أحدث الأخبارلبنانمحور المقاومة

الحكومة اللبنانية بين الحريري ولعب الاوراق المحروقة

مجلة تحليلات العصر - حسین الموسوي

بعد اشهر من الازمة التي تحكم قبضتها على الحياة السياسية في لبنان، بات واضحا ان مفاتيح الحل وكذلك عقد العرقلة المتعلقة بهذه الازمة مرتبطة بشكل مباشر بلاعبين خارجيين اكثر منها بالقوى السياسية داخل لبنان.
العالم – قضية اليوم

منذ ايام طرح رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ورقته الاخيرة ربما املا في العودة الى الحياة السياسية من باب رئاسة الحكومة وهذه المرة بصورة المنقذ الذي سيعيد سعر الليرة الى سابق عهده والاستثمارات ويرفع العقوبات الاميركية التي فرضت على لبنان بعد تشكيل حكومة حسان دياب.

الحريري الذي كان رئيسا للحكومة حين اندلعت الاحتجاجات قبل عام تحديدا، اراد العودة بشكل مختلف ووصفة مغايرة، محاولا تعويض الفرصة التي فاتته خاصة بعدما رفض ترؤس الحكومة عقب استقالته مباشرة، لاسيما وان الاحزاب اللبنانية باغلبها كانت مؤيدة لعودته بعد الاستقالة.

الحريري انتظر عاما ليقرر العودة لكن توقيته قد يكون متأخرا بعض الشيء. فالمبادرة الفرنسية التي تمسك بها للعودة بدأت تفقد بريقها، والاحزاب الحليفة التي كانت في صفه حين استقال لم تعد كذلك وبات هناك ما يسمى بنادي رؤساء الحكومة السابقين الذي يدخل نفسه في تفاصيل التشكيل والتكليف والتأليف.

الحريري اختار صفة حكومة اختصاصيين في محاولة منه لاقناع القوى السياسية انه الأنسب لتولي رئاسة الحكومة، لكن مهمة تمرير هذه الصورة لدى الكثير من القوى السياسية الفاعلة في البلاد لن تكون بالأمر السهل، ويكفي الالتفات الى الدعوات للتظاهر التي بدأت تظهر من جديد رغم إعلانه عن صفة الاختصاص.

وفي حال فشل الحريري في تسويق نفسه من جديد فإنه سيعيد الازمة الى نقطة الصفر مع غياب الاسماء التي يمكن ان تحظى بالقبول الداخلي والرعاية الخارجية لادارة المرحلة المقبلة والتي تعتبر من اكثر المراحل حساسية وخطورة في تاريخ لبنان. وهنا يبدو الوضع اكثر ضعفا امام محاولات قوى خارجية التدخل واخذ الامور الى ما يخدم مصالحها وتوجهاتها واجنداتها، والحديث هنا عن الولايات المتحدة.

من الضروري التساؤل عن الدافع وراء إطلاق الدعوات لعودة التظاهرات والاحتجاجات (بحجة مرور عام على انطلاق الاحتجاجات التي اودت بحكومة الحريري السابقة). وايضا التساؤل عن مواقف بعض القوى التي استغلت التطورات الاخيرة لتلمح الى ما تسميها “بالثورة” حتى تحقيق الاهداف والكلام هنا على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. كلام حين يخرج من شخصية مثل جعجع فانها تنذر بسيناريوهات ليست بالبريئة.

هذه السيناريوهات ترتبط حكما بالاجندات الخارجية وتحديدا الاميركية. وعليه فان السيناريو الاقرب للواقع هو استمرار الازمة ومراوحتها مكانها، وبالتالي غياب اي حل وانفراجة الى ما بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية، لان الاجندة الاميركية في لبنان تمتلك بعدا غير البعد الاقتصادي والسياسي وهو استهداف المقاومة ومن خلفها محور المقاومة وعلى رأسه ايران.

وبالتالي فان المسار الاوضح للمواجهة بين محور المقاومة والمحور الاميركي سيظهر بعد الانتخابات. وهنا لا بد من الاعتراف بأن اي سيناريو سيفرض نفسه بعد الانتخابات الاميركية لا بد وان ياخذ بعين الاعتبار وزن حزب الله في الحياة السياسية اللبنانية، ولا يجب ان يتم تخيير اللبنانيين بين حزب الله والمقاومة وبين رفع العقبات وعودة الدولار الى سعره السابق وانفراج الاوضاع في لبنان.

اذا كان سعد الحريري قطع على نفسه طريق العودة الى رئاسة الحكومة، فيجب الإبتعاد عن المقاربات السابقة واعادة الاوراق المحروقة الى طاولة الجدل والعلاقات السياسية وادخالها على خط ازمة لبنان السياسية والاقتصادية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى