أحدث الأخبارالخليج الفارسيةالسعوديةشؤون امريكية

السعودية وصمة عار على السياسة الخارجية لحكومة بايدن

مجلة تحليلات العصر الدولية / الوقت

قرأ معظم المراقبين السياسيين تنصيب جو بايدن كرئيس للولايات المتحدة بعد 20 يناير 2021 على أنه حدث يتعارض مع الرغبات والمصالح الاستراتيجية للمملكة العربية السعودية وولي عهدها الشاب وعديم الخبرة الأمير محمد بن سلمان.
لطالما انتقد جو بايدن والديمقراطيون سياسات الولايات المتحدة بشأن حقوق الإنسان ومبيعات الأسلحة إلى السعودية خلال السنوات الأربع التي قضاها ترامب في المنصب قبل فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. لذلك، بدا أن وصول الحكومة الجديدة إلى السلطة قد يزيد الضغط على السعودية ويميل مستوى علاقات الرياض مع واشنطن إلى البرودة أكثر فأكثر.
في غضون ذلك، في الأشهر التي تلت رئاسة بايدن للبيت الأبيض، تابعت وسائل الإعلام وبعض أعضاء الكونجرس الأمريكي قضية مواجهة محمد بن سلمان بسياساته المناهضة لحقوق الإنسان. في الأيام الأخيرة، كان من أهم القضايا في هذا الصدد نشر الوثائق المتعلقة بدور  السعودية في هجمات 11 سبتمبر. في الواقع، مع اقتراب الذكرى السنوية لهذا الحدث التاريخي، ازداد الضغط على حكومة بايدن للإفراج عن هذه الوثائق السرية التي تكشف دور السعوديين في هجمات 11 سبتمبر الإرهابية. وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض جين ساكي في مؤتمر صحفي إن جو بايدن ظل ملتزماً بوعد عائلات ضحايا 11 سبتمبر بالموافقة على إصدار وثائق تصف دور السعودية في الهجمات. جاءت التصريحات استجابة لطلب من رئيس مجتمع الناجين من 11 سبتمبر بعدم حضور مراسم التأبين حتى يتم الوفاء بالوعد، لكن يشار إلى أن ساكي لم يذكر صراحة ما إذا كانت الحكومة ستفرج عن الوثائق.
وبهذه التفسيرات، فإن السؤال الآن، إلى أي مدى تصدق الحكومة الأمريكية في رغبتها في مواجهة الحكومة السعودية في مجال انتهاكات حقوق الإنسان داخل وخارج البلاد؟ وفي معالجة هذا السؤال، من الضروري أولاً دراسة وعود بايدن بالمواجهة مع السعودية قبل رئاسة البيت الأبيض وبعدها.
قمع المعارضة الداخلية والخارجية لمحمد بن سلمان
قدم جو بايدن والديمقراطيون وعودًا مختلفة باتباع سياسة عقابية ضد المملكة العربية السعودية قبل التوجه إلى البيت الأبيض، وفي الأيام التي أعقبت الفوز في الانتخابات، أصر غالبية الديموقراطيين على اتباع هذه السياسات. في غضون ذلك، يمكن اعتبار وعود حكومة بايدن بإقامة العدل في قضية مقتل جمال خاشقجي المحور الأهم في وعوده.
خلال رئاسة دونالد ترامب، انتقد الديمقراطيون بشكل كبير سياساته تجاه محمد بن سلمان بشأن اغتيال جمال خاشقجي، ودعوا إلى أقصى قدر من المواجهة مع ولي العهد السعودي. بعد تشكيل الحكومة الجديدة، وفي أهم عمل لمكتب مدير المخابرات الوطنية الأمريكية، في 26 فبراير 2021، تم نشر تقرير سري عن اغتيال الصحفي جمال خاشقجي الناقد للعائلة المالكة السعودية،  ذكر فيه أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هو الذي أمر بارتكاب هذه الجريمة البشعة. وقال البيان إن 76 مواطناً سعودياً، بينهم عدد من مسؤولي الرياض وعائلاتهم وبعض أفراد الحرس الملكي السعودي، تم تقييد حصولهم على تأشيرات سفر، لكن لم يتم حظر أو تقييد بن سلمان رغم أنه الآمر بقتل خاشقجي. في الوقت نفسه، أعلن الرئيس الأمريكي في اتصاله الأخير مع ملك المملكة العربية السعودية أنه أبلغه أن الولايات المتحدة ستعاقب المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية.
يمكن تقييم قضية أخرى مهمة تتعلق بمواجهة بايدن مع المملكة العربية السعودية بشأن قضية حقوق الإنسان، وهي مسألة مبيعات الأسلحة والحرب في اليمن. بعد وصول جو بايدن إلى السلطة، قرر الكونجرس الأمريكي مراجعة بيع الأسلحة والتعاون الأمني ​​مع السعودية في حرب اليمن. كما تقرر تعليق مبيعات الأسلحة إلى الرياض، والتي حدثت على نطاق واسع في عهد دونالد ترامب خلال فترة رئاسته. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومة أن تتعهد بإنهاء الحرب في اليمن وإحلال السلام في البلاد. الإجراءات التي بقيت فقط على مستوى الشعارات والدراما السياسية ولم تستطع إنهاء معاناة الشعب اليمني من عدوان حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
على الرغم من أن إدارة بايدن والديمقراطيين رددوا شعارات ووعدوا بمعاقبة ومعارضة سياسات محمد بن سلمان المتطرفة في الأيام التي أعقبت 20 يناير، لم يتم الوفاء بأي من وعودهم من الناحية العملية، ولكن في ظل استرضاء بن سلمان في البيت الأبيض. للقيام بجرائم قمع داخلي بحق الشعب اليمني. على مستوى آخر، هناك أدلة كثيرة على أن القيود الموعودة على مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية لم يتم الوفاء بها. لذلك، يمكن اعتبار موضوع فضح الدور السعودي في هجوم سبتمبر غير فعال عملياً وليس له نتيجة موضوعية.
بايدن في طريق سابقيه.. المصالح الأمريكية لها الأسبقية على حقوق الإنسان
كان وصول إدارة بايدن إلى السلطة بمثابة عودة إلى نهج حقوق الإنسان والنهج الدولي في السياسة الخارجية للولايات المتحدة. فاز بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية بترديده شعارات حقوقية والعودة إلى السياسات المؤيدة للديمقراطية، لكن السؤال الآن هو لماذا لم يتم الوفاء بوعود البيت الأبيض بمعاقبة الرياض في مجال حقوق الإنسان. عند تحليل سبب هذه القضية، يمكن الإشارة إلى نقطتين مهمتين ، وهما:
دعم اللوبي الصهيوني السعودي: العقبة الأولى وربما الأكثر أهمية أمام تطبيق نهج صارم وعقابي للسعودية في مجال حقوق الإنسان تتعلق بشكل مباشر بالدعم المباشر وغير المباشر للوبي الصهيوني السعودي. يحظى الصهاينة، في الوقت الحاضر، بدعم كامل من محمد بن سلمان في الأوساط الأمريكية. في الواقع، تعمل جماعات الضغط الصهيونية المدعومة من السعودية في وسائل الإعلام والرأي العام الأمريكي على منع إدانة محمد بن سلمان في المحاكم الأمريكية. وهدفهم النهائي هو إنهاء قضية قتل خاشقجي في المحاكم الأمريكية بإدانة مسؤولين صغار في حكومة الرياض.
الفوائد المادية لواشنطن من الأزمة السعودية: على مستوى آخر، جلبت سياسات التدخل السعودي في شؤون دول المنطقة فوائد مادية لا حصر لها لواشنطن على مدى السنوات القليلة الماضية. في السنوات الأخيرة، كانت صفقات الأسلحة التي تبلغ قيمتها عشرات المليارات من الدولارات والصفقات التجارية التي تبلغ قيمتها مئات المليارات من الدولارات بمثابة تنازلات كبيرة قدمها السعوديون لإدارة ترامب. كما أن الأزمة السعودية في الحصار على قطر، والمواجهة القصوى مع إيران في المنطقة، والتدخل المباشر في حرب اليمن، مهدت الطريق لبيع الأسلحة الأمريكية في المنطقة، لذا فإن جميع المعادلات الميدانية والموضوعية تشير إلى أن الولايات المتحدة لا تريد خسارة مثل هذه الفوائد الاقتصادية.
ليس فقط إدارة بايدن، ولكن جميع الإدارات السابقة منذ جورج دبليو بوش كانت على علم بالدور المباشر للسعوديين في أحداث 11 سبتمبر، ولكن لأسباب اقتصادية وسياسية، أخفيت الحقائق عن الرأي العام والمواطنين وعائلات الضحايا. لذلك يمكن القول إن الكشف عن تقرير سري أو نشره عن دور السعوديين في هجمات 11 سبتمبر لا علاقة له بأصل الموضوع ولكنه يكشف فقط فضيحة الإدارة الأمريكية للجميع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى