أحدث الأخبارالإسلامية

الجانب السياسي في شهادة امير المؤمنين علي بن ابي طالب

مجلة تحليلات العصر الدولية - علي الربيعي

من الجهل ان نختزل شهادة اعظم مفخرة في تاريخ الاسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقامة في تاريخ البشرية باتت مقياس لعدالة الحكم على مر عصور تزاحمت فيها الحكام كامير المؤمنين علي بن ابي طالب سلام الله عليه عندما نختصرها في حبر على صفحة مكتوبة تكاد لاتزيد سطورها على العشرة بتجاهل اليد الحقيقة وراء حادث شهادته وجعلها على يد جلف من اجلاف الصحراء كعبد الرحمن ابن ملجم المرادي حين مر بقرب دار امرأة رخيصة من نساء الكوفة لاترد طالب هوى من الرجال، سلب جمالها عقله، التي هي قطام بنت شجنة التميمي فاستسلم لطلبها في الانتقام من علي بن ابي طالب. قطام قتل شقيقها الاكبر في معركة الجمل وقتل والدها وشقيقها الثاني في معركة النهروان في ظرف غامض بعد انتهاء المعركة كان وراء هذا الغدر يد وردان ابن مجالد حاجب والي الكوفة السكير في خلافة عثمان بن عفان واخيه من امه الوليد بن عقبة بن ابي المعيط، الذي صلى بالمسلمين صلاة الفجر وهو ثمل اربعة ركعات وقال للمأمومين هل تريدون ان أزيدكم، وعندما وصل خبر صلاته بالمسلمين مخمورا الى الخليفة عثمان لم يقم الحد عليه بعد ان استدعاه مما اضطر امير المؤمنين علي بن أبي طالب ان يقيم عليه الحد بجلده ثمانين جلدة بحضور اخيه الخليفة عثمان بن عفان. وردان ابن مجالد هو الاخر كان قد شغفه جمال قطام بنت شجنة فطلبها من ابوها فرده ولم يقبل زواجه منها ما جعله يبيت السوء له ولاولاده. فقتل ابنه الاكبر في معركة الجمل غيلة وقتله وقتل ابنه الاصغر غدرا في النهروان.

التواتر الروائي التاريخي يؤكد ان قطام سلبت جنان المرادي مما أضطر الى مفاتحتها بالزواج ووافقت هي (قطام) على الزواج بصداق مشروط ان يكون ثلاثة الاف درهم وقينة ودم علي بن ابي طالب وقالت له ان نفذت الثالثة طابت لك الحياة معي. عبد الرحمن ابن ملجم تردد اولا ليختبر صدق نيتها فقال لها ثكلتكي الثواكل او مثل علي يقتل على يدي. وفي رواية انه اجابها والله ما اقدمني للكوفة الا قتل علي بن ابي طالب. عبد الرحمن بن ملجم عندما قدم الكوفة من مصر، التي ولي عليها فيما بعد من قبل معاوية بن أبي سفيان ابن النابغة عمرو بن العاص، ارتاب منه امير المؤمنين علي بن أبي طالب رغم ان ابن ملجم كان في جيش الكوفة في معركة النهروان لقتال الخوارج. والحقيقة لم يكن وجوده ظمن جيش الكوفة الا التمويه على المهمة التي ارسل من اجلها. امير المؤمنين علي بن ابي طالب استدعى عبد الرحمن ابن ملجم مرة واستدعى معه وجوها من قبيلة مراد وسألهم ان كان ابن ملجم المرادي منهم. فكانت اجابتهم هو بني مراد ولكن لانعرفه. ثم سأل الامام علي عبد الرحمن ابن ملجم هل كانت مرضعتك يهودية؟ وكانت تقول لك انك اشقى من عاقر ناقة صالح، قال: بلا ياامير المؤمنين. ثم قال له اوما حدثتك امك انها حملت بك في بعض حيضها؟ قال: بلا . عندها كبر امير المؤمنين علي بن ابي طالب وقال هو قاتلي لا محال فرد عليه المراديين الذين حوله قائلين اقتله يا أمير المؤمنين اذا كان هو قاتلك. فاجاب جوابا قمة في العدالة وكيف يجوز القصاص قبل الجريمة.

عندما كان عمرو بن العاص واليا على مصر من قبل الخليفة عمر بن الخطاب كان عبد الرحمن بن ملجم من الجند المقربين لعمرو بن العاص كان يستلم راتبا حاله حال الاخرين المسجلين جندا في مصر. وعندما قدم الكوفة اعانه على العيش فيها احد اعوان عمرو بن العاص.

لايفوتني هنا ان اقول ان البغض لعلي بن ابي طالب انطق من يتشدق بقول يخرج من فم ناصبي نتن ان عبد الرحمن بن ملجم تأول فأخطا. او اخر يقول ان ابن ملجم لشدة ايمانه بالله كان يشعر بحلاوة عذاب اقامة الحد عليه. او يمدحه عمران بن حطان الذي يعد احد رجالات البخاري الثقاة رغم حقده على علي بن أبي طالب حين قال في ابن ملجم:

يا ضربة من تقي ما أراد بها * إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره يوما فأحسبه * أوفى البرية عند الله ميزانا
أكرم بقوم بطون الطير قبرهم * لم يخلطوا دينهم بغيا وعدوانا

كانت مؤامرة اغتيال امير المؤمنين علي بن أبي طالب لم يكن ابن ملجم فيها الا اداة تنفيذ ارسل الى مسرح الجريمة في الكوفة. لقد تشارك على وضع مخطط اغتيال امير المؤمنين علي بن أبي طالب فريق مصر والشام الخارجة طاعة الخليفة الشرعي ودولة عظمى في ذلك الوقت امدت معاوية وعمرو بن العاص بالقوة والمال وهي الدولة الرومانية الشرقية التي كان مقرها بيزنطة او هي اليوم استانبول التركية للخلاص من علي بن ابي طالب. بيزنطة كانت تريد من بلاد المسلمين المترامية الاطراف ولايات ضعيفة كما كانت على عهد الخليفة عثمان بن عفان يحكم الولاة من اقارب عثمان بن عفان بالرعية كيفما يشاؤون او كما هو الحال في ايامنا هذه مع امريكا. كان الدينار والدرهم الرومي هو اللاعب الاساس في اقتصاد الدولة الاسلامية الممتدة من اواسط اسيا حتى شمال افريقيا. جاء علي بن أبي طالب فوضع حدا ليهمنة العملة الرومية على اقتصاد الدولة الاسلامية فسك الدرهم الاسلامي ليكون هو المتدوال في الولايات الاسلامية. هذا الدرهم الاسلامي انتهى ما ان استلم معاوية بن أبي سفيان الحكم ليعود بذلك الدرهم والدينار الرومي مسيطرا على سوق الولايات الاسلامية مرة اخرى. كان لإجراء علي بن أبي طالب في انعاش اقتصاد الدولة الاسلامية الاثر في استقطاب الروم الى ساحة الجريمة باسناد معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص في التنفيذ وإيجاد الأداة المنفذة فوقع الاختيار على الخوارج. اختيار الخوارج للتنفيذ ما كان الا لتمييع الجريمة من جانبها السياسي وستكون في نظر القارئ السطحي للتاريخ مسألة عداء بينهم وبين علي بن ابي طالب. وفقا للمخطط التمثيلي الموضوع وقع الاختيار على اثنين من الخوارج يشاركهم عبد الرحمن بن ملجم من طرف عمرو بن العاص:
كان عبد الرحمن بن ملجم لعلي بن ابي طالب
وكان البرك بن عبد الله لمعاوية بن ابي سفيان.
وكان عمر بن بكر لعمرو بن العاص.

كان الخوارج مع عبد الرحمن بن ملجم جادين في تنفيذ الجريمة مع جهلهم بالغاية السياسية منها. الا ان المخططين لها معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص هم من وضع ساعة الصفر للتنفيذ لذا لم يصب احدهم بأذى لينتهي المخطط بشهادة امير المؤمنين علي بن أبي طالب وبذلك ينتهي سفر من اسفار العدالة الإنسانية بعد سماع صوت في سماء الكوفة ينادي تهدمت والله اركان الهدى، انفصمت اليوم العروة الوثقى. قتل اتقى الاتقياء قتله اشقى الاشقياء ويبدا سفر الظلم الذي لانهاية له الا بظهور المنقذ الحجة المهدي محمد بن الحسن العسكري سلام الله عليه.

عندما نجى عمرو بن العاص اذ لم يخرج الى الصلاة في صبيحة يوم التاسع عشر من رمضان ارسل اليه معاوية ابيات من الشعر قال له فيها:

وَقَتْكَ وأسبابُ المنايا كثيرةٌ
مَنِيّةُ شيخْ من لُؤَيٍّ بنِ غالبِ
فيا عمرو مهلاً إنّما أنت عَمُّه
وصاحبُهُ دونَ الرّجَالِ الأَقاربِ
نَجَوتَ وَقَدْ بَلّ المرَادِيُّ سَيْفَهُ
من ابن أبي شيخِ الأباطِحِ طَالبِ
ويَضْرِبُني بالسّيْفِ آخَرُ مِثْلُهُ
فكانتْ عليه تِلْكَ ضَرْبَةَ لا زبِ
وأَنْتَ تُنَاغِي كُلُّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ
بِمِصْرِكَ بِيضاً كالظِّباءِ الشّوازبِ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى