أحدث الأخبارشؤون امريكية

البيت الأبيض يتخلى عن حلفائه في اليوم الأسود

مجلة تحليلات العصر الدولية - علي الحسني

أن الولايات المتحدة الامريكية مستمرة بممارسة هواياتها بالتخلي عن الحلفاء أو الأصدقاء ولم تتوقف واشنطن عند أوكرانيًا فقط بل ستستمر بسياسة التخلي عن حلفائها والله وحده يعلم من الضحية القادمة من الدول التي تثق بالبيت الأبيض
فقد كانت أوكرانيًا ثالث أقوى دولة نووية في العالم لاكن عندما وثقت بأميركا وتخلت عن ترسانتها النووية مقابل التعهد الامريكي بحمايتها من أي اعتداء روسي اصبحت دولة ضعيفة لا تتمكن من المقاومة و الصمود امام الغزو الخارجي
وبخطأ لا يغتفر أرادت كييف الانضمام إلى حلف النيتو الذي يعتبر روسيًا عدو له من ما دفع روسيا لغزو اوكرانيا من أجل حماية الامن القومي الروسي
ولن تسمح موسكو ان يكون حلف النيتو على أرض من أراضي الاتحاد السوفيتي السابق
وبمجرد انطلاق أول صاروخ روسي باتجاه اوكرانيا تخلت واشنطن عن كييف كما هو معتاد واكتفت بالصلاة من أجل اوكرانيا ودراسة فرض عقوبات على روسيًا ردًا على الغزو الروسي ثم أرسلت واشنطن مع حلفائها ميلشيات عميلة للبيت الأبيض لتقاتل روسيا على الأراضي الاوكرانية كما فعلت مثل ذالك في سوريا عندما أرادت إسقاط نظام الرئيس بشار ألاسد
وهنا نسأل ونقول ماذا ستفعل العقوبات الامريكية لدولة عظمى مثل روسيا؟ وماذا ستستفيد اوكرانيا من هذه العقوبات إذا سقطت كييف العاصمة الاوكرانية؟ وماذا ستفعل هذه الميلشيات إمام الجيش الروسي ؟
فلم تتعظ كييف من تجارب حلفاء الولايات المتحدة الامريكية التي تخلت عنهم بوقت الأزمات
فهذه السعودية غارقة بحرب اليمن ولا تعرف كيف تخرج منها
ففي العام الماضي٢٠٢١ قامت الولايات المتحدة الامريكية بسحب منظومات الدفاع الجوي وبضمنها بطاريات صواريخ الباتريوت من السعودية والرياض بأمس الحاجة لها وتركت المملكة العربية السعودية تواجه وحدها الصواريخ والمسيرات اليمنية
وفي ٢٠١٩ تخلت واشنطن عن أكراد سوريا بعد ما كانو حلفاء للولايات المتحدة الامريكية في حرب داعش
وبمجرد إعلان تركيًا عملية عسكرية ضد قوات سوريا الديمقراطية سحبت إمريكا قواتها من الشريط الحدودي مع تركيًا في شمال سوريا وتركت الأكراد وحدهم بمواجهة الجيش التركي
وكذألك تخلى البيت الأبيض عن الأكراد في شمال العراق في عام ٢٠١٧
فقد قام اقليم كردستان بأجراء استفتاء من أجل الانفصال عن العراق
فقامت بغداد بعملية عسكرية محدودة استعادت من خلالها محافظة كركوك وأجهضت الحلم الكردي بالانفصال واميركا كعادتها تكتفي بالنظر فقط
وكذألك في ٢٠١٧ وبالتحديد الازمة الخليجية بين قطر من جهة والسعودية والأمارات والبحرين ومصر من جهة إخرى
ونتيجة لما جرى بينهم وتفاقم الأزمة الخليجية بدأت الرياض تخطط لغزو قطر بعملية عسكرية
ولم يحمي الدوحة الحليفة لواشنطن من الغزو السعودي إلا تركية حيث قامت أنقرة بأرسال ٣٠٠٠٠ جندي لمنع عملية الغزو وواشنطن تكتفي بالدعوة إلى الهدوء و التفاوض
وفي عام ٢٠١٤ عندما دخلت داعش إلى الأراضي العراقية مارست الولايات المتحدة الامريكية هوايتها المعهودة فتخلت عن بغداد كما تخلت عن اربيل وهذا بشهادة قادة اقليم كردستان ورفضت واشنطن تزويد الجيش العراقي بالسلاح اللازم ولولا فتوى المرجعية والحشد الشعبي والجمهورية الإسلامية الايرانيه لكان داعش وصل إلى العاصمة العراقية وكان ابو بكر البغدادي يحكم من القصر الرئاسي في قلب بغداد
وفي عام ٢٠٠٣ قام البيت الأبيض بالتخلي نهائيا عن صدام حسين بل اكثر من ذالك حيث شكلت امريكا تحالف عسكري ضم الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا ودول إخرى
وأسقطت نظام صدام حسين بعملية عسكرية بعد ما قدم طاغية العراق لأميركا ما لم يقدمه غيره وتركته يواجه مصيره ونيل جزاءه العادل بالإعدام شنقًا حتى الموت في عام ٢٠٠٥
بل اكثر من ذألك فقد قامت واشنطن بتسليمه للقوات العراقية من اجل تنفيذ حكم الاعدام به
وفي عام ١٩٩٠ و ١٩٩١ قامت واشنطن بتشجيع الطاغية صدام حسين لغزو الكويت
وبعد عملية الغزو الصدامي للكويت شنت الولايات المتحدة الامريكية مع حلفائها حربا همجية على العراق وارتكبت جرائم حرب بحق الجيش العراقي أثناء الانسحاب من الكويت
ثم فرضت على العراق حصارًا ظالم على مختلف المجالات وانتهاء هذا الحصار بغزو امريكي لبغداد عام ٢٠٠٣
وكل هذا الذي تقدم يدل على أن الولايات المتحدة الامريكية لا تقف مع حليفها او الدولة الصديقة لها وقت الشدة وخاصة في أوقات الحرب
والدليل اوكرانيا اليوم والعراق ب٢٠١٤
على العكس من غيرها من الدول
فهذه الصين مستعدة لتدخل الحرب إلى جانب الحليف الروسي إذا ما اقتضت الحاجة
وهذا ما فعلته طهران مع بغداد عندما دخلت داعش إلى الأراضي العراقية حيث أرسلت الجمهورية الاسلامية الايرانية خيرت القادة في الحرس الثوري ليتواجدوا على الساتر جنبا إلى جنب مع القوات العراقية
وكذألك هذا ما فعلته تركية مع قطر في الازمة الخليجية حيث قامت أنقرة بإرسال ٣٠٠٠٠ جندي للدوحة لمنع الغزو السعودي
واما الولايات المتحدة الامريكية فأنها لا تدخل حرب من اجل حليف أو صديق إلا للضرورة القصوى او هناك خطر أو تهديد يمس امريكا بشكلٍ مباشر
وما كان دون ذألك فتكتفي واشنطن بفرض العقوبات الاقتصادية وإرسال عملائها ليقاتلوا عوضا عنها كما هو الحال في أوكرانيًا اليوم
فهل سيتعض دول المنطقة من هذه الدروس ويختارون حليفًا صادق معهم في السلم والحرب ولا يعتمدون على إمريكا وحدها
نتمنى ذألك في القريب العاجل وأن كنا لا نتوقع ذألك .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى