شؤون امريكية

السلطات الامريكية تغلق مواقع إيرانية وإسلامية بغير وجه حق

مجلة تحليلات العصر الدولية - د. أحمد الزين

في سابقة خطيرة بإنتهاك حرية التعبير وحرية الصحافة والنشر والبثّ، أغلقت وزارة العدل الامريكية عبر قرصنة إعلامية ناعمة العديد من المواقع الالكترونية الإعلامية التابعة لإيران والداعمة لمحور المقاومة والمناوئة لسياسة امريكا العدائية، كما حجبت العديد من القنوات الفضائية بما في ذلك تلفزيون “برس تي في”، وموقع قناة “العالم الاخبارية” الإيرانية، ووكالة “انباء فارس”، والكوثر، ونبأ، واللؤلؤة، والمسيرة وتلفزيون “أهل البيت” الإسلامية وغيرها.
إن هذا الحجب والإغلاق هو عمل استفزازي عدواني وإرهاب إعلامي على محور المقاومة ينذر بعواقب خطيرة على الامن والسلام الدوليين في هذا التوقيت المريب وهذه المرحلة الدقيقة والحساسة من تاريخ منطقة غرب آسيا، وبعد فوز الرئيس الثوري والمقاوم السيد إبراهيم رئيسي. وانه تصعيد خطير غير إعتيادي وخطوة تخويفية لكمّ الافواه وإسكات صوت الحق والحقيقة وخنق الحريات كونه يصدر من احدى الدول الكبرى مثل أمريكا التي تتدعي وتحاضر في الدول والامم والشعوب عن قيم الحريات والديمقراطيات وحقوق الانسان، والتي انفضحت سياساتها بالمواقف الإنتقائية وإزدواجية المعايير والدفاع عن الانظمة الديكتاتورية والقمعية مثل انظمة الخليح الفارسي، والانسحاب من الاتفاقيات الدولية مثل الاتفاق النووي الايراني. ومن المستغرب أن يحدث ذلك في ظل رئاسة جو بايدن وإدارته التي عُلقت عليها الآمال الكبيرة للتغيير نحو عالم افضل يكون اكثر عدالةً واستقراراً وحمايةً لحقوق الإنسان.. مما يعزز حقيقة ما قلناه ويقوله المحللون والمتابعون عن عدم وجود أي فرق في السياسة والاهداف والاستراتيجيات بين الادارات الامريكية المتعاقبة.. وان تغيير الوجوه المختلفة والرؤساء للنظام الأمريكي المتغطرس المستكبر هو تغيير في الاسلوب والتكتيك فقط. ويعتبر هذا الاعتداء الامريكي السافر والتعدي الفاضح على احدى أهم قيم حريات الصحافة والأعلام من اخطر التجاوزات والانتهاكات لحقوق الانسان وكرامة الشعوب التي تخالف جملة وتفصيلا القوانين الدولية المرعية ومواثيق الامم المتحدة الموقعة، والمعاهدات والاتفاقيات المبرمة بين الدول المتحضرة.. وهي بالدرجة الاولى منافية أصلا للقيم السياسية والمبادىء الانسانية والمفاهيم الحضارية في ظل هذا العصر الثقافي التنويري الحضاري.. وعصر الحداثة والتطور والتقدم الفكري والعلمي والبحثي..
ان ما اقدمت عليه امريكا من إغلاق تعسفي هو مخطط مدروس تهدف ربما من ورائه نسف محادثات فيينا، وتوجيه ضربة الى مبدأ الحوار والمفاوضات التي تجري الان للعودة الى الاتفاق النووي بين امريكا وإيران، والذي تزامن مع محاولات امريكية صهيونية لتخريب احد مباني الطاقة الذرية الإيرانية لضرب أنشطة إيران النووية السلمية وبالتالي لتعطيل برنامجها النووي، حيث صدر عن مكتب الرئيس الايراني حسن روحاني بيانا جاء فيه: إنّ “إغلاق واشنطن لمواقع إعلامية إيرانية خطوة غير بناءة وبناءً على ذلك لن يتم كتابة إتفاق نووي جديد في محادثات فيينا”. فليكن هذا درسا وعبرة لـكل “المحايدين” والخانعين والمدافعين عن سياسة امريكا.. وهؤلاء الذين لا يريدون السير او المضي او الخوض في طرق السياسة والحوار والمحادثات والمفاوضات.. ولهؤلاء الذين لا يزالون يمتنعون عن دعم خيار المقاومة والممانعة لحماية حق الانسان بالعيش الكريم وصون كرامة الشعوب وحقوقها.
هناك مسؤولية كبرى تقع على عاتق المجتمع الدولي وحكومات الدول وكافراد احرار او مواطنين مسلمين أو مسيحيين او جمعيات خيرية ومنظمات أممية حقوقية وهيئات واحزاب سياسية.. وهي وجوب إتخاذ الموقف الطبيعي المتمثل في الدعوة إلى كلمة الحقّ ونشر الحقيقة ونصرة العدالة والانصاف والعدل والقسط، كما جاءت في تعاليم رسول الإنسانية محمد (ص) وأهل البيت (ع) والسيد المسيح (ع) والنبي موسى وإبراهيم (ع). لذلك ترى كلما أحرزت الدول النامية تقدما او تطورا او تتويجا او نجاحا على أي مستوى علمي أو ثقافي أو إعلامي أو إنساني أو حضاري في مجالات الحياة، فإن القوى الاستكبارية المتغطرسة لن تتردد في منعها وإيقافها وصدّها ومحاربتها وإبادتها إذا سنحت الفرصة كما يحدث الان في فلسطين واليمن.. يجب علينا وعلى شباب وشعوب المنطقة ان يكونوا دائما يقظين وواعين لهذا الواقع الأليم وهذا التحدي الكبير.. وأن يدركوا بانه امام هذا الكفاح الحقيقي بسلاح الكلمة والاعلام وتبني خيار المقاومة والصمود فاننا سنبقى مستهدفين بكل هذا الكم من التصويب السياسي العدائي والحملات الاعلامية المحرضة والروايات الكاذبة عن حرية التعبير وحرية الرأي والرأي الاخر، والديمقراطية الليبرالية المزيفة وإدعاءات حقوق الإنسان من قبل هذا الانطمة الغربية الاستعمارية وعلى راسها امريكا الشيطان الاكبر راعية الإرهاب والحروب وحلفائها الغدة السرطانية “إسرائيل” المحتلة الغاصبة لفلسطين، والافعى السامة “مملكة الرمال السعودية” الوهابية التكفيرية الداعشية الإرهابية قتلة أطفال اليمن، ودولة الزجاج “الامارات العبرية المتحدة” التطبيعية المتطرفة.
هذه الهجمة الامريكية الشرسة على إعلام محورالمقاومة أثبتت وكرّست لدينا معادلة جديدة بان سلاح الكلمة والإعلام المقاوم من أقوى وامضى الاسلحة الناعمة التي استطاع ان يتفوق على الاعلام الامريكي ويكشف زيف سياساته ويفشل مخططاته، بعد تحقيق الانتصارعليه بسلاح الصاروخ والخندق والميدان في معركة “سيف القدس” التي خاضتها ببسالة المقاومة الفلسطينية في غزة ضد ربيبتها الكيان الصهيوني الغاصب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى