أحدث الأخبارلبنانمحور المقاومة

الحاكم بأمره، السعودية، الطبقة السياسية الفاسدة والتدخل الخارجي وراء إنهيار الليرة

مجلة تحليلات العصر الدولية - عدنان علامه

إن آخر إبداعات الحاكم بأمره تحميل مسؤولية إنهيار الليرة اللبنانية لشركات البحث والتواصل الإجتماعي مثل غوغل وفيسبوك وغيرها متناسيًا بأنه المسؤول الأول الأساسي عن ضبط سعر السوق وهو وحده المسؤول عن استقرار السوق. ويشاركه في المسؤولية أمريكا والسعودية التي كان لها الدور الأساسي في تحليق سعر الدولار الجنوني كنتيجة حتمية للأزمة التي اختلقتها.

وتناسى الحاكم بأمره بأن الصلاحيات الأصيلة والإستثنائية التي يتمتع بها تمنع الجميع المساس به. وقد شكل الغطاء الطائفي قوة إضافية مما جعله شخصًا فوق كل السلطات. وسبب الإنهيار المالي الذي نشهده هو بسبب هندساته المالية وغياب الرقابة الفعّالة عليه وعلى المصرف والمصارف. فلبنان هو البلد الوحيد في العالم حيث تمتنع المصارف فيه عن دفع الودائع للمودعين بالعملة التي تم الإيداع بها ولا يستطيع احد محاكمتهم. والمضحك المبكي، فالحاكم بأمره أصدر عدة تعاميم مخالفة لقانون النقد والتسليف للضغط على المودعين بسحب ودائعهم بالدولار على سعر 3900 ليرة. وللعلم فإن لبنان هو البلد الوحيد في العالم الذي يتميز بوجود 4 أسعار لصرف الدولار حاليًا :-
1- السعر الرسمي 1507
2- سعر المصارف 3900
3- سعر منصة مصرف لبنان 20000
4- سعر السوق الموازي 24700

وكان هناك سعرين إضافيين للدولار لإستيراد المشتقات النفطية والدواء قبل رفع الدعم عنهما.

وأجتهد قاضي التمييز عويدات، فألغى قرار الحجز على الأَموال المنقولة وغير المنقولة لكافة المصارف الذي أصدره المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم للحفاظ على أموال المودعين.

فسعر صرف الدولار الأمريكي في لبنان هو سياسي بإمتياز ولا دخل للمنصات التي تنقل فقط أسعار الدولار من الصراّفين.والسعر يقرره يوميًا مصرف لبنان، المصارف، التدخل الخارجي، أصحاب رؤوس الإموال الكبيرة وحركة العرض والطلب ؛ حتى صار الإتجار بالدولار مهنة جديدة للعديد من ميسوري الحال للربح الوفير الذي يتحقق على حساب الفقراء.
وما منصة صيرفة التي ابتدعها الحاكم بأمره سوى باب لجني الأرباح الطائلة من الأموال المحولة من الخارج. ولم تحقق الغاية المرجوة منها لإقفال المنصات الأخرة لأن المشاركين محدودين ولأن الناس ليس لديها أي ثقة بحاكم مصرف لبنان والمصارف. والمنصات الَعتمدة في لبنان متوافرة للجميع وليست سوى ناقلة للأسعار ولا تتدخل بها.
فلماذا لم نسمع صوت الحاكم بأمره حين إنخفض سعر صرف الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوياته منذ تفاقم الأزمات الاقتصادية والسياسية، في شهر يوليو الماضي؛ إذ وصل إلى 13500 ليرة لبنانية للدولار الواحد، عقب تشكيل حكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، في 10/ سبتمبر أيلول الماضي، وبدأن بعض الجهات ببث الإشاعات بأن الدولار سيتم تثبيته على سعر 10.000 ليرة. الأمر الذي أدى إلى بلبلة في الأسواق. فبدأت عمليات بيع الدولار بكميات كبيرة جدًا تفوق حجم السوق بأضعاف مسببة كوارث بسبب الشراء على أسعار عالية جدًا. وقد جمع مصرف لبنان والمصارف عبر بعض الصرافين عشرات المليارات من الدولارات. ثم عاد التدهور لسعر الليرة اللبنانية أمام الدولار مع تصاعد الأزمات التي تواجه الحكومة الجديدة.”
وبتاريخ 27 أكتوبر تشرين الأول 2021 بدأت الهجمة السعودية النارية غير المسبوقة على الوزير قرداحي مطالبة باستقالته؛ وفي لبنان تم تسجيل مواقف مؤيدة له، وأخرى منددة، وشخصيات تدعو لاستقالة الوزير. فارتفع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية اليوم ووصل السعر ما بين 20400 و20450 ليرة لكل دولار. ولا يزال يرتفع يوميًا حتى وصل سعر الصرف اليوم ما بين 24725 و 24775 .
ولقد تفرّد الحكم بأمره بأخذ قرار لرفع الدعم عن المشتقات النفطية والدواء ضاربًا بعرض الحائط صلاحيات السلطات الرئاسية والتشريعية والتنفيذية وغير مبالً بالآثار الكارثية على الوضع الإجتماعي . وقد إستدعاه رئيس الجمهورية إلى القصر الجمهوري؛ واصدر رئيس الوزراء السابق حسان دياب البيان التالي حول الموضوع :-

“لقد إتخذ حاكم مصرف لبنان قرار رفع الدعم، وهو قرار مخالف للقانون، وكذلك لا يراعي واقع الأزمة المعيشية والاجتماعية العميقة، وستكون تداعياته خطيرة جداً على البلد، وأضراره أكبر بكثير من منافع حماية التوظيفات الإلزامية في مصرف لبنان، لأنه يدخل البلد في المجهول الاجتماعي والمعيشي”.

رئاسة مجلس الوزراء
12 اغسطس/آب 2021.

وفي المحصلة فقد نفذ الحاكم بأمره قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية وهو واثق بأنه لن يستطيع أن يمسه أحد.
وقد سبب رفع الدعم إلى زيادة الطلب على الدولار النقدي من كارتيل إستيراد المشتقات النفطية. والمحطات تنوي “دولرة” البيع لتلافي الخسائر نتيجة عدم إستقرار سعر صرف الدولار. وقد سبب قراره ازمة لشركات أوجيرو وألفا وتاتش في تامين مادة المازوت؛ فالعقود الموقعة مع الدولة اللبنانية لا تسمح لهم الشراء مباشرة بالدولار؛ والحاكم بأمره لن يؤمن لهم الدولارات على سعر المنصة مما سيشكل طلبًا متزايدًا على الدولار في ظل شح العرض، وهذا الأمر إقتصادي بحت وسيرفع سعر صرف الدولار حتمًاولا دخل للتطبيقات به من قريب او بعيد.

إن الأزمة المالية والإجتماعية الكارثية التي نعيشها تفاقمت بعد قرار الحاكم بامره لتحرير سعر صرف الدولار إستجابة للإملاءات الخارجية لصندوق البنك الدولي:-

وقد أخترت لكم فقرات من مقال للصحافية فرح نصور/ النهار بعنوان :-
“سياسة أنهكت الإقتصاد لثلاثة عقود… مهنا لـ”النهار”: تثبيت الليرة أكبر عبء على لبنان 10 يناير/كانون الثاني2021

“شرح الباحث الاقتصادي والمستشار السابق للبنك الدولي، البروفسور روك-أنطوان مهنا، تاريخ تثبيت سعر صرف الليرة وموجباته”

“ويكمل مهنا أنّ “سياسة تثبيت سعر الصرف نجحت في الأعوام الأولى من اعتمادها، وجذب لبنان بموجبها رؤوس أموال واستثمارات خارجية، إلى أن أصبحت السياسة النقدية في خدمة السياسة المالية للحكومات المتعاقِبة خلال أكثر من ثلاثين عاماً، ومن سيئ إلى أسوأ”.
“وبعد الحرب  السورية عام 2011، تأثّرت أيضاً الصادرات لدينا، وكان ذلك الوقت المناسب ليكون لبنان جاهزاً للانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتِج. ومنذ عامي 2016 و2017، جرت تجاوزات وفساد وهدر بشكلٍ مفرط في القطاع العام، وتفاقمت الأمور أكثر مع إقرار سلسلة الرتب والرواتب وكان هذا الإقرار بمثابة رصاصة الرحمة على الاقتصاد. فضلًا عن أنّ لبنان كان يتلقّى تحويلات خارجية تُقدَّر بحوالي 8 مليارات دولار من المغتربين اللبنانيين، وكان يسدّ بذلك العجز في الميزانية. لكن في المقابل، اعتمد اللبنانيون على الإستيراد بأكثر من 24 مليار دولار سنوياً، بينما كان التصدير بحوالي 3 مليارات. وعاش القطاع العام ببحبوحة جراء الفساد والهدر، وأصبح بالتالي تثبيت سعر صرف الليرة مكلفاً جداً، وفي الخمس سنوات الأخيرة، قمنا بعملية انتحار ذاتي في القطاع العام في قطاعات عديدة، ولم يتوقّف الفساد، وتفاقم في العشر سنوات الماضية وتضاعف في الخمس سنوات الأخيرة وأصبح على العلن، وفق مهنا.”

فهذا ما يقوله أصحاب الخبرة بعيدًا عن السياسة عن الأزَمة المالية التي سببها الحاكم بأمره تنفيذًا للإملاءات الخارجية.
ولمن يظن بأنَّ صندوق النقد الدولي مؤسسة خيرية فهو ليس على صواب. وأرفق لكم بيان خبراء صندوق النقد الدولي في ختام جولتهم لإجراء مَشاورات حول المادة الرابعة لعام 2019؛ وقد تم توزيعه بتاريخ 11 يونيو/حزيران 2019. آمل منكم التركيز على لغة الأمر في كافة البنود؛ وآمل التمعن في التدخل السافر في الشان الداخلي اللبناني؛ فالبند رقم 3 ينص على تأمين فرص عمل للاجئين السوريين وهو خارج عن َمهام صندوق النقد ويهدف إلى مشروع توطينهم لتغيير التكوين السياسي الذي يمكن حزب الله من الهيمنه كما قال وزير الخارجية السعودي :-

3- “وستشجع الإصلاحات المانحين على صرف القروض البالغة 11 مليار دولار أمريكي التي تعهدوا بتقديمها للسلطات اللبنانية بشروط ميسرة أثناء “المؤتمر الاقتصادي للتنمية من خلال الإصلاحات ومع الشركات” (سيدر) في إبريل/نيسان 2018 لتمويل “خطة الاستثمار الرأسمالي”. وتهدف خطة الاستثمار الرأسمالي إلى تحسين البنية التحتية في لبنان مع توفير فرص عمل للاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة لهم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى