أحدث الأخبارشؤون آسيويةشؤون امريكية

التفاوض تحت وقع الحرب

مجلة تحليلات العصر الدولية - د. عماد فوزي شعيبي

حاول ‏كيسنجر أثناء المفاوضات مع الفيتناميين أن يجعلهم يوقفون القصف الشديد، لكن الفيتناميين كانوا يرفضون ، وهذا طبيعي. فالحرب امتداد للديبلوماسية وإن بوسائل أخرى. ‏وما تستطيع أن تاخذه بالتفاوض هو ما تمليه قوتك العسكرية وتضيفة للمفاوض.
‏في قواعد الجيل الرابع والخامس من الحروب يتم القصف التفاوضي على وقع الضغط الاقتصادي وتدمير العملات. إنه نوع جديد من الحروب التي تُضاف للفعل التفاوضيّ. فالاقتصاد والسياسة متلازمان.
أما أن تكون الحروب بالاقتصاد فهذا معروف سابقاً وكان البعض يمارسه بالحصار الجوي والبحري وأحياناً البرّي، لكن في جيل الحروب الجديدة يستعمل الأمريكيون طريقة جديدة وهي الدفع بالعملات نحو الانهيارات المتتالية وفي هذا نوع من أنواع الحروب الاقتصادية غير المتعيّن فيها المُسبّب الأساس، ويعتمدون في ذلك على امتصاص النقد الأجنبي وإخفاء العملات المحليّة وعلى التأثير على الاقتصادات الناشئة أو المستهدفة مسبقاً. فالاقتصادات التي تُحاصر أو تدمر منشاءآتها …لا تنتج، ما يعني تراجعات متتالية في قيمة عملاتها، فتأتي الحروب الجديدة للدخول على خطها والدفع بها نحو المزيد مستثمرةً كل الوسائل الممكنة. معتمدة على القانون الاقتصادي التالي:
الكتلة النقدية*سرعة التداول=
المؤشر الوسطي للأسعار*عدد وحدات السلع المُنتجة.
ونلاحظ منه أن العامل الموازن للأسعار من ناحية هو الإنتاج ومن ناحية أخرى الكتلة النقدية وسرعة التداول.
عموماً يبقى التفاوض تحت وقع القصف العسكري أو الاقتصاديّ أو قصف العملات بالتالي، من أصعب أنواع التفاوض ويحتاج إلى نفس طويل وإلى التمكّن وإلى أن يكون الطرف الذي يقع عليه هذا القصف [الجمهور] عارفاً.
‏التفاوض بوسائل الحلفاء:
ما يجري حاليا من حراك الروسي يستدعي التوقف ملياً. فروسيا تحاول أن تستبق الضغط الذي ستتعرض له بسبب عودة ‏الدولة العميقة الأمريكية للامساك بزمام الأمور في البيت الأبيض و اعتبارها أن موسكو وجهة أساسية للعداء بالإضافة إلى الصين. ‏ومن الطبيعي أن تختار الولايات المتحدة الأمريكية عدة مناطق لمنازلة الروس فيها. ‏لهذا اختارت الحراك السريع على الخط الإماراتي باعتباره البراغماتي، ولاقت تجاوباً، وتحرّكت علي الخط السعودي فكان تجاوباً متحفّظاً، لكن حجرة العثرة كانت قطر التي ستخرج بلا دور إن هي تجاوبت مع المساعي للتطبيع مع دمشق، وتركيا التي لها مطامع أبعد وتريد صفقة أدسم! أقلها تطبيع معها يفتح خطوط النقل الاقتصادي ويساعدها على الخروج من مأزقها الاقتصادي الضاغط، فهي أيضاً تتعرض لانهيارات في عملتها بنتيجة عوامل مختلفة منها ما تمارسه عليها الدولة العميقة الأمريكية، فضلاً عن أن أنقرة تريد حسم عدد من الملفات وعلى رأسها الملف الكردي.
بكل الأحوال لازالت المفاوضات [عبر الروسي] في بداياتها، والسؤال أين الأمريكيون منها، هل سيعرقلون بكسر العظم تحقيقاً لمعادلة خاسر/رابح/ أم سيعرقلون ويندرجون لاحقاً في صفقة رابح/رابح؟
سؤال ديناميكي ستجيب عنه المرحلة القادمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى