أحدث الأخبارفلسطين

الخطاب القيادي الفلسطيني وتجربة زيلينسكي

عماد عفانه

بعيدا عن كون زيلينسكي ممثل كوميديان سابق، وبغض النظر عن كونه أداة في يد الولايات المتحدة الأمريكية في حربها على روسيا، وبصرف الانتباه عمن يملك الحق من عدمه في الحرب بالوكالة المندلعة في أوكرانيا.

فقد لفت انتباهي كمتابع كما الجميع لمجريات الحرب، ولتحركات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أنه يحسن توظيف النافذة الإعلامية التي أتاحتها له الولايات المتحدة الأمريكية، لمخاطبة أكبر البرلمانات في العالم، مثل الكونغرس الأمريكي، والبرلمان الألماني، ثم الإيطالي، والكنيست الصهيوني، وأخيرا البرلمان الياباني.

فزيلينسكي يطل عليهم بخطاب عاطفي يناسب كل برلمان على حدة، فبخطابه أمام البرلمان الياباني ذكرهم بتهدد بوتين الأخير باستخدام السلاح النووي، مذكرا إياهم بما تعرضوا له من آلام جراء استخدام السلاح النووي ضد بلدهم.

كما كان قد وصف في خطابه أمام الكنيست الصهيوني ما تتعرض له أوكرانيا بالهولوكوست كالذي تعرض له اليهود في ألمانيا.

يتميز خطاب زيلينسكي بإتقانه اللغة السياسية التي تتحصن بالقانون الدولي والإنساني، والتأكيد على حبه للسلام وللعيش بحرية وأمن واطمئنان، في إطار تجييشه ضد روسيا لفرض العقوبات عليها ومقاطعتها والضغط عليها لوقف الحرب على بلاده.

يظهر زيلينسكي امام برلمانات العالم، لأن الولايات المتحدة التي تقف خلفه تمكنه وتسهل له هذا الظهور، في إطار تجييش العالم ضد روسيا، ضمن مخطط شيطنتها، عزلها وتفكيكها.

وما يتاح لزيلينسكي لا يتاح لممثلي قضيتنا الفلسطينية، فلا دولة عظمى تقف خلف قضيتنا، وحتى دول أمتنا العربية والإسلامية تمتنع عن استقبال قادة ثورتنا، ولا تسمح لهم بمخاطبة برلماناتها، في إطار حشد الدعم والتأييد لقضيتنا ولحقنا.

ولم يتاح لأبو عمار القاء خطاب امام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13/11/1974، إلا في سياق إعلانه حمله لغصن الزيتون، والاستعداد للانخراط في العملية السلمية، والاعتراف بقرارات الأمم المتحدة التي 242 و338 التي تنال من حقوقنا المشروعة.

فهل يمكن لقادة ثورتنا ومقاومتنا التغلب على هذه المعضلة، وانهاء حالة العزلة المضروبة، وكسر الحواجز، وتكثيف الحضور، وانهاء حالة الغياب، وتعزيز الحشد والتأييد، عبر محاكاة تجربة زيلينسكي في مخاطبة برلمانات العالم وشعوبها!.

بالتأكيد نعم يمكن، فانه محظور على أصحاب الغايات السامية والأهداف النبيلة الاستسلام للعراقيل والحواجز التي يضعها العدو واذنابه في وجوهنا، بل وعلينا توظيف التكنلوجيا التي يحاربوننا بها في تحقيق أهدافنا.

لا يخفى على الجميع أن زيلينسكي المحاصر والمختبئ داخل أوكرانيا خشية الاعتقال او الاغتيال من القوات الروسية، يستخدم التكنلوجيا الحديثة، وما توفره وسائل التواصل، لمخاطبة قادة العالم وبرلماناتهم.

وقادة ثورتنا أنى كانت أماكن تواجدهم، يمكنهم محاكاة تجربة زيلينسكي، وتوظيف التكنلوجيا الحديثة، وما توفره مواقع التواصل، لمخاطبة ساسة وأحزاب وشعوب دولنا العربية والإسلامية، فضلا عن قادة وشعوب العالم، وتوجيه خطابات سياسية بعباءة عاطفية، ذات بعد قانوني ودولي، موجهة إلى مختلف الشرائح السياسية أو الحزبية أو الشعبية الجماهيرية.

على أن يسبق هذه الخطابات حملة قوية، منظمة، احترافية وعميقة، للترويج لها في كل دولة يستهدفها الخطاب.
خطاب يناسب لغة وبيئة وثقافة تلك الدولة وخلفيتها التاريخية، وتاريخ نضالها ودعمها لحقوقنا، لناحية تهيئة الراي العام هناك.

والتحضير ميدانيا عبر المناصرين لحقنا هناك لاستقبال الخطاب على مختلف المستويات، إعلاميا، سياسيا وجماهيريا، رسميا وشعبيا، لجهة احداث الأثر المطلوب، في إطار التحشيد لدعم قضيتنا ومقاومتنا بكافة السبل والوسائل، والقطع مع العدو الصهيوني، وحظر التطبيع معه، ومحاربة مصالحه وامتداداته على أراضيهم.

الاعلام ووسائل التواصل والتكنلوجيا الحديثة، عالم قائم يمكننا من الوصول إلى كل مكان، لناحية تحقيق الأهداف المطلوبة بأقل التكاليف الممكنة، وما علينا سوى حسن التوظيف والاستخدام، وفي شعبنا وأحرار أمتنا من الطاقات والكفاءات ما يمكننا من فعل ذلك، إذا، إذا توفرت الإرادة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى