أحدث الأخبارفلسطينمحور المقاومة

الانتفاضة المسروقة

مجلة تحليلات العصر

لم يكن الفلسطينيون عندما اندلعت الانتفاضة 1987جوعى او فقراء، ولم يكونوا يفتقرون للوطنية وحب الأرض، بل كانت تملأ أرواحهم الكرامة والشرف، لذلك ما أن حدثت جريمة المقطورة في جباليا شمال غزة يوم 8 ديسمبر/كانون الأول 1987حتى اشتعلت في صدورهم حمية الدم والوطن، ونجحت الجهود التي بذلتها حماس وغيرها من الفصائل في حشد الشعب الفلسطيني، في انتفاضة مهيبة ضد الاحتلال وممارساته الاجرامية بحق شعبنا.
نجح العدو قبل الانتفاضة في اختراق النسق الاجتماعي والوطني لشريحة هامة من شعبنا، تلك الشريحة التي كانت مهنتها العمل مع اليهود داخل الارض المحتلة، فأنشأ اليهودي الماكر علاقة اجتماعية حميمية مع العمال الفلسطينيين لدرجة دعوتهم للمشاركة في افراحنا وفي مناسباتنا الاجتماعية داخل غزة والضفة المحتلة، تلاشت حدود العداء تماما كما تلاشت الحدود الجغرافية عبر فتح الحدود بشكل كامل مع غزة والضفة.
فجاءت عمليات الطعن التي قادها ابطال غزة في سوق فراس وميدان فلسطين، لتدشن مرحلة جديدة اعادت الحمية الوطنية الى عقول وعيون الشباب الذين هالتهم الممارسات اللاأخلاقية التي بدأ جنود الاحتلال ممارستها ضد ابناء بنات شعبنا في شوارع غزة .
فلم يتردد ابناء شعبنا في الانخراط في اعمال الانتفاضة مضحيا بأعماله وبحياته الرغيدة التي كان يوفرها لهم عملهم داخل الارض المحتلة، أملا بحياة أكثر حرية على أرضنا الفلسطينية.
ضحى شعبنا وقدم، قاتل جُرح واستشهد ابناؤه وفلذات اكباده، هدمت بيوته وتعطلت أعماله وانهارت صناعاته، ليس طمعا في راتب تصرفه سلطة تنوب عن الاحتلال له آخر الشهر، ولكن أملا في تحرير وطن والعيش على أرضه بكرامة وحرية.
ومع بالغ الأسف نجح العدو في كي وعي منظمة التحرير المفلسة والمعزولة في تونس، وأقنعها ببيع الانتفاضة، وبيع تضحيات وآمال وأحلام شعبنا في حياة حرة على أرضه، مقابل سلطة تنوب عن الاحتلال في قمع وملاحقة طلاب الحرية من أبناء شعب فلسطين.
والأعجب من ذلك أن بعض قوى المقاومة انخرط فيما بعد من حيث يدري او لا يدري بقبض ثمن هذه الصفقة، ثم احتواءها عبر الانتخابات تحت سقف أوسلو، ثم عبر فخ الفوز فيها، ثم عبر كمين الاستفراد بحكم غزة، لينشغل حملة البنادق في اعاشة الشعب عوضا عن الانشغال في تحرير الأرض، فباتت الصواريخ تنطلق أو تسكت تبعا لمنع أو دخول الأموال لجحر غزة عبر العرابين.
الانتفاضة المسروقة سوف يسطر التاريخ بطولات أصحابها بأحرف من نور، بينما لن تجد مرحلة التخاذل ومقايضة المال بالوطن التي نعيشها سوى مزابل التاريخ مثوى لها.
لذا ربما بات على المقاومة في غزة وفي ظل الانهيار الذي تشهده غزة بعد تفشي وباء كورونا، ان تغير المشهد تماما، وأن تأخذ زمام المبادرة بعزم، فبناق غزة كانت للتحرير وتوفير الكرامة، وليس للإعاشة وتوفير الرواتب واحتياجات الشعب، فهذه مهمة الاحتلال الذي عليه تحمل أكلاف احتلاله.
آن أن تأخذ بنادق وسلاح غزة دورها في معركة التحرير التي يرحلها الاحتلال عاما بعد عام عبر ما يعطيه لنا من مسكنات في صورة أموال أو مشاريع أو أو، فغزة ليست فلسطين ولكنها قاعدة للتحرير، والضفة ليست سلطة بل ساحة الصراع الرئيس، والقدس ليست جدران باردة بل بوصلة للأحرار إن أحسنا تحشيد الأمة باتجاهها.
أبطال غزة أبناء وأحفاد أبطال الانتفاضة بحاجة إلى بوابة أمل جديدة وليس الى كوبونات او مساعدات أو وظائف بطالة، شباب غزة بحاجة إلى رفع الهمم لجهة انخراطهم في جهد وطني حقيقي.
فلسطين بحاجة الى من يعيد لها انتفاضتها المسروقة، وإلى من يرمم أرواح أبطالها خلف القضبان، وإلى من يرسم لروادها الجدد طريقا نحو القدس، طريقا عمده من سبقهم بالدماء والأشلاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى