أحدث الأخبارفلسطين

الخطاب الثقيل و الإنذار الأخير

✏أ. هلال نصار

👈 تشهد فلسطين المحتلّة حالة أشبه ما تكون بالسباق بين التهدئة والتصعيد، وسط قرار صهيوني إلى انتزاع فتائل التفجير، على رغم ما أظهرته المواجهات الأخيرة في القدس من عدوانية ظلّت مضبوطة بسقف تفادي المواجهة الشاملة، ولم يأتِ التبادل «التحذيري» لإطلاق النار ما بين غزة وتل أبيب، إلّا ليعزّز قناعة الأخيرة بضرورة عدم الانجرار إلى معركة جديدة، خصوصاً في ظلّ ما أظهرته الأولى من قدرات نوعية ستَحضر على طاولة القرار الصهيوني، وفي انتظار ما ستحمله الأيّام المقبلة نتيجة اقتحام المسجد الأقصى والاعتداء على المرابطين، وستظلّ المقاومة على تأهّبها، توازياً مع إيصالها رسائل واضحة إلى المعنيّين بأن لا تهاون في الحفاظ على معادلات «سيف القدس» التي أعادت الاعتبار للقضية الفلسطينية ولا مجال للاحتلال إلا بالرحيل عن أرضنا، وجعلت المقاومة تشكل طريقاً استراتيجياً للوصول الى أهدافنا، ووجهت ضربة قاسمة لمشروع أوسلو والتنسيق المدنس، وأعادت رسم الأوزان في المنطقة فأصبح القطاع عامل مؤثر في معادلة الصراع مع الاحتلال، وأفقدت الكيان عنصر المبادرة في المواجهة وعززت من الانقسامات الصهيونية الداخلية على الصعيد السياسي والإجتماعي والإقتصادي.

👈 أفشلت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة للعام الثاني على التوالي مسيرة الأعلام الصهيونية تزامناً مع صمود المرابطين والمقدسيين في المسجد الأقصى المبارك بالقدس المحتلة، بعد عام على معركة سيف القدس خلال مايو 2021، زاد صمود الفلسطينيون وتصديهم لقوات جيش وشرطة الاحتلال ومستوطنيه ومنعهم من تنفيذ مخططاتهم في اقتحام الأقصى وافشالهم لمسيرة الأعلام للعام الثاني في أبريل 2022، فيما نجحت المقاومة الفلسطينية في غزة والمرابطين في القدس بإعادة ربط الكل الفلسطيني ببعضه وفرض معادلة #الوطن_الواحد (غزة-القدس) والذي تحدثت به وأفردته بمقال سابق، فالمقاومة في غزة وما يقوم به أبناء شعبنا في القدس والضفة يسعوا لإبقاء المعركة مفتوحة مع الاحتلال ومتعددة الأدوات وترى المقاومة ضرورة لتمدد ساحاتها، وتعمل المقاومة على تحويل المعركة لقلب الكيان بكل الأدوات والوسائل الممكنة ما يجعله يهتز أمام ضرباتها، لكن ما جرى مؤخراً من أحداث في القدس استطاعت المقاومة خلاله فرض معادلاتها على المحتل وأرضخته على وقف الاقتحامات ومنع مسيرات الأعلام، وأوقفت تدنيس المستوطنين الصهاينة للأقصى دون أطلاق صاروخ واحد، وذلك يمثل صفعة موجهة لقادة الكيان ولكل المطبعين معه.


👈 هل باتت المواجهة العسكرية الشاملة بين إسرائيل وقطاع غزة مسألة وقت؟ سؤال فرض نفسه على طاولة التقدير، بعد تبادل التهديدات بين المقاومة والاحتلال حيث لم يكد يمضي عام واحد على انتهاء معركة «سيف القدس»، حتى عادت غزة لتتصدّر المشهد من جديد، على رغم أنّ آثار الحرب الماضية لم تَغِب منها سوى بقايا البيوت المهدّمة التي أتمّت الطواقم المصرية عملية إزالتها، والمتابع للشأن الفلسطيني ينظر ويقرأ السطور بما تحمله من معاني ما بين خطاب السنوار الأخير وخطاب الملثم أبوعبيدة وتهديدات الاحتلال بعودة الاغتيالات وتدخل الوسطاء لتهدئة الأوضاع، يعلم أن المواجهة بدأت بمسار تنفيذ عنصر المباغتة والضربة الأسبق مؤلمة فالمقاومة جاهزة والاحتلال حذر ومرتقب ويخشى ما يحذره نتائج معركة (حارس الأسوار-سيف القدس).

👈 عملية إلعاد البطولية زلزلت أركان كيان العدو وشكلت الشرارة التي هزت صورته بمقتل 3 مستوطنين وإصابة آخرين، كما أن فرار منفذيها الأبطال فجرت جدالاً في أروقة السياسة والأمن داخل الكيان الصهيوني نتيجة عدم السيطرة على الحدث بعد عملية ديزنغوف التي نفذها رعد حازم.
رعب صهيوني خلق فوضى سياسية غير مسبوقة مما أسفر عن حالة من الرعب داخل المجتمع والشارع الصهيوني وتخوفات من مستقبل مجهول قد يفضي إلى انهيار الكيان، حيث أعقبت عملية العاد البطولية إلى إعادة بث الإعلام العبري مقاطع من خطاب القائد السنوار التي دعا فيها الشباب الثائر لاستئناف العمليات الفردية وشكلت ربكة إعلامية أدت نتائجها إلى حالة صدمة وإرباك بوسائل الإعلام العبرية انعكست على الوضع الداخلي لدى الكيان واحدثت اتساع الفجوة وحالة من الفزع بين الجمهور والحكومة الصهيونية.
أزمة داخلية أعقبت عملية العاد بالإعلام العبري نتيجة حالة من الفوضى السياسية بأروقة القرار الصهيوني تمخض عنها خلافات وتبادل للاتهامات الداخلية التي قد تصل إلى حل او انهيار الائتلاف الحكومي لنفتالي بينيت، الأمر الذي يهدد مستقبل الكيان نتيجة عدم الاستقرار الآمن وفشل المنظومة الأمنية والاستخبارية وعطب قوة الجيش على السيطرة العسكرية.
هذه العمليات البطولية شكلت فزعاً وجدالاً وسط الجمهور اليهودي نتيجة فشل تحقيق الردع أمام تحريض المقاومة لها في القدس والداخل المحتل، كما أن المعلومات الاستخبارية لدي جيش وشرطة الاحتلال لم تستطع توقع العمليات الفدائية الفلسطينية بل وصارت متهمة من جمهورها بالفشل الذريع والخوف الصامت من تهديدات المقاومة ومنع مسيرة الأعلام بهدف الحفاظ على نجاح ائتلافها، وفشلت جماعات الهيكل للعام الثاني على التوالي من الوصول لباب العامود خلال مسيرة الأعلام الصهيونية تحت وطأت تهديد المقاومة في غزة وصمود المقدسيين.

👈 تصدر رئيس حركة حماس في إقليم قطاع غزة يحيى السنوار عناوين الأخبار المحلية والدولية عقب خطابه في يوم القدس العالمي، والذي تناول فيه رسائل عدة، كما يعد الخطاب الأول والأبرز للسنوار منذ انتهاء معركة سيف القدس 2021، خطاب السنوار هو خطاب قوي بلغة الحرب أربك قيادة الاحتلال وأدخله في دوامة الخلافات الداخلية ومنع مسيرة الأعلام ووضع قواعد اشتباك على مستويات مختلفة من الخطاب الاقليمي والدولي وارسال رسائل تحذيرية مفادها الأقصى خط أحمر، حيث بدأ الخطاب بالتحذير من المساس للمسجد الأقصى المبارك وفرض معادلة مغايرة عن الواقع وهذه المعادلة الأولى التي تطرح فيها قرارات حاسمة للقضية الفلسطينية سياسياً وعسكرياً وفكرياً وجغرافياً جاهزة للتنفيذ، لكنها مشروطة بملعب العدو الصهيوني في حال اعتدائه واقتحامه أو تدنيس مستوطنيه أو جنود جيشه لأقصانا الطاهر المقدس، وما زالت في حقيبة الفلسطينين الكثير من العمليات البطولية والمفاجئات التي لم يدركها المحتل الصهيوني من حيث طبيعة وجغرافية وتوقيت التنفيذ، أحداث متتالية وسريعة ومرعبة غير متوقعة يعيشها المستوطنين الصهاينة، وتحمل في طياتها تفاصيل متواصلة وأحداث متلاحقة تلك الأحداث تحمل شرارة حرب دينية إقليمية شاملة.


👈 خطاب الملثم أطلَّ عَلينا بِـ كُوفِيَّة العيَّاش وعَقل، مُتحدِثًا بِـ لسَان الضَيف، تحدث بما قل ودل وهو خطاب له ما بعده ولم يخرج علينا هكذا إلا بِصدق لوضع النقاط والحروف سويا ولم نعهد على خطاباته تهديدا بل علمنا تنفيذ ما يقول ونعلم ترجمته واقعياً وميدانياً، فإن اتخذ الاحتلال قراره بالمساس بقيادة المقاومة فلينظر موقعه في جهنم.

*ختاماً:* من الواضح أن الحكومة الصهيونية قد أسأت فهم معادلة المفاوضات وقواعد الاشتباك، فالرسائل ما زالت متاحة والوقت ينفذ وعليها أن تعي اللعب بالنار يحرق تلك الأصابع، حذرناكم لكنكم لم تفهموا.. وأيدينا على الزناد وعلى أتم إستعداد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى