أحدث الأخبارايرانمحور المقاومة

الإمام الخميني قائداً ومجدداً

مجلة تحليلات العصر الدولية - الحسين أحمد كريمو

نمرُّ في هذه الأيام بالذكرى السنوية لرحيل ذاك القائد العملاق الذي غيَّر وجه التاريخ المعاصر بثورته التي انطلقت من الصفر في مدينة مغمورة تُسمى قم المقدسة والتي تضجُّ بالطلاب والتلاميذ الباحثين عن الأصول والفقه، وبعضهم كان يطلب على خجل الفلسفة، ويدرسها على وجل.
في تلك المدينة خرج شخص بمفرده وراح يُغرِّد خارج السرب – كما يقولون – وتغريده كان يصدح بالحق الذي لا مراء ولا جدال فيه، والكثيرون يشاركونه صوته الضعيف إلا أنه يحمل معه يقين لا شك فيه، وصلابة وصبر لا يلين أبداً.
كان يصرخ بالحق الذي يعرفه بفقهه، ويعيه بفكره، ويحفظه بعقله، ويطالب بتطبيق الشريعة كما ينظر إليها ببصيرته النافذة، فكان بعض مَنْ يسمعه يقول في سره أو جهره: ما بل هذا السيد ببساطته يُريد أن يُطيح بالشاه ودولته؟! هل جُنَّ أم به مسُّ من السِّحر؟
إلا أنه كان على يقين من ربه بالنصر لأنه يعرف أن النصر بالصبر والثبات على الحق والمبدئ الذي يؤمن به، وفي مبدئه جاء قول جده رسول الله (ص): (إن الله يبعث لهذه الأمة في رأس كل مائة سنة مَنْ يُجدد لها دينها)، هذا الحديث الذي روته الخاصة والعامة والشيعة والسنة، وهو من الأحاديث العجيبة التي تُعطي هذه الأمة الأمل بالتصحيح والتجديد كلما فترت همَّتها وضعف الوازع الديني فيها، والإنتماء والهوية العقائدية في أجيالها كما جرى في نهاية القرن الماضي حيث استفحلت الشيوعية والمذاهب المادية الإلحادية.
فهيَّأ الله سبحانه لهذه الأمة ذاك السيد الجليل ليقوم على اسم الله ومن حوزة قم المقدسة لينهض بالأمة من جديد ويُجدد فيها هويتها وينعش فيها صحوتها الإسلامية التي تحولت فيما بعد إلى تيار عظيم في الأمة ما لبث إلى أن صار محوراً للخير يقابل محور الشر العالمي التي تتزعمه إمبراطورية الشر الكبرى التي أطلق عليها السيد الإمام (الشيطان الأكبر)، وها هي الصحوة تثبت مكانها ومكانتها في واقع الأمة الذي نعيشه رغم كل ما فيه من تطبيع، وتركيع للشعوب والأمم الإسلامية بأسماء مختلفة وعناوين كثيرة الهدف منها الخضوع أما الإرادة الشريرة للإستكبار العالمي والصهيونية منها على وجه الخصوص.
فنهضة الإمام الخميني (قدس سره) لم تكن للشعب الإيراني المؤمن فقط بل كانت نهضة الأمة الإسلامية التي أرادت قوى الشر لها أن تكون أذل وأخس أمة في هذه الدنيا وهي أمة وصفها الله بالوسطى، وأنها خير أمة أخرجت للناس، فراح يُنهضها بثورته المباركة، وينشر النور والضياء في كل مكان فيه الظلم والظلام منتشراً.
فالإمام الخميني (رحمه الله) كان مجدداً للدِّين والرسالة في القرن العشرين، ولذا قام بنهضة إسلامية وصحوة طالت جميع فرق ومذاهب الأمة، وكان قائداً للشعب الإيراني والثورة الإسلامية فيه على كل المستويات وفي كل المجالات والميادين العلمية والفكرية والثقافة والحضارية.
فالباحث في النهضة الخمينية المباركة عليه ألا يُغفل هذين العاملين الكبيرين الذين سعى رحمه الله بكل حياته الشريفة إلى ترسيخهما في الأمة، التجديد للإسلام، والقيادة للإمام الفقيه العادل الجامع للشرائط، ولا قيادة إسلامية إلا بهذا العنوان الراقي والرائع جداً.
فالسلام على تلك الروح الوثابة إلى الحق التي كانت لروح الله الموسوي الخميني الذي أراد للإسلام العزة والكرامة والشرف والقيادة لهذه الحياة كلها، كما هو الواجب والحق والحقيقة الصريحة الصحيحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى