أحدث الأخبارتونسشمال أفريقيا

اسست للربيع العربي ..فهل تاسس لخريف عربي ؟

مجلة تحليلات العصر الدولية - المحامي عبد الحسين الظالمي

تونس البلد العربي الافريقي ذات النظام المدني ( ذو النكهة الغربية الفرنسية ) والذي يطلق عليه البلد الاخضر ، بلد الزيتونة ، البلد الذي عانى من الديكتاتورية زمن حكم الرئيس ابو رقيبة والرئيس زين العابدين رغم طابعه المدني العام ، منه انطلق الربيع العربي على اثر قيام المظاهرات الصاخبة فيه نتيجة قيام احد ابناء تونس بحرق نفسه امام انظار العالم وسرعان ما انتشرت المظاهرات في عموم تونس ومنها الى مصر وبقيت الدول العربية وخصوصا في القارة الافريقية وعلى اثر هذه المظاهرات التي اطلق عليها لاحقا ثورة ( الربيع العربي ) تبدلت حكومات وتغيرت انظمة سياسية عتيدة مثل النظام المصري والنظام الليبي واهتزت الجزائر والمغرب ولكن اغلب هذه الدول لم تستقر ولازالت تعصف بها الخلافات والتقاطعات
مما مهد الساحة للتدخل الاجنبي في بعض تلك الدول وزاد الطين بله والمرض شدة .
بعض الدول حدث فيها اكثر من تغير للنظام
مثل مصر التي حكمها بعد مبارك الاخوان المسلمون وسرعان ما انقلب العسكر عليهم
ونصب السيسي بدلا من محمد مرسي الاخواني والذي حوكم وتوفى اثناء المحاكمة وليس بعيدا ما جرى في ليبيا والسودان. ولازالت هذه الدول تموج بالخلافات والتقاطعات والمشاكل .
نعود الى تونس الخضراء التي تعاقب عليها عدت رؤوساء كان اخرهم الرئيس سعيد والذي
حكم البلاد مع حزب النهضة الاخواني ، الحزب الذي يدعم من تركيا وقطر لكونه اخواني
وقد فشل في ادارة الدولة في تونس مما جعل الرئيس سعيد يفكر في الاستجابة لطلب الرافضين لاستمرار هذا الحزب في الحكم
مما جعله يستغل التظاهرات التي خرجت في الاسابيع الاخيرة والتي تطالب بحل البرلمان واستقالة الحكومة مما حدى به التنسيق مع الجيش والاجهزة الامنية لترتيب سيناريو حل البرلمان واقالة الحكومة واستلام مهام الحكم بنفسة وبمساعدة الجيش الذي نزل الى الشارع لضبط الاوضاع .
وبتحليل بسيط للوضع في تونس من حيث التركيبة الاجتماعية والمذهبية والقومية والسياسية ونتيجة تصرفات الاخوان بقيادة الغنوشي وفشلهم في ادارة الحكومة ومرونة الدستور التونسي وخصوصا فيما يتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية ووضع القوات المسلحة التونسية وميول قياداتها بعيدا عن الاخوان مما اتاح الفرصة له بالقيام بهذا الاجراء .
ويبقى السوال اذا كانت تونس هي من كانت البداية للربيع العربي بما يسمى ( ربيع الحرية ) فهل تكون هي البداية لخريف عربي تنهي فيه هذه الفوضى التي خلفها الربيع العربي؟ والذي تحول الى صيف حارق حرق الاخضر واليابس في اغلب الدول العربية .
الدول العربية تختلف في تكوينها الجغرافي والقومي والسياسي وربما المذهبي والعرقي ووضعها الاقليمي والدولي ودورها في الاقتصاد العالمي وحتى موقعها الجغرافي
وقد حدثت تداعيات عديدة في كل دولة شملها التغير وربما يصعب عليها العودة الى ما كانت علية قبل التغير لذلك لا يمكن استنساخ ما حدث في تونس في اماكن اخرى وقد يزيد الطين بله اي حراك غير منضبط رغم اننا لا نستطيع ان نحكم حتى في تونس على نجاح العملية من عدمها وهل تقود تونس الى ساحل بر الامان ام الى اتون الفوضى والفشل والذي لا نتمنى لها ذلك خوفا من تكرار الوضع الليبي ..
قرءت ولاحظت الكثير من هواة التغير يتمنون تكرار ما حدث في تونس في اماكن اخرى ومنها العراق بحجة ان النظام البرلماني قد ثبت فشله وقد تعدى البعض ذلك ليقول بفشل الديمقراطية برمتها كا نظام حكم في دول الشرق الاوسط ومنها العراق لعدم تهيئة الشعوب للممارسة هكذا نظام بشكل صحيح ناهيك عن حنين البعض الى النظام الاحادي الديكتاتوري المركزي نتيجة خلفية سياسية او نتيجة احباط من الفوضى والانفلات من الانظمة الجديدة الوافدة حديثة العهد بمنطقتنا .
لذلك ومنذ فترة ليست بقصيرة تم التركيز في المطالب على حل كل مقومات النظام اللامركزية
مثل المطالبة بحل مجالس المحافظات ، وتخبط نقل الصلاحيات بالتاكيد ان الظاهر هو نتيجة فشلها ولكن الحقيقة كانت تهدف الى قضية اعمق عند بعض المخططين الذين تسببت لهم الديمقراطية بنكبة او خسارة او ربما فشل .
وهي القضاء على دعامات النظام لامركزي والعودة الى النظام المركزي ، بدافع صراع سياسي او فشل في الممارسة .
والسوال الاخر هو هل جميع اطراف المجتمع العراقي ومكوناته ترغب في العودة الى النظام المركزي ؟ سوى بتغير النظام من برلماني الى رئاسي او بتغير النظام بشكل عام وحصر الصلاحيات بيد رئيس الجمهورية وابقاء البرلمان تشريعي فقط وضمن حدود معينة كما هو الحال في مصر وتركيا ام ان الوضع بالعراق يختلف ؟ .
بالتاكيد ليس من مصلحة الاكراد ذلك مطلقا لاسباب عده منها الخوف من الديكتاتورية. ومنها ان الوضع السائد يخدمهم اكثر، واما الوضع بالنسبه للمنطقه الغربية فهو محط تردد اذا اخذ في ذلك موضوع الاغلبية وكيفية اختيار الرئيس واليات الاختيار المناصب الاخرى
اما في الوضع الشيعي فلازال الموضوع مورد تردد وانقسام كبير رغم ان الغالبية قد سئمت من فوضى الديمقراطية والتخبط والفشل في الادارة ولكن ما هي اليات الخروج والانتقال ؟ والتي اصبحت مقلقة اكثر من قلق الديمقراطية
فما بين العقل والجنون شعرة كما يقول المثل .
فاليس لدينا دستور متفق على كل مواده ( دستور جامد ) وخصوصا فيما يتعلق بنوع النظام. وليس لدينا منصب رئاسي متفق علية يكون هو الفيصل وليس لدينا قوات مسلحة ذات نظرة واحدة وليس لدينا معارضة موحدة ومنسجمة
وليس لدينا تركيبة طائفية تساعد على ذلك. وليس لدينا تركيبة قومية عرقية تساعد على ذلك ايضا ناهيك عن تعدد الاعبين اقليميا ودوليا وتقاطعهم الكبير فيما يخص الملف العراقي وتاثير دوره على الاقتصاد العالمي باعتباره من المنتجين الرئيسين للنفط واي اهتزاز عنيف فيه قد يفتح صراعا كبيرا ليس في العراق فحسب بل في عموم المنطقة خصوصا وان المنظمات الارهابية تتحين الفرصة لاي حالة انفلات يمكن ان تحدث او فراغ يمكن ان يحدث كما حدث في افغانستان.
مشكلتنا في العراق مركبة ( نتوق للحرية والخروج من اثار الديكتاتورية ولكنا فاشلين شعبا وحكومات في تطبيقها على الواقع بشكل منضبط بعيدا عن المصالح الضيقة سواء كانت قومية او طائفية او شيفونية عنصرية حزبية كانت او قومية، او تبعية ضيقة ) لذلك يبقى العراقين بين نارين نار الفوضى والفشل الحالي ونار الخوف من الفشل والانفلات والتشرذم) وعندها يصبح التمني العودة الى ما نحن فية كما يتمنى البعض الان الزمن الجميل حقيقة او تهجما او بين استمرار الفشل في الادارة والفساد والفوضى ليموت العراقي واقفا وتتساقط اوراقه كما يتساقط ورق الاشجار في فصل الخريف . ومن وجهة نظري لا مناص من تغير محدود في شكل النظام مع ممارسة صارمة ومنضبطة للديمقراطية وبشكل تدريجي مع ثورة توعية بعيده عن المزايدات السياسية واغراضها الضيقة وتبعيتها الخارجية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى