أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

الانـتـخـابـات الـعـراقـيـة بـيـن إخـتـبـار الـمـصـداقـيـة والـتـقيـيـم الـمـوضـوعـي

مجلة تحليلات العصر الدولية - صالح الصيرفي

لا أحد ينكر ما للقلم من دور في بناء الحضارة الانسانية بل هو عماد هذه الحضارة ورمزها وشعارها ومرتكزها العلمي ، صحيح ان التطور التقني والثورة الرقمية قللا من استخدام الانسان المعاصر للقلم و استبدلاه في الحاسوب و مشتقّاته “الايباد” و “الايفون” و ” توچ سكرين” و “الجوجل دوكس”وغيرهما من البرمجيات المتداولة او المستقبلية التي تعتمد على “المخ والبصر” في كتابة الابحاث والدراسات والاكتشافات وتدوين النظم والقوانين وتنظيم البنى التحتية للعلوم والتقنيات والمؤسسات المعرفية ، وإدارة منظومات الحوكمة للدول المتقدمة .
ولكن على الرغم من كافة هذه التقنيات والبرمجيات يبقى القلم هو الاساس والمفهوم والاداة والمعبّر الحقيقي للعلوم والمعارف والثقافات والتقنيات الحديثة المتنوعة الى يوم يبعثون .
ولولا هذا الدور والأثر والاهمية للقلم ( كأداة تعبير ) لما أقسم به الله في آية ( ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ) ، وبين دوره في تعبير اخر في كتابه الكريم ، (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ) .
ولكن مثلما للقلم دور في بناء الانسان والحضارة ، له دور ايضا في هدم الانسان والحضارة ، وهذا يعتمد على الكيفية والطريقة في الاستخدام والتوظيف من عدمه . وبناء عليه يمكن ان يكون القلم سلاح علم وبناء أو سلاح هدم وتخريب ، ومثلما القلم ايضا هو أداة لنشر الثقافة والوعي بالمقابل يمكن إساءة إستخدامه كأداة لنشر الجهل والتخلف ، والتجهيل والتضليل ، وبالتالي القلم هو مسؤولية شرعية ووطنية وإلتزام اخلاقي وتعهد مهني وعكس ذلك ، يتحول “القلم المقدس” الى خيانة وحنث وبوق للارتزاق والتضليل أو للتزلف والنفاق .
وفي العودة الى عنوان المقال رب سؤال يطرح مالعلاقة بين القلم والانتخابات العراقية التي جرت يوم 9- و – 11/ اكتوبر / تشرين الاول 2021 ؟ ، والجواب هو ؛ يوم أمس كتبت القليل من المقالات عن تقييم الانتخابات وتفاوتت المقالات بين الموضوعية واللاموضوعية وستكتب الكثير ، الكثير من المقالات في يومنا هذا والايام القادمة وربما ستصدر دراسات في المستقبل عنها ، ولما شابها من إشكالات إجرائية وتجاوزات قانونية وإثارات سياسية ، وثغرات قانونية ، و عليه وددت ان أحاول تحديد بعض الاسس العلمية والعملية التي موجبها ، يفترض ان نراعيها كـ منطلقات في تقييم العملية الانتخابية الاخيرة في العراق تحاشيا لعدم وقوع البعض في آثام السلبية واللاموضوعية في التقييم .

1- وفقاً للتقييم الدولي في مؤشرات الفساد العالمي يحتل العراق في لوائح منظمة الشفافية الدولية المركز 16 عربيا (162 عالميا)، وهذا يشمل الفساد المؤسساتي الحكومي والمؤسساتي القضائي والتشريعي ومايتفرع منهما من مؤسسات وهيئات حكومية مستقلة فضلا عن الفساد المجتمعي ، وبالتالي يكون تقييم المفوضية العليا (المستقلة)للانتخابات كهئية مشتقة من هذا النظام الفاسد ، مجروح باستقلالها ونزاهتها
2-كيف يتم الاطمئنان الى انتخابات في بلد يفتقر الى الاحصاء السكاني ! ؟ بل أصالة ؛كيف تتم انتخابات في ظل غياب الاحصاء السكاني !؟
3-ولد القانون الانتخابي لعام 2021 معاقاً وفيه ثغرات عديدة ! الإعاقة في كون القانون صدر من مؤسسة تشريعية مصنفة فاسدة ، وتسيطر عليها احزاب السلطة بنسبة 99% مجروح بعدالتها ومطعون في نزاهتها عالميا واقليميا ومحليا ( رسميا وشعبيا )
اما الثغرات ؛
أ -القانون الانتخابي يقسم العراق الى 83 دائرة انتخابية على عدد مقاعد “كوتا ” النساء في البرلمان والذي يلزم الدستور بحصولهن على 25% من المقاعد
ب – اعتمد القانون الانتخابي تقسيم الدوائر الانتخابية على عدد السكان في كل محافظة في ظل غياب احصاء سكاني منذ عام 1997 !؟
ج – اعتمد القانون الانتخابي الجديد تقسيم العراق الى 83 دائرة في ظل عدم وجود تقسيم اداري يضع حدودا فاصلة للاقضية والنواحي ويحدد عائدية تلك الاقضية والنواحي إداريا للمحافظات
ت – تم رسم الدوائر الانتخابية من دون تحديد الحدود الادارية لكل قضاء أو ناحية ، خصوصا في المناطق المختلطة ( بغداد الموصل كركوك ديالى)
ج – القانون الانتخابي الجديد يُضعف التأثير السياسي للتصويت، لمصلحة التأثيرات المناطقية والعشائرية والعائلية على سبيل المثال ؛ تقسيم الدوائر في محافظ الانبار جمع مناطق تبعد عن بعضها البعض 320 كم في دائرة انتخابية لإنها تضم سكان من عشيرة واحدة أو من تلك العشيرة !! وقس على ذلك الكثير من الدوائر التي قسمت على اساس قومي وطائفي وعشائري
د – نظام الدوائر الانتخابيّة المتعدّدة افضل بكثير من نظام ” سانت ليغو 1,6 – 1,9 ” ولكنه يمكن أن يكون نظاماً ناجحاً في الدول المتحضرة والمتطورة والمستقرّة والمتجانسة وليس في العراق الذي يعاني ويأن من ويلات وجراحات ومجازر الانقسام المجتمعي والطائفي والاستقطاب الحزبي ، فضلا عن الأزمات الداخلية والاستقطابات الإقليمية والدولية ، وهذا ماشهدنا ولمسناه في عشية الانتخابات الاخيرة التي جرت يوم 9-11/ اكتوبر / تشرين الاول 2021 من تدخلات اقليمية ودولية فاضحة في الانتخابات وانقسامات عائلية وعشائرية وحزبية وطائفية وقومية
4-ظهرت طعون وتجاوزات في انتخابات الامس سواء على المستوى الاجرائي او القانوني فقد تبين وفقاً للشهادات الحية الموثقة في الصوت والصورة والوثائق بأن العديد من صناديق المحطات الانتخابية شهدت فارقا كبيرا بين عدد الاصوات المحتسبة وعدد المصوتين ( وهذا تزوير لايقبل الشك ) ؟ ، وهناك أصوات لم تحتسب أو أصوات سرقت من مرشح الى آخر وغيرها من الخروقات !؟
5- الطعونات والتجاوزات وحجم التزوير اعلاه يدعونا الى عدم الاطمئنان الى بيانات المفوضية “المستقلة “الانتخابات سواء بخصوص عدد المشاركين في التصويت التي بلغت (9) تسعة ملايين وبنسبة 41% من مجموع 24 – 25 مليون ناخب !؟ وبناءاً على تصنيف العراق ومؤسساته المختلفة في مؤشرات الفساد ، وعلى ماجرى يوم امس ! فكيف يتسنى لنا تصديق المفوضية العليا ” المستقلة” للانتخابات !؟
6- ألا يعد تدني نسبة التصويت وعزوف الاكثرية الساحقة عن المشاركة في الانتخاب تعارضا مع مبادئ ونصوص وروح الديمقراطية الحقيقية التي تنص على إشتراط وجود أغلبية شعبية فعلية في الانتخابات ؟ ، لا اقتصار مشاركة وتصويت الاقليات الحزبية ، واذا لم يعد تعارضا ؟ ألا يعد جرحاً وخدشا في صدقية النظام الديمقراطي ؟
7- الاحزاب التي حصلت يوم امس على أعلى عدد من مقاعد البرلمان إنما حصلت عليها بسبب انخفاض كوتا المقعد التي لم تتجاوز في اعلاها (10) عشرة الاف ناخب بسبب مقاطعة الانتخابات من قبل الاغلبية الصامتة وليس لمهارات وذكاء ونزاهة واستقامة وشعبية تلك الاحزاب !؟ هذا اذا ما إحتسبنا تدخل المال السياسي واستغلال السلطة في التوظيف والتشغيل على حساب تكافئ الفرص ، و “التصنم” الجاهلي والتعصب الحزبي والطائفي والقومي
8- التصويت الالكتروني سلاح ذو حدين لذلك العديد من الدول الديمقراطية العريقة تتجنبه وتفضل نظام العد والفرز اليدوي ، واقرب دليل على خطورته هو ماشهدناه في الانتخابات الامريكية الاخيرة التي احدثت زلزالا وانقلابا شعبيا غير مسبوق في تاريخ الديمقراطية الامريكية بسبب ماشابها من تزوير فاضح نتيجة التصويت الالكتروني د وإصرار السلطات القضائية على رفض دعوات اعادة العد والفرز اليدوي للاصوات
هذا إختصار ما رجوت مراعاته بعيدا عن الاستغراق في التفاصيل لمن يريد الكتابة بعيدا عن السلبية واللاموضوعية في التقييم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى