أحدث الأخبارشؤون آسيوية

التنِّين الصيني.. عملاق الاقتصاد العالمي بين الطموح والتحديات

مجلة تحليلات العصر الدولية - د. حسن أحمد سرور / مجلة يمن ثبات

غداة الحرب العالمية الثانية، برز في العالم معسكران:
المعسكر الأول بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ويشمل دول أوروبا الغربية.
ومثَّل هذا المعسكر النموذج الليبرالي اقتصاديًّا والديموقراطية نهجاً سياسيًّا في الحكم.
المعسكر الثاني كان بزعامة الاتحاد السوفيتي، ويشمل دول أوروبا الشرقية، حيث سادت في دول هذا المعسكر سلطة الحزب الواحد

غداة الحرب العالمية الثانية، برز في العالم معسكران:
المعسكر الأول بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ويشمل دول أوروبا الغربية.
ومثَّل هذا المعسكر النموذج الليبرالي اقتصاديًّا والديموقراطية نهجاً سياسيًّا في الحكم.
المعسكر الثاني كان بزعامة الاتحاد السوفيتي، ويشمل دول أوروبا الشرقية، حيث سادت في دول هذا المعسكر سلطة الحزب الواحد (الحزب الشيوعي)، والنهج الاشتراكي نموذجاً اقتصاديًّا، كما تبلورت مجموعة دول عدم الانحياز التي ضمت غالبية دول العالم الثالث، وشملت دولا ذات نماذج سياسية واقتصادية متباينة، وبقيت الصين خارج هذه المجموعات الثلاث حيث شكلت ظاهرة منعزلة ذات طابع شيوعي اشتراكي راديكالي وتحت سلطة الحزب الواحد.

إن الدول الصناعية المتقدمة بعد الحرب العالمية الثانية كانت محصورة بعدد قليل من دول العالم معظمها في غرب أوروبا بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا.

بعد نصف قرن على ذلك بدأ المشهد الاقتصادي في العالم بالتغير، فالعديد من الدول النامية بعد الحرب العالمية الثانية تحولت إلى مراكز صناعية مهمة، واستطاعت اللحاق بركب الدول المتقدمة الغربية من هذه الدول: اليابان، كوريا الجنوبية، تايوان، سنغافورة، وماليزيا، وغيرها..

لكن المعجزة الاقتصادية الأكبر هي التي حدثت في الصين بحيث إن ما حصل خلال العقود الأربعة المنصرمة يستحق عنوان الظاهرة الصينية بامتياز، حيث إن الصين استطاعت أن تنطلق من واقع اقتصادي سيئ جداً في نهاية سبعينيات القرن الماضي اقتصاد يعتمد على الزراعة بشكل كبير؛ لتصبح القوة الصناعية الأولى عالميًّا في الوقت الحالي، وبات يطلق على الصين حاليًّا «مصنع العالم».

كان متوسط دخل الفرد في الصين أوائل الثمانينيات من القرن العشرين، من الأدنى في العالم ولا يتجاوز (200$) وصل حاليًّا إلى حوالي (41000$)، وحجم المحلي الصيني كان أقل من (200 مليار $) أما حاليًّا فقد تجاوز (14000 مليار $) وهو الثاني عالميًّا بعد الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية بالأسعار الجارية، في حين أن حجم الناتج المحلي في الصين بالقوة الشرائية يعتبر الأكبر في العالم ويأتي قبل مثيله في الولايات المتحدة، ومن بعيد حين تجاوز حجم الناتج المحلي الصيني عام 2019م عتبة (27000 مليار $) بالقوة الشرائية، مقابل حوالي (22000 مليار $) للناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية.

إن التطور السريع الذي حققته الصين في كل المجالات الاقتصادية، وخصوصاً التقنيات الحديثة المتطورة يدفعنا إلى طرح العديد من التساؤلات حول هذه الظاهرة وكيفية تطورها وطموحاتها وأهدافها ومن هذه الأسئلة:

• كيف استطاعت الصين خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً من اللحاق بالدول الصناعية المتقدمة؟

• كيف استطاعت الصين الملاءمة والتوفيق بين النظام السياسي الشيوعي واقتصاد السوق؟

• هل يمكن لهذا النهج أن يشكل نموذجاً لدول العالم الثالث تحتذي به؟

• ما هي الأهداف والطموحات الصينية على مستوى الداخل والخارج؟

• هل يسعى الصين إلى قيادة العالم أو يتجه لقيادة مشتركة للعالم ثنائية أو متعددة؟

• ما هي أكبر وأهم التحديات التي تواجهها الصين حاليًّا ومستقبلاً؟

• ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الصين على مستوى العالم مستقبلاً؟

• وما هو موقع الصين في النظام العالمي الجديد؟

هذه الأسئلة وغيرها تطرح حول تجربة العملاق أو التنين الصيني كما يطلق عليه، والذي قلب كل الموازين والأفكار خلال أقل من أربعة عقود، وبات محور الأرض ومركزها الاقتصادي يتجه شرقاً بعد أكثر من قرنين ونصف من تمركزه في الدول الغربية.

إن أهمية الظاهرة الصينية تكمن في أنها من خارج المنظومة الديموقراطية الغربية نهجاً في الحكم، وخلاف النموذج الليبرالي الاقتصادي عقيدة.

فبالنسبة لنموذج الحكم في الصين، ما زال الحزب الشيوعي يشكل الحزب الوحيد الحاكم وهو الذي يمسك بمفاصل القرار السياسي في الصين، وبالنسبة للنهج الاقتصادي فبالرغم من اعتماد اقتصاد السوق والانفتاح على الخارج بشكل كبير إلَّا أن ملكية الدولة والقطاع العام وهيمنته على القطاعات الأساسية في الدولة لا تزال تشكل نسبة كبيرة من الاقتصاد الصيني، وهكذا نجد أن التجربة الصينية هي تجربة فريدة، ونحن أمام نظام مركَّب من نظام الحزب الواحد الحاكم إلى نهج اقتصادي فمختلف عن النظام الليبرالي المتحرر من كل القيود وبالوقت نفسه هذا النهج الاقتصادي لا يشبه الشيوعية!!

هل نحن أمام ظاهرة تلافي الأنظمة الاقتصادية؟ هل نحن أمام خيار ثالث وربما رابع؟!

حتى الأمس القريب كان يتم تدريس نموذجين اقتصاديين في العالم، النموذج الليبرالي واقتصاد السوق الغربي ورائدته الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يتم تقديس حرية الفرد في الاستثمار والتملك والذي غالباً ما يتعارض مع مصلحة الجماعة والمجتمع، والنموذج الاشتراكي والذي كانت رائدته الصين والاتحاد السوفيتي وغيرها من الدول الشرقية في أوروبا وكوبا وكوريا الشمالية، وفي هذا النموذج كانت ملكية وسائل الإنتاج محصورة بيد الدولة، والأولوية للجماعة على حساب الفرد ومبادرته وإبداعه وخصوصيته، وكان هذان النهجان على طرفي نقيض في تفسيرهم لمختلف الأمور المرتبطة بالاقتصاد وعلى رأسها مسألة رأس المال والعمل وغيرها.

تلك المرحلة لم يتطرق أحد إلى المذهب الاقتصادي الإسلامي الذي أعطى أولوية لمصلحة الجماعة دون إلغاء أو إهمال حق الفرد بالتملك والمبادرة والاستثمار، إن المذهب الاقتصادي الإسلامي يقوم على ملكية الدولة والقطاع العام وملكية الفرد كركنين أساسين ولتكون الدولة هي الحريصة على عدم تعارض وتصادم مصلحة الفرد مع مصالح المجتمع، كل ذلك في ظل اعتماد آليات اقتصاد السوق والانفتاح على الخارج.

نلاحظ هنا أن المزاوجة الصينية على مستوى النموذج الاقتصادي تقترب أكثر من المبادئ الأساسية للمذهب الاقتصادي الإسلامي، أم هي نتيجة تلاقي الأنظمة الاقتصادية الوضعية كما أسلفنا؟

وهل أن نظرية تلاقي الأنظمة الاقتصادية الوضعية بعيدة في جوهرها إذا استطاعت أن تؤمن العدالة الاجتماعية المنشودة عن المذهب الاقتصادي الإسلامي وجوهره؟

بالعودة إلى التطور السريع الذي حققته الصين على المستوى الاقتصادي.

تميزت الصين بالانزواء والانطواء طوال قرون كثيرة وما سور الصين العظيم إلَّا أحد الشواهد على هذه السياسة الانعزالية، وتميزت بعدم الاعتداء طوال هذه القرون.

حتى القرن التاسع عشر كان الاقتصاد الصيني يشكل أكبر اقتصاد في العالم لجهة حجمه ومساهمته في الاقتصاد العالمي الإجمالي، ما بين القرن الحادي عشر والقرن السادس عشر كان متوسط دخل الفرد في الصين هو الأعلى في العالم.

وفي الفترة نفسها شكل الاقتصاد الصيني حوالي %26 من حجم الاقتصاد العالمي مطلع القرن الحادي عشر وحوالي %29 نهاية القرن السادس عشر، وناهز ثلث الاقتصاد العالمي عام 1820م ليتراجع إلى %10 عام 1900م؛ وذلك بسبب المشاكل الداخلية والتدخلات الخارجية العديدة في القرن التاسع عشر، ومع استمرارية المشاكل الداخلية وصولاً إلى الاحتلال الياباني للصين عام 1937م وحرب التحرير والحرب الأهلية بعدها التي انتهت بانتصار الشيوعيين بزعامة (ماو تسي تونغ) واصل الاقتصاد الصيني تراجعه في الاقتصاد العالمي حتى وصل حدود %5 فقط عام 1950م.

هذه التدخلات والحروب المتتالية أدّت إلى تدمير الاقتصاد الصيني، وباتت الصين من أفقر دول العالم في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي وصولاً إلى نهاية عقد السبعينيات؛ إذ كان الاقتصاد الصيني يعتمد بشكل أساسي على القطاع الزراعي الذي كان يستوعب حوالي %70 من إجمالي القوى العاملة الصينية.

طوال عقود ثلاثة من نهاية أربعينيات حتى نهاية سبعينيات القرن الماضي بقي الاقتصاد الصيني اقتصاداً زراعيًّا متخلفاً، والمجتمع الصيني من أفقر دول العالم حتى بروز نجم(دنغ شياو بينغ) -حسب لفظه- عام 1978م بعد وفاة الزعيم الصيني (ماو تسي تونغ).

اعتمد (بنغ) سياسة الإصلاح السياسي والاقتصادي الشامل في ظل الحفاظ على حكم الحزب الواحد.

على المستوى السياسي تم إعطاء دفعة قوية للقيم الصينية القديمة المستوحاة من قيم وتعاليم ومبادئ (كونفوشيوس)، وتم ترسيخ الأخلاقيات في العمل السياسي والإداري، وتشديد العقوبات بحق المخالفين.

على المستوى الاقتصادي تم إعطاء أهمية للانفتاح الاقتصادي على المستويين الداخلي والخارجي، وذلك من خلال تخفيف القيود على القطاع الخاص وتشجيع الصادرات إلى الخارج، في هذا السياق تم اعتباراً من عام 1980م تحويل المزارع الجماعية إلى حيازات عائلية، والسماح بمشروعات خاصة، وتم العمل على تعزيز العلاقات مع المجتمع الدولي والانفتاح عليه، إذ تم إعطاء المصالح الاقتصادية وتعزيز العلاقات مع الخارج أولوية على حساب الأيديولوجيا والفكر، «إنها الليبرالية بنكهة صينية، والاشتراكية على الطريقة الصينية».

خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي تم التركيز على اعتماد اللامركزية الشاملة في البلاد، وتحفيز جذب الاستثمارات خصوصاً في مجال التقنيات المتقدمة، وقد تجاوزت الاستثمارات الأجنبية (50 ملياراً $) عام 1995م.

تم خلال هذين العقدين كذلك اعتماد سياسات تطوير أساليب الإنتاج والتوازن الزراعي –الصناعي والتكامل الصناعي بين الصناعات الثقيلة والصناعات الخفيفة.

وفي سياق سياسة تحفيز وجذب الاستثمارات تم افتتاح مناطق اقتصادية خاصة في جنوب الصين، وتم التركيز على تأسيس الشركات الصناعية الكبرى في البلاد، واستيعاب التقنيات المستوردة من الخارج وتطوير الأبحاث في الداخل.

تم ضمن سياسة الإصلاح خصخصة ما بين 30 إلى 40 ألف شركة اعتباراً من عام 1997م من أصل حوالي (126) ألف شركة في القطاع العام.

«إنها الاشتراكية المطعَّمة بالليبرالية»!

كانت الشركات الأمريكية هي الأكثر إقبالاً على الاستثمار في السوق الصينية نتيجة المزايا العديدة المرتبطة خصوصاً بتدني كلفة الإنتاج.

والسؤال الذي يُطرح: كيف سمحت الولايات المتحدة الأمريكية لهذه الشركات بالاستثمار في الصين ونقل التقنيات الحديثة؟

نعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية منتشية بما حققته في مواجهة الاتحاد السوفيتي، والاعتقاد أن كل المنظومة الاشتراكية في العالم ستسقط؛ لذلك حاولت استيعاب الإصلاحات والتغيرات التي تحصل في الصين أسوة بما حصل في الاتحاد السوفيتي وخصوصاً بعد أحداث (تيانانمن) في بكين عام 1987م.

استطاعت الصين خلال العقود الأربعة الماضية أن تتحول من دولة فقيرة إلى قوة اقتصادية ومالية عظمى، حيث سجلت متوسط نمو اقتصادي منذ عام 1978م حتى عام 2016م بحدود (%97)، وتعاظم حجم الناتج المحلي الصيني من (191.1 ملياراً $)عام 1980م إلى (1211 ملياراً $) خلال عقدين أي عام 2000 م، وعام 2010م بلغ حجم الناتج المحلي الصيني (6087 ملياراً $) أي: أكثر بخمس مرات مما كان عليه قبل عقد من الزمن، وعام 2017 م- أي: بعد سبع سنوات- وصل حجم الناتج المحلي في الصين إلى (12140 ملياراً $) وليبلغ عام 2019م حوالي (14217 ملياراً $).

إن هذا التطور وهذا النمو طوال فترة زمنية طويلة نسبياً دون انقطاع هو أمر نادر في تاريخ الأمم وفي تاريخ التنمية الاقتصادية غرباً وشرقاً.

بالمقارنة بين حجم الناتج المحلي الصيني والأمريكي نجد أن حجم الناتج الصيني لغاية عام 1990م لم يتجاوز (%6) من حجم الناتج المحلي للولايات المتحدة الأمريكية، وحوالي (%10) من الناتج المحلي لليابان، في عام 2010م بات حجم الاقتصاد الصيني أكبر من حجم الاقتصاد الياباني، وتجاوز (%40) من حجم الاقتصاد الأمريكي، وعام 2019م بات الناتج المحلي للصين بشكل أكثر من (70%) من حجم الناتج المحلي الأمريكي بالأسعار الجارية، وأكثر من ثلاثة أضعاف حجم الاقتصاد الياباني، علماً في هذا السياق -وكنا قد أشرنا إليه سابقاً- أن حجم الاقتصاد الصيني تخطى مثيله الأمريكي بالقوة الشرائية (PPA) منذ عام 2017م، وتجاوزه بكثير عام 2019م؛ ليبلغ حجم الناتج المحلي الصيني بالقوة الشرائية حوالي (27000 مليار $) مقابل (22000 مليار $) لمثيله الأمريكي.

هكذا خلال عقود أربعة من دولة هامشية على مستوى الاقتصاد العالمي باتت الصين لاعباً اقتصاديًّا أساسيًّا في العالم ومنافساً لاقتصادات الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، ومساهماً قويًّا في نمو الاقتصاد العالمي حيث بلغت هذه المساهمة حوالي (33%) في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

لقد ترسخت القوة الاقتصادية الصينية عبر العالم من خلال تعاظم صادراتها إلى مختلف القارات والدول، وعلى رأس هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي.

عام 1980م لم تتجاوز صادرات الصين (18 ملياراً$) قفزت إلى مئات المليارات نهاية التسعينيات، ووصلت إلى صدد (1200 مليار $) عام 2007 م، وعام 2018م قفزت إلى (2490 ملياراً $)، وباتت الصين تحتل المركز الأول عالميًّا لجهة الصادرات، والثاني عالميًّا لجهة الواردات بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وهكذا تعاظمت قوة الصين التجارية بالإضافة إلى تعاظم قوتها الاقتصادية، وبات تأثيرها على المستوى الدولي أكثر فاعلية وتأثيراً.

حققت الصين من خلال فوائضها التجارية الكبيرة احتياطات مالية باتت تناهز (3000 مليار$) بالإضافة إلى استثمارات في سندات الخزينة الأمريكية تفوق (1200 مليار $)، وهكذا أصبحت الصين قوة مالية لا يستهان بها.

إن كل هذه التغيرات انعكست على بيئة الاقتصاد الصيني، وباتت الزراعة تشكل حوالي (8.3%) من الناتج المحلي الإجمالي عام 2018م بعد أن كانت تهيمن على الاقتصاد الصيني عام 1980م، الصناعة بدورها شكلت ما نسبة (39.5%) من الناتج المحلي الإجمالي في الصين، أما حجم قطاع الخدمات في الاقتصاد الصيني، فقد بلغ (52.2%) ، وهكذا باتت بنية الاقتصاد الصيني أقرب إلى بيئة الاقتصادات في الدول المتقدمة، والمطلوب في المستقبل تعزيز دور قطاع الخدمات؛ ليتخطى عتبة (60%) من الناتج المحلي الإجمالي مع الانخفاض التدريجي لمساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي للصين.

لقد حصلت تحولات عديدة داخل المجتمع الصيني نتيجة التطور الاقتصادي الذي حصل، فمن الناحية الاقتصادية تم تحسين أوضاع حوالي (700) مليون عامل كانوا ضمن الطبقة الفقيرة جداً في الثمانينيات من القرن الماضي، وتراجعت البطالة إلى حدودها الدنيا في بلد يبلغ عدد سكانه حوالي (%20) من سكان العالم.

لقد نجحت الصين حيث فضل الاتحاد السوفيتي البقاء تحت سلطة الحزب الشيوعي الحاكم وتطوير الاقتصاد من خلال الانفتاح بما يخدم مصالح الصين.

إن النموذج الصيني في السياسة والاقتصاد حتى الآن نجح في تخطي التحديات التي تواجهه إن كان على مستوى الضغوط الأمريكية ومحاولة استغلال أي حدث يؤثر سلباً على الصين، فكلنا يتذكر أحداث (تيانانمن) الشهيرة عام 1987م، والأحداث التي حصلت في «هونغ كونغ» منذ أعوام والعام الماضي، والأقليات المسلمة وغيرها مما يمكن أن يؤثر على مسيرة الصين الصاعدة، كذلك على المستوى الاقتصادي تحاول أمريكا التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الصيني من خلال السياسات الحمائية التي اعتمدها الرئيس «ترامب» في وجه الصين، ورفع الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من الصين وذلك خلافاً لقوانين وأحكام منظمة التجارة العالمية التي انضمت إليها الصين عام 2001م.

نعتقد أن الكثير من التحديات قد تواجه الصين مستقبلاً؛ فالولايات المتحدة الأمريكية لن تسلم الراية بسهولة، وستعمل على خلق المتاعب بكل الأساليب أكان على المستوى السياسي أو على الصعيد الاقتصادي، إننا نعتقد أن موضوع الحريات كما وضع بعض الأقليات قد يشكلان تحديين كبيرين في المستقبل، وإن كان الأرجح أن يكون موضوع الحريات هو التحدي الأكبر في ظل التحريض الأمريكي وتوجيه الاتهامات نسبة لحقوق الإنسان وغيرها من الشعارات الأمريكية الفارغة؛ ذلك بهدف زعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الصين.

إن الصين بما حققته من الناحية الاقتصادية بالإضافة إلى العامل الديموغرافي والمساحة والقوة العسكرية التي تقدم ببنائها مرشحة وبقوة إلى أن تقود العالم في العقود المقبلة لكن حتى الآن لم يظهر أي بوادر اهتمام صيني بذلك، بل إن ما يبدو هو دعوة الصين إلى قيادة مشتركة مع الآخرين، إن الأهداف والطموحات الصينية كما يبدو حاليًّا تركز على الجوانب الاقتصادية والتجارية (الحزام والطريق) لتطوير التعاون والتبادل التجاري مع بقية دول العالم مع اعتماد سياسة المساعدات بشكل سخي في أفريقيا.

إننا نعتقد أن ما قامت به الصين من إنجازات عظيمة خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً قد يشكل دافعاً وأملاً لشعوب العالم الثالث للخروج من التخلف والفقر، وقد يشكل ذلك نموذجاً يحتذى خصوصاً أن النموذج الغربي الاستعماري بشقيه السياسي والاقتصادي لا يناسب العديد من الدول.

إن الرهان على النموذج الصيني بالمساعدات الذي يحترم سيادة الدول الأخرى واستقلالها، خلاف نموذج المساعدات الغربية التي تقدم على فرض الشروط القاسية والتدخل المباشر والضغوط المالية والاقتصادية وفرض شروط قبل تقديم أية مساعدة، قد يشكل هذا الرهان أملاً لدى الكثير من الدول للتخلص من تسلط العالم الغربي على مقدرات وخيرات دول وشعوب العالم الثالث.

إن النظام العالمي الجديد الذي يجب أن يكون للصين دور بارز في صياغته، وفي الإشراف عليه يجب أن يقوم على أنقاض النظام العالمي المتهالك المنبثق عن الحرب العالمية الثانية وموازين القوى التي أفرزتها تلك الحرب، والذي كرّس هيمنة وتسلط أمريكا على العالم من خلال هيمنتها وتسلطها على العديد من المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة في مجال السياسة وحقوق الإنسان والمال والنقد.

إن المطلوب هو نظام عالمي جديد يقوم على مبدأ احترام سيادة الدول وثقافتها وحقوقها، والمطلوب مزيد من التعاون والانفتاح بين الأمم في المجال التجاري ونقل التقنيات الحديثة من الدول الصناعية إلى الدول الفقيرة، واعتماد أكثر من عملة لمدفوعات الدولة وكسر احتكار الدولار..

إن العالم يتحرك ويتغير ويتطور، وبكل أسف العالم العربي خلال نصف قرن وأكثر لم يتغير فيه أي شيء لا على المستوى السياسي ولا على المستوى الاقتصادي، وتعمقت الهوة بين النظام الرسمي والطبقة السياسية والشعوب العربية، وازدادت المشاكل الاقتصادية والاجتماعية استفحالاً، وعلى رأسها البطالة والأمية.

نأمل أن تكون الظاهرة الصينية دافعاً ومحفزاً للعديد من الدول العربية؛ لتسير في ركب التغيير والاستفادة من إنجازات العصر وتطور التقنيات، إننا بحاجة إلى عملية تغيير داخلي يطال بنية المجتمع العربي وبنيته ونظمه السياسية وبناه الاقتصادية القائمة حتى الآن على الريعية والاعتماد على الخارج في مجال الأمن الغذائي المفقود أو مجال السلع الصناعية والآلات والتجهيزات الإنتاجية إلى اقتصاد إنتاجي من خلال قرارات وطنية نابعة من مصلحة المجتمعات العربية وشعوبها.

ختاماً نأمل في هذه العجالة أن نكون قد نجحنا ولو بالقليل من الإضاءة على التجربة الصينية والنقاط المضيئة فيها، وأن يكون لنا فيها كعالم عربي نموذج يمكن تقليده واعتماده خصوصاً أن معظم الدول العربية تدين بالحكم والسلطة لحزب حاكم أو لعائلة حاكمة، وذلك يشبه إلى حد بعيد نظام الحكم القائم في الصين على الحزب الشيوعي الصيني مع الفروقات الاجتماعية والموضوعية التي يجب أخذها بعين الاعتبار، وإذا كان النموذج الاقتصادي الصيني قام على مبدأ تلافي الأنظمة الاقتصادية، فنحن لدنيا بالمذهب الاقتصادي الإسلامي خير مرشد وخير نظام وخيرنموذج ونهج.

نسبة ماهية الاقتصاد الصيني إلى الاقتصاد العالمي 1000 – 1950م

%33
1820

%29
1600

%26
1000

%25
1500

%10
1900

%5
1950

 

 

مقارنة بين الناتج المحلي: الصيني والولايات المتحدة واليابان

1980 – 2020 مليار $

السنة

1980

1990

2000

2010

2017

2019

2020

الولايات المتحدة

2857

5963

10250

14990

19490

21345

الصين

191.1

360.9

1211

6083

12140

14217

*14360

اليابان

1055

3133

4888

5700

4860

* توقعات أولية/ الجدول من إعداد الباحث

الأرقام من بيانات وتقديرات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

(الحزب الشيوعي)، والنهج الاشتراكي نموذجاً اقتصاديًّا، كما تبلورت مجموعة دول عدم الانحياز التي ضمت غالبية دول العالم الثالث، وشملت دولا ذات نماذج سياسية واقتصادية متباينة، وبقيت الصين خارج هذه المجموعات الثلاث حيث شكلت ظاهرة منعزلة ذات طابع شيوعي اشتراكي راديكالي وتحت سلطة الحزب الواحد.

إن الدول الصناعية المتقدمة بعد الحرب العالمية الثانية كانت محصورة بعدد قليل من دول العالم معظمها في غرب أوروبا بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا.

بعد نصف قرن على ذلك بدأ المشهد الاقتصادي في العالم بالتغير، فالعديد من الدول النامية بعد الحرب العالمية الثانية تحولت إلى مراكز صناعية مهمة، واستطاعت اللحاق بركب الدول المتقدمة الغربية من هذه الدول: اليابان، كوريا الجنوبية، تايوان، سنغافورة، وماليزيا، وغيرها..

لكن المعجزة الاقتصادية الأكبر هي التي حدثت في الصين بحيث إن ما حصل خلال العقود الأربعة المنصرمة يستحق عنوان الظاهرة الصينية بامتياز، حيث إن الصين استطاعت أن تنطلق من واقع اقتصادي سيئ جداً في نهاية سبعينيات القرن الماضي اقتصاد يعتمد على الزراعة بشكل كبير؛ لتصبح القوة الصناعية الأولى عالميًّا في الوقت الحالي، وبات يطلق على الصين حاليًّا «مصنع العالم».

كان متوسط دخل الفرد في الصين أوائل الثمانينيات من القرن العشرين، من الأدنى في العالم ولا يتجاوز (200$) وصل حاليًّا إلى حوالي (41000$)، وحجم المحلي الصيني كان أقل من (200 مليار $) أما حاليًّا فقد تجاوز (14000 مليار $) وهو الثاني عالميًّا بعد الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية بالأسعار الجارية، في حين أن حجم الناتج المحلي في الصين بالقوة الشرائية يعتبر الأكبر في العالم ويأتي قبل مثيله في الولايات المتحدة، ومن بعيد حين تجاوز حجم الناتج المحلي الصيني عام 2019م عتبة (27000 مليار $) بالقوة الشرائية، مقابل حوالي (22000 مليار $) للناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية.

إن التطور السريع الذي حققته الصين في كل المجالات الاقتصادية، وخصوصاً التقنيات الحديثة المتطورة يدفعنا إلى طرح العديد من التساؤلات حول هذه الظاهرة وكيفية تطورها وطموحاتها وأهدافها ومن هذه الأسئلة:

• كيف استطاعت الصين خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً من اللحاق بالدول الصناعية المتقدمة؟

• كيف استطاعت الصين الملاءمة والتوفيق بين النظام السياسي الشيوعي واقتصاد السوق؟

• هل يمكن لهذا النهج أن يشكل نموذجاً لدول العالم الثالث تحتذي به؟

• ما هي الأهداف والطموحات الصينية على مستوى الداخل والخارج؟

• هل يسعى الصين إلى قيادة العالم أو يتجه لقيادة مشتركة للعالم ثنائية أو متعددة؟

• ما هي أكبر وأهم التحديات التي تواجهها الصين حاليًّا ومستقبلاً؟

• ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الصين على مستوى العالم مستقبلاً؟

• وما هو موقع الصين في النظام العالمي الجديد؟

هذه الأسئلة وغيرها تطرح حول تجربة العملاق أو التنين الصيني كما يطلق عليه، والذي قلب كل الموازين والأفكار خلال أقل من أربعة عقود، وبات محور الأرض ومركزها الاقتصادي يتجه شرقاً بعد أكثر من قرنين ونصف من تمركزه في الدول الغربية.

إن أهمية الظاهرة الصينية تكمن في أنها من خارج المنظومة الديموقراطية الغربية نهجاً في الحكم، وخلاف النموذج الليبرالي الاقتصادي عقيدة.

فبالنسبة لنموذج الحكم في الصين، ما زال الحزب الشيوعي يشكل الحزب الوحيد الحاكم وهو الذي يمسك بمفاصل القرار السياسي في الصين، وبالنسبة للنهج الاقتصادي فبالرغم من اعتماد اقتصاد السوق والانفتاح على الخارج بشكل كبير إلَّا أن ملكية الدولة والقطاع العام وهيمنته على القطاعات الأساسية في الدولة لا تزال تشكل نسبة كبيرة من الاقتصاد الصيني، وهكذا نجد أن التجربة الصينية هي تجربة فريدة، ونحن أمام نظام مركَّب من نظام الحزب الواحد الحاكم إلى نهج اقتصادي فمختلف عن النظام الليبرالي المتحرر من كل القيود وبالوقت نفسه هذا النهج الاقتصادي لا يشبه الشيوعية!!

هل نحن أمام ظاهرة تلافي الأنظمة الاقتصادية؟ هل نحن أمام خيار ثالث وربما رابع؟!

حتى الأمس القريب كان يتم تدريس نموذجين اقتصاديين في العالم، النموذج الليبرالي واقتصاد السوق الغربي ورائدته الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يتم تقديس حرية الفرد في الاستثمار والتملك والذي غالباً ما يتعارض مع مصلحة الجماعة والمجتمع، والنموذج الاشتراكي والذي كانت رائدته الصين والاتحاد السوفيتي وغيرها من الدول الشرقية في أوروبا وكوبا وكوريا الشمالية، وفي هذا النموذج كانت ملكية وسائل الإنتاج محصورة بيد الدولة، والأولوية للجماعة على حساب الفرد ومبادرته وإبداعه وخصوصيته، وكان هذان النهجان على طرفي نقيض في تفسيرهم لمختلف الأمور المرتبطة بالاقتصاد وعلى رأسها مسألة رأس المال والعمل وغيرها.

تلك المرحلة لم يتطرق أحد إلى المذهب الاقتصادي الإسلامي الذي أعطى أولوية لمصلحة الجماعة دون إلغاء أو إهمال حق الفرد بالتملك والمبادرة والاستثمار، إن المذهب الاقتصادي الإسلامي يقوم على ملكية الدولة والقطاع العام وملكية الفرد كركنين أساسين ولتكون الدولة هي الحريصة على عدم تعارض وتصادم مصلحة الفرد مع مصالح المجتمع، كل ذلك في ظل اعتماد آليات اقتصاد السوق والانفتاح على الخارج.

نلاحظ هنا أن المزاوجة الصينية على مستوى النموذج الاقتصادي تقترب أكثر من المبادئ الأساسية للمذهب الاقتصادي الإسلامي، أم هي نتيجة تلاقي الأنظمة الاقتصادية الوضعية كما أسلفنا؟

وهل أن نظرية تلاقي الأنظمة الاقتصادية الوضعية بعيدة في جوهرها إذا استطاعت أن تؤمن العدالة الاجتماعية المنشودة عن المذهب الاقتصادي الإسلامي وجوهره؟

بالعودة إلى التطور السريع الذي حققته الصين على المستوى الاقتصادي.

تميزت الصين بالانزواء والانطواء طوال قرون كثيرة وما سور الصين العظيم إلَّا أحد الشواهد على هذه السياسة الانعزالية، وتميزت بعدم الاعتداء طوال هذه القرون.

حتى القرن التاسع عشر كان الاقتصاد الصيني يشكل أكبر اقتصاد في العالم لجهة حجمه ومساهمته في الاقتصاد العالمي الإجمالي، ما بين القرن الحادي عشر والقرن السادس عشر كان متوسط دخل الفرد في الصين هو الأعلى في العالم.

وفي الفترة نفسها شكل الاقتصاد الصيني حوالي %26 من حجم الاقتصاد العالمي مطلع القرن الحادي عشر وحوالي %29 نهاية القرن السادس عشر، وناهز ثلث الاقتصاد العالمي عام 1820م ليتراجع إلى %10 عام 1900م؛ وذلك بسبب المشاكل الداخلية والتدخلات الخارجية العديدة في القرن التاسع عشر، ومع استمرارية المشاكل الداخلية وصولاً إلى الاحتلال الياباني للصين عام 1937م وحرب التحرير والحرب الأهلية بعدها التي انتهت بانتصار الشيوعيين بزعامة (ماو تسي تونغ) واصل الاقتصاد الصيني تراجعه في الاقتصاد العالمي حتى وصل حدود %5 فقط عام 1950م.

هذه التدخلات والحروب المتتالية أدّت إلى تدمير الاقتصاد الصيني، وباتت الصين من أفقر دول العالم في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي وصولاً إلى نهاية عقد السبعينيات؛ إذ كان الاقتصاد الصيني يعتمد بشكل أساسي على القطاع الزراعي الذي كان يستوعب حوالي %70 من إجمالي القوى العاملة الصينية.

طوال عقود ثلاثة من نهاية أربعينيات حتى نهاية سبعينيات القرن الماضي بقي الاقتصاد الصيني اقتصاداً زراعيًّا متخلفاً، والمجتمع الصيني من أفقر دول العالم حتى بروز نجم(دنغ شياو بينغ) -حسب لفظه- عام 1978م بعد وفاة الزعيم الصيني (ماو تسي تونغ).

اعتمد (بنغ) سياسة الإصلاح السياسي والاقتصادي الشامل في ظل الحفاظ على حكم الحزب الواحد.

على المستوى السياسي تم إعطاء دفعة قوية للقيم الصينية القديمة المستوحاة من قيم وتعاليم ومبادئ (كونفوشيوس)، وتم ترسيخ الأخلاقيات في العمل السياسي والإداري، وتشديد العقوبات بحق المخالفين.

على المستوى الاقتصادي تم إعطاء أهمية للانفتاح الاقتصادي على المستويين الداخلي والخارجي، وذلك من خلال تخفيف القيود على القطاع الخاص وتشجيع الصادرات إلى الخارج، في هذا السياق تم اعتباراً من عام 1980م تحويل المزارع الجماعية إلى حيازات عائلية، والسماح بمشروعات خاصة، وتم العمل على تعزيز العلاقات مع المجتمع الدولي والانفتاح عليه، إذ تم إعطاء المصالح الاقتصادية وتعزيز العلاقات مع الخارج أولوية على حساب الأيديولوجيا والفكر، «إنها الليبرالية بنكهة صينية، والاشتراكية على الطريقة الصينية».

خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي تم التركيز على اعتماد اللامركزية الشاملة في البلاد، وتحفيز جذب الاستثمارات خصوصاً في مجال التقنيات المتقدمة، وقد تجاوزت الاستثمارات الأجنبية (50 ملياراً $) عام 1995م.

تم خلال هذين العقدين كذلك اعتماد سياسات تطوير أساليب الإنتاج والتوازن الزراعي –الصناعي والتكامل الصناعي بين الصناعات الثقيلة والصناعات الخفيفة.

وفي سياق سياسة تحفيز وجذب الاستثمارات تم افتتاح مناطق اقتصادية خاصة في جنوب الصين، وتم التركيز على تأسيس الشركات الصناعية الكبرى في البلاد، واستيعاب التقنيات المستوردة من الخارج وتطوير الأبحاث في الداخل.

تم ضمن سياسة الإصلاح خصخصة ما بين 30 إلى 40 ألف شركة اعتباراً من عام 1997م من أصل حوالي (126) ألف شركة في القطاع العام.

«إنها الاشتراكية المطعَّمة بالليبرالية»!

كانت الشركات الأمريكية هي الأكثر إقبالاً على الاستثمار في السوق الصينية نتيجة المزايا العديدة المرتبطة خصوصاً بتدني كلفة الإنتاج.

والسؤال الذي يُطرح: كيف سمحت الولايات المتحدة الأمريكية لهذه الشركات بالاستثمار في الصين ونقل التقنيات الحديثة؟

نعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية منتشية بما حققته في مواجهة الاتحاد السوفيتي، والاعتقاد أن كل المنظومة الاشتراكية في العالم ستسقط؛ لذلك حاولت استيعاب الإصلاحات والتغيرات التي تحصل في الصين أسوة بما حصل في الاتحاد السوفيتي وخصوصاً بعد أحداث (تيانانمن) في بكين عام 1987م.

استطاعت الصين خلال العقود الأربعة الماضية أن تتحول من دولة فقيرة إلى قوة اقتصادية ومالية عظمى، حيث سجلت متوسط نمو اقتصادي منذ عام 1978م حتى عام 2016م بحدود (%97)، وتعاظم حجم الناتج المحلي الصيني من (191.1 ملياراً $)عام 1980م إلى (1211 ملياراً $) خلال عقدين أي عام 2000 م، وعام 2010م بلغ حجم الناتج المحلي الصيني (6087 ملياراً $) أي: أكثر بخمس مرات مما كان عليه قبل عقد من الزمن، وعام 2017 م- أي: بعد سبع سنوات- وصل حجم الناتج المحلي في الصين إلى (12140 ملياراً $) وليبلغ عام 2019م حوالي (14217 ملياراً $).

إن هذا التطور وهذا النمو طوال فترة زمنية طويلة نسبياً دون انقطاع هو أمر نادر في تاريخ الأمم وفي تاريخ التنمية الاقتصادية غرباً وشرقاً.

بالمقارنة بين حجم الناتج المحلي الصيني والأمريكي نجد أن حجم الناتج الصيني لغاية عام 1990م لم يتجاوز (%6) من حجم الناتج المحلي للولايات المتحدة الأمريكية، وحوالي (%10) من الناتج المحلي لليابان، في عام 2010م بات حجم الاقتصاد الصيني أكبر من حجم الاقتصاد الياباني، وتجاوز (%40) من حجم الاقتصاد الأمريكي، وعام 2019م بات الناتج المحلي للصين بشكل أكثر من (70%) من حجم الناتج المحلي الأمريكي بالأسعار الجارية، وأكثر من ثلاثة أضعاف حجم الاقتصاد الياباني، علماً في هذا السياق -وكنا قد أشرنا إليه سابقاً- أن حجم الاقتصاد الصيني تخطى مثيله الأمريكي بالقوة الشرائية (PPA) منذ عام 2017م، وتجاوزه بكثير عام 2019م؛ ليبلغ حجم الناتج المحلي الصيني بالقوة الشرائية حوالي (27000 مليار $) مقابل (22000 مليار $) لمثيله الأمريكي.

هكذا خلال عقود أربعة من دولة هامشية على مستوى الاقتصاد العالمي باتت الصين لاعباً اقتصاديًّا أساسيًّا في العالم ومنافساً لاقتصادات الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، ومساهماً قويًّا في نمو الاقتصاد العالمي حيث بلغت هذه المساهمة حوالي (33%) في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

لقد ترسخت القوة الاقتصادية الصينية عبر العالم من خلال تعاظم صادراتها إلى مختلف القارات والدول، وعلى رأس هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي.

عام 1980م لم تتجاوز صادرات الصين (18 ملياراً$) قفزت إلى مئات المليارات نهاية التسعينيات، ووصلت إلى صدد (1200 مليار $) عام 2007 م، وعام 2018م قفزت إلى (2490 ملياراً $)، وباتت الصين تحتل المركز الأول عالميًّا لجهة الصادرات، والثاني عالميًّا لجهة الواردات بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وهكذا تعاظمت قوة الصين التجارية بالإضافة إلى تعاظم قوتها الاقتصادية، وبات تأثيرها على المستوى الدولي أكثر فاعلية وتأثيراً.

حققت الصين من خلال فوائضها التجارية الكبيرة احتياطات مالية باتت تناهز (3000 مليار$) بالإضافة إلى استثمارات في سندات الخزينة الأمريكية تفوق (1200 مليار $)، وهكذا أصبحت الصين قوة مالية لا يستهان بها.

إن كل هذه التغيرات انعكست على بيئة الاقتصاد الصيني، وباتت الزراعة تشكل حوالي (8.3%) من الناتج المحلي الإجمالي عام 2018م بعد أن كانت تهيمن على الاقتصاد الصيني عام 1980م، الصناعة بدورها شكلت ما نسبة (39.5%) من الناتج المحلي الإجمالي في الصين، أما حجم قطاع الخدمات في الاقتصاد الصيني، فقد بلغ (52.2%) ، وهكذا باتت بنية الاقتصاد الصيني أقرب إلى بيئة الاقتصادات في الدول المتقدمة، والمطلوب في المستقبل تعزيز دور قطاع الخدمات؛ ليتخطى عتبة (60%) من الناتج المحلي الإجمالي مع الانخفاض التدريجي لمساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي للصين.

لقد حصلت تحولات عديدة داخل المجتمع الصيني نتيجة التطور الاقتصادي الذي حصل، فمن الناحية الاقتصادية تم تحسين أوضاع حوالي (700) مليون عامل كانوا ضمن الطبقة الفقيرة جداً في الثمانينيات من القرن الماضي، وتراجعت البطالة إلى حدودها الدنيا في بلد يبلغ عدد سكانه حوالي (%20) من سكان العالم.

لقد نجحت الصين حيث فضل الاتحاد السوفيتي البقاء تحت سلطة الحزب الشيوعي الحاكم وتطوير الاقتصاد من خلال الانفتاح بما يخدم مصالح الصين.

إن النموذج الصيني في السياسة والاقتصاد حتى الآن نجح في تخطي التحديات التي تواجهه إن كان على مستوى الضغوط الأمريكية ومحاولة استغلال أي حدث يؤثر سلباً على الصين، فكلنا يتذكر أحداث (تيانانمن) الشهيرة عام 1987م، والأحداث التي حصلت في «هونغ كونغ» منذ أعوام والعام الماضي، والأقليات المسلمة وغيرها مما يمكن أن يؤثر على مسيرة الصين الصاعدة، كذلك على المستوى الاقتصادي تحاول أمريكا التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الصيني من خلال السياسات الحمائية التي اعتمدها الرئيس «ترامب» في وجه الصين، ورفع الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من الصين وذلك خلافاً لقوانين وأحكام منظمة التجارة العالمية التي انضمت إليها الصين عام 2001م.

نعتقد أن الكثير من التحديات قد تواجه الصين مستقبلاً؛ فالولايات المتحدة الأمريكية لن تسلم الراية بسهولة، وستعمل على خلق المتاعب بكل الأساليب أكان على المستوى السياسي أو على الصعيد الاقتصادي، إننا نعتقد أن موضوع الحريات كما وضع بعض الأقليات قد يشكلان تحديين كبيرين في المستقبل، وإن كان الأرجح أن يكون موضوع الحريات هو التحدي الأكبر في ظل التحريض الأمريكي وتوجيه الاتهامات نسبة لحقوق الإنسان وغيرها من الشعارات الأمريكية الفارغة؛ ذلك بهدف زعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الصين.

إن الصين بما حققته من الناحية الاقتصادية بالإضافة إلى العامل الديموغرافي والمساحة والقوة العسكرية التي تقدم ببنائها مرشحة وبقوة إلى أن تقود العالم في العقود المقبلة لكن حتى الآن لم يظهر أي بوادر اهتمام صيني بذلك، بل إن ما يبدو هو دعوة الصين إلى قيادة مشتركة مع الآخرين، إن الأهداف والطموحات الصينية كما يبدو حاليًّا تركز على الجوانب الاقتصادية والتجارية (الحزام والطريق) لتطوير التعاون والتبادل التجاري مع بقية دول العالم مع اعتماد سياسة المساعدات بشكل سخي في أفريقيا.

إننا نعتقد أن ما قامت به الصين من إنجازات عظيمة خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً قد يشكل دافعاً وأملاً لشعوب العالم الثالث للخروج من التخلف والفقر، وقد يشكل ذلك نموذجاً يحتذى خصوصاً أن النموذج الغربي الاستعماري بشقيه السياسي والاقتصادي لا يناسب العديد من الدول.

إن الرهان على النموذج الصيني بالمساعدات الذي يحترم سيادة الدول الأخرى واستقلالها، خلاف نموذج المساعدات الغربية التي تقدم على فرض الشروط القاسية والتدخل المباشر والضغوط المالية والاقتصادية وفرض شروط قبل تقديم أية مساعدة، قد يشكل هذا الرهان أملاً لدى الكثير من الدول للتخلص من تسلط العالم الغربي على مقدرات وخيرات دول وشعوب العالم الثالث.

إن النظام العالمي الجديد الذي يجب أن يكون للصين دور بارز في صياغته، وفي الإشراف عليه يجب أن يقوم على أنقاض النظام العالمي المتهالك المنبثق عن الحرب العالمية الثانية وموازين القوى التي أفرزتها تلك الحرب، والذي كرّس هيمنة وتسلط أمريكا على العالم من خلال هيمنتها وتسلطها على العديد من المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة في مجال السياسة وحقوق الإنسان والمال والنقد.

إن المطلوب هو نظام عالمي جديد يقوم على مبدأ احترام سيادة الدول وثقافتها وحقوقها، والمطلوب مزيد من التعاون والانفتاح بين الأمم في المجال التجاري ونقل التقنيات الحديثة من الدول الصناعية إلى الدول الفقيرة، واعتماد أكثر من عملة لمدفوعات الدولة وكسر احتكار الدولار..

إن العالم يتحرك ويتغير ويتطور، وبكل أسف العالم العربي خلال نصف قرن وأكثر لم يتغير فيه أي شيء لا على المستوى السياسي ولا على المستوى الاقتصادي، وتعمقت الهوة بين النظام الرسمي والطبقة السياسية والشعوب العربية، وازدادت المشاكل الاقتصادية والاجتماعية استفحالاً، وعلى رأسها البطالة والأمية.

نأمل أن تكون الظاهرة الصينية دافعاً ومحفزاً للعديد من الدول العربية؛ لتسير في ركب التغيير والاستفادة من إنجازات العصر وتطور التقنيات، إننا بحاجة إلى عملية تغيير داخلي يطال بنية المجتمع العربي وبنيته ونظمه السياسية وبناه الاقتصادية القائمة حتى الآن على الريعية والاعتماد على الخارج في مجال الأمن الغذائي المفقود أو مجال السلع الصناعية والآلات والتجهيزات الإنتاجية إلى اقتصاد إنتاجي من خلال قرارات وطنية نابعة من مصلحة المجتمعات العربية وشعوبها.

ختاماً نأمل في هذه العجالة أن نكون قد نجحنا ولو بالقليل من الإضاءة على التجربة الصينية والنقاط المضيئة فيها، وأن يكون لنا فيها كعالم عربي نموذج يمكن تقليده واعتماده خصوصاً أن معظم الدول العربية تدين بالحكم والسلطة لحزب حاكم أو لعائلة حاكمة، وذلك يشبه إلى حد بعيد نظام الحكم القائم في الصين على الحزب الشيوعي الصيني مع الفروقات الاجتماعية والموضوعية التي يجب أخذها بعين الاعتبار، وإذا كان النموذج الاقتصادي الصيني قام على مبدأ تلافي الأنظمة الاقتصادية، فنحن لدنيا بالمذهب الاقتصادي الإسلامي خير مرشد وخير نظام وخيرنموذج ونهج.

نسبة ماهية الاقتصاد الصيني إلى الاقتصاد العالمي 1000 – 1950م

%33
1820

%29
1600

%26
1000

%25
1500

%10
1900

%5
1950

 

 

مقارنة بين الناتج المحلي: الصيني والولايات المتحدة واليابان

1980 – 2020 مليار $

السنة

1980

1990

2000

2010

2017

2019

2020

الولايات المتحدة

2857

5963

10250

14990

19490

21345

الصين

191.1

360.9

1211

6083

12140

14217

*14360

اليابان

1055

3133

4888

5700

4860

* توقعات أولية/ الجدول من إعداد الباحث

الأرقام من بيانات وتقديرات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

غداة الحرب العالمية الثانية، برز في العالم معسكران:
المعسكر الأول بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ويشمل دول أوروبا الغربية.
ومثَّل هذا المعسكر النموذج الليبرالي اقتصاديًّا والديموقراطية نهجاً سياسيًّا في الحكم.
المعسكر الثاني كان بزعامة الاتحاد السوفيتي، ويشمل دول أوروبا الشرقية، حيث سادت في دول هذا المعسكر سلطة الحزب الواحد (الحزب الشيوعي)، والنهج الاشتراكي نموذجاً اقتصاديًّا، كما تبلورت مجموعة دول عدم الانحياز التي ضمت غالبية دول العالم الثالث، وشملت دولا ذات نماذج سياسية واقتصادية متباينة، وبقيت الصين خارج هذه المجموعات الثلاث حيث شكلت ظاهرة منعزلة ذات طابع شيوعي اشتراكي راديكالي وتحت سلطة الحزب الواحد.

إن الدول الصناعية المتقدمة بعد الحرب العالمية الثانية كانت محصورة بعدد قليل من دول العالم معظمها في غرب أوروبا بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا.

بعد نصف قرن على ذلك بدأ المشهد الاقتصادي في العالم بالتغير، فالعديد من الدول النامية بعد الحرب العالمية الثانية تحولت إلى مراكز صناعية مهمة، واستطاعت اللحاق بركب الدول المتقدمة الغربية من هذه الدول: اليابان، كوريا الجنوبية، تايوان، سنغافورة، وماليزيا، وغيرها..

لكن المعجزة الاقتصادية الأكبر هي التي حدثت في الصين بحيث إن ما حصل خلال العقود الأربعة المنصرمة يستحق عنوان الظاهرة الصينية بامتياز، حيث إن الصين استطاعت أن تنطلق من واقع اقتصادي سيئ جداً في نهاية سبعينيات القرن الماضي اقتصاد يعتمد على الزراعة بشكل كبير؛ لتصبح القوة الصناعية الأولى عالميًّا في الوقت الحالي، وبات يطلق على الصين حاليًّا «مصنع العالم».

كان متوسط دخل الفرد في الصين أوائل الثمانينيات من القرن العشرين، من الأدنى في العالم ولا يتجاوز (200$) وصل حاليًّا إلى حوالي (41000$)، وحجم المحلي الصيني كان أقل من (200 مليار $) أما حاليًّا فقد تجاوز (14000 مليار $) وهو الثاني عالميًّا بعد الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية بالأسعار الجارية، في حين أن حجم الناتج المحلي في الصين بالقوة الشرائية يعتبر الأكبر في العالم ويأتي قبل مثيله في الولايات المتحدة، ومن بعيد حين تجاوز حجم الناتج المحلي الصيني عام 2019م عتبة (27000 مليار $) بالقوة الشرائية، مقابل حوالي (22000 مليار $) للناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية.

إن التطور السريع الذي حققته الصين في كل المجالات الاقتصادية، وخصوصاً التقنيات الحديثة المتطورة يدفعنا إلى طرح العديد من التساؤلات حول هذه الظاهرة وكيفية تطورها وطموحاتها وأهدافها ومن هذه الأسئلة:

• كيف استطاعت الصين خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً من اللحاق بالدول الصناعية المتقدمة؟

• كيف استطاعت الصين الملاءمة والتوفيق بين النظام السياسي الشيوعي واقتصاد السوق؟

• هل يمكن لهذا النهج أن يشكل نموذجاً لدول العالم الثالث تحتذي به؟

• ما هي الأهداف والطموحات الصينية على مستوى الداخل والخارج؟

• هل يسعى الصين إلى قيادة العالم أو يتجه لقيادة مشتركة للعالم ثنائية أو متعددة؟

• ما هي أكبر وأهم التحديات التي تواجهها الصين حاليًّا ومستقبلاً؟

• ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الصين على مستوى العالم مستقبلاً؟

• وما هو موقع الصين في النظام العالمي الجديد؟

هذه الأسئلة وغيرها تطرح حول تجربة العملاق أو التنين الصيني كما يطلق عليه، والذي قلب كل الموازين والأفكار خلال أقل من أربعة عقود، وبات محور الأرض ومركزها الاقتصادي يتجه شرقاً بعد أكثر من قرنين ونصف من تمركزه في الدول الغربية.

إن أهمية الظاهرة الصينية تكمن في أنها من خارج المنظومة الديموقراطية الغربية نهجاً في الحكم، وخلاف النموذج الليبرالي الاقتصادي عقيدة.

فبالنسبة لنموذج الحكم في الصين، ما زال الحزب الشيوعي يشكل الحزب الوحيد الحاكم وهو الذي يمسك بمفاصل القرار السياسي في الصين، وبالنسبة للنهج الاقتصادي فبالرغم من اعتماد اقتصاد السوق والانفتاح على الخارج بشكل كبير إلَّا أن ملكية الدولة والقطاع العام وهيمنته على القطاعات الأساسية في الدولة لا تزال تشكل نسبة كبيرة من الاقتصاد الصيني، وهكذا نجد أن التجربة الصينية هي تجربة فريدة، ونحن أمام نظام مركَّب من نظام الحزب الواحد الحاكم إلى نهج اقتصادي فمختلف عن النظام الليبرالي المتحرر من كل القيود وبالوقت نفسه هذا النهج الاقتصادي لا يشبه الشيوعية!!

هل نحن أمام ظاهرة تلافي الأنظمة الاقتصادية؟ هل نحن أمام خيار ثالث وربما رابع؟!

حتى الأمس القريب كان يتم تدريس نموذجين اقتصاديين في العالم، النموذج الليبرالي واقتصاد السوق الغربي ورائدته الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يتم تقديس حرية الفرد في الاستثمار والتملك والذي غالباً ما يتعارض مع مصلحة الجماعة والمجتمع، والنموذج الاشتراكي والذي كانت رائدته الصين والاتحاد السوفيتي وغيرها من الدول الشرقية في أوروبا وكوبا وكوريا الشمالية، وفي هذا النموذج كانت ملكية وسائل الإنتاج محصورة بيد الدولة، والأولوية للجماعة على حساب الفرد ومبادرته وإبداعه وخصوصيته، وكان هذان النهجان على طرفي نقيض في تفسيرهم لمختلف الأمور المرتبطة بالاقتصاد وعلى رأسها مسألة رأس المال والعمل وغيرها.

تلك المرحلة لم يتطرق أحد إلى المذهب الاقتصادي الإسلامي الذي أعطى أولوية لمصلحة الجماعة دون إلغاء أو إهمال حق الفرد بالتملك والمبادرة والاستثمار، إن المذهب الاقتصادي الإسلامي يقوم على ملكية الدولة والقطاع العام وملكية الفرد كركنين أساسين ولتكون الدولة هي الحريصة على عدم تعارض وتصادم مصلحة الفرد مع مصالح المجتمع، كل ذلك في ظل اعتماد آليات اقتصاد السوق والانفتاح على الخارج.

نلاحظ هنا أن المزاوجة الصينية على مستوى النموذج الاقتصادي تقترب أكثر من المبادئ الأساسية للمذهب الاقتصادي الإسلامي، أم هي نتيجة تلاقي الأنظمة الاقتصادية الوضعية كما أسلفنا؟

وهل أن نظرية تلاقي الأنظمة الاقتصادية الوضعية بعيدة في جوهرها إذا استطاعت أن تؤمن العدالة الاجتماعية المنشودة عن المذهب الاقتصادي الإسلامي وجوهره؟

بالعودة إلى التطور السريع الذي حققته الصين على المستوى الاقتصادي.

تميزت الصين بالانزواء والانطواء طوال قرون كثيرة وما سور الصين العظيم إلَّا أحد الشواهد على هذه السياسة الانعزالية، وتميزت بعدم الاعتداء طوال هذه القرون.

حتى القرن التاسع عشر كان الاقتصاد الصيني يشكل أكبر اقتصاد في العالم لجهة حجمه ومساهمته في الاقتصاد العالمي الإجمالي، ما بين القرن الحادي عشر والقرن السادس عشر كان متوسط دخل الفرد في الصين هو الأعلى في العالم.

وفي الفترة نفسها شكل الاقتصاد الصيني حوالي %26 من حجم الاقتصاد العالمي مطلع القرن الحادي عشر وحوالي %29 نهاية القرن السادس عشر، وناهز ثلث الاقتصاد العالمي عام 1820م ليتراجع إلى %10 عام 1900م؛ وذلك بسبب المشاكل الداخلية والتدخلات الخارجية العديدة في القرن التاسع عشر، ومع استمرارية المشاكل الداخلية وصولاً إلى الاحتلال الياباني للصين عام 1937م وحرب التحرير والحرب الأهلية بعدها التي انتهت بانتصار الشيوعيين بزعامة (ماو تسي تونغ) واصل الاقتصاد الصيني تراجعه في الاقتصاد العالمي حتى وصل حدود %5 فقط عام 1950م.

هذه التدخلات والحروب المتتالية أدّت إلى تدمير الاقتصاد الصيني، وباتت الصين من أفقر دول العالم في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي وصولاً إلى نهاية عقد السبعينيات؛ إذ كان الاقتصاد الصيني يعتمد بشكل أساسي على القطاع الزراعي الذي كان يستوعب حوالي %70 من إجمالي القوى العاملة الصينية.

طوال عقود ثلاثة من نهاية أربعينيات حتى نهاية سبعينيات القرن الماضي بقي الاقتصاد الصيني اقتصاداً زراعيًّا متخلفاً، والمجتمع الصيني من أفقر دول العالم حتى بروز نجم(دنغ شياو بينغ) -حسب لفظه- عام 1978م بعد وفاة الزعيم الصيني (ماو تسي تونغ).

اعتمد (بنغ) سياسة الإصلاح السياسي والاقتصادي الشامل في ظل الحفاظ على حكم الحزب الواحد.

على المستوى السياسي تم إعطاء دفعة قوية للقيم الصينية القديمة المستوحاة من قيم وتعاليم ومبادئ (كونفوشيوس)، وتم ترسيخ الأخلاقيات في العمل السياسي والإداري، وتشديد العقوبات بحق المخالفين.

على المستوى الاقتصادي تم إعطاء أهمية للانفتاح الاقتصادي على المستويين الداخلي والخارجي، وذلك من خلال تخفيف القيود على القطاع الخاص وتشجيع الصادرات إلى الخارج، في هذا السياق تم اعتباراً من عام 1980م تحويل المزارع الجماعية إلى حيازات عائلية، والسماح بمشروعات خاصة، وتم العمل على تعزيز العلاقات مع المجتمع الدولي والانفتاح عليه، إذ تم إعطاء المصالح الاقتصادية وتعزيز العلاقات مع الخارج أولوية على حساب الأيديولوجيا والفكر، «إنها الليبرالية بنكهة صينية، والاشتراكية على الطريقة الصينية».

خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي تم التركيز على اعتماد اللامركزية الشاملة في البلاد، وتحفيز جذب الاستثمارات خصوصاً في مجال التقنيات المتقدمة، وقد تجاوزت الاستثمارات الأجنبية (50 ملياراً $) عام 1995م.

تم خلال هذين العقدين كذلك اعتماد سياسات تطوير أساليب الإنتاج والتوازن الزراعي –الصناعي والتكامل الصناعي بين الصناعات الثقيلة والصناعات الخفيفة.

وفي سياق سياسة تحفيز وجذب الاستثمارات تم افتتاح مناطق اقتصادية خاصة في جنوب الصين، وتم التركيز على تأسيس الشركات الصناعية الكبرى في البلاد، واستيعاب التقنيات المستوردة من الخارج وتطوير الأبحاث في الداخل.

تم ضمن سياسة الإصلاح خصخصة ما بين 30 إلى 40 ألف شركة اعتباراً من عام 1997م من أصل حوالي (126) ألف شركة في القطاع العام.

«إنها الاشتراكية المطعَّمة بالليبرالية»!

كانت الشركات الأمريكية هي الأكثر إقبالاً على الاستثمار في السوق الصينية نتيجة المزايا العديدة المرتبطة خصوصاً بتدني كلفة الإنتاج.

والسؤال الذي يُطرح: كيف سمحت الولايات المتحدة الأمريكية لهذه الشركات بالاستثمار في الصين ونقل التقنيات الحديثة؟

نعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية منتشية بما حققته في مواجهة الاتحاد السوفيتي، والاعتقاد أن كل المنظومة الاشتراكية في العالم ستسقط؛ لذلك حاولت استيعاب الإصلاحات والتغيرات التي تحصل في الصين أسوة بما حصل في الاتحاد السوفيتي وخصوصاً بعد أحداث (تيانانمن) في بكين عام 1987م.

استطاعت الصين خلال العقود الأربعة الماضية أن تتحول من دولة فقيرة إلى قوة اقتصادية ومالية عظمى، حيث سجلت متوسط نمو اقتصادي منذ عام 1978م حتى عام 2016م بحدود (%97)، وتعاظم حجم الناتج المحلي الصيني من (191.1 ملياراً $)عام 1980م إلى (1211 ملياراً $) خلال عقدين أي عام 2000 م، وعام 2010م بلغ حجم الناتج المحلي الصيني (6087 ملياراً $) أي: أكثر بخمس مرات مما كان عليه قبل عقد من الزمن، وعام 2017 م- أي: بعد سبع سنوات- وصل حجم الناتج المحلي في الصين إلى (12140 ملياراً $) وليبلغ عام 2019م حوالي (14217 ملياراً $).

إن هذا التطور وهذا النمو طوال فترة زمنية طويلة نسبياً دون انقطاع هو أمر نادر في تاريخ الأمم وفي تاريخ التنمية الاقتصادية غرباً وشرقاً.

بالمقارنة بين حجم الناتج المحلي الصيني والأمريكي نجد أن حجم الناتج الصيني لغاية عام 1990م لم يتجاوز (%6) من حجم الناتج المحلي للولايات المتحدة الأمريكية، وحوالي (%10) من الناتج المحلي لليابان، في عام 2010م بات حجم الاقتصاد الصيني أكبر من حجم الاقتصاد الياباني، وتجاوز (%40) من حجم الاقتصاد الأمريكي، وعام 2019م بات الناتج المحلي للصين بشكل أكثر من (70%) من حجم الناتج المحلي الأمريكي بالأسعار الجارية، وأكثر من ثلاثة أضعاف حجم الاقتصاد الياباني، علماً في هذا السياق -وكنا قد أشرنا إليه سابقاً- أن حجم الاقتصاد الصيني تخطى مثيله الأمريكي بالقوة الشرائية (PPA) منذ عام 2017م، وتجاوزه بكثير عام 2019م؛ ليبلغ حجم الناتج المحلي الصيني بالقوة الشرائية حوالي (27000 مليار $) مقابل (22000 مليار $) لمثيله الأمريكي.

هكذا خلال عقود أربعة من دولة هامشية على مستوى الاقتصاد العالمي باتت الصين لاعباً اقتصاديًّا أساسيًّا في العالم ومنافساً لاقتصادات الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، ومساهماً قويًّا في نمو الاقتصاد العالمي حيث بلغت هذه المساهمة حوالي (33%) في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

لقد ترسخت القوة الاقتصادية الصينية عبر العالم من خلال تعاظم صادراتها إلى مختلف القارات والدول، وعلى رأس هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي.

عام 1980م لم تتجاوز صادرات الصين (18 ملياراً$) قفزت إلى مئات المليارات نهاية التسعينيات، ووصلت إلى صدد (1200 مليار $) عام 2007 م، وعام 2018م قفزت إلى (2490 ملياراً $)، وباتت الصين تحتل المركز الأول عالميًّا لجهة الصادرات، والثاني عالميًّا لجهة الواردات بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وهكذا تعاظمت قوة الصين التجارية بالإضافة إلى تعاظم قوتها الاقتصادية، وبات تأثيرها على المستوى الدولي أكثر فاعلية وتأثيراً.

حققت الصين من خلال فوائضها التجارية الكبيرة احتياطات مالية باتت تناهز (3000 مليار$) بالإضافة إلى استثمارات في سندات الخزينة الأمريكية تفوق (1200 مليار $)، وهكذا أصبحت الصين قوة مالية لا يستهان بها.

إن كل هذه التغيرات انعكست على بيئة الاقتصاد الصيني، وباتت الزراعة تشكل حوالي (8.3%) من الناتج المحلي الإجمالي عام 2018م بعد أن كانت تهيمن على الاقتصاد الصيني عام 1980م، الصناعة بدورها شكلت ما نسبة (39.5%) من الناتج المحلي الإجمالي في الصين، أما حجم قطاع الخدمات في الاقتصاد الصيني، فقد بلغ (52.2%) ، وهكذا باتت بنية الاقتصاد الصيني أقرب إلى بيئة الاقتصادات في الدول المتقدمة، والمطلوب في المستقبل تعزيز دور قطاع الخدمات؛ ليتخطى عتبة (60%) من الناتج المحلي الإجمالي مع الانخفاض التدريجي لمساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي للصين.

لقد حصلت تحولات عديدة داخل المجتمع الصيني نتيجة التطور الاقتصادي الذي حصل، فمن الناحية الاقتصادية تم تحسين أوضاع حوالي (700) مليون عامل كانوا ضمن الطبقة الفقيرة جداً في الثمانينيات من القرن الماضي، وتراجعت البطالة إلى حدودها الدنيا في بلد يبلغ عدد سكانه حوالي (%20) من سكان العالم.

لقد نجحت الصين حيث فضل الاتحاد السوفيتي البقاء تحت سلطة الحزب الشيوعي الحاكم وتطوير الاقتصاد من خلال الانفتاح بما يخدم مصالح الصين.

إن النموذج الصيني في السياسة والاقتصاد حتى الآن نجح في تخطي التحديات التي تواجهه إن كان على مستوى الضغوط الأمريكية ومحاولة استغلال أي حدث يؤثر سلباً على الصين، فكلنا يتذكر أحداث (تيانانمن) الشهيرة عام 1987م، والأحداث التي حصلت في «هونغ كونغ» منذ أعوام والعام الماضي، والأقليات المسلمة وغيرها مما يمكن أن يؤثر على مسيرة الصين الصاعدة، كذلك على المستوى الاقتصادي تحاول أمريكا التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الصيني من خلال السياسات الحمائية التي اعتمدها الرئيس «ترامب» في وجه الصين، ورفع الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من الصين وذلك خلافاً لقوانين وأحكام منظمة التجارة العالمية التي انضمت إليها الصين عام 2001م.

نعتقد أن الكثير من التحديات قد تواجه الصين مستقبلاً؛ فالولايات المتحدة الأمريكية لن تسلم الراية بسهولة، وستعمل على خلق المتاعب بكل الأساليب أكان على المستوى السياسي أو على الصعيد الاقتصادي، إننا نعتقد أن موضوع الحريات كما وضع بعض الأقليات قد يشكلان تحديين كبيرين في المستقبل، وإن كان الأرجح أن يكون موضوع الحريات هو التحدي الأكبر في ظل التحريض الأمريكي وتوجيه الاتهامات نسبة لحقوق الإنسان وغيرها من الشعارات الأمريكية الفارغة؛ ذلك بهدف زعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الصين.

إن الصين بما حققته من الناحية الاقتصادية بالإضافة إلى العامل الديموغرافي والمساحة والقوة العسكرية التي تقدم ببنائها مرشحة وبقوة إلى أن تقود العالم في العقود المقبلة لكن حتى الآن لم يظهر أي بوادر اهتمام صيني بذلك، بل إن ما يبدو هو دعوة الصين إلى قيادة مشتركة مع الآخرين، إن الأهداف والطموحات الصينية كما يبدو حاليًّا تركز على الجوانب الاقتصادية والتجارية (الحزام والطريق) لتطوير التعاون والتبادل التجاري مع بقية دول العالم مع اعتماد سياسة المساعدات بشكل سخي في أفريقيا.

إننا نعتقد أن ما قامت به الصين من إنجازات عظيمة خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً قد يشكل دافعاً وأملاً لشعوب العالم الثالث للخروج من التخلف والفقر، وقد يشكل ذلك نموذجاً يحتذى خصوصاً أن النموذج الغربي الاستعماري بشقيه السياسي والاقتصادي لا يناسب العديد من الدول.

إن الرهان على النموذج الصيني بالمساعدات الذي يحترم سيادة الدول الأخرى واستقلالها، خلاف نموذج المساعدات الغربية التي تقدم على فرض الشروط القاسية والتدخل المباشر والضغوط المالية والاقتصادية وفرض شروط قبل تقديم أية مساعدة، قد يشكل هذا الرهان أملاً لدى الكثير من الدول للتخلص من تسلط العالم الغربي على مقدرات وخيرات دول وشعوب العالم الثالث.

إن النظام العالمي الجديد الذي يجب أن يكون للصين دور بارز في صياغته، وفي الإشراف عليه يجب أن يقوم على أنقاض النظام العالمي المتهالك المنبثق عن الحرب العالمية الثانية وموازين القوى التي أفرزتها تلك الحرب، والذي كرّس هيمنة وتسلط أمريكا على العالم من خلال هيمنتها وتسلطها على العديد من المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة في مجال السياسة وحقوق الإنسان والمال والنقد.

إن المطلوب هو نظام عالمي جديد يقوم على مبدأ احترام سيادة الدول وثقافتها وحقوقها، والمطلوب مزيد من التعاون والانفتاح بين الأمم في المجال التجاري ونقل التقنيات الحديثة من الدول الصناعية إلى الدول الفقيرة، واعتماد أكثر من عملة لمدفوعات الدولة وكسر احتكار الدولار..

إن العالم يتحرك ويتغير ويتطور، وبكل أسف العالم العربي خلال نصف قرن وأكثر لم يتغير فيه أي شيء لا على المستوى السياسي ولا على المستوى الاقتصادي، وتعمقت الهوة بين النظام الرسمي والطبقة السياسية والشعوب العربية، وازدادت المشاكل الاقتصادية والاجتماعية استفحالاً، وعلى رأسها البطالة والأمية.

نأمل أن تكون الظاهرة الصينية دافعاً ومحفزاً للعديد من الدول العربية؛ لتسير في ركب التغيير والاستفادة من إنجازات العصر وتطور التقنيات، إننا بحاجة إلى عملية تغيير داخلي يطال بنية المجتمع العربي وبنيته ونظمه السياسية وبناه الاقتصادية القائمة حتى الآن على الريعية والاعتماد على الخارج في مجال الأمن الغذائي المفقود أو مجال السلع الصناعية والآلات والتجهيزات الإنتاجية إلى اقتصاد إنتاجي من خلال قرارات وطنية نابعة من مصلحة المجتمعات العربية وشعوبها.

ختاماً نأمل في هذه العجالة أن نكون قد نجحنا ولو بالقليل من الإضاءة على التجربة الصينية والنقاط المضيئة فيها، وأن يكون لنا فيها كعالم عربي نموذج يمكن تقليده واعتماده خصوصاً أن معظم الدول العربية تدين بالحكم والسلطة لحزب حاكم أو لعائلة حاكمة، وذلك يشبه إلى حد بعيد نظام الحكم القائم في الصين على الحزب الشيوعي الصيني مع الفروقات الاجتماعية والموضوعية التي يجب أخذها بعين الاعتبار، وإذا كان النموذج الاقتصادي الصيني قام على مبدأ تلافي الأنظمة الاقتصادية، فنحن لدنيا بالمذهب الاقتصادي الإسلامي خير مرشد وخير نظام وخيرنموذج ونهج.

نسبة ماهية الاقتصاد الصيني إلى الاقتصاد العالمي 1000 – 1950م

%33
1820

%29
1600

%26
1000

%25
1500

%10
1900

%5
1950

 

 

مقارنة بين الناتج المحلي: الصيني والولايات المتحدة واليابان

1980 – 2020 مليار $

السنة

1980

1990

2000

2010

2017

2019

2020

الولايات المتحدة

2857

5963

10250

14990

19490

21345

الصين

191.1

360.9

1211

6083

12140

14217

*14360

اليابان

1055

3133

4888

5700

4860

* توقعات أولية/ الجدول من إعداد الباحث

الأرقام من بيانات وتقديرات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى