أحدث الأخبارشؤون آسيويةشؤون حربية

الحرب الكاشفة

بشير الوندي

لقد رسخت الحرب الاخيرة صور الهشاشة للنظام العالمي القائم منذ سقوط جدار برلين ونهاية الحرب الباردة منذ اكثر من ثلاثة عقود وهي هشاشة متعددة الجوانب وكانت حاضرة دوماً بالكثير من الشواهد التي جرت حملات عالمية للتغطية عليها من قبل الغرب .
هشاشة لطالما جرى كتم اصوات الكثير من المثقفين والزعامات والمفكرين الذين نبهوا اليها وسط غيبوبة مجتمعية جرى تغليفها بسوليفانات ملونة ومزوقة بشعارات براقة كانت تسوّق لشعوبنا تحت يافطات العدالة الاجتماعية والحرية والديموقراطية وحقوق الانسان.


هشاشة اخرست حتى حاملي لواء الليبرالية والعلمانية في مجتمعاتنا من خلال ماابرزته تلك الحرب من حقيقة اخلاقيات الانظمة الغربية وحقيقة تماهيها مع شعاراتها البراقة ..هشاشة برزت في التعامل العرقي القميء مع اللاجئين .. هشاشة في تشكيل الوعي من خلال حملات الاعلام المزيفة في الغرب حيث افتضح المجامع الغربي العلماني انه بلا اخلاقيات في التعاطي مع الحقائق..وفي صور الديموقراطية الزائفة بالكيل بمكيالين احدهما يسمح للاساءة لمقدسات المسلمين برسوم مسيئة , والاخر يستنكر فكرة كاريكاتورية تظهر التبعية الاوروبية المستسلمة للطموحات الامريكية … هشاشة سياسية كشفت عن طبيعة العلاقات والصراعات الدولية قبل واثناء وستكون لها مالها بعد الحرب ، وماسيحصل من تداعيات في كل بقعة في العالم وازالت ورقة التوت عن جسد النظام العالمي, هشاشة اقتصادية عالمية قد تولد مجاعات في العالم وتستدعي دق اجراس الانذار لاسيما النظام المالي الدولي .. هشاشة في مجال ورقة الطاقة في العالم واثرها في العلاقات الدولية وهي هشاشة خطيرة تبرز الاسباب التي تقف وراء صراعات السيطرة في الشرق الاوسط .
لقد اكدت الحرب الاوكرانية الاخيرة (اياً ماكانت نتائجها ) ان العملاء لايبنون امماً, وان تنصيب كومبارسات على خشبة سدة الحكم تؤدي لمحو بلدان عريقة من التاريخ ومن الخارطة, وان الوعود الامريكية والغربية التي تضخ لمثل تلك الحكومات لاتساوي ثمن الحبر الذي تكتب به.
لقد اظهرت تلك الحرب الجانب المتوحش في السياسة الخارجية الامريكية تسعى لتأمين امنها القومي على حساب الجميع بمافيهم اقرب حلفائها الغربيين , وانها تسعى بالفعل للقتال حتى آخر اوكراني!!!!, وأنَّ “البيت الابيض لاينفع في اليوم الاسود”!!.
وكما هو واضح , فإنَّ التدخل الروسي العسكري في 24 شباط قبل شهرين هو “يوم له مابعده” .. وسيسجل التاريخ السياسي الحديث هذا اليوم على انه يوم فاصل بين نظام عالمي يتداعى وآخر يحل بديلاً عنه ..ولسنا هنا في معرض تلوين المشهد بالاسود والابيض بين ماسيتهاوى وماسيبرز من جديد معادلات العلاقات الدولية, لاسيما في تأثيراتها على دول الشرق الاوسط , الا انه بالتأكيد سيكون أهون الشرين .


((مقدمة من بحثنا بعنوان”الازمة الاوكرانية وهشاشة النظام الدولي” سينشر قريباً باللغتين العربية والروسية)).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى