أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

الدستور الدائم ودوره في أزمة العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان

مجلة تحليلات العصر الدولية - د . نوري الطيف

المدخل

يشكل الدستور في الأنظمة القانونية في جميع الدول المرجعية لجميع القوانين ويحتل قمة هرم النظام القانوني ، ويتعذر تشريع وصدور اَي قانون دون ان يسند الى مادة دستورية ، ولتلافي هذا الامر في عهد صدام منح مجلس قيادة الثورة حق اتخاذ القرارات الملزمة بغض النظر عن النصوص الدستورية كما تم تجاوز صلاحيات واختصاص البرلمان .

فالدستور وسيلة لتحديد صلاحيات السلطات الثلاث وضبط العلاقة بين مختلف السلطات حسب نظام الدولة سواء كان مركزيا او لامركزي او فيدرالي .
اذا تطرقنا الى نموذج العراق فهو جديد في نوعه فقد ظهر اقليم كوردستان منذ سبعينات القرن الماضي اَي قبل الدستور الدائم الحالي .

سأتناول الموضوع باختصار وعدم الدخول في تفاصيل القضية الكوردية ، فتاريخها منذ الحرب العالمية الاولى وقبلها وختمت باتفاقية ساكس بيكو التي مرت ذكراها المئوية وبموجبها تم توزيع المنطقة بين بريطانيا وفرنسا بعد هزيمة ألمانيا وحليفتها تركيا الحرب .
فالكورد أمة موزعة بين عدة دول حاليا هي تركيا وإيران والعراق وسورية ، وسلبت حقها في تقرير مصيرها ، رغم تثبيت هذا الحق كمبدأ من مبادئ منظمة الامم المتحدة في المادة الاولى ثانيا وفي أعقاب ذلك صدرت العديد من القرارات بهذا الخصوص .
ولكن عندما اضحى الكورد كأمة موزعة بين عدة دول ويحملون جنسياتها اصبحوا جزأ من شعوبها وأصبح الفيصل في اوضاعهم وعلاقاتهم الدستور في جميع المجالات وتسويت المشاكل .

وسنتناول الموضوع في محورين ؛
١- كيف ظهر اقليم كوردستان في العراق دون الدول الاخرى .
٢- العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم في ضوء الدستور الدائم .
استحداث اقليم كوردستان العراق
نشأ الإقليم بموجب بيان 11 اذار عام 1970 واستنادا لهذا البيان عدل دستور عام 1970 المؤقت بقرار من مجلس قيادة الثورة رقم 247 بتاريخ 11 آذار عام 1974 واستنادا الى تعديل الدستور شرع قانون الحكم الذاتي رقم 33 لسنة 1974 .

وبموجب هذا القانون ولد اقليم كوردستان العراق دستوريا أي قبل اكثر من سبعين عاما قبل صدور الدستور الدائم الحالي .
وهذا الامر لم يأتي منة او تفضلا من حكومة البعث ، بل بعد معانات وأوقات مظلمة من الاضطهاد والتهجير والقتل بسبب حروب صدام ومن ابرزها جريمة الأنفال جريمة العصر الكيماوي ( جريمة حلبجة ) التي ذهب ضحيتها اكثر من خمسة آلاف طفل وإمرأة ورجل من مختلف الإعمار ، وفي التسعينات أعلنت منطقة اقليم كوردستان العراق منطقة آمنة ، وبدأ الكورد إدارة وممارسة شؤونهم
ليس كجزءمن دولة بل شبه دولة .
وبعد عام 2003 انظموا طوعا وبضغط من دولة الاحتلال وأصبحوا جزءأ من دولة العراق .

وبموجب قانون الحكم الذاتي ، بدأ الكورد بممارسةالسلطة في الإقليم باستحداث مجلس تشريعي واخر تنفيذي استنادا الى نص المادة العاشرة من قانون الحكم الذاتي .
ولكن القانون شدد في مادته الاولى الفقرة تاسعا على ان منطقة الحكم الذاتي ( جزء لا يتجزأ من ارض العراق وشعبها جزء لا يتجزأ من شعب العراق ) ، وأضافة الفقرة ج من نفس المادة الاولى على ان ( المنطقة الكوردية هي وحدة ادارية واحدة لها شخصية معنوية تتمتع بالحكم الذاتي في إطار الوحدة القانونية والسياسية والاقتصادية للجمهورية العراقية ) ، وهذا يعني ان المنطقة جزء من ارض العراق وشعبها جزء من شعب العراق ، ولم يتحدث القانون عن مناطق متنازع عليها في دولة واحدة ، وتم تجاهل كل هذه النصوص رغم مرور زهاء ثلاثون عاما عليها تم تجاهلها في دستور 2005 الحالي .
المحور الثاني

أزمة العلاقة بين الحكومة الاتحادية
وحكومة الإقليم ؛

يكمن أساس الأزمة في مرجعيتها وهو الدستور الحالي ، فقد تم بناء الدولة الحديدة على أسس سياسية
وقواعد قانونية وعرفية مستحدثة سبقت وضع الدستور حتى منذ ايام
المعارضة ومنها المحاصصة والتوافق بالمفهوم السلبي الذي يجهز على الديمقراطية ويتجاهل رأي الغالبية .
كما توجد مرجعيات اخرى لازمة العلاقة بين المركز والإقليم وتتمثل ب :
١- الشعب العراقي باعتباره مصدر السلطة وشرعيتها ، وتجاوز دوره
٢- المرجعية الدولية ودورها السلبي وتبرز في ؛
أ – منظمة الامم المتحدة
ب- الراعي الأمريكي المحتل
وهذه الأمور تحتاج الى بحث خاص مستقبلا .
( ٣) المرجعية الإقليمية ( الدول العربية وخاصة المجاورة ودول الجوار إيران وتركيا
وسيكون لنا عدة لهذه المؤثرات
ولكي لا أطيل على القارئ الكريم سأختصر الامر على اهم مرجعية للازمة حاليا وهي موضوع بحثنا المباشر ( الدستور النافذ ) وما حمل من عبوات ناسفة للتفجير بخلق علاقات تصادم وتطاحن وسلب ما ممكن سلبه بدل وئام وتعاون لبناء دولة فيدرالية متطورة .

وبالمناسبة تابعت زيارة السيد تجرفنا برزاني رئيس الإقليم الى فرنسا فقد أعلن ( ان المشكلة الجوهرية في العلاقة بين اقليم كوردستان وبغداد هي عدم تعامل بغداد مع الإقليم وفق النظام الفيدرالي ، وان النظام الفيدرالي هو جديد على العراق ، وان الأوان على ترسيخ النظام الفيدرالي في العراق.
وعندما وجهت له إعلامية في مؤتمره الصحفي بشأن النظام الفيدرالي لم يوضح ذلك بل اجاب ان فرنسا دولة أوروبية مهمة في أوروبا وعضو دائم في مجلس الأمن دور مهم في الاستقرار السياسي في
المنطقة ) .

فهل يعلم فعلا ما هو النظام الفيدرالي خاصة وانه تجاهل الايجابة على السؤال .
والملاحظة الثانية قام بزيارة السفارة العراقية في باريس وهو يرفع على سيارته علم اقليم كوردستان فقط بدل ان يرفع العلمين العراقي وعلم الإقليم ، فهل هذا من مفهوم الفيدرالية لديه .
نعود الى موضوع الدستور ، وسوف
لا اتحدث عن جميع معضلات الدستور وإنما سأقتصر على المواد التي تثير أزمة العلاقة بين الحكومتين وليس الشعبين العربي والكوردي رغم ان الدستور يتحدث عن شعب واحد يحمل جنسية واحدة لانهم مجموع مواطنين في الدولة العرب والكورد وباقي المكونات وتربطهم وشائج لا تعد ولا تحصى لا يمكن فصمها تأتي في المقدمة منها صلة الدم والقربى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى