أحدث الأخبارايرانمحور المقاومة

اعجاز في ثورة ( وليالٍ عشر)

مجلة تحليلات العصر الدولية

هل هي معجزة نابعة من تدخل غيبي؟
نعم بلا ادنى شك، قد يرى البعض ان هذا كلام فيه ما فيه من التطرف والغلو، وهذا البعض معذور، كونه لم يقرا او يعاصر ارهاصاتها .
لكن الى ماذا تعزو ان دولة( ايران) يراهن عليها الغرب وامريكا ، محكومة بنظام (وراثي) لعقود طويلة جدا، وهذا النظام حاول (مَسخ) هوية الشعب الايراني الى درجة ان الناس لا يحتاجون للذهاب الى اوروبا حيث الميوعة والتحلل الاخلاقي والبحث عن الملذات، فهاهم الغرب قد اسسوا دولة وحولوها الى منتجع وصورة اخرى من صور التحلل والانحطاط الثقافي الغربي.
هذا النظام الشاهنشاهي محمي باكثر من ستين الف عسكري وخبير امريكي ، في مناطق محددة ومحصنة لا يستطيع الدخول اليها حتى المسؤول الايراني نفسه، بالاضافة الى كبار الخبراء الامريكيين المشرفين على الحكومة والنظام هناك.
هذا النظام الشاهنشاهي يهيمن على الخليج بكامله، الى درجة ان امراء وملوك الخليج يدينون له بالطاعة و( الولاء)، وكأن دولهم مقاطعات تابعة لايران انذاك.
بالمقابل فان العالم تتصارع فيه مدرستان فكريتان وايدلوجيتان بقوة الى حد العداء، كما ان العالم منقسم الى قطبين ( شرقي) يقوده الاتحاد السوفيتي، و(غربي) تقوده الولايات المتحدة الامريكية ، وغير مسموح بالحياد في هذا العالم ، فضلا عن عدم السمح بوجود قطب ثالث.
الدين مطلقا هو اما( افيون الشعوب) وفق النظرية الماركسية ، او (وهمٌ) وخرافة، او محجور عليه في كنائس ومساجد على احسن التقادير وفق النظرية الغربية .
لا شي في العالم اسمه ( حاكمية الاسلام)، بل اصل الاسلام مشكوك فيه ، فالدين الاسلامي في نظر الغرب وامريكا وحتى الشرق اما خرافة او انعكاسات نفسية لنبي الاسلام ادعاها في وقته، واستطاع ان يتغلب بها على شعوب بدائية في جزيرة العرب، او على احسن التقادير انه جاء في زمان معين ومكان محدد، وهو غير قادر على مواكبة العصر والحداثة والتطور والعلم ، على اعتبار ان العلم لا علاقة له بمسائل الماورائية او الميتافزيقيا كما يصطلحون على عالم الغيب.
شعوب العالم الاسلامي ترزح لعقود تحت انظمة مستبدة ومجرمة وطاغوتية، تتخذ من احد المعسكرين منطلقا سياسيا وفكريا، وتتكيء عليهما اذا ما تحركت الشعوب للدفاع عن نفسها.
امام هذه الصراعات الوجودية بين الشرق الغرب، وامام هكذا عالم تتصارع فيه الايدلوجيات الى حد نشوب حرب عالمية اولى وثانية حتى استقر كله على معسكرين، ياتي (رجل من اقصى المدينة) لينفض الغبار( والرَين) الذي علا الدين الى حد ضاعت ملامحه وكستها الخرافات والتحجر والانزواء، ولم يبق منه الا بعض الطقوس والعبادات ، وهذه العبادات هي الاخرى محل ( تهكم) و( استهزاء) الاخر.
ياتي هذا الرجل في عالم محكوم بمعسكرين، كل معسكر لايسمح بالتجاوز على حدود معسكره، ويمتلك المعسكران احدث انواع الاسلحة التي ابادت شعوبا وحضارات بكاملها. ياتي هذا الرجل ليغير وجه المعادلة، وسلاحه بعد التوكل والثقة بالله ( مسبحة، ومصلاة ، وتربة حسينية )، يصلي بهن ويدعو ربه، و( له فيهن مارب اخرى)، ويقول ان الاسلام له وجود اخر غير الوجود العبادي، انه الوجود السياسي والفكري والعلمي، ويرسل رسائله الى غورباتشوف عظيم المعسكر الشرقي ( الملحد) ويقول له: (اسلم تسلم والا فان مصيركم الى الزوال).
ياتي هذا الرجل ليقول ان كل الوجودات الشرقية والغربية باطلة، والاسلام هو الحق المطلق ويجب ان يكون موجودا، وان ( لا شرقية ولا غربية) هي محور حركة هذا الرجل، بل وينطلق لتحقيق هذا الوجود الاسلامي من احد اهم معاقل الغرب في غرب اسيا حيث طاغوت ايران ، وحيث مرتكز الغرب في العالم الاسلامي انها ايران ، فهي الوسادة التي تنام عليها امريكا، وتهيمن على مقدرات الشعوب ومعتقداتهم والتي انفقت ترليونات من الدولارات لاجل ذلك .
بين هذا الصراع الايدلوجي والقدرات العسكرية والثقافية المستوردة والتي باتت تمثل هوية شعوب المنطقة ، ينطلق هذا الرجل ليحقق معجزة تحققت عند بعض اولي العزم من الرسل حصرا، فينتصر الاسلام ، وينتصر الحق على الباطل ( ان الباطل كان زهوقا)، ويتحول هذا الرجل الذي كان( امة قائما لله )، الى امة ومشروع ورسالة متجددة.
هذا الرجل لا يقف عند حدود جغرافية او قومية، بل يريد نشر الاسلام المتجدد والحق الضائع والدفاع عن المستضعفين في كل العالم ، فتجاوز حدود ايران الجغرافية والقومية وتحول الى محور لكل المستضعفين ، في فلسطين المظلومة، واليمن الاصيلة، والعراق الابي، وسوريا الممانعة ،ولبنان الشموخ والكرامة ، ويقف مع الشعب البوسني المضطهد ، وتتحقق انتصارات كبيرة في كل هذا المحور .
يتراجع وينهار المعسكر الشرقي ايدلوجيا وجغرافيا وسياسيا كما وعد الامام ، وينهزم الغرب وامريكا امام محور الاسلام والمقاومة، رغم حروب الثمان سنوات التي فرضت على الجمهورية الاسلامية وحصار لاربعة عقود مضت ، لكن في نهاية المطاف يتحقق النصر ويدخل الناس في في دين الله المتجدد افواجا من جنوب افريقيا وشمالها، الى غرب اسيا واقصاها ( اذا جاء نصر الله والفتح ورايت الناس يدخلون في دين الله افواجا فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا) .
هذا الاسلام اسقط اكذوبة الغرب من انه لا يواكب التطور العلمي والتقني، فها هو اثبت للعالم اجمع انه مع التطور ويتربع ناصيته، رغم حصارهم وحربهم الشعواء ضده ، الى حد انهم لم يطيقوا تحمل التطور العلمي لدى هذا المحور الاسلامي ، فاضطروا الى اغتيال علمائه بعمليات ارهابية تعبر عن خستهم وانحطاطهم الانساني.
هذا الرجل هو سليل رسول الله الاعظم، وهو روح الله المعجزة ، هو العارف بالله الذي حقق هذا النصر بعد مواجهة مع طواغيت العصر ، فهو امتداد لجهاد رسول الله الاعظم مع طواغيت قريش انذاك، انه روح الله الخميني ( قدس)، حفيد اهل بيت النبوة، والممهد لظهور خاتمهم الحجة بن الحسن عليه السلام .
فهل لذي لب بعد ذلك ان يشك بانها ثورة معجزة وان قائدها معجزة ، ونتائجها معجزة وظروفها وارهاصاتها هي نفس ارهصات ظهور الاسلام في ايامه الاولى وهي معجزة ايضا ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى