أحدث الأخبارشؤون آسيوية

اتجهوا شرقاً يا أمة الخير

مجلة تحليلات العصر الدولية - الحسين أحمد كريمو

أذكر من بداية هذا القرن كنتُ أُفكر وأطرح دائماً على الأحباب هذا السؤال: لماذا نحصر أنفسنا بالغرب وما جاءنا منه إلا الاستعمار والحرب والدمار، وكل ما هو خايس في كل شيء، فلماذا لا نتجه شرقاً باتجاه الصين والهند واليابان وتلك الدول التي ما جاءنا منها إلا كل خير؟
ولماذا نجعل قبلتنا عدونا التاريخي والواقعي المعاصر في أوربا وأمريكا من ورائها وما قدَّموا لنا إلا الحرب والدمار والأفكار الباطلة التي ترمي إلى تهديم الدِّين والقيم والأخلاق، لأنهم مجتمعات خرجت من الدِّين أولاً، وراحت تخرج من الإنسانية بعد أن ارتهنت في كل وجودها وسياساتها للفكر الصهيوني والمخطط الماسوني التدميري العالمي بكل ما فيه من مآسي وكوارث على البشرية عامة وعلينا خاصة لأنهم جعلونا أعداء لهم في الدِّين والقومية والأرض..
ولماذا نرمي أجيالنا في أحضانهم الداعرة، بحجة الحضارة وما هي إلا حقارة بأخس معانيها وأدنى مستوياتها التي ما عرفت البشرية شبيهاً ونظيراً لها من نشر المياعة والانحلال الأخلاقي بل صارت الأخلاق لديهم ميتة والفضيلة سلعة وموضة قديمة وكأن الله نزع منهم الإنسانية فصاروا صورة خسيسة من الحيوانية والبهيمية التي لا معنى عندها للأخلاق ولا للفضيلة ولا أي شيء من هذه المفاهيم التي تخلَّى عنها الغرب بحجة التقدم والتطور والحضارة الرقمية..
فانظروا إليهم وإلى ما يُسوِّقونه لنا من بضائع فمن السماء يُمطرونا بالدعارة والحقارة، ومن الأرض يُعطونا كل أدوات الجريمة والقتل والتدمير وقطعان الظلم والظلام الصهيووهابية التكفيرية التي عاثت في الأرض فساداً وإفساداً في البلاد والعباد، فكلها بضائع غربية في التربية، والتدريب، والتسليح، والتغطية، والتمويل، وحتى بالأهداف التخريبية للبلاد العربية والإسلامية..
فلماذا لا نتجه شرقاً حيث القوة والعمق الحضاري الذي يرجع إلى آلاف السنين كما في الصين والهند واليابان وما جاورها ونعقد حلفاً موازياً لحلف الغرب وحتى ونجعل أمم متحدة آسيوياً مقابل الأمم المتحدة التي يُسيطر عليها الغرب، ونُؤسس كل المؤسسات المشابهة ونقطع علاقتنا بتلك الغربية إلا أن تتحرر من ارتهانها للقرار الأمريكي والسيطرة الأوربية، وتتعامل مع جميع الدول بنفس السوية والمقياس، وإلغاء حق النقض (الفيتو) الذي جعلوه لنفسهم بحق القوة لا بقوة الحق، وبسلطة القوة لا بقوة السلطة فكل المؤسسات الأممية الآن شئنا أو أبينا، والقائمين عليها شاؤوا أو أبوا هم جميعاً مرتهنين للقرار الأمريكي بكل وضوح وجلاء فإلى متى تبقى المعمورة كلها والعالم أجمع مرتهناً لإمبراطورية الشر العالمي وجائحة كورونا فضحتهم جميعاً؟
إن ثلثي سكان العالم وربما أكثر هم في قارتنا آسيا وكل الخيرات والبركات في العالم منها فلماذا تبقى خاضعة لأشرار الغرب الذين تغطرسوا وطغوا وبغوا بكل معنى الكلمة، فيجب إعادة النظر في كل المنظمات والمعاهدات والاتفاقيات الدولية لأن الغرب وأمريكا بالخصوص لا تحترم أي شيء منها فيجب إرغامها للخضوع للقانون الدولي وإلا تُفرض عليها عزلة عالمية ولا أقل آسيوية لتعرف أن في العالم قوى أخرى يجب أن تحترمها وشعوب أخرى لها حق الحياة الكريمة.
ومن هنا كانت الخطوة الجبارة والعملاقة بين الصين وإيران، وليتها نفَّذت الاتفاقية مع العراق لكانت أمريكا تخرج من المنطقة مرغمة، لأنها لا طاقة لها لمنافسة الصين في المنطقة لأن الحضارة الصينية هي صاحبة الأرض والبحار والحق بالجوار من كل أحد لا سيما أمريكا التي تبعد آلاف الأميال وليس لها أي حق في خيراتنا ومنطقتنا وهم يحتجون بربيبتهم الكيان الصهيوني المغتصب لأرضنا فعليهم أن يأخذوها غير مأسوفاً عليها فهي غدة سرطانية سنُحاول إجراء عملية جراحية معقدة لاستئصالها من جسدنا ونزعها من قدسنا قريباً بإذن الله تعالى..
فاتجهوا شرقاً يا أمة الخير العربية والإسلامية لتبنوا الحضارة الإنسانية من جديد..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى