السعودية تستغل إنشغال العالم بأوكرانيا فتعدم 81 متهمًا بينهم أسيري حرب

عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين

فاجأت السعودية الجميع بإعلانها الرسمي عن إعدام 81 متهمًا. وتبين لاحقًا أن بينهم 41 معتقلًا سعوديًا من أبناء القطيف، 7 يمنيين وسوري واحد. وقد تم تعميم التهم على الجميع وما لفتني بين التهم “أنهم اعتنقوا الفكر الضال والمناهج والمعتقدات المنحرفة”.
ولمعالجة هذا الموضوع الخطير الذي تضمن تصفية عرقية ل 41 معتقلًا سعوديًا من أبناء القطيف لإعتناقهم المذهب الشيعي، وكان طفل من بينهم لم يبلغ الحلم بعد؛ عمره 13 سنة يوم إعتقاله، وذنبهم الوحيد انهم قاموا بمسيرات سلمية إحتجاجية لتحسين أوضاعهم بالإضافة إلى إعدام أسيري حرب يمنيين ؛ وهذين الامرين ينتهكان كل التعاليم الإسلامية، حرية الراي والمعتقد ومعاهدة جنيف المتعلقة بالأسرى.

وسأبدأ بفقرات من الرواية الرسمية ، ومقال يوضح الجهة التي تأخذ القرارات بالإعدام مع ذكر المصادر، ومدى توافق تلك القرارات مع الشريعة السمحاء. ولا سيما نحن في شهر شعبان شهر رسول الله.

1- الرواية الرسمية

نفذت السلطات السعودية أحكام الإعدام بحق 81 شخصاً عقب إدانتهم بتهم مختلفة تتعلق بالإرهاب و“اعتناق الفكر الضال”، معظمهم من الجنسية السعودية بالإضافة إلى 7 يمنيين وسوري الجنسية.”
وجاء في البيان الذي عدّد جميع الأسماء والتهم “وقد تضمنت الصكوك الحكم عليهم بالقتل، وأيدت الأحكام من محكمة الاستئناف ومن المحكمة العليا، وصدر أمر ملكي بإنفاذ ما تقرر شرعاً وأيد من مرجعه. وقد جرى إنفاذ ما تقرر شرعاً بحقهم هذا اليوم السبت 12/ 3/ 2022″.

2-مقالة لشريف عمر يبين فيه آلية إتخاذ القرارات، والنية في حذف أحاديث الرسول الأكرم

عربي21- شريف عمر
الأحد، 06 مارس 2022 12:41 م بتوقيت غرينتش

عاد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للتلميح إلى مضي المملكة قدما في التخلي تدريجيا عن نهجها الديني المتبع منذ عقود.

في مقابلته المثيرة للجدل مع مجلة “ذي أتلانتيك” الأمريكية، تحدث ابن سلمان عن مراجعة جارية للأحاديث النبوية بزعم أن الأحاديث الصحيحة والمثبتة عن النبي عليه السلام لا تتجاوز المئة حديث.

في المقابلة ذاتها، همّش ابن سلمان دور الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الذي كان يُنظر إليه على أنه شريك في قيام السعودية، ووصفه بأنه مجرّد “داعية فقط”، من ضمن دعاة عملوا برفقة السياسيين والعسكريين في الدولة السعودية الأولى.

تحدث ابن سلمان أيضا بوضوح عن تهميش دور هيئة كبار العلماء في اتخاذ القرارات المصيرية التي تحتاج إلى شرعنة فقهية لها.

وقال إن الشريعة تنص أن رأس المؤسسة الإسلامية هو الحاكم وليس المفتي، مضيفا أن وظيفة الإفتاء والعلماء هي “تقديم المشورة للملك”، وأن كلمة الفصل في أي أمر تعود للملك فقط.

3-خرقت السعودية معاهدات جنيف بإعدامها أسيري حرب من التابعية اليمنية

اقتبست فقرة من مزايا أسرى الحرب بموجب (اتفاقيّة جنيف الثالثة لعام 1949)

“… ولا يمكن ملاحقة أسرى الحرب بسبب مشاركتهم المباشرة في العمليات العدائية. ولا يكون احتجازهم شكلاً من أشكال العقوبة وإنما يهدف فقط إلى منع استمرار مشاركتهم في النزاع”.
“وبالتالي، يجب إطلاق سراحهم وإعادتهم إلى أوطانهم دون إبطاء فور انتهاء العمليات العدائية. كما لا يجوز للدولة الحاجزة محاكمتهم لأعمال العنف المشروعة بمقتضى القانون الدولي الإنساني، وإنما بتهمة ارتكاب جرائم حرب محتملة فحسب”.

4- الحكم بإصدار حكم الإعدام محصور بالملك أو ولي عهده

إن مسؤليية الدم مسؤوليية. كبيرة في الشرع الحنيف. ولمنع النفس الأمارة بالسوء من الإسراف في القتل والحفاظ على النفس البشرية المحترمة، قال الله تعالى:-
{مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ}( المائدة-32)

وفي آية أخرى {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (المائدة-44)

وفي مقام آخر {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة:45]

فيجب أن تكون الأحكام وفق الشريعة السمحاء وليس برأي الملك. كما أشار ولي العهد في مقابلته المثيرة للجدل مع مجلة “ذي اتلانتيك”؛ ولا بد من الإشارة بأن الناس في الممالك والإمارات قد لا تطيع تعاليم الله وتعصيه جهرة ولا تحاكم؛ ولكن القصاص جاهز لمن يخالف أمرًا ملكيًا. لأنه ذلك يعتمد على شبهة ” لا يجوز مناهضة الحاكم أو القياَ ضده بأي شكل من الأشكال”.
فماذا يقول الله في هذا الخصوص؟

5- الإعتماد على معتقدات خاطئة ومحرّفة معتمدة في معظم الممالك والإمارات الحالية، وهي شبهة تقضي بعدم جواز القيام بوجه الحاكم مهما فعل؛ قال رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام : “لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

فمن المتعارف بأنه لا إجتهاد مقابل نص، فكيف إذا كان ذلك النص هو آيات القرآن الكريم. وسأذكر الآية القرآنية المتعلقة بالموضوع مع تفسير أهل السنة لدحض تلك الشبهات لمنع القيام بوجه الحكام في عصرنا هذا:-

لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق/ مقالات إسلام ويب

ليست هناك طاعة مطلقة إلا لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فإن أمر إنسان إنساناً آخر بمعصية فلا طاعة له.

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}(النساء: 59).

قال الشنقيطي في “أضواء البيان”: “كرر الفعل بالنسبة لله وللرسول، ولم يكرره بالنسبة لأولي الأمر، لأن طاعتهم لا تكون استقلالًا، بل تبعًا لطاعة الله، وطاعة رسوله، كما في الحديث: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق”.
*******

طاعة المخلوق في معصية الخالق منكر عظيم، لما فيه من المفسدة الموبقة في الدنيا والآخرة، والمطيع لغيره من المخلوقين طاعة مطلقة في الخطأ والصواب، والخير والشر، والطاعة والمعصية، لا يجني إِلا الحسرة، ولا يحصد إِلا الندامة، ولا يتحصل إِلا على الإِثم العظيم.

ولهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم للذين كانوا سيطيعون أميرهم في إلقاء أنفسهم في النار التي أوقدها لهم وأمرهم بدخولها:
(لو دخلتموها ما خرجتُمْ منها أبداً، إنَّما الطَّاعة في المعروف)، وقال: (لا طاعةَ لِمخلُوقٍ في معصيةِ الخالِق) رواه أحمد وصححه الألباني.

6- عقيدة آل سعود تستبيح دماء كل من يخالفهم

إستنكر أهالي شهداء القطيف إعدام أحبتهم الذي أعتقلوا في مسيرات إحتجاجية أو من منازلهم ولا يوجد في رقابهم أي نقط دم. حتى ان السلطات السعودية الامنية ألقت القبض على الطفل عبد الله الزاهر دون أن تشفع له طفولته وطرواة عوده عند قساوة قلوب القوة الأمنية وعنصريتهم فكان عمره 13 عامًا فقط.

فالحكام السعوديون يدينون بالوهابية، ويعتمدون على فتاوى مؤسس هذا الفكر في إصدار أحكامهم؛ ولذا نجدها تتعارض مع احكام الدين الإسلامي الحنيف. وقد إشتهر محمد بن عبد الوهاب بفتوى التكفير بمقولته الشهيرة *”مَنْ دخلَ في دعوتنا فلهُ ما لنا وعليهِ ما علينا ومَنْ لـم يدخل في دعوتنا فهو كافرٌ حلالُ الدم”.
نقلَ ذلكَ عنهُ مفتي مكة أحمدُ بن زيني دحلان والعالـمُ العلامةُ الحنبليُّ محمدُ بنُ عبد الله بن حُميد مفتي الحنابلة بمكةَ المشرفة في القرن الثالث عشر الهجري في كتابه السحبُ الوابلة على ضرائح الحنابلة.

فأحكام الإعدام صدرت بناءً لفتاوى عبد الوهاب، وقد استباحت الدماء لمخالفتهم دين الملك. وهذ ا ليس بغريب؛ فقد استبيحت دماء الشيخ نمر النمر سابقًا لمعارضته العلنية للحكم. واستباحت السعودية دماء اليمنيين منذ الحرب الأولى في جبل مرّان في صعدة وحتى إستشهاد السيد حسين بدر الدين الحوثي الذي بدأ اليمنيون بالإحتفال بذكرى إستشهاده مطلع هذا الشهر.
وقد استباحت السعوديه مجددًا دماء اليمنيين منذ فجر 26 مارس/ آذار 2015، اي منذ حوالي 7 سنوات فقتلت عشرات الآلاف من اليمنيين، وأمرت بفرض حصار مطبق على كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية. وخلال هذا العدوان ارتكب التحالف بقيادة السعودية مئات المجازر في اليمن والتي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وقد دفعت السعودية الجزية لترامب حين قال انكم لا تملكون سوى المال وعليكم ان تدفعوا مقابل حمايتكم. ولولا تدخلنا لما بقي حكمكم يومًا واحدًا. ذهب ترامب مصطحبًا زوجته وابنته، فاستقبلوه إستقبال الفاتحين ورقص معهم بالسيف المسلول، وعاد بالجزية وصفقات أسلحة بمئات المليارات من الدولارات. وهكذا تم منع المحاكمة عن دول تحالف العدوان.

وبناءً عليه لا بد من إتخاذ موقفٍ مشرفٍ بين مؤيدٍ، معارضٍ ومحايد. وهذا الموقف لا يعتبر تدخلًا في الشؤون الداخلية السعودية؛ وإنما موقفًا إنسانيًا مهما كان معتقد كل منا.

وفي المواقف الصعبة والحساسة أرجع إلى الإمام علي عليه السلام لاتخاذ الموقف الذي يرضي الله سبحانه وتعالى حيث قال : “الرَّاضِي بِفِعْلِ قَوْمٍ كَالدَّاخِلِ فِيهِ مَعَهُمْ. وَعَلَى كُلِّ دَاخِلٍ فِي بَاطِلٍ إِثْمَانِ؛ إِثْمُ الْعَمَلِ بِهِ وَإِثْمُ الرِّضَى بِهِ”.

وإن غدًا لناظره قريب