أحدث الأخبارالعراق

الحشدُ الشعبي القوة الفائضة التي يفرضُها الحُسين (ع)

مجلة تحليلات العصر الدولية

حازم أحمد
7/أيلول/2020

مُتَغَيِّرٌ يُفرضُ نفسهُ في العراق منطلقًا من يوم عاشوراء الحسين -عليه السلام- بتاريخ: 10/محرم/1442 هـ؛ إذْ سُبِقَ هذا اليوم بمحاولة لاجتياح العتبات المقدسة في مدينة كربلاء مِنْ قِبَل التيار المضاد للإسلام السياسي الثوري، وهذا التيار المضاد هو تنظيم هجين خرج من المختبرات الأميركية ومحورها، لكن العتبة الحسينية استشعرت وقرأت حجم الخطر فمنعت تلك العملية، بَيْدَ أنَّ الخطر لم ينتهِ؛ كون التيار المضاد عقد أمله على اليوم العاشر من محرم مُراهنًا على عدة عوامل تُضعِف أعداد الزوار وعزيمتهم.

يتقدم الحشد الشعبي في يوم العاشر من محرم الحزين، رافعًا الرايات المباركات التي تحمل اسم وشعار الحشد الشعبي الصريح، وكان رجالات الحشد يضعون على رؤوسهم القبعات التي طُرِّزَتْ باسم الحشد كذلك، وكانت أعدادهم كبيرة (عشرات الآلاف)، زيادة على ذلك حضور جمهور الحشد الشعبي والمقاومة لاحتضان وحماية الزيارة وفعالية (ركضة طويريج)، وصولًا للمرقدين المقدسين، ثم يظهر الشيخ عبد المهدي الكربلائي مؤدِّيًا ركضة طويريج، ويشكرُ الشيخُ الكربلائي بعدها فورًا الحشدَ الشعبي، مستعملًا عنوانه الصريح، شاملًا بالشُّكر ألوية الحشد كلها.

لقد قلنا في ليلتها إنَّ هذا مُتغيِّرٌ جديدٌ حضر بثقله، ونحن بحاجة إلى قراءة مساره الذي سيفرض نفسه؛ فهو لم يكن مجرد حماسة أو عاطفة، لكنه كان خطوة محسوبة لمواجهة الخطر الذي يهدد الإسلام الثوري المقاوِم.

إنّ الحدث المرتبط والذي يُعَدَّ حدثًا في مسار هذه الحركة أو المشروع الثوري الجديد؛ هو ما حدث في كربلاء يوم الأحد بتاريخ: 6/أيلول/2020 ؛ إذْ نسَّقَ الحشدُ الشعبي، وجمهورُهُ، وعتباتُ كربلاء المقدسة تجمُّعًا مهيبًا كبيرًا تحت اسم (موكب قادة النصر)، ولنا تقديم قراءة ودلالة لهذا الحدث الفخم.

القراءة:

أولًا: استعمال الاِسْم المحدَّد (موكب قادة النصر): قائد فيلق القدس الحاج الشهيد قاسم سليماني، ونائب الأمين العام لهيئة الحشد الشعبي الحاج الشهيد أبو مهدي المهندس -رضوان الله عليهما وعلى الشهداء جميعًا-، فينطلق هذا الموكب الموحَّد من مُدنٍ عدة من العراق نحو نقطة المركز في كربلاء المقدسة.

ثانيًا: رفَعَ الموكبُ رايات الحشد الشعبي التي تحمل اسمه وشعاره، ورفَعَ صور قادة النصر -رضوان الله عليهما- بأعداد كثيرة جدًا وأحجام مختلفة، ودخل إلى العتبات المقدسة بحجمه وتنظيمه وزيِّه الرسمي مع جمهوره الكبير.

ثالثًا: قدَّمَ (موكب قادة النصر) البيانات الحماسية في المرقد المقدس للإمام الحسين، وأكَّدها أنْ تكون (حماسيةً) لتعبئة الجمهور بروح الجهاد، وشحْذِ هِمَمهم، وشدِّ عزائمهم، واستنهاضهم.
وتجنَّبَ الموكب قراءة القصائد الحزينة المتعارفة مع فعالية اللطم والبكاء، لكنه اعتمد أسلوب القوة والصلابة.

رابعًا: كانت هِتافات (موكب قادة النصر) من داخل الصحن والمرقد المقدس قد عَلَت ضد أميركا:
(الله، الله أكبر، أمريكا الشيطان الأكبر).

خامسًا: البيانات التي صَدَحَ بها (موكب قادة النصر) كان مِن بينها التوكيد على حتمية انتقام الشيعة من أميركا التي اغتالت (قادة النصر)، وصدحَتْ هذه البيانات من مرقد الإمام الحسين (ع) الذي يُمثِّل قِبلَةَ الثوار على مر العصور.

سادسًا: قُدِّمَتْ بيانات (موكب قادة النصر) باسم سماحة آية الله السيد السيستاني (المرجعية الدينية) وذكروا بأنهم يمثلون الملايين، وينتظرون أمر المرجعية (السيد السيستاني) لتنفيذ القصاص العادل بحق أميركا التي اغتالت الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس ومجموعة مِن منتسبي الحشد -رضوان الله عليهم-.

سابعًا: ربَطَ (موكبُ قادة النصر) بين كلمات الإمام الحسين (ع):
«ألا وإنّ الدّعيّ ابن الدّعيّ قد ركز بين اثنتين؛ بين السلّة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة… » -ربَطَ بينها وبين وجود القواعد الأميركية في العراق؛ إذْ ذكرَ الموكب في بياناته وهتافاته بأنَّ أميركا (رَكَزَت بين قواعدها… ).

الدلالات:

١- إنَّ اسم (موكب قادة النصر) له دلالة ثورية عارمة؛ وهو يُظهِرُ اتفاقًا قويًا ومتينًا بين خط المرجعية الدينية -لا أقَلّ ما تمثله العتبة الحسينية في الوقت الحاضر- مع الحشد الشعبي بكل ما يحمل من عنوانات وتنظيمات (المقاومة)، وهذا يخدم الخط الإسلامي الثوري في الانتخابات القادمة؛ لهزيمة التيارات الموالية لأميركا والغرب، وإسرائيل، وبعض دول الخليج.

٢- هيمنة الخطاب الثوري منطلِقًا من العتبات المقدسة؛ هذا يعني أنه تحت المظلة الشرعية التي يمثلها السيد السيستاني، زيادةً على مظلة السيد الخامنئي -التي ألقَتْ بهيبتها السياسية والدبلوماسية على مجلس الأمن الدولي وانتزعت القرارات لصالحها انتزاعًا-، وطبيعة هذه المظلة الشرعية (للسيِّدَينِ العليَّيْنِ) ستأخذ صداها العالمي سريعًا؛ فهي غير قابلة أنْ يُطعَن بسمعتها وشرعيَّتها عالميًا، ومِنْ ثَمَّ سيضعف مشروع اختراق الانتخابات العراقية من قِبَل المحور الأميركي الذي تُخطِّط لممارسته مبعوثة الأمم المتحدة في العراق.

٣- وحدة الرؤى (للسيِّدَينِ العليَّيْنِ) بضرورة توجيه (ضربة موازنة) من قِبَل محور المقاومة للقوات الأميركية بسبب عملية اغتيال (قادة النصر)، وموعد الضربة اقترب كثيرًا، وقد عُضِّدَ ومُنِحَ الضوء الأخضر من قِبَل آية الله السيستاني بآلية متصاعدة متوعدةً أميركا بالويل والقصاص.

٤- لا مُستقبل لأميركا في العراق، ولن يُسمح لها بالبقاء به؛ فعملية الربط التي أظهرها موكب قادة النصر بين مقولة الإمام الحسين (ع) برفضه للذل وبين القواعد الأميركية في العراق؛ لَهُوَ أبلغُ وأفصحُ دلالة على وجوب ترحيل القوات الأميركية من العراق؛ سواء أكان ترحيلًا عموديًا أم أفقيًا، وعملية الربط هذه انطلقت من الضريح المقدس.

٥- هذه تعبئةٌ ثوريةٌ تُحلِّق من العراق إلى إيران، ولبنان (حزب الله)، وأنصار الله اليمن؛ فالإسلام الثوري واحدٌ.

المطلوب:

أ- المحافظة على قيمة القوة الفائضة (الحشد الشعبي)، وتدعيم وتعضيد (موكب قادة النصر)، وتطوير حركته لتتفرَّع من كربلاء المقدسة إلى المراقد المقدسة كلها، تحت اسم الموكب نفسه، وتُتلى البيانات نفسها، ثم يُهيمن بحضوره على محافظات الشيعة ومراقدهم ومقدساتهم كلها؛ ديمومةً وتعاظمَ قوةٍ.

ب- يُدعم الموكب وأهدافه في القنوات الفضائية الشيعية كلها، وفي صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن قِبَل أصحاب المنابر، والمؤسسات والمراكز الدراسية والثقافية.

ج- يُعْقدُ مؤتمرٌ للمقاومة تحت اسم (مؤتمر قادة النصر) -أو ما يرتئيه أُولو الشأن مِن اسم- في كربلاء المقدسة بحضور وفود عن: الجمهورية الإسلامية، أنصار الله من اليمن، حزب الله من لبنان… لأنّ هذا التصعيد يفرض تراجعًا وانكفاءً أميركيًا بالتوازي مع التغييرات العالمية.

والحمد لله ربِّ العالمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى