أحدث الأخبارفلسطينمحور المقاومة

الدَّولةُ المَارقَة.. وَبَرنَامَجَهَا النَّوَوِي الحَربِي

مجلة تحليلات العصر الدولية - الحسين أحمد كريمو

مفهوم الدولة محدد ومعروف وله مقومات وشروط لتسمى دولة، أهمها:
– الأرض التي تقوم عليها..
– الشعب الذي يسكنها ويُعمِّرها..
– الحكومة “الدستور والقانون” التي تحكمها..
فهذه الثلاثة الأساسية في قيام الدولة بالمعنى والمفهوم المعاصر وإلا فهي نظام، أو مقاطعة، أو ولاية، أو أمارة وما شئت فعبِّر عنها إلا أنها ليست دولة بالمعنى الدقيق، وأضافوا إليها حديثاً السِّيادة، والاعتراف الدَّولي، كما في الموسوعة الحرة: “إن العناصر الأساسية لأي دولة هي الحكومة، والشعب، والإقليم، بالإضافة إلى السيادة، والاعتراف بهذه الدولة، بما يُكسبها الشخصية القانونية الدولية”،
فمن أهم شروط قيام الدَّولة أن تكون مقبولة دولياً، ومهضومة من الدول المجاورة لها لتستطيع الحياة والاستقرار وأن تكون عامل أمن وأمان لجيرانها من حولها، فالحروب المستمرة هي أحد أهم أسباب انهيار الدول والحضارات عبر التاريخ..
وهذه الدول وقوانينها وحدودها، وجيوشها، وأرضها، وشعبها، المنتشرة على الكرة الأرضية وهي أكثر من مئتي دولة وكلها مضبوطة بالقوانين، والمعاهدات والاتفاقيات الدولية إلا كيان مصطنع لا يملك أي مقوِّم من مقومات الدَّولة، ولا يعترف بأي معاهدات تُعارض مصالحه، ولا يُقيم وزنا لأي أعراف، فتراه يُغرد منفرداً خارج كل الدول، وهذه حالهم منذ خمسة آلاف عام يعيشون في كانتونات مغلقة خارج الشعوب بل خارج التاريخ الإنساني لقذارتهم وعنصريتهم..
ذاك هو الكيان الغاصب لأرض ليست له بل للفلسطينيين منذ أقدم العصور حتى أنبياءهم جميعاً جاؤوا ضيوف على أرض الشام وهم ليسوا منها كما هو معروف ومشهور، حيث ولدوا في أور العراقية وطردهم منها النمرود والكلدانيون كما في التوراة الموَّر المعروف..
وكذلك شعبها فهم حثالات تجمَّعوا من كل دول العالم بأشكالهم، وألوانهم، ولا يجمعهم إلا الوهم الصهيوني، جاؤوا بطمع في الأرض التي تفيض سمناً وعسلاً، فهم شباب يحلمون بعيش رغيد، وعمر مديد، جاؤوا للحياة وأبغض ما لديهم الحروب وكل مسببات الموت أو الألم لا سيما وأنهم جبناء بأصلهم، وتحداهم الله تعالى بالموت بقوله: (قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (الجمعة: 6)
وأما الحكومة، والدستور، والقانون، الذي يحكمهم فهو قانون أكل عليه الدَّهر وشرب، لأنه من التوراة والتلمود الذي هو خارج عن أعراف التاريخ البشري منذ خمسة آلاف عام، وهم يحاولون تطبيقه وإحياءه في القرن الواحد وعشرين، والحضارة الرقمية..
فهؤلاء الأغراب الذين جاؤوا إلى فلسطين وليس لديهم حدود، ولا شعب، ولا قانون، وليسوا مقبولين لا دولياً، ولا في المنطقة المحيطة بهم لأنهم غدَّارون وطمَّاعون ويطمحون إلى ما لا يُمكن لهم وهو السيطرة على المنطقة الممتدة من الفرات إلى النيل وهم لا يتجاوزون الخمسة ملايين تسعهم مدينة صغيرة من مدن المنطقة..
كما أنهم لا يعترفون بأي معاهدات دولية تضع لهم حداً لجرائمهم وتصرفاتهم العدوانية على جيرانهم، بل على سكانهم العرب مسلمين ومسيحيين، ولديهم أكبر وأخطر برنامج نووي حربي تدميري في المنطقة، ويحتفظون بمخزون كبير (250 رأس) نووي تدميري يُدمِّر المنطقة العربية كما يقولون كذباً وزوراً وضحكاً على الناس لإخافتهم منها، والمفاعل (ديمونة) في صحراء النقب متداعي ومتهالك ويترنَّح للسقوط والإنهيار كما في تسريبات الأخبار أي سيكون وبالاً عليهم.
والعجيب الغريب أنك تراها دمَّرت بداية مفاعل في سوريا، ومفاعل في العراق، ومفاعل في السودان، كما هم أعلنوا رغم أنها ربما لم تكن مفاعلات نووية حربية بل مشاريع حضارية سلمية، وها هي في كل يوم تُهدِّد وترعد وتتوعَّد الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالحرب والدمار بحجة برنامجها النووي السلمي، وتُحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تُعرقله ولو بقتل عقوله وعلماءه الكبار وكان آخرهم الشهيد محسن فخري زارة (رحمه الله).
ورغم ذلك تراهم يعتدون على كل دول الجوار جهاراً نهاراً – كما يحدث في سوريا يومياً – وكأن المجتمع الدولي والأمم المتحدة لا تراهم ولا تسمعهم، لآنها على علم بأن أي قرار تتخذه ضدها سيسقط بالفيتو الأمريكي، وإذا لم يسقط فإنها لن تُنفِّذه وكأنه لا يعنيها، ولو كانت أي دولة من دول العالم تتصرف أقل بكثير مما يتصرفه هذا الكيان لأقاموا الدنيا عليها ودمروها بتحالفاتهم العدوانية الظالمة كما فعلوا في العراق واليمن وليبيا وغيرها من الدول الفقيرة..
تلك هي الدولة المارقة بكل معنى ومبنى هذه الكلمة، لأنها ليست دولة بل غدة سرطانية وُجدت في قلب الأمة العربية، وراحت تفتك بكل ما حولها وتنشر الفساد والدمار في كل مكان، أما آن لهذا المجتمع الدولي الظالم أن يتخذ موقفاً جاداً حيالها ليضبطها ويضع لها حداً تقف عنده.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى