أحدث الأخبارالسعودية

السعودية المحاصرة ببركان التطبيع

مجلة تحليلات العصر الدولية

هادي الأحسائي

لا يوجد أحد في العالم العربي والاسلامي لديه اي بارقة أمل أن تقوم السعودية بأي خطوة فعالة لثني الإمارات وبقية الدول التي ستأتي تباعاً عن التطبيع مع العدو الصهيوني، ولم تسجل المملكة وملكها سلمان ونجله محمد بن سلمان أي موقف يوضح كيف ستكون العلاقة مع “اسرائيل” والفلسطينيين في المستقبل، لكن “المكتوب واضح من عنوانه”، فلا مواقف وطنية أو أخلاقية تجاه القضية الفلسطينية وانما صمت مطبق و “الصمت علامة الرضا”، حتى أن ال سعود لم يوجهوا أي كلمة للامارات وكأن ما حصل لا علاقة لهم فيه وكأنه يحصل خلف المحيط الهادي مثلاً، هذا التبرؤء ليس بريئاً ويخفي خلفه قلق وخبايا ستتكشف تباعاً، وواضح جداً أن آل سعود يخشون بركان التطبيع أن يحرقهم في حال ذهبوا باتجاهه بشكل سريع، ولكن كل المؤشرات تدل على أن المملكة تتجه نحو التطبيع أكثر من أن تكون تميل للوقوف في وجهه ولكنها تنتظر ردة الفعل العربية والاسلامية على ما قامت به الامارات فضلا عن نار تحت الرماد بدأت رائحتها تتنشر في البلاط الملكي.

السعودية حاولت أن تلتزم الصمت قدر الإمكان إلا أن الصحافة الغربية لم تترك المسؤولين السعوديين دون أن تأخذ منهم موقف بما أنهم ليس لديهم الشجاعة ليتكلموا لوحدهم من دون ضغوط، وهذا دليل على أن القضية الفلسطينية لم تعد تشكل اي أولوية بالنسبة لهم، بكل الأحوال سأل الصحفيون الأجانب وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان عن موقف المملكة من التطبيع مع العدو الصهيوني ليجيب إن “المملكة العربية السعودية تؤكد التزامها بالسلام خيارا استراتيجيا واستناده على مبادرات السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية”. وأضاف “حين يتحقق ذلك، تصبح كل الأمور ممكنة”.

السؤال اليوم بعد أن قدمت الامارات خدمة ذهبية لاسرائيل في اوج ضعفها الداخلي والخارجي مالذي يجبرها على العودة إلى اتفاقيات السلام العربية والانسحاب من الأراضي الفلسطينية التي احتلتها في العام 1967 مقابل السلام مع العرب، فها هي تحقق السلام دون الحاجة لمثل هذه الاتفاقيات، وعندما تأخذ المملكة قرار التطبيع ستخلق ذريعة تبرر من خلالها تطبيعها، والأمور ذاهبة في هذا الاتجاه ولكن لم يحن الوقت بعد، خاصة وان السعودية لديها علاقات خفية مع اسرائيل وظهرت بعض الأخبار من هنا وهناك عن زيارات متبادلة بين المسؤولين وزيارة اسرائيليين إلى مكة والمدينة المنورة، ولم تعر السعودية اي أهمية لمشاعر المسلمين، وهي اليوم بين نارين لا يمكنها أن تطبع مثلما فعلت الامارات على وجه السرعة نظرا لكونها تعتقد نفسها ان لديها مكانة دولية واقليمية بين العرب والمسلمين ولكنها في الوقت نفسه لن تستطيع ان تتأخر عن التطبيع مع كيان العدو لأن الامارات بدأت تسحب البساط من تحتها اقليمياً وبدأت بتوقيع اتفاقيات اقتصادية وتجذب الاستثمارات الاسرائيلية اليها، وبحسب خطة ابن سلمان الاقتصادية الفاشلة “2030” فإنه بأمس الحاجة للاستثمارات الاسرائيلية لدعم مشروعه، وخاصة مشروع نيوم الذي تبلغ تكلفته “500 مليار دولار”.

تخشى السعودية من أن تسبقها الامارات وتسحب المستثمرين الصهاينة والمتصهينين لصفها، والأهم أن تحالف الامارات الجديد مع اسرائيل سيغير وجه العلاقات العربية _العربية وكذلك العربية _الغربية وسيصبح هناك تيارين واضحين، ومن لا يأتي في صف آل زايد في المستقبل سيكون من المغضوب عليهم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يزال ابن سلمان بأمس الحاجة لدعم الادارة الأمريكية لتثبيت حكمه، لذلك لن يستطع الاختباء كثيراَ، وقد شجعه صهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر صراحة على التطبيع مع اسرائيل يوم الاثنين الماضي، معتبرا ذلك قد يصب في صالح اقتصاد ودفاع السعودية ويحد من نفوذ إيران في المنطقة.

وحول تخبط السعودية في موقفها من التطبيع ، نشر موقع “ميدل إيست آي” مقالا للأستاذة الزائرة بمعهد الشرق الأوسط، في مدرسة لندن للاقتصاد مضاوي الرشيد قالت فيه “إن الملك سلمان يواجه خيارا لا انتصار فيه”، وذلك بعد توقيع الحليفة الإمارات اتفاقية تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، وأشارت إلى أن الحاكم السعودي يفضل الحفاظ على العلاقة مع “إسرائيل” تحت الطاولة. ولكنه “محاصر في كلتا الحالتين، لو انضم إلى المعاهدة الإماراتية أم لم ينضم”.

بكل الأحوال الذباب الالكتروني بدأ نشاطه منذ اليوم الأول لاعلان الامارات تطبيعها مع الاسرائيليين، وتم اعادة تغريدة الكاتب السعودي تركي الحمد على تويتر عندما قال “ببساطة.. فلسطين ليست قضيتي”، وحول الذباب هذه التغريدة إلى وسم انتشر مثل النار في الهشيم ولكن وبما ان السعودية تملك شريحة وطنية غيورة على انتماءها العروبي، انطلقت هذه الشريحة لترد على هذا الوسم فقد غردت أعداد هائلة من السعوديين رفضا واستنكارا لوسم “فلسطين ليست قضيتي”، وعلى الفور، رد السعوديون على الحمد والذباب بالقول إن من الطبيعي أن لا تكون فلسطين قضيتهم، لأنها قضية الشرفاء والشجعان والمخلصين للدين والوطن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى