أحدث الأخبارشؤون آسيوية

الربط الشبكي الكهربائي مع الأردن

مجلة تحليلات العصر الدولية

د بلال الخليفة

الربط الكهربائي أو الشبكة المتزامنة واسعة النطاق، هو مشروع إنشاء شبكة لنقل الطاقة الكهربية على نطاق إقليمي أو نطاق أكثر اتساعاً عند تردد متزامن ومربوطة كهربائياً ببعضها البعض أثناء ظروف النظام الاعتيادية. وتعرف أيضا باسم المناطق المتزامنة، وأكبر مشاريع الربط الكهربائي، مشروع الربط الأوروبي UCTE والذي يعمل بطاقة توليد 603 گيگا واط، وأوسع منطقة خُدِمت كانت تلك المخدومة بنظام IPS/UPS الذي يخدم بلدان الاتحاد السوفييتي السابق.
يعاني العراق ومنذ حرب الخليج الثانية من أزمة مستفحلة في قطاع الطاقة تتمثل في نقص إمدادات الطاقة الكهربائية من محطات التوليد الحالية والتي تبلغ قدرتها 13,000 ميغاوات/ساعة، فيما تبلغ الحاجة المحلية للطاقة الكهربائية 23,000 ميغاوات، وقد تصل في فصل الصيف (موسم الذروة) إلى 26,000 ميغاوات. ويعني ذلك وجود نقص أو عجز لا يقل عن 10,000 ميغاوات. وكذلك مشكلة النقل والتوزيع لان الخطوط المستخدمة هي قديمة ومتآكلة.
ولهذا السبب اتجهت الحكومة نحو استيراد الطاقة الكهربائية من الجارة إيران وبواقع 1200 ميغاوات ترسل عبر أربع منافذ: البصرة والعمارة وديالى وخانقين، إضافة إلى استيراد كميات كبيرة من الغاز الطبيعي لتشغيل محطات كهربائية تنتج 3300 ميغاوات. وبذلك يكون مجموع الطاقة الواردة من إيران حوالي 4500 ميغاوات ويبقى العجز المتبقي 5500 ميغاوات ويشكل نسبة 24% من الحاجة الفعلية للكهرباء. وبحسب هذه الأرقام، وبصرف النظر عن الضائعات والتجاوزات على الشبكات الكهربائية، فإن الطاقة المجهزة للمواطنين والمؤسسات العامة والخاصة يفترض أن تكون بحدود 75% أي تغطي 16 ساعة يوميا. لكن واقع الحال ليس كذلك، فالكهرباء الواصلة للمواطن لا تتجاوز 12 ساعة يوميا في أحسن الأحوال، وفي بعض المناطق تكون أدنى من ذلك بكثير. وللأسباب التي ذكرت سابقا وقد تكون هنالك أسباب أخرى قد نوضحها في مقال أخر.
إن الربط الشبكي الكهربائي ليس وليد اليوم بل سبقت اتفاقية الكاظمي مع الأردن عدة اتفاقيات منها اتفاقية الحكومة السابقة والذي وقعها الوزير السابق للكهرباء لؤي الخطيب في 11/7/2019 مع الأردن، والمتمثلة وزيرة الطاقة والثروة المعدنية المهندسة هالة زواتي.
حيث اتفق الأردن والعراق على برنامج زمني لتنفيذ الربط الأردني-العراقي لتغذية الجانب العراقي بالطاقة الكهربائية من الشبكة الأردنية بنهاية عام 2021.
ومن الجدير بالذكر إن الجانبين حددا مسؤولية كل طرف بإنشاء وملكية وإدارة جزء المشروع داخل حدوده وان يتحمل كل منهما تكلفة أجزاء المشروع الواقعة في أراضيه.

وتعتبر هذه الخطوة هي المرحلة الأولى، أن الربط بين العراق والأردن خطوة واعدة كخطوة أولى والأخرى ستربط الشبكة مع جمهورية مصر العربية، ومن ثم الانتقال إلى تزامن الشبكات العربية في دول الربط الثماني، ومن المتوقع إنجاز هذه المرحلة عام 2025.
يتضمن مشروع الثمان، ربط شبكات الكهرباء في مصر والعراق والأردن ولبنان وليبيا وفلسطين وسورية وتركيا. وقد بدأ هذا المشروع كربط خماسي بين مصر والعراق والأردن وسورية وتركيا، ثم انضمت إليه لبنان لاحقاً عن طريق ربطها بسورية، ليصبح الربط سداسياً، ثم انضمت إليه بعد ذلك كل من ليبيا وفلسطين، ليصبح ثمانية. وعليه، يعرف هذا المشروع الآن بالربط الثماني (EIJLLPST) الذي يمثل الحرف الأول من اسم كل من الدول الثمان.

وكما تضمن مشروع مشابه لهذا المشروع في المغرب العربي ويشمل ربط الشبكة الليبية بالشبكة التونسية على التوتر 220 ك.ف.، وربط الشبكة التونسية بالشبكة الجزائرية على التوتر 400 ك.ف.، وربط الشبكة الجزائرية بالشبكة المغربية على ذات التوتر.
وبالإضافة إلى الربط القائم بين الجزائر والمغرب على التوتر 220ك.ف.، قامت الدولتان أيضاً بربط شبكات الكهرباء فيهما، على التوتر 400ك.ف.، وذلك من خلال خط هوائي على التوتر 400 ك.ف. بقدرة حوالي 900 م.و. وقد دخل هذا الخط في الخدمة عام 2009.
والخليج كان له نصيب أيضا، حيث يتم تنفيذ المشروع على ثلاث مراحل، بحيث يتم في المرحلة الأولى ربط محطة الزور في الكويت بمحطات الفاضلي وغونان وسلوى في المملكة العربية السعودية، وبمحطة الجسرة في البحرين، ومحطة الدوحة الجنوبية في قطر، كل ذلك على التوتر 400 ك.ف. تشكل هذه الخطوط الجزء الشمالي من الربط. أما في المرحلة الثانية، فيتم ربط شبكات الإمارات وعمان، التي تشكل الجزء الجنوبي. وفي المرحلة الثالثة، يتم ربط الجزء الشمالي بالجزء الجنوبي.

وتعاني أغلب المدن والمحافظات العراقية من انقطاع مبرمج في تجهيز الطاقة الكهربائية رغم أن العراق أنفق على مدار 12 عاما ما يقارب 40 مليار دولار على هذا القطاع، وفق تقارير حكومية.
أكدت وزارة الكهرباء، الخميس، أن الربط الشبكي مع الأردن سيكون عبر مراحل، فيما أشارت إلى أن العمل على الربط الأردني يحتاج مدة ما بين سنة ونصف إلى سنتين لإكماله. لتغذية الجانب العراقي بالطاقة الكهربائية من الشبكة الأردنية في نهاية عام 2021.
وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة احمد العبادي في تصريح وكالة الأنباء الرسمية “واع” واطلعت عليه “الاقتصاد نيوز”، إن “هنالك تعاوناً مشتركاً مع شركة (جنرال إلكتريك) للشروع بالمرحلة الأولى، لأنشاء خط ريشة/ قائم، الذي سيكون بواقع 300 كم، منها 288 كم داخل الأراضي العراقية، و12 كم داخل الأراضي الأردنية”. وبكلفة تقديرية 140 مليون دولار.
وأضاف أن “المرحلة الأولى ستبدأ بـ 150 ميكا واط، وستنتهي بـ 960 ميكا واط، باعتباره سيكون ربط العراق والأردن ومن الأردن إلى شبكة النقل المصرية”.
وأشار العبادي إلى أن “العمل سيكون على مراحل، حيث لو بدأ العمل به وفق الضمانات والكفالات السيادية التي ستجريها وزارة المالية لصالح الكهرباء، فأنه سيحتاج من سنة ونصف إلى سنتين، بغية إكماله”.
كما تعلمون انه قد أبرمت وزارة الكهرباء العراقية -خلال زيارة الوفد العراقي إلى واشنطن مؤخرا- اتفاقية مع شركة جنرال إلكتريك، تتضمن تخصيص مبلغ 727 مليون دولار لربط كهرباء العراق بالأردن، وتمول عبر الاقتراض الخارجي. ومن ضمن بنود العقد مع جنرال إلكتريك تحمل العراق 15% من قيمة المشروع، والباقي يغطى من خلال الاقتراض الخارجي. وللتوضيح أكثر أن شركة جنرال الكتريك ستقوم بالعمل على بناء 14 محطة فرعية وهذا الاتفاق الجديد سوف يرسي دعائم البنية التحتية الضرورية لشبكة نقل الطاقة في البلاد وتحقيق التغيير الإيجابي المنشود في مختلف المحافظات وخاصة المناطق المحررة، هذا ما تفق علية وكلمة المناطق المحررة يعني أن عمل الشركة سيكون في الشمال والغرب دون الجنوب، ويعني أيضا اقتصر عمل الشركة على النقل والتحويل دون أن يذكر أي شيء عن توليد الكهرباء وهذا بيت القصيد. وبالتالي يبقى العراق مستوردا للطاقة الكهربائية ومحتاج للأردن والسعودية.
وأوضح، أن “جنرال الكتريك ستتولى مهمة التصميم؛ والتوريد؛ وأعمال التركيب والاختبار والتكليف في المحطات الفرعية ذات الجهد العالي وخطوط النقل العلوية المحددة وبالتعاون مع شركات محلية، وتزويد الطاقة لمناطق عديدة تضررت بشكل كبير خلال النزاعات التي نشأت فيها في إطار مبادرة رئيسية ستعزز انسيابية العمليات في شبكات الطاقة الكهربائية الوطنية في مختلف أنحاء العراق، وتقديم الدعم لإعادة إعمار هذه المناطق”.
فيما يخص الربط مع السعودية
ونقلت وكالة الأنباء العراقية “واع”، عن المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد العبادي قوله إن المرحلة الأولى من الاتفاقية التي وقعها العراق مع هيئة الربط الخليجية تنص على تزويد محافظة البصرة بـ500 ميغاوات، من خلال خطي نقل الطاقة؛ وهما محطة الفاو القديم والفاو الجديد، فضلاً عن إنشاء محطة الفاو التحويلية (400) kv”.

لأثراء الموضوع واستخدام منهجية المقارنة في البحث نعرج على التجربة المصرية في قطاع الكهرباء حيث افتتحت مصر في منتصف العام الحالي ثلاث محطات عملاقة للطاقة الكهربائية تعمل بالغاز الطبيعي أنشأتها شركة سيمنز الألمانية الشهيرة وبقدرات إنتاجية قاربت 15,000 ميغاوات وبكلفة إجمالية بلغت 6 مليارات يورو (تعادل حوالي 7 مليار دولار) للمحطات الثلاثة مجتمعة ونفذت خلال 18 شهرا فقط. واستطاعت مصر بذلك حل مشاكل الكهرباء المتراكمة لسنوات وبشكل جذري، مع فائض من الطاقة اتفقت على تصدير بعضه إلى الأردن وبكلفة متدنية تبلغ حوالي ثلاثة سنتات للكيلوواط الواحد. وفي وقت سابق، كان هناك عرض مصري على العراق للاستفادة من الربط المنجز مع الأردن وبنفس التكلفة، ألا أن الحكومة العراقية آنذاك لم تتجاوب مع هذا العرض!!

من هذه التجربة يتبين لنا حجم الفساد المتجاوز للتصور فان العراق وبإمكانه حل الأزمة بــ (14 ميار دولار) عن طريق إنشاء مشروعين فقط كمشروع مصر.

التوصيات
1- لا بأس بالاستمرار في الاستيراد الطاقة الكهربائية لكن بوضع جدول زمني لذلك، أي حتى يتم إنشاء محطات توليد عراقية.
2- من الممكن التعاقد مع تلك الدولة باتفاقية ترضي الطرفين وذلك بان تكون محطات التوليد داخل العراق وذلك نضمن شيئين مهمين وهما أن تلك المحطات سيعمل فيها عراقيون وبذلك نقلل من البطالة والنقطة الثانية هي تقليل الكلف المهدورة بمد خطوط نقل طويلة وذلك لقرب تلك المحطات من خطوط النقل العراقية.
3- الاعتماد على الطاقة المستجدة ومنها الشمسية وعلى الأقل للاستخدام المنزلي الفردي وذلك عن طريق استيرادها وبيعها بمبالغ مدعومة وربطها مع الشبكة الوطنية (اون كرد) (on grid) أي في حال وجود فائض في التوليد فان الطاقة الفائضة ستذهب للشبكة الوطنية وبذلك سندعم الطاقة وقللنا أيضا كلفة الطاقة على الفرد.
4- تحويل المحطات الكهربائية الحالية إلى محطات مركبة أي باستخدام عادم المحطات الغازية وربطها بمحطة حرارية بخارية وذلك قللنا من استهلاك الوقود وأضفنا طاقة كهربائية تقدر 4 گيگا واط وقللنا من تلوث البيئة.
5- يكون الربط الشبكي الكهربائي مفيد، عندما يكون لدينا فائض في كمية الطاقة الكهربائية المنتجة وبذلك يحقق العراق إيرادا يرفد به الموازنة الاتحادية ويكون مورد أخر يساند قطاع النفط.

 

الخلاصة
إن الإخفاقات المتراكمة في إدارة قطاعات الدولة ومنها قطاع الكهرباء وتفشي الفساد والمحسوبية في مفاصل الدولة المختلفة لم تقتصر على قطاع الكهرباء والطاقة (صرف من أجلها أكثر من 44 مليار دولار دون تحسن ملحوظ في قطاع الكهرباء) (عضو لجنة النفط والطاقة النيابية همام التميمي، صرح، عن قيام وزارة الكهرباء بصرف 115 مليار دولار منذ عام 2003 ولغاية عام 2018 على تطوير قطاع الكهرباء، مشيرا إلى أن تلك الأموال جميعها لم تُقدم الخدمة للمحافظات مما تعتبر مشكلة كبيرة) بل اصبح سلسة متصلة مع بعضها وذلك لترابط القطاعات فيما بينها وان العراق للان لم يضع حجر الأساس لخطوات منهجية ضمن خطة استراتيجية بعيدة المدي لمعالجة أي مشكلة ومنها الكهرباء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى