أحدث الأخبارايرانمحور المقاومة

الدواء.. سلاح ترامب الجديد ضد إيران  

مجلة تحليلات العصر - نبيل لطيف / العالم

المتحدثة باسم الخارجية الامريكية مورغان اورتاغوس أعربت عن “قلقها لتدهور الاوضاع الصحية” في ايران بسبب وباء كورونا، واعلنت عن استعداد الولايات المتحدة لتقديم “المساعدة” الى ايران لمواجهة تداعيات الوباء، إلا إنه وبعد يوم واحد فقط على هذه التصريحات، فرض مكتب مراقبة الاصول الاجنبية في وزارة الخزانة الاميركية حظرا على 18 بنكا ايرانيا، في اطار سياسة “الضغوط القصوى”، التي تمارسها ادارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب ضد ايران!!.

اللافت ان عددا من هذه البنوك التي شملتها اجراءات الحظر الأخيرة تتولى مهمة تحويل الموارد لشراء الدواء والغذاء، وان البنوك الأجنبية التي تتعامل مع هذه البنوك الايرانية، حصلت عمليا على الإعفاءات والتراخيص اللازمة من قبل وزارة الخزانة الامريكية، لتوفير الموارد للتبادل المالي مع ايران لشراء الدواء والغذاء.
عمليا الحظر الامريكي الجديد يعتبر اعلان حرب اقتصادية طبية غذائية ضد الشعب الايراني وبشكل مباشر، بهدف تركيعه امام الجوع ووباء كورونا، إنتقاما منه لالتفافه حول قيادته، التي حاولت امريكا على مدى اربعة عقود ان تدق اسفينا بينها وبين الشعب الايراني، من خلال اعتماد سياسة منافقة مخادعة، كانت تدعي دوما ان الحظر والعقوبات تستهدف القيادة الايرانية وليس الشعب الايراني، على أمل خلق حالة من الاستياء بين الايرانيين ودفعهم للنزول الى الشوارع.
المستهدف الاول والاخير من كل العقوبات وسياسات الحظر الامريكي السابقة ضد ايران كان الشعب الايراني، الا ان تلك العقوبات كانت تبدأ دائما بديباجة منافقة لطالما كررتها ادارة ترامب، كالتضيق على القيادة الايرانية، او حرمان حرس الثورة الاسلامية من الموارد المالية، او منع ايران من مساعدة حركات المقاومة في المنطقة، او..، الا ان الحظر الجديد جاء بدون تلك الديباجة، فقد استهدف وبشكل مباشر ودون مقدمات الشعب الايراني من خلال فرض الحظر على بنوك ايرانية تتعامل مع شركات اجنبية لشراء الدواء والمعدات الطبية بترخيص من الخزانة الاميركية نفسها لمواجهة وباء كورونا وسد احتياجات المستشفيات الايرانية!!.
الحظر الامريكي الجديد ضد الشعب الايراني، قد يكون الخطأ الاخير في جعبة ترامب الا انه لم يكن الاول في كل الاحوال، فهناك اخطاء قاتلة ارتكبها في تعامله مع الشعب الايراني، منها انسحابه من الاتفاق النووي، وفرضه الحظر الاحادي الجانب على ايران، واصراره على تمديد الحظر التسليحي، وتهديده بتفعيل آلية الزناد، وهي اخطاء خرجت من رحم “نصيحة” دسها نتنياهو في رأسه عبر صهره كوشنير، وتقوم على فكرة مفادها ان الحظر والعقوبات كفيلة بتركيع الشعب الايراني امام ترامب، ودفع قيادته للتفاوض معه وفقا للشروط التي وضعها الثرثار بومبيو.
مرت اربع سنوات على نصيحة نتنياهو، ولكن الشعب الايراني لم يركع، وقيادته لم تتراجع، وايران لم تُعزل. أما ترامب فقد هُزم امام ايران التي رفضت التفاوض معه، وتراجعت حظوظه الانتخابية حتى تحول حلمه بالبقاء في البيت الابيض الى كابوس، وبلع رفيقه بومبيو شروطه الاثنا عشر وهو صاغر، وعُزلت أمريكا وتركها حلفاؤها مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا وحيدة منبوذة في مجلس الامن، ولم يبق في جعبة ترامب من سلاح يستخدمه ضد ايران الا الدواء، ليظهر بمظهر “الزعيم القوي”.. الذي “إنتصر” على المرضى في مستشفيات ايران!!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى