أحدث الأخبارشؤون اوروبيية

الخطة أ والخطة ب في الحرب الروسية-الاوكرانية

مجلة تحليلات العصر الدولية - علي الربيعي

الخطاب الاطلسي-الامريكي لروسيا قبل الحرب الروسية- الاوكرانية ليس هو نفسه عندما ابتدأت الحرب والخطاب بعد ايام من ابتدائها بات يختلف كليا عن أول يوم منها. ففي كل مرحلة من مراحل الصراع التي سبقت الحرب حتى شن اول هجوم يلاحظ ان الرئيس الروسي بوتين كان يتلقى الصراخ والتهديد الامريكي بكل هدوء ربما لمعرفته ان هذا الصراخ هو ليس الا تمثيل هوليودي معه لردعه من بدأ الحرب ومع الاوربيين لطمأنتهم. امريكا سرعان ما ادارت ظهرها في الدفاع عن اوربا، ذات التسليح الغير المتكافئ امام السلاح الروسي المتقدم رغم التكنولوجيا التي تمتلكها اوربا، بسبب السيطرة السياسية الامريكية المطلقة على الحلف الاطلسي. ما ان انطلقت اول قذيفة روسية باتجاه اوكرايينا تركتهم (امريكا) لتتوارى خلف مياه الاطلسى كمراقب ليبقى الغرب الاوربي وحده يواجه نار الحرب التي لا يدري متى يكتوي بها. هل عندما يخمدها ويوقف رحاها وهي لاتزال تطحن البشر والالة على حد سواء في الاراضي الاوكرانية. ام عندما تزحف الى بلدانها لتكون جزأً منها دون امريكا.

الملاحظ في حملات التغطية الإعلامية لهذه الحرب انها مركزة على الاعلام العنصري لكل الفضائيات بدون استثناء حتى الفضائيات العربية التي باتت تحاكي الاعلام الصهيوني بدون حياء، بإستثناء ما رحم ربي من الفضائيات. وهذا ما جعل الحقيقة هي الضحية في هذه الحرب. على رأس قائمة هذه الفضائيات المتصهينة هما الجزيرة والعربية، اللتان تتحدثان وكأنهما جزء من الاعلام الإسرائيلي. واللتان لم تأنان في يوم ما او تقفا الى جانب مشاعر العرب والمسلمين في حدث عربي او اسلامي الم بالامتين. والملاحظ ايضا في هذه الحرب ان الداخل الروسي وخصوصا الاقتصادي لايزال في تأثره الادنى مقارنة بالانهيارات الخدمية والسياسية والعسكرية الاوكرايينية. اذ على الصعيد الاقتصادي يبدو ان الجزء الاكبر من فاتورة الحرب مدفوعة لروسيا سلفا من قبل الصين التي فضلت انتظار النتائج بهدوء. ودفع الصين لفاتورة الحرب ليس حبا بموسى بقدر ماهو عداوة لفرعون كما يقول المثل. الهجوم الروسي بدأ يحكم سيطرته على اراضي شرق نهر الدنيبير، الفاصل بين شرق وغرب اوكرايينا، التى كانت تسكنها قبائل القوزاق الروسية في اواخر القرن السادس عشر الميلادي المعروفة بشدة بأسها في القتال والتي متمركزة الان في اقليم الدونباس شرق اوكرايينا المليئ بالنفط والغاز الصخري (السيشت) تحت الارض والتي فوقها تراب زراعي خصب تكفي محاصيله ان تكون سلة غذاء القارة الاوربية باكملها. قراءة يوميات الحرب وما قبلها تشير ان روسيا تلاحق الصيد الثمين الذي يلاحقه الصياد . معالم نهاية الحرب بدأت تتضح فهي (روسيا) وضعت للحرب خطتين الاولى أ والثانية ب وكلاهما من ظمن رقعة الشطرنج بين اوربا وروسيا أيهما نفذت استطاعت روسيا في النهاية انهاء ملك الشطرنج بالكلمة المعهودة كش ملك ووقفت موقف المفاوض المنتصر.

الخطة أ هي السيطرة على الاراضي الاوكرايينية الواقعة شرق نهر الدنيبير. وهذه الخطة أكملها الجيش الروسي في الأيام الاربعة الاولى من الحرب بعد ان استطاع سحب ١٢٠ الف جندي من الجيش الاوكراني الى جيب مقاطعة دونباس وجعله داخل كماشة ما جعل الاراضي الاوكرانية التي خلفه مكشوفة لتقدم الالة العسكرية الروسية وإنهاء المضادات الجوية الاوكرايينية. بعد الاندفاع داخل اوكرايينا فان الأراضي التي امسكتها روسيا شرقي الدنيبير لم تعد داخلة في المفاوضات القادمة بين الاطلسي وروسيا. ولن ترجع الى السيادة الاوكرايينية بعد الحرب، اذ اعترفت روسيا بالجمهوريتين في اقليم دونباس هما لوغانسك ودونستك. اما الخطة ب فهي السيطرة على كامل الاراضي من ظمنها العاصمة كييف وصولا الى حدود اراضي دول حلف الاطلسي. وهذا معناه الاقتراب من الخطوط الشديدة الاحمرار في الصراع الروسي الاطلسي. الرسائل العسكرية الروسية تعدت الخطوط الحمراء حين وضعت قوة الردع الاستراتيجي والنووي على اهبة الاستعداد. الرسائل الروسية التى أبلغت للغرب انها تفيد ان روسيا مستعدة لكل الاحتمالات التي قد تدخل في الصراع. الاخبار اليومية تدلي ان هناك مفاوضات روسية-اطلسية (قد تكون اوكرايينية) جارية على الاراضي البلاروسية رغم انها لا تدعو الى التفاؤل لان هناك شكوك بوجود حكومة اوكرانية بقيت في العاصمة كييف تصادق على نتائج المفاوضات ان لم تكن غادرت البلاد وتركت الشعب يواجه مصيره. واذا كانت برعاية امريكية فإن الرئيس بيوتن نسفها من البداية حين صرح قبل بدأها ان الغرب هو إمبراطورية الكذب. كذلك فإن الشارع الروسي يدعو الى استمرار الحرب للقضاء على التيار العنصري في اوكرايينا، كي ينتهي الصراع التاريخي بين القوميتين. التكهنات اليومية عن معطيات الحرب تتجدد كل يوم حسب تراجع جيش وتقدم اخر. ما لم يقف هدير الرصاص واصوات المدافع بين الطرفين لايمكن الوقوف على أخر نتيجة للحرب بما ربح المنتصر وفقد الخاسر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى