أحدث الأخبارلبنان

إنفجار غريب و اصطفاف أغرب

مجلة تحليلات العصر الدولية

✍ علاء الزيدي

كان غريباً منظر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون و هو يخطب هذا اليوم الخميس أمام جمهور التيارات الإنعزالية و الطائفية اللبنانية ، التي خرجت لمطالبته بفرض الإنتداب من جديد على لبنان بعد ٧٧ عاماً على الإستقلال ، لكن الأغرب منه ، هو هذا الاصطفاف و التجييش المسعور ضد المقاومة اللبنانية ، بحجة الدعوة إلى لجنة تحقيق دولية مستقلة في أسباب انفجار مرفأ بيروت .

موقف و أسلوب الرئيس الفرنسي كان غريبا ، لأنه تصرّف بعيداً عما يفترضه موقعه من دبلوماسية و حياد ، و بدا و كأنه المندوب السامي أو رئيس الإدارة الفرنسية في لبنان ، خصوصا عند حديثه أمام جمهور المارونيين الإنعزاليين و الطائفيين السنة الذين يُقال أنهم جماهير ماتسمى بثورة تشرين ، و في الأخص عندما قال ماكرون إنه جاء لدعم الشعب اللبناني و ليس لدعم أي طرف حكومي أو سياسي ، و كذلك عندما دعا إلى ميثاق سياسي جديد في البلاد و كأنه رئيس حزب لبناني .

ماكرون طبعا يمكن أن نتوقع منه أي تصرف صبياني . فهو ليس سياسيا محنكا و إنما مجرد بيدق للبنك الدولي و صندوق النقد الدولي تم إعداده و دفعه إلى الواجهة من قبل آل همرشولد اليهود المسيطرين على خزانة العالم و هو لم يكد يبلغ الثلاثين إلا للتوّ ، بخبرة لاتتجاوز خبرة موظف في بنك ، بل زاد آل همرشولد على ذلك بِلّة ، عندما زوجوه بابنتهم ؛ معلمته الستينية ، لإحكام سيطرتهم عليه !

غير أن مالايمكن أن يكون عفويا ، هو اصطفاف القيادات السنّية و المارونية في لبنان ( من خارج محور المقاومة ) و خاصة رؤساء الوزراء السابقين الذين جرى خلال عهودهم تخزين أطنان نترات الأمونيوم في المرفأ و التي تسبب انفجارها في كارثة بيروت الحالية ، و هم نجيب ميقاتي و صائب سلام و سعد الحريري و معهم فؤاد السنيورة و المفتي السنّي ، بالإضافة إلى العميل الصهيوني سمير جعجع و السياسي الدرزي وليد جنبلاط ، مطالبين بالتدويل و الوصاية بذريعة تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة ، لعدم ثقتهم بنزاهة و شفافية الحكومة الحالية كما يزعمون .

ليست كل الأمثلة و المواقف أعلاه هي الغريبة وحدها ، بل إن مسارعة منظمات دولية مثل العفو الدولية و منظمة حقوق الإنسان الدولية و هيومن رايتس ووتش و غيرها للمطالبة بالشيء ذاته تقف على نفس المستوى من الغرابة ، يضاف إلى ذلك كله توقيت انفجار المرفأ و طبيعة هذا الإنفجار .

نظريات المؤامرة كثيرة في مايتعلق بانفجار بيروت ، و قد نصدق بعضها أو نكذّب آخر ، لكن من غير العفوي و الطبيعي أن تتشكل هذه الجوقة المتناغمة على سبيل الصدفة .

و هنا ، يُثار تساؤل : هل يكفي لمواجهة هذا الاصطفاف اللجوء إلى الأساليب التقليدية ، عبر الحديث عن الوحدة الوطنية و التريث و الجنوح إلى السلم و التركيز على المعركة الحقيقية مع العدو إلخ . ؟

برأيي الشخصي الذي أتحمل مسؤوليته ، ليس هناك خيار أفضل في مواجهة العدو بوجوهه المختلفة و مظاهره المتنوعة غير المواجهة المسلحة ، و أضرب على ذلك مثالا أو مثالين : لو أن المقاومة اللبنانية ( حزب الله بوضوح ) لم يحاصر الرؤوس العفنة في بيروت في أحداث ٧ أيار عام ٢٠٠٨ و يفرض إرادته عليهم ، عقب محاولة رئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة تفكيك الشبكة الأرضية للإتصالات التابعة للمقاومة ، هل كان يمكن تصوُّر بقاء حزب الله موجودا و قويا حتى اليوم ، رغم تآمر أسياد السنيورة ( الغرب و آل سعود و إسرائيل ) على المقاومة بمختلف الأشكال و الأساليب و إنفاقهم الملايين لهذا الغرض ؟

و لو أن تنظيم الحزب الجمهوري الأيرلندي لم يمارس المقاومة المسلحة في بلاده ، رغم ماشابها من أعمال و تفجيرات قد يعتبرها البعض إرهابية ، هل كان أحد مجبرا على الجلوس معه إلى طاولة مفاوضات ، و القبول بتقاسم السلطة معه في بلفاست ؟

حان الآن وقت إظهار القوة الحقيقية للعدو بجميع رموزه ، و إلا صار مصير حزب الله و المقاومة اللبنانية مشابها لفصائل المقاومة الشيعية في العراق ، فبعد كل التضحيات التي قدمتها الأخيرة في ذلك البلد الذي تسيطر أميركا على قراره السياسي ، راح عملاء أميركا و الغرب هناك يكيلون لفصائل المقاومة الشيعية مختلف التهم ، بل و يقتلون مجاهديها في الشوارع ویشمتون باستشهادهم و يرفضون تشييع جثامينهم في المدن التي ضحوا من أجل حياة أبنائها الجاحدين، فيما تستمر هذه الفصائل بالحديث عن الوحدة الوطنية و السلم الأهلي و العض على الجراح إلخ . من هذه التبريرات الخائبة .

الحل ، في رأيي ، هو المقاومة و المواجهة المسلحة للعدو بكل تفاصيله و بكل أشكاله و شخوصه ، مهما تطلب ذلك من تضحيات .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى