أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

البرلمان.. للانصاف

مجلة تحليلات العصر الدولية - ياسر العبادي

 

نجد من الصعوبة اليوم وبعد مضي (١٨) عاما على التجربة الديمقراطية في عراق ما بعد ٢٠٠٣ ان نتحدث بايجابية عن احدى السلطات الثلاثة، فقد جعلت ملفات الفساد في بلد يغرق بالثروات ولا ينعم اهله بالخدمات الكثيرين لا يميزون بين النزيه والفاسد، ودفعتهم لتعميم اخطاء هذه التجربة على كل من شارك في السلطة دون استثناء، ومع ذلك ارى ان من الانصاف اعطاء كل ذي حق حقه حتى نشخص جوانب النجاح والفشل لان التشخيص يساعد على العلاج.

مجلس النواب المعني بوضع السياسة التشريعية للدولة كان دائما موضع نقد واتهام وسخط شعبي على الرغم ان تقديم الخدمات والوظائف ليست من اختصاصه ومن صلب مهام السلطة التنفيذية، ولربما يعود السبب في ان المجلس هو المعني بالتصويت على الكابينة الحكومية وبالتالي يتحمل فشلها، وظهور عدد من النواب كممثلين للاحزاب وليس للشعب، فضلا عن تعمد السلطة التنفيذية وتغولها على حساب السلطة التشريعية والعمل في كثير من الأمور بمعزل عن ارادة مجلس النواب في محاولة لاضعاف وتهميش دوره.

وبالرغم من وجود بعض الاخفاقات والقصور في عمل البرلمان، الا ان مجلس النواب بدورته الحالية قياسا بالدورات السابقة كان افضل، فقد انسجم في عدد كبير من تشريعاته مع الارادة الشعبية، حيث قام بتعديل قانون الانتخابات، والتصويت على قانون المحكمة الاتحادية، وتمرير قانون الموازنة العامة لعام ٢٠٢١ خلال فترة وجيزة، فضلا عن تصويته باخراج القوات الامريكية، وقانون الناجيات الايزديات، ودعم حقوق الفلاحين، والحريات، واستجواب عدد من الوزراء والقيادات الأمنية وغيرها.

كما كان لبعض النواب جهدا كبيرا في تقويم عمل المجلس وتصحيح مساره، وقد اضاف وجود السيد حسن الكعبي في موقع النائب الأول الكثير لهذه الدورة، لما تحلى به من شجاعة وشعور بالمسؤولية وحس وطني، وقدرته على تقريب وجهات النظر بين الكتل النيابية لتمرير القوانين الهامة التي تصب في خدمة الشعب، وترؤسه لعدد من اللجان من بينها لجنة التدقيق والتحقيق في تعاقدات وزارة الكهرباء التي قدمت (٥٤) ملف لهيأة النزاهة، وخلية الازمة النيابية التي كان دورها استثنائيا في موضوع ايصال اللقاحات لمواجهة كورونا وتسهيل عودة العالقين في الخارج، وعمله على انشاء مجلس اعلى لرسم السياسات التشريعية لمجلس النواب على المدى البعيد يتألف من مختصين اكاديميين.

وعلى الرغم من ذلك فالمجلس ما زال مطالبا بالكثير من الجهود على المستوى التشريعي والرقابي سواء في هذه الدورة التي شارفت على النهاية او في الدورات القادمة، فالشعب ينتظر منه الكثير ويعول عليه في تصحيح مسار الدولة ولن يرحم من يمثله ولا يعمل لخدمته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى