وأعاد مجد الإسلام وأحكامه من غياهب الردة والتغريب والتقليد الغربي والإلحاد وطرق الجاهلية وحكم التخلف والرجعية الى قيم الإيمان والدين الحنيف، ومضامير العلم والتقدم والتطور والحضارة ، والتي بفضلها أستعاد الشعب الايراني عزّته وكرامته وعنفوانه وسيادته وحريته وإستقلاليته بعد عقود طويلة من سياسات القهر والظلم والبطش والاعتقال والطغيان من قبل حكام وملوك الشاهنشاهية وانظمتهم الملكية الاستبدادية المرتهنة والتابعة لسياسات الهيمنة الامريكية والصهيونية والغربية..
فكان أول إنجاز لهذه الثورة المباركة هو التخلص من نظام الشاه البهلوي الملكي المتربط بالنظام الرأسمالي الاستكباري الغربي القائم على الفساد والظلم والتمييز الطبقي وكبت الحريات الدينية والفكرية وقمع علماء الدين والعبودية والاستعباد والاستغلال وإستهلاك الانسان في المتاهات المادية والشيوعية والرأسمالية والجدلية العقيمة بعيدا عن الفطرة الانسانية والقيم السماوية والمبادىء الاخلاقية.
ومن أهم إنجازات إنتصار الثورة الاسلامية هو انها أثبتت قدرة الشعوب المؤمنة المستضعفة على التحرر والنهوض والعودة الى حكم الشعب واستعادة حق تقرير مصيره بنفسها. كما اثبتت الجمهورية الإسلامية في إيران ان الدين الإسلامي عقيدة وشرع وفكر قادر على إدارة الحكم وتسيير الشؤون السياسة للبلاد، وقيادة الشعوب وتنظيم امورها وشؤونها بافضل وجه، وقادر على التطور والإبداع والابتكار والاختراع والتقدم والتصنيع والتأقلم مع متطلبات العصر وتقديم كل ما يلزم من الخدمات والاحتياجات المعيشية لشعوبها، وتوفير الرفاهية الحياتية والانسانية، وتحقيق كل عوامل الإستقرار والأمن والسلام..
ومع إنتصار الثورة المباركة حققت الجمهورية الإسلامية طفرة علمية نوعية فريدة وقفزة إستراتيجية مميزة بامتلاكها التكنولوجيا والتقنية المتطورة نقلتها الى مصاف الدول الكبرى كقوة إقليمية عظمى، بل تضاهيها، في معظم الاحيان، في البحوث والانجازات العلمية والاختراعات الحديثة في شتى المجالات في الصحة والادوية والنقل والزراعة والصناعة والاسلحة من الطائرات المسيرة المتقدمة والصواريخ البالستية الدقيقة والغواصات والزوارق السريعة والاقمار الصناعية والانشطة النووية السلمية وتقنية النانو وغيرها..
ومن أحدى بركات هذه الثورة المباركة هي توفير الارضية الملائمة لتعزيز وحدة المسلمين والسعي الدائم والجاد لتوحيد كلمتهم على التقوى والخيّر والفضيلة، والعمل الحثيث الدؤوب على تفعيل أسس التقارب الاخوي بين المذاهب الاسلامية وغير الاسلامية، وتطوير سبل التعاون والتنسيق والحوار بين الشعوب بمختلف إنتماءاتهم وتياراتهم ومكوناتهم.. حيث يقول الإمام الخميني (قده): ”نحن مع الجميع على السواء لا نفرق بين أحد”.
ولا شك، من احدى تأثيرات الثورة الاسلامية المباركة هي قيام الصحوات الاسلامية والثورات الفكرية والسياسية التي أمتدت، طولا وعرضا، الى شعوب المنطقة وأحرار العالم وأعطت أملا للمظلومين والمستضعفين والمحرومين بالاقتداء بهم كمثال وشاهد حيّ أمامهم وتجربة ناجحة، للبناء عليها والسير على خطاهم ونهجهم الثوري الجهادي.. مما استنهضت الشعوب لتفعيل التظاهرات والاعتصامات والهمت ارادتهم للصمود والتحدي والمواجهة ومقارعة الظلم والفساد والطغيان، وتقديم التضحيات من أجل تحقيق التغيير المنشود والاصلاحات السياسية واستعادة حقوقهم المدنية المشروعة من أنظمة الامراء والملوك الطغاة والحكام الفاسدين والظالمين في الدول العربية وإمارات الخليج الفارسي.
ومن المبادىء التي تبنتها الثورة الإسلامية هو مبدأ نصرة قضايا المستضعفين في العالم ودعم الشعوب المظلومة والمقهورة ومساعدتهم في حق تقرير مصيرهم للعيش بعزّة وكرامة، وعلى رأس هذه القضايا نصرة قضية الشعب الفلسطيني المسلوب منه حريته والمحتل أرضه من قبل الكيان الصهيوني الغاصب، الذي دعمته بكل الامكانيات المتاحة ماليا وعسكريا وسياسيا ومعنويا..
ومن أهم الإنجازات ايضا ما بعد الثورة المباركة على مستوى منطقة غرب آسيا هو إنشاء محور المقاومة والممانعة، وتقديم الجمهورية الإسلامية له كل مقومات الدعم والصمود، والذي، بدوره، استفاد من تعاظم قوتها وقدراتها وطاقاتها، ونقل الخبرات والخبراء والعتاد والاسلحة الى المقاومين والمجاهدين في لبنان وفلسطين والعراق واليمن الذين استطاعوا كسر شوكة الصهاينة وهزيمة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر، وتحقيق الانتصارات تلو الانتصارات وتحرير الارض والاسرى في لبنان، وخلق قوة توازن الردع ومعادلة توازن الرعب مع الكيان الصهيوني، مما جعله يعيش حالة القلق والخطر الوجودي. كما انه بفضل توحيد الكلمة والموقف ووحدة المسار والمصير لمحور المقاومة استطاعوا الانتصار على الحرب الكونية المفروضة على سوريا، ودحر مشروع محور الشرّ الامريكي الصهيوني والإرهاب السعودي التكفيري، ووقف تمدد الإرهابيين وزحفهم نحو مدنهم وعواصمهم وإفشال مشاريعهم الاحتلالية التقسيمية التدميرية لسرقة نفطهم وثرواتهم وإسقاط أنظمتهم المناوئة لهم في المنطقة..
أن إعتقاد إيران الراسخ بالدين الإسلامي المحمدي الاصيل، وتمسك الشعب الايراني بهويته الإسلامية الايمانية، وتحليهم بالصبر الاستراتيجي، جعلهم يصمدون كالجبل الشامخ أمام الحصار والعقوبات الاقتصادية الظالمة من قبل القوى العظمى على مدى أكثر من 43 عاما. ورغم كل الحروب والاغتيالات والعقوبات المفروضة على إيران لا تزال تحرص على ترسيخ مبدأ حسن الجوار والاحترام المتبادل، وتعزيز الامن والاستقرار والسلام بين دول المنطقة، وإقامة أفضل العلاقات فيما بينها.
ومن بركات الثورة المباركة، أيضا، أنها أغنت العقول بالفكر والعلم والمعرفة والوعي والثقافة والبحوث، وأرفدت المجتمعات بالتقدم العلمي والتطور والاختراعات والابتكارات.. وزادت شعوبنا إيمانا ويقينا من خلال تجاربها الغنية وقوانينها الاسلامية وسياساتها العادلة وسلوكها الانساني.. وأثبتت، للقاصي والداني، بان الإسلام هو دين صالح للحكم في كل الازمنة والعصور، وهو دين الرحمة والانسانية والتسامح والتعايش، وهو دين الحياة والحضارة والتمدن والبناء، يتضمن منهج عصري ونظام إسلامي وصرح منافس على المسرح السياسي العالمي.. وهو يُرسخ لقِيَم الحقِّ والخير والحرية والعدالة والمساواة والسلام.. وهو ليس دين العنف والتطرف والتخلف والقتل والإرهاب والإنتحار .. كما يتبناه الدين الاميركي الصهيوني الإجرامي، والدين السعودي-الاماراتي الوهابي التكفيري الذين يروجون له لتحقيق اجنداتهم السياسية والاستعمارية..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى