أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

الأقليات الشيعية في العراق

مجلة تحليلات العصر الدولية - عبد الحميد الصائح

المكوّن الشيعي الأكبر في العراق حسب القياسات المذهبية الدينية والقومية المتداخلة ، حوّله السياسيون الى أقليات شيعية تبحثُ عن حقوقٍ صغيرة وتوجهات وحيازات متفرقةٍ . فأمام التفاهماتِ العاجلة بعد الانتخابات داخل المكون السني ووحدة المصالح الكردية العليا التي تجمعُ الفرقاء رغم تباين أفكارهم وخلافاتهم الداخلية المعروفة . يكون الجميع قد حسب مقاعدة الانتخابية وحدّد مرماه وأحصى مصالحه بانتظار حلّ النزاعات بين (المكونات) الشيعية التي لها حصة رئاسة الوزراء في العراق حسب قانون المحاصصة السائد . ورغم أن كتلةً أو تياراً شيعياً واحداً حصد مقاعد تعادل وتفوق مقاعد مكونات بأكملها لكنّ انهاك القوى الشيعية لبعضها وتباعد وجهات نظرها واختلاف طموحاتها ووجهات ولاءاتها يحتّمُ عليها التفاوض مع المكونات الأخرى واستمالتها وربما المساومة على صعود أشخاص دونَ سواهم الى المناصب التي قسّمت الدولة عملياً الى ثلاث دول ، دولة لرئيس الجمهورية وهي دولة كردية حسب المنصب ودولة رئيس مجلس النواب وهي دولة سنية حسب هوية المنصب ودولة شيعية هي دولة رئيس الوزراء .
قد تبدو هذه المعادلة (توافقية) في أطارها العام إذا ما قيست رياضياً وحسب صلاحيات كل منصب لكنّ التجربة الماضية تثبت أمراً هاما . هو أن بقاءَ رئاسة الوزراء في الواجهة جعلت الشيعة يتحملون وحدهم فشل الدولة العراقية وتردي الخدمات ونهب المال العام والتفريط بالمصالح العليا رغم مسؤولية الجميع كل ضمن حصته ووزاراته والمناطق التي تحت رعايته .وكأنّ المنصبين الآخرين ليسا سوى مناصب بروتوكولية لاتسمح لها بتسيير شؤون الدولة التنفيذية ، في وقت تمثل رئاسة الدولة كيفما كانت، واجهةَ البلد وهويته العليا. رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة حتى وان كان بلا صلاحيات أو يمتنع هو عن ممارستها ..وهذا موضوع مقال لاحق لنا بهذا الشأن.
اليوم يدخل الى مربع الاقليات الشيعية السياسية عنصر آخر وهو التشرينيون الذين حصدوا مقاعد في الانتخابات الاخيرة وهم حسب التقسيمات المعتادة سيمثلون حالة جديدة ، سيكونون مكونا رابعاً في العراق – الكرد – السنة – الشيعة – التشرينيون ، ورغم أن تاثير هؤلاء سيكون مباشرا على الكتل الشيعية بالدرجة الاولى باعتبارهم متخرجين من ميادينها ومحافظاتها الا ان التشرينيين سيواجهون اختبارا قاسياً لانهم جاءوا محمولين على هودج من المراهنات والمثاليات والمطالب الحاسمة ودماء شهداء تظاهراتهم فضلا عن مغامرة اللعب مع الكبار بمقاعد قليلة نسبة الى الاخرين قد لاتسمح لهم بتغيير جوهري في العملية السياسية لكنها حتما ستتيح لهم رفع أصواتهم عاليا في قضايا الرقابة والتشريعات والقوانين الفلكية التي جعلت من النائب العراقي ذا نفوذ مالي واجتماعي غير مسبوق في برلمانات العالم .
هذه الخارطة في ظل أية تفسيرات ستبقى عاملاً فاعلاً في تكريس عراق غير مستقر ، كل مافيه من ثروات وامتيازات في خدمة السياسة وليس العكس كما هو معتاد في بلدان الحكمة والتنمية واسس الدولة التي نبتعد عنها كثيرا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى