أحدث الأخبارفلسطينمحور المقاومة

اختبار آخر للدبلوماسية العربية

مجلة تحليلات العصر الدولية / د. محسن القزويني - صحيفة الاحداث

باتت الدبلوماسية العربية عاجزة عن ثني بعض دول العالم على نقل سفارتها الى القدس الشريف لما اصابها من كدمات ورجّات بسبب التطبيع، وبناء علاقات عربية اسرائيلية على حساب القضية الفلسطينية.
فخلافا لقرار مجلس الامن الدولي رقم 478 لعام 1980 والقاضي ببطلان جميع الاجراءات الاسرائيلية في القدس الشريف. وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر كانون الاول 2017 ومفاده امتناع دول العالم بإنشاء بعثات دبلوماسية في القدس الشريف، مع ذلك لاحظنا دولا قد تخطّت هذه القرارات وقامت بنقل سفارتها الى القدس، كان اخرها الهندوراس ومن قبلها غواتيمالا وكوسوفو، وهناك دول اخرى تتأهب لنقل سفاراتها الى القدس الشريف كالبرازيل والتشيك متخطّية الشرعية الدولية ضاربة بعرض الحائط نداءات القمم العربية التي لم تجد لها اذنا صاغية.
وكان المؤمل من الدول الناقلة لسفاراتها الى القدس ان تفكر مليا قبل ان تقدم على هذه الخطوة بعد اندحار نتنياهو وانتصار غزة على الآلة العسكرية الاسرائيلية وانطلاق حالة جديدة تعبّد الطريق امام حلول التسوية السياسية على مبدأ قيام الدولة الفلسطينية الى جانب دولة اسرائيل.
والسؤال من يتحمل هذا الانهيار في الدبلوماسية العربية الذي دفع بدولة مثل الهندوراس التي اعترفت بدولة فلسطين وعاصمتها القدس بتاريخ 26 آب 2011 إلى تغيير موقفها والاستسلام للإرادة الصهيونية بنقل سفارتها أخيرا إلى القدس في احتفال كبير حضره كبار المسؤولين في الدولتين؟ بلا شك ولا ريب الدول العربية الثرية تتحمل القسط الأكبر من المسؤولية فهي تستطيع بأموالها في شراء المواقف السياسية لبعض الدول الفقيرة الكائنة في الامريكيتين الجنوبية والوسطى. فهذه الدول هي اليوم مرشحة إلى الامتثال للمال الإسرائيلي والانقياد للتقنية الإسرائيلية في بيع مواقفها السياسية لتل أبيب.
وقد سعت الوزارة الإسرائيلية الجديدة بزعامة بنيت إلى تحقيق نصر سياسي في بداية مشوارها الوزاري فسهلت للهندوراس عملية نقل سفارتها فوضعت 50 مليون شيكل في خدمة هذا المشروع واختارت الأرض المناسبة لإقامة السفارة مقتطعة من الأراضي المحتلة من اراضي القدس الشريف زيادة في ازدرائها للحق الفلسطيني في أرضه كما هي عادتها في أن تتبرع لكل دولة تريد إقامة سفارتها في القدس الشريف بقطعة من أرضها لإنشاء السفارة فوق تلك الأرض، وأيضاً دفع فواتير الاحتفالات وإقامة المسؤولين من تلك الدول بالإضافة إلى إقامة السفير، كل هذه التسهيلات تشجِّع تلك الدول على القيام بهذه الخطوة والتي ترافقها أيضا صفقات أسلحة وتبادل تجاري وتقني من إسرائيل إلى تلك الدول الراغبة في نقل سفاراتها.
فلماذا لا تقوم الدول العربية الثرية بهذهِ الخدمة وتسد الطريق أمام إسرائيل كي لا تستطيع أن تحقق ما تصبوا إليه؟
هل لا تعد لمدينة القدس الشريف ومسجد الأقصى أية قيمة عند هذه الدول التي باستطاعتها أن تقف بوجه التعنت الإسرائيلي بالمال فضلا انها تخلت عن الدعم العسكري لفصائل المقاومة الفلسطينية.
إن قيام الهندوراس ومن قبل غواتيمالا وكوسوفو والحبل على الجرار يستدعي إعادة النظر في الدبلوماسية العربية وأن تتحمل لجنة القدس التي يرأسها العاهل المغربي الملك محمد السادس مسؤولية الحيلولة دون تحويل القدس إلى عاصمة لدولة إسرائيل من خلال وضع خطة محكمة تقوم على البنود الآتية:
أولاً: دعم الدول الطامعة في الكرم الإسرائيلي ذات المواقف الضعيفة من قضية القدس، دعمها ماليا وتقوية الأواصر التجارية والاقتصادية معها لمنع التسلل الإسرائيلي إليها.
ثانياً: استحصال قرار من مجلس الأمن يمنع بموجبه أي تغيير في أراضي القدس باعتبارها أرضا محتلة لا يجوز اجراء أي تغيير فيها ومن مظاهر هذا التغيير تقديم قطعة أرض مجانية إلى الدولة التي تريد نقل سفارتها إلى القدس واعتبار أية دولة تقوم بهذا العمل انها خارجة على الشرعية الدولية.
ثالثاً: اتخاذ موقف موحد من أية دولة تقوم بنقل سفارتها إلى القدس من قبيل قطع العلاقات التجارية والاقتصادية وحتى لو اقتضى الأمر قطع العلاقات الدبلوماسية معها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى