أحدث الأخباراليمنمحور المقاومة

الذكرى السادسة للصمود والتحدي تطورات عسكرية مذهلة خلال العام السادس من الصمود.. الانهزام القادم لقوى العدوان

مجلة تحليلات العصر الدولية - أحمد داوود / خاص مجلة يمن ثبات

يدخل اليمنيون العام السابع من العدوان الأمريكي السعودي، وهم يحققون انتصارات كبيرة على المسارين العسكري والأمني، وهي انتصارات قلبت الطاولة على قوى العدوان، وأحدثت فارقاً هائلاً في الصناعات العسكرية ومسارات المواجهات الميدانية بعكس السنوات الماضية.

ويمكن القول: إن القوات المسلحة اليمنية حققت ثلاثة إنجازات عسكرية مذهلة، لا تزال تشكل هاجساً مرعباً لقوى العدوان، وغيرت في موازين القوى، ومسار المواجهة المستقبلية مع قوى الاستكبار العالمي، فالصناعات العسكرية اليمنية في تطور متصاعد ومذهل، وهذا الأمر يزعج الأمريكيين بالتحديد؛ فهم- ومنذ سنوات كثيرة- يتعاملون مع المنطقة العربية من منطلق الحرص على عدم امتلاك الدول العربية التقنيات والقدرات الخاصة بالتصنيع العسكري، بل يعيقون أي توجه للدول العربية والإسلامية للدخول في هذا المعترك.

بالنسبة لصنعاء فقد كسرت هذه القاعدة، وها هي تمضي بقوة في مجال التصنيع العسكري، ولا تخشى من أي تهديدات، وقد أثبتت نجاحاً في هذا الجانب أبهر الأعداء والأصدقاء معاً، وقد تصل إلى نقطة تجبر العدوان على إيقاف الحرب على اليمن «عنوة»، إذا لم يتم إيقافها عن طريق المفاوضات.

وبالتوازي مع التطور الصناعي العسكري للقوات المسلحة اليمنية، تتصاعد عمليات توازن الردع، والتي تأتي هي الأخرى في مسار تصاعدي، وكل واحدة تكون أكثر وجعاً وإيلاماً للعدو من سابقتها، وكل تلك العمليات التي وصل عددها إلى «6» عمليات نوعية حتى الآن تظل بمثابة رسائل تحذير وتنبيه للنظام السعودي ودول العدوان بأن القادم سيكون عسيراً، إذا لم تتوقف الحرب، ونحن بالتأكيد ننتظر عملية أكثر ألماً ووجعاً خلال العام السابع من العدوان إذا استمرت الحرب.

وإلى جانب التطورات اللافتة في الصناعات العسكرية وتصاعد عمليات توازن الردع، يثبت المقاتلون اليمنيون قدراتهم المذهلة في الميدان، وعلى جبهات القتال المشتعلة، فخلال هذا العام تمكنوا من تحرير جبهات عدة كانت تشكل لهم شوكة في الحلق، مثل جبهة «نهم» التي كانت تهدد العاصمة صنعاء مباشرة، وجبهة «الجوف» التي كانت تهدد محافظتي عمران وصعدة، حتى وصلت قوات الجيش واللجان الشعبية إلى مشارف مدينة مأرب الاستراتيجية الغنية بالنفط والغاز، وكل المؤشرات والمعطيات تؤكد قدرة صنعاء على تحرير المدينة، وبذلك تكون صنعاء قد حققت أكبر انتصار تاريخي واستراتيجي في تاريخها على الإطلاق، وهي تواجه المملكة العربية السعودية منذ قرون.

وسنتطرق في هذا الموضوع إلى أبرز الإنجازات العسكرية للجيش واللجان الشعبية خلال العام السادس فقط؛ لنرسم بعد ذلك لمحة موجزة عن مستقبل الصراع مع قوى العدوان، ومآلاته على الأصعدة كافة.

أولاً: عملية توازن الردع السادسة:

تدرجت القوات المسلحة اليمنية في عملياتها الرادعة خلال العامين الماضيين؛ لتصل إلى عملية «توازن الردع السادسة»؛ لتشكل الرسالة الأكثر رعباً للنظام السعودي، وتهدد بشكل رئيس رأس اقتصاد المملكة.

ما يميز جميع هذه العمليات، هو أنها تكشف هشاشة وضعف الدفاعات الجوية السعودية، وتعري المملكة تماماً، وتخرجها من دائرة الصمت والإنكار إلى الاعتراف بالعمليات.

وقد ابتدأت القوات المسلحة اليمنية هذا المسار في 17 أغسطُس آب سنة 2019م، حين أعلنت عن «عملية توازن الردع الأولى»، مستخدمة 10 طائرات مسيَّـرة، واستهدفت (حقل ومصفاة الشيبة النفطيين) جنوب شرقي المملكة على بعد 10 كيلو مترات من الحدود مع الإمارات، وتحديدًا إمارة أبو ظبي.

كما أعلنت القوات المسلحة اليمنية في 14 سبتمبر أيلول 2019م عن نجاح «عملية توازن الردع الثانية»، والتي نفذت بـ 10 طائرات مسيَّـرة، واستهدفت مصفاتَي نفط «بقيق» و»خريص» التابعتين لـ «شركة أرامكو» في أقصى شرق السعودية، مؤكّـدة أن الإصابةَ كانت دقيقة ومباشرةً.

وعلى الرغم من العمليتين السابقتين إلا أن النظام السعودي استمر في غيّه وغروره، وواصل حصاره للشعب اليمني؛ لتأتي بعد ذلك «عملية توازن الردع الثالثة» في 21 فبراير شباط 2020م، وذلك باستهداف «شركة أرامكو»، حيث نفذت العملية بـ 12 طائرة مسيَّـرة من نوع صماد 3، وصاروخين من نوع قدس المجنح، وصاروخ ذو الفقار الباليستي بعيد المدى، حَيثُ كانت هذه العملية أوسع من العمليتين السابقتين، ولأول مرة يدخل صاروخان باليستيان في دائرة الاستهداف.

وفي ظل هذا التصعيد، طوى العدوان على اليمن صفحته الخامسة، مفتتحاً عاماً سادساً دون أن تلوح في الأفق أية مؤشرات للسّلام أَو إنهاء الحرب.

ولأن صنعاء تعدّ كُـلّ ما يحدث في اليمن من مؤامرات وخيانة يأتي من قبل النظام السعودي، فقد استهدفت يوم 23 يونيو حزيران 2020م العمق السعودي بعدد من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيَّـرة في «عملية توازن الردع الرابعة».

ولم يكشف خلال هذه العملية عن عدد الطائرات المسيَّـرة والصواريخ الباليستية، لكن العميد «يحيى سريع» أكّـد أنها تمت بعدد كبير من الصواريخ الباليستية والمجنحة «قدس» و»ذو الفقار» وطائرات سلاح الجو المسيَّـر، مستهدفة وزارة الدفاع السعودية والاستخبارات، وقاعدة سلمان الجوية، ومواقع عسكرية في الرياض وجيزان ونجران.

وكعادته، استمر العدوان الأمريكي السعودي، غير مدركٍ لحجم الخطر الذي ينتظره، مواصلاً العدوان والحصار على الشعب اليمني؛ لتأتي «عملية توازن الردع الخامسة» التي استهدفت العمق السعودي بـ 15 طائرة مسيَّرة وصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار» بعيد المدى، منها 9 طائراتٍ نوع «صماد 3»، واستهدفت مواقع حساسة في عاصمة العدوّ السعودي، كما استهدفت 6 طائرات مسيَّـرة نوع قاصف 2k مواقعَ عسكرية في مناطقِ «أبها» و»خميس مشيط»، وكانت الإصابة دقيقة، واستمرت العملية ليلة كاملة.

ولم يكد يفيق العدوّ السعودي من صدمة عملية «توازن الردع الخامسة» حتى جاءته «عملية توازن الردع السادسة» بعد أسبوع تقريبًا من العملية السابقة.

وأعلنت القوات المسلحة اليمنية في بيان تلاه المتحدث الرسمي العميد «يحيى سريع» يوم الأحد، 7 مارس 2021م أن هذه العملية نُفذت بـ14 عشرة طائرة مسيَّـرة و8 صواريخ باليستية، في عملية هي الأوسع والأكبر منذ بدء العدوان (10 طائرات مسيَّـرة من نوع صماد 3 وصاروخ ذو الفقار الباليستي بعيد المدى)، حَيثُ استهدفت العملية شركة أرامكو في ميناء رأس التنورة، وأهدافاً عسكرية أُخرى بمنطقة الدمام لأول مرة منذ بداية العدوان.

كما تم استهدافُ مواقع عسكرية أُخرى في عسير وجيزان بـ4 طائرات مسيَّـرة من نوع قاصف 2k و7 صواريخ من نوع بدر محقّقة إصابة دقيقة.

ولم يتمكّن السعوديون من إخفاء هذه العملية أَو إنكارها، فمواقع التواصل الاجتماعي كانت تضج بالأنباء التي تتحدث عن هذا الهجوم، مؤكّـدين سماعهم لانفجارات متتالية.

وعلى الرغم من كُـلّ هذه العمليات العسكرية النوعية، إلا أن السعودية لا تزال تواصل عدوانها وحصارها على الشعب اليمني، غير أن كُـلّ المؤشرات تدل على أن عملية عسكرية يمنية قادمة ستكون أشد إيلاماً ووجعاً للعدو السعودي إذَا لم يسارع إلى إنهاء الحرب.

وتمثل سلسلة عمليات «توازن الردع» اليوم مسار ضغط رئيس؛ ليس لتأديب النظام السعودي فحسب، بل أيضا لدفع رعاته في الغرب نحو إنهاء الحرب والحصار بشكل عملي، وإذا كانت العمليات السابقة من هذه السلسلة قد سببت تغييرات ملحوظة في الخطاب السعودي الأمريكي بخصوص اليمن- وإن كان بنوايا غير صادقة- فإن «توازن الردع السادسة» تنذر بالانتقال إلى ما هو أكبر، ولعل تقليص الفترة الزمنية بين هذه العملية وسابقتها (الخامسة) إلى أسبوع واحد فقط يرسل رسالة تغيير «زمني» في استراتيجية التعامل مع العدوان، وبعبارة أخرى: إن الوقت الذي سيتاح للعدو لمراجعة حساباته سيكون ضيقا من الآن وصاعدا، وسيتطلب سرعة في الاستجابة لشروط السلام الحقيقي، واستجابة عملية بالضرورة، فمجرد استمرار ضربات الردع قد أغلق الباب وبقوة أمام كل المراوغات ومحاولات «التخويف».

وما ينبغي لدول العدوان ورعاتها التفكير فيه الآن ليس «توقع» حجم وأهداف وتوقيت العملية «السابعة»، أو بحث طريقة لتفاديها بدون إنهاء العدوان والحصار؛ لأن القوات المسلحة قد أثبتت بالفعل أن لديها دائما القدرة على «مفاجأة» العدو، وتكبيده خسائر مضاعفة، حيث سيزداد عدد الطائرات والصواريخ، وستكون مساحة الاستهداف أوسع، والأهداف «أدسم»، ولن تستطيع الدفاعات الجوية التي سبق أن ثبت فشلها مئات المرات أن تفعل شيئا، لن تستطيع أيضا أية ضغوط أممية أو دولية أن تمنع ذلك، ولا دعايات «التدخل الإيراني»، ولا «العقوبات»، ولا القصف، ولا التجويع، ولا أي شيء آخر، ما لم تمتلك دول العدوان ورعاتها «معجزة»، فإن الخيار الوحيد لإنقاذ مصالحهم في السعودية هو الاستجابة لشروط صنعاء.

ثانياً : تنامي القدرات والصناعات العسكرية:

إجمالا، فإن عمليات توازن الردع السابقة لم تكن لتحدث لولا التطور المذهل في الصناعات العسكرية لصنعاء خلال السنوات الماضية، وقد أظهرت صنعاء هيبتها وتباهيها بامتلاك هذه الأسلحة من خلال «معرض الشهيد القائد» في 9 مارس آذار 2021م؛ لتوصل بذلك رسائل متعددة واستراتيجية في سير معاركها مع قوى العدوان على مدى 6 سنوات مضت.

والحقيقة أننا لا نقف أمام ضربة حظ، أو تطور لحظي عندما نشاهد هذه الأسلحة، بل أمام نهاية زمن وبداية زمن آخر مختلف تماماً.

لقد كان «مدى» بعض الأسلحة «الاستراتيجية» التي كشف عنها في المعرض من أهم مفاجآته، واستحوذت طائرة «وعيد» المسيرة على كل الانتباه في هذا السياق بمداها الذي يتجاوز «2500 كيلو متر»، ويرسم قطر دائرة مركزها اليمن، ومحيطها يغطي كل مساحة الجزيرة العربية مقتربا من الحدود التركية الأوروبية شمالا، ويتوغل شرقا إلى أجزاء من ليبيا وتشاد وجنوب أفريقيا وتنزانيا، كما يغطي أجزاء من باكستان وأفغانستان شرقا.

غير أن الرسالة الأبرز هنا تتوجه نحو منطقة معينة داخل دائرة النار هذه، هي فلسطين المحتلة من الكيان الصهيوني الذي سبق أن عبر بصراحة عن قلقه من امتلاك اليمن أسلحة نوعية تستطيع الوصول إليه بعد تهديد قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بضرب أهداف إسرائيلية؛ للرد على أي «حماقة» يقدم عليها العدو في اليمن، والكشف عن هذه الطائرة يمثل تأكيدا واضحا على استمرار سريان ذلك التهديد، بل تصاعد فاعليته العملية، وقد وصل صدى المعرض العسكري إلى داخل الوسط الإعلامي العبري، وعبرت العديد من الحسابات الإسرائيلية عن تصاعد القلق.

هذه الرسالة عُززت أيضا بالكشف عن طائرة «صماد4» المسيرة ذات المدى الذي يتجاوز (2000 كيلو متر) يغطي هو الآخر مساحة الجزيرة العربية بالكامل، والطائرتان تمتلكان مميزات تقنية وتدميرية فعالة تناسب حجم التهديد الذي تمثلانه للعدو في أي مكان داخل محيطي مداهما بما في ذلك فلسطين المحتلة والبحر الأحمر وأيضا جميع القواعد العسكرية في منطقة الخليج، والمحيط الهندي وبحر العرب.

أما بالنسبة لدول تحالف العدوان (لا حاجة لذكر المرتزقة طبعا)، فإن الكشف عن الطائرتين السابقتين، إلى جانب طائرة «شهاب» (مداها أكثر من 1000 كيلو متر وتستطيع ضرب أهداف ثابتة ومتحركة بعدة رؤوس متفجرة) وصواريخ «ذو الفقار» و»قدس2» وقاصم ونكال وسعير، كل ذلك يؤكد (للرياض وأبو ظبي خصوصاً) أن العام السابع سيكون بمثابة «جحيم مفتوحة» عليها، وهذه الأسلحة تمثل معطيات واضحة يمكن أن تعتمد عليها الرياض وأبو ظبي في محاولة تخيل حجم الشدة التي يمكن الوصول إليها في مسار الردع التصاعدي حال استمرار العدوان والحصار، بناء على حقائق نجاح وفعالية عمليات الردع السابقة التي أثبتت أن كل القدرات العسكرية الغربية والشرقية المعتمد عليها لا تستطيع أن تفعل شيئا لوقف الضربات اليمنية، وقد شفعت القوات المسلحة هذه الرسالة بمشاهد مصورة لعمليات إطلاق وهجوم تجريبية لبعض الطائرات والصواريخ؛ إمعانا في توضيح الفكرة.

والرسائل الموجهة لدول العدوان ورعاتها معا- من خلال الكشف عن هذه الأسلحة- تأتي منسجمة مع الرسائل الأخيرة التي حملتها عمليات الردع المكثفة ضد العمق السعودي، في التأكيد على أن كلفة استمرار العدوان والحصار تزيد بشكل كبير مع مرور الوقت، وأن اليمن الذي لم يقبل بالاستسلام أو الحلول المجزأة أو غير الجادة من قبل سيكون أشد رفضا لها ولديه أسلحة ردع تضاعف فرصته في وقف الحرب ورفع الحصار بالقوة.

ثالثاً: معركة مأرب:

ومن خلال التطور المذهل في الصناعات العسكرية اليمنية، وتنامي عمليات «توازن الردع» التي أصابت جميعها إلى الآن عمق النظام السعودي، فإن احتمالات «التوسع» واردة، وقد تنتقل من العمق السعودي إلى ما هو أبعد كاستهداف النظام الإماراتي مثلاً.

لكن هذا التطور الرهيب في مسار العمليات العسكرية لم يكن ناتجاً عن خلل في الميدان، أو هزائم على الأرض، بحيث يمكن فهم ذلك على أنها رسائل ضغط للانسحاب من منطقة معينة أو عدم الزحف باتجاه منطقة أخرى، المسألة ليست هكذا تماما، فالتصاعد العسكري يأتي في ظل انتصارات كبيرة وساحقة لقوات الجيش واللجان الشعبية في جبهات القتال، ولا سيما في الجبهات التي كانت أكثر سخونة واشتعالاً، وتشكل تهديداً حقيقيًّا على العاصمة صنعاء في «نهم» و«الجوف» و«صرواح».

لقد حسمت صنعاء جبهات مهمة جداً لصالحها، وتقهقرت مليشيا هادي والإصلاح، وخلال عام واحد فقط خسرت قوى العدوان أبرز الجبهات التي كانت تراهن عليها وهي جبهة نهم، والتي كانت تشكل خطراً على العاصمة صنعاء، وتمكنت قوات صنعاء من قلب الطاولة في عملية «البنيان المرصوص» لتحرير مديرية نهم بالكامل، وتتقدم بعد ذلك لتحرر محافظة الجوف، ومن ثم تقضي على العناصر التكفيرية والإرهابية في محافظة البيضاء، ثم لتستقر على مشارف مدينة مأرب مع نهاية العام السادس للعدوان.

إن تحقيق هذه الانتصارات يجعل شمال اليمن بالكامل- باستثناء بعض المناطق في محافظة تعز- تحت سيطرة أبطال الجيش واللجان الشعبية، ويعطينا الاقتراب من تحرير مدينة مأرب، والتي ستكون- بإذن الله- فاتحة الانتصارات في العام السابع من العدوان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى