أحدث الأخبار

السلام المستحيل بين روسيا والحلف الاطلسي.

ابراهيم المهاجر

لعل هناك من يفكر ان التسليح الامريكي الاوربي لاوكرانيا في الحرب بينها وبين روسيا سيجعل معادلة القوة تميل ضد روسيا لصالح اوكرانيا بعد ما قاربت الحرب من الشهرين والنصف على بدأها. الامر بات من صناعة المستحيل بعد ان دمرت روسيا ٨٥% من البنى التحتية العسكرية الاوكرانية. كذلك هناك خطأ في حسابات من يعطي الروس انتصارا مطلقا وقد بدأت الحرب في ١\٣\٢٠٢٢ ولازال مسرح العمليات مابين هجوم روسي ودفاع اوكراني. بداية ادارت امريكا ظهرها للاصدقاء الاوربيين والاوكرانبين في ساحة الحرب (الاراضي الاوكرانية) تاركة مصيرهم للسلاح الروسي الذي قد يمحي الحياة في اوربا اذا لجأت القيادتين العسكرية والسياسية الروسية نتيجة خطأ الى الخيار النووي، الذي صنع ليكون رادعا في قواعد اللعبة. حين أدارت امريكا ظهرها في هذه الحرب للحلفاء لم يكن هذا الخيار سوى ان تتجنب المواجهة العسكرية المباشرة مع روسيا او حليفتها الصين كي لا تكون امام امتحان قد يفقدها ما تبقى من فائض قوتها او هيبتها العالمية امام الدول الضعاف وخصوصا العربية منها نتيجة اهانتها بسلاح ربما يكون قسما منه من جيل الثمانينيات او حتى السبعينيات. بالنسبة لروسيا رغم علمها أن هناك تدخل اطلسي في حربها مع اوكرانيا اقله اعلامي، جعل من الذئب النازي الاوكراني حملا. ومن الدب الروسي وحشا شرسا. الا انها ادركت ان تجزئة الحرب الى مراحل والانتصار في كل مرحلة تنهيها هو التكتيك الافضل لتكون الاقوى في المفاوضات، اذا توقفت الحرب. فالسيطرة الروسية على شرق اوكرانيا بالكامل باتت مسألة وقت تستسلم فيه القوات الاوكرانية المتبقية المحاصرة من دون اللجوء الى القوة.


النزاع الامريكي ، الاطلسي- الروسي ما كان له ان يكون حربا على الساحة الاوكرانية لولا اذعان الادارة الامريكية لضغوط تياري اليمين المتطرف في امريكا والنازي الجديد في اوكرانيا واوربا بإنشاء قواعد عسكرية اطلسية في اوربا ومعامل أسلحة كيمياوية وبيولوجية تحت الارض لانهاء قوة روسيا بحرب خاطفة يجعل ميزان القوى يميل لصالحهم امام اي تهديد يأتي من الشرق الذي بات الأهم في الصراع الدولي. امريكا من خلال السيطرة على الرئيس زيلنسكي، الممثل الكوميدي، وجعله دمية بيدها استطاعت انهاء الاصوات الوطنية المعارضة للحرب داخل اوكرانيا من اجل تسييره (زيلنسكي) باتجاه حرب تقاتل فيها اوكرانيا روسيا نيابة عن امريكا وحلفاءها. روسيا من خلال أجهزة مخابراتها العامة واستخباراتها العسكرية كانت على علم بما يجري في الاراضي الاوكرانية قرب حدودها الواقعة في اوربا. التهديد الاطلسي الجديد في غرب اوكرانيا والمقلق للامن الروسي القومي كان له ان يسوى بخطوتين. الاولى هي التأكيد على استبعاد دخول اوكرانيا في حلف الاطلسي والثانية ازالة القواعد الاطلسية والمختبرات البيولوجية القريبة من الحدود الروسية. بهاتين الخطوتين ينبعث الاطمئنان عند الروس من مخاوف مشروعة. ويكون فتيل الحرب قد نزع وعودة السلام بين البلدين باتا محتومين. الا ان الاصرار الامريكي على دعم اوكرانيا وابقاء روسيا في حالة حرب استنزاف بحيث تكون جذوة نارها لا هي بالجمر المستعر الذي يستدعي دخول الاطلسي الى جانب أوكرانيا ولا بالباردة التي تحتاج إلى جهود بسيطة لاطفاؤها. المهم هو ان يبقى التسخين مستمر بين الطرفين لحين ايجاد حل يفرض شروطا على روسيا بعد اتعابها عسكريا واقتصاديا. قبل يومين من كتابة هذا المقال حصلت موافقة الكونغرس الامريكي على منح اوكرانيا مساعدات بقيمة ٣٠ مليار دولار. هذه المساعدات ستذهب معظمها الى الشركات الامريكية المصنعة للسلاح لتكون تللك المساعدات ربما فقط عسكرية. والسؤال هو ما فائدة المساعدات لبلد دمرت ٨٥% من بناه العسكرية امام بلد يزداد اقتصاده قوة وهو في حالة حرب. التقارير الاقتصادية تشير ان الدخل الروسي في اليوم الذي قرر فيه الكونغرس الامريكي منح اوكرانيا المساعدات كان قد بلغ قرابة ١٤٠ مليار دولار في شهر واحد. الاسلحة التي يوردها الحلفاء الاطلسيون لاوكرانيا صارت مسخرة عند القوات الروسية التي تدمرها وهي في حاوياتها. والسؤال هو ما فائدة هذه الاسلحة التي لا تتمكن القوات المدافعة الاوكرانية من استخدامها بكفاءة حتى يتم التدريب عليها وعندما تتدرب عليها وتستخدمها تكون هناك اراضي اوكرانية جديدة قد ابتلعت من قبل روسيا.

قراءة في الحرب الروسية-الاوكرانية ترى ان هناك توتر مع ارتباك في موقف الفرقاء الأطلسيين تجاه الصراع الروسي-الاوكراني الذي قد يخرج عن طوره ليكون صراع جبابرة مردة او بكلام أخر حرب عالمية ثالثة، خصوصا بعدما هددت روسيا السويد وفلندا باستباحة أراضيهم اذا اصبحتا أعضاء في الحلف الاطلسي.
ورغم دعوات السلام التي ينادي بها الرئيس الاوكراني زيلنسكي للجلوس مع الروس على طاولة المفاوضات الا ان هذه الدعوات لا تلقى اذنا سامعة من قبل القيادة السياسية الروسية بسبب انها تعتبر اوكرانيا بلد منزوع السيادة فاقد للقرار. ولو كان بلدا ذا سيادة على قراره السياسي لكانت مفاوضات السلام قد قطعت شوطا كبيرا قبل الدخول في الحرب. الموقف السياسي الروسي من ايقاف الحرب مع اوكرانيا يذكرني بموقف الامام القائد روح الله الموسوي الخميني قدس الله سره من ايقاف الحرب مع العراق في ثمانينيات القرن الماضي. كان الامام الخميني يعرف ان قرار الحرب لم يكن عراقيا بقدر ما كان يعرف ان العراق شن الحرب على ايران بقرار تبنته الإدارة الامريكية وما العراق والعراقيون الا ضحايا القرار الامريكي. لذا كان ينظر الى صدام حسين ليس عميل فحسب بل دمية أمريكية في وقت كانت اصوات الجهلاء واصحاب الثقافات السطحية تردد الآية القرآنية: “وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا” كالخوارج في حرب صفين حين رفعوا القرأن على الرماح بوجه امير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه. وكان الامام الخميني ينظر الى العراق بلد منقوص السيادة لايمكن الاطمئنان لقراره في ايقاف الحرب طالما يقوده دمية راقصة من مسرح العرائس السياسي، كما هو الحال مع اوكرانيا التي يقودها الرئيس زيلنسكي الذي لاتثق روسيا بقراره مالم يشفع بقرار الحلف الاطلسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى