أحدث الأخبارالإسلامية

التحديث الثوري ودور الإمام الحسين (ع) في تصحيح مفهومية الحكم الإسلامي

مجلة تحليلات العصر الدولية - منتصر الجلي

لا أجدُ للبداية لغة أو للحديث عيون تستسيغه “والعيون عبرى والصدور حرى” وابن رسول الله في لحظات الآن وأيامنا هذه صريعٌ مقتُول شهيدٌ يُذبح تحت راية الشيطان وباسم خلفية المؤمنين ورسول رب العالمين..

لك العزاء يا رسول الله ولك العزاء يا سيد الوصيين ولكم العزاء أهل بيت النبوه ومعدن الرسالة وأصفياء الوحي ، العزاء لشيعتكم ومحبِيكُم وقلوبٌ حميِّة ورؤوس أبية آثرة الحياة الأخرى على الدنيا الفانية.

في مثل هذه الأيام وفي العام61 للهجرة حدثت الفاجعة ووقعت الواقعة إذا النجوم طمست وإذا الصحف نشرت وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت؟

جرت الدولة الإسلامية على الوحي والرسول والإتباع، وعند رحيل الرسول واقتضى الله لقياه أحدث الاتباع الخرق ونبتت حمية الجاهلية الأولى من جديد ولكن هذه لمَّرةتحت عباءة الدولة الإسلامية من تؤمن بالله والرسول والكتاب واليوم الآخر والحساب والعودة والجنة والنار.

في نظرة للخلفيات والأسباب التي أدَّت الى أن يُقتل الإمام الحُسين سيَّد شباب الجنة صريعا وسط هجير كربلاء ومعه آل البيت النبوي، ومن رافقه من أصحابه ومن بايعه وأرتضاه إلى الجنة طريقا.

تكُن البوصلة قد اتجهت زمنياً الى أُسس الانقلاب داخل المجتمع المدني؛ فمثل ذلك الانقلاب أصحاب كانوا في نظره العامة والخاصة أطهار”
لم تطبق الأسس التي وضعهاالنبي للمجتمع الإسلامي بدأً من الولاية التي كانت في شخص الإمام علي عليه السلامكتعيين إلهي دستوري ثوابته تشهد بذلك، ولكن أقصي، ليقدم الطاغوت كورقة بديلة ليحكم بالمال والجنوح للشخصنة المادية والقربى من آل عبد شمس وأمية.

كانت الأحدوثة العجيبة التي عصفت بقالب الإسلام المحمدي الذي أرسى دعائمه رسول الله صلوات الله عليه وآله، أن تأقلم معها الكثير تحت مبررات فرضتها ثقافة السلطة الجديدة من ثقافة مبتدعة وقتل كل من ينتمي لعلي وآل بيته.
فالإمام الحسين عليه السلام جاء في عهد ملؤه المتغيرات والساحة ممهدة في صف الباطل خصوصا الشام والعراق ماعدا الأقلية .

كان الخُلفاء الثلاثة قد زرعوا بذرة كربلاء يوم أن تم تعيين_ معاويه ابن أبي سفيان _والياً على الشام ،هنا تحركت النفوذ الأموية خارج الذهن المدني والحسابات المستقبلية لأهل المدينة في ما سيحدثه معاوية الفاسق.
مع خلافة عُثمان وجنوح الظهر الأموي على الشام والقوة العسكرية الجديدة والثقافة التي تُربي على لعن الإمام علي أبو السبطين، على المنابر مهدت لطلائع أموية ليست في شخص بل في جزء كبير من الدولة الإسلامية هي الشام، ماتلاها من أحداث نخرت الوسط الإسلامي وأصبح الحُكم دويلة لعب بين يدي الصف الأموي.
ما إن جاء الإمام الحسين (ع) ليخرج على الفاجر يزيد ، وقد سَبِقت بوصلة التدجين تستميل ولاة الأمصار وعُباد الدِرهم والدينار.

كان النموذج العام للمجتمع الإسلامي في الأمصار أن اُتخذ من الأموية ديدنه تحت تأثير السيف والبعض المال والبعض المستقبل الموعود كملك الري.
هنا كيف يكون خروج الإمام السبط_ عليه السلام _وعلى أيٌّ سياسة محكمة يكون خروجه؟
لنجد أنه خروج ذات نظرة قرآنية مُحكمة لا توريث الحكم للفساق ، وأيضا من منطلق أن الإمام الحسين كان يمثل النموذج الراقي للحاكم العادل،
كذلك أن مُحكمة الكتاب للإمام علي وذريته بحكم يوم الولاية بغدير خم.

التدجين الذي خضعت له الأمة جعل من الروح الثورية والخروج على الظالم جانب لا واقعية له في نفوس الناس تحت تأثير القوة الأموية وسلاطين البلاط من علماء سوء..كانت المفاجأة التي أذهلت الجميع على مستويات الناس في الحجاز والمدينة والعراق مرتكزات الإمام العامة للخروج والتي استندها من المفهوم القرآني والنبوة والمركز الذي يمثله الإمام الحسين في الأمة كابن رسول الله وابن فاطمه الزهراء وعلي المرتضى وسليل آل هاشم الذين كانوا قبلة تهوي إليهم الأفئدة.

مثل خروجه صفعة مدويه وانزعاج كبير للنظام الطاغ في الشام ،لمعرفته المُقامات العليا للإمام وألتفاف الأمة حوله.
حدثت صحوة زائفة مثَّلت في الكُتب التي وصلت للإمام الى مكة يطلبه أهل الكوفة بالقدوم إليهم، حيث لم يفوا بذلك لعوامل ذكرناها سابقا من حيث _الطمع المادي _ الضغط الأموي _ ضعف الوعي.

تقع جريمة كربلاء و يستشهد الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه ويقع المقتُ على قاتليه.
لم تنته الواقعة بل ظلت آثارها على مستوى الأمة ذات متغيرات متنوعة متعددة الى اليوم بعد أن يهلك الطاغية يزيد.

تستيقظ الكثير من الضمائر الميتة ويحدث الشرخ في السلطة الأموية مع تعزيز واضح في الوعي لدى الناس والمجتمعات لتتجلى ملامح الحق من جديد في مسرح الأحداث تنتج عنه ثورات داخلية تنادي بالخروج على الباطل الأموي المتمثل في آل سفيان وإعادة الماء الى مجراه كما أراد الله.

من ذلك ثورة” التوابين والمختار الثقفي” في حين كان الأختلاف بين الثورتين في طبيعة الوعي والرؤية، إذ رأى التوابون عقيدتهم اللحاق بالإمام الحسين والشهادة وفاءاً للإمام الحسين وتكفيرا عن ذنب التفريط فيه ، ومحاربة قاتليه تحت مشروعية الشهادة فقد كان هدفا محوريته روحيا يتسم بالعشق للجنة والشهادة؛ على غرار ثورة” المختار بن عبيد الله الثقفي” التي كانت ثورة جهاد واستشهاد ومقارعة الظالمين والقصاص من قتلة الإمام الحسين.
مع ذلك فجوهرية الهدف تكمن في حرب الظالمين المتمثل في يزيد وآل مروان وأمية.

الإمام الحسين صحح مفهومية الحكم في الدور الإسلامي كرؤية عامة. للبشرية من منطلقات ثابتة بنصوصها كقولة لأهل مكة حين خرج إليها فيقول عليه السلام( أيها الناس، إن رسول الله قال : من رأى سلطانا جائرا ،مستحلا لحرم الله ،ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول الله يعمل في الناس بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل و لا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله) يشد الناس الى القيم والمبادئ بدلا من المال وشره الناس إليه.
وهكذا كانت ركائز القرآن هي منطلقات التغيير التي أستند عليها سبط رسول الله في تغيير جذرية الباطل الذي استساغه الناس منذ انحراف السقيفة الذي نتج عن أن يقتل ابن رسول الله صلى لله عليه وآله وسلم _ ويحكم الظالمين كما نراه اليوم والذي يحكم العالم الإسلامي يزيديون كثر أُمهم أمريكا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى