أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

السيناريوهات المتوقعة بعد إعلان نتائج الانتخابات لعام 2021

مجلة تحليلات العصر الدولية - أكـــبر الغزاليّ

نتائج الانتخابات تقريبا استقرّت على ما هي عليه مع خروج الاحتجاجات ومع كلّ الضغط الذي قامت به الأحزاب اعتراضاً على التزوير، والتصوّرات المتوقعة بناءً على ثبوت النتائج وهو الاحتمال الأقرب مع ضعف تلك التظاهرات ومحدودية العدد وإمكانية الاحتواء من الطرف الأمريكي، والسيناريوهات هي :

السيناريو الأوّل: المقاطعة (وهو خيار تستفيد منه أمريكا وترفضه إيران )

في هذا السيناريو يُفترض أن يُقاطع الإطار التنسيقي العملية السياسية، ولا يشترك بالحكومة؛اعتراضاً على عدم شرعيّة الانتخابات بسبب التزوير والتلاعب، وفي الواقع إنّ بعض الأحزاب الشيعية لا تريد الوقوع في هذا الفخ، فإنَّهم سوف يخرجون من دائرة التأثير،وخشية أن تُؤسِّس الحكومة التي يتمّ تشكيلها من التيار الصدري ((دولة عميقة)) تُلغي دور الإطار الشيعي، وتتّخذ قرارات صادمة وصارمة أكثر، ويتعرّض الشيعة والأحزاب الإسلامية الى ضعف وحرج وضغط واستدراج وإلى مواقف حرجة، وبما أنّه في هذا الخيار تكون الفرصة ذهبيّة الى التيار الصدري والعلمانيّ والأمريكيّ من الاستحواذ على الحكم والدولة استراتيجياً، ويستحيل معها عودة الأحزاب الاسلامية إلى واجهة العمل السياسي، وهنا نقاط:

١- هذا السيناريو يُعدُّ فرصةً مهمة لأميركا، ويأتي كمقدّمة لعزل القوى الشيعية خصوصاً أنّها سهّلتْ الطريق على أمريكا أنْ اختارتْ قرار التهميش والمقاطعة بنفسها، سيّما أنّ قرارهم بالمقاطعة لايؤثِّر في شرعيّة الانتخابات دولياً ومحليّاً.

٢- هذا القرار يُخرِج الأحزاب الإسلامية من دائرة التأثير،ويمنع عليها العودة بعد أن تجد أنَّ البنية الأساسيّة للدولة والجمهور قد تغيّرت كما يحصل في الجزائر وتونس ومصر، وسوف تستعد أمريكا لتغيير الواقع الاجتماعي والسياسي والمؤسساتي ضدهم .

٣- هذا القرار أو الخيار يؤدي الى تمزيق الصف الشيعي (الإطار التنسيقي).

٤- يؤدي هذا القرار الى إضعاف الحشد الشعبي والمقاومة ويطيل عمر الاحتلال .

٥- يمنح هذا الخيار التيار والجهات العلمانية (( شرعية الواقع )) الذي يصعب تفكيكه.

٦- هذا الخيار يفتح الباب للتدخّلات الخارجية .

٧- هذا خيارٌ أمريكي وبألتاكيد يُرفَض من قبل إيران .

السيناريو الثاني : عدم إمكانية تشكيل الحكومة أصلًا ( وهو خيار تعمل على تحقيقه أمريكا وترفضه إيران ))

وهذا الخيار قائم، وربما يترجّح حال حصول توتّر وفوضى وصِدام في البيت الشيعي وعدم حصول أي تفاهم بين التيار والإطار، وحال تعمّقت القطيعة بين الطرفين ــ ولا يبدو من التيار الصدري أي استعداد للتفاهم أو التنازل ــ فإنّه متّجه بقوة صاروخية وعناد كبير لفرض وجوده السياسيّ، وربما تصريح مقتدى الصدر الأخير في تشكيل حكومة (( أغلبية وطنية )) إشارة واضحة عن المشروع المرجّح لديه، لذا يكون الأمر معقّداً، وينتهي بعدم إمكانية تشكيل الحكومة،وهنا تنفتح أبواب الاحتمالات على المجهول والفراغ الدستوري وغير ذلك، وبالنتيجة إنّ أيّ تأخير أو تعطيل أو تسويف أو ترحيل كبير فاحش في تشكيل الحكومة يؤدي إلى مايلي :

١- أن تستغل أمريكا هذا الفراغ لأجل إطالة أمد بقائها، ويتمّ تمرير الكثير من المشاريع الأمريكية والاقليميّة في ظل غياب البرلمان والحكومة.

٢- احتمالية الذهاب إلى الفراغ الدستوري، أو وقوع العراق تحت الإشراف الدوليّ، ويتعمّق إشراف اللّجان الدولية ومجلس الأمن.

٣- تصاعد الإرهاب واختلال الأمن وانتعاش الحركات التكفيرية ((داعش)).

٤- يؤدي هذا الخيار إلى الصِدام (( الشيعي – الشيعي )) أو السكوت المؤدي إلى الإفلاس.

٥- هذا أحد الخيارات الأمريكية لإبقاء الكاظميّ وتمرير أكبر قدر ممكن من القرارات، وتفتيت قوة الشيعة،وطبعاً هذا الخيار يُرفَض من قبل إيران.

السيناريو الثالث: أن يتمّ تشكيل الحكومة من قبل التيار الصدري فقط ((وهو خيار تعمل عليه وتؤيده أمريكا وتتحفّظ عليه إيران وتسعى إلى الأفضل وربما تضطرّ اليه ))

وهذا الخيار غير ممكن بسبب عدم تفاعل القوى الشيعية بالإجماع معه، وأيضا فإنَّ موقف السُّنة والكرد إلى الآن لايتّضح منه رغبته في تشكيل الحكومة مع التيار الصدري؛ لأنّهم يدركون مخاطر هكذا أمر، ويعلمون ردود الفعل وحجم خسارتهم إن خسروا العمق الشيعي، وبالتالي فإنّ التيار لايتمكّن من أن يجد له قوّة شيعية أو وطنية من السنة والكرد تشكّل معه الحكومة حينما يبقى يدور في الفراغ السياسي، ويعمل على الضغط والتعطيل والتأجيل وغير ذلك لأجل خلق واقع يقدّم فيه الإطار ــ حسب تصوّره ــ مزيداً من التنازل أمام الأمر الواقع الذي يريد أن يخلقه التيار الصدري،وهذا أيضاً خيار أمريكي، ويرد فيه من الملاحظات مايرد في النقطة الأولى ونضيف مايلي:

١- مع استلام التيار الصدري الحكم تتغيّر أُسس المنظومة الشيعية السياسية والدينية والمرجعيّة والأمنية والاجتماعية.

٢- حينها يشكّل التيار قوة على الأرض تمنع ان تستعيد الأحزاب الإسلامية دورها السياسي.

٣- هذا الخيار ــ كما يبدو ــ أنّه خيار مُرحَّب به من قبل أمريكا،وهو الخيار الذي يوفِّر له من قبل أمريكا والخليج فُرَصاً مهمّة بإقناع السنة والكرد، ولأنّه لايمكن أن تتحقق- هذه الفرصة – مستقبلًا ولم تتحقّ ماضياً، كون التيار في مرحلة حكمه سيكون حامياً للمصالح الأمريكية، ومنفِّذاً لمخطّطاتها وخلال هذا الصراع بين التيار والإطار ينتعش الوجود العلمانيّ والتطبيع والإرهاب أيضاً،وعليه فهو أيضاً خيار أمريكي ومرفوض إيرانياً وهنا تجري كوارث لايمكن تصوّرها، وقد يخسر الشيعة وإلى الأبد الحكم كردّة فعل لمرحلة قاسية وفوضى عارمة يتم تغذيتها من أمريكا واسرائيل .

السيناريو الرابع : أن يتم تشكيل الحكومة من قبل الإطار الشيعي(( وهو خيار إيران اضطراراً، وقد يكون اختياراً وترفضه أمريكا سرّاً وعلانية )).

وهو احتمال ممكن، إلّا أنّ الصدر سوف يعمل بقوة على خلق العراقيل لمنعه، وحتى لو تم تجاوز العقبات فإنّ أربعَ سنواتٍ عجاف ستعاني منها تلك الحكومة بسبب الفوضى الصدرية والتي يعزّزها الخارج الإقليميّ والدولي والطبقات المغرضة داخل العراق، وهنا ترد مع فوضى التيار الصدري احتمالات الإخلال بالأمن وتعطيل الخدمات وإرباك الحياة على غرار سيناريو عام 2019 م ، وقد تتطوّر الأوضاع الى صِدام مسلّحٍ، واغتيالات من خلال تدخُّل الطرف الثالث الخليجي والدولي، وفي هذا الخيار تأتي النقاط التالية :

١- قد تُواجَه هذه الحكومة بالفوضى الصدرية والإرهاب الداعشي.

٢- سوف تصعّد أمريكا والخليج من القرارات المجحفة ضدّهم من التلاعب بالأسعار، ومنع وصول الأموال الى العراق، وضرب الأمن،ومنع الطاقة الكهربائية، وإشعال الفتن والحرائق وخلق الازمات الاقتصادية والسياسية لإعادة سيناريو ( 2012 – 2014) وسيناريو عام (2019).

٣- تنتهي هذه الحكومة باحتمال السقوط أو الفشل في تقديم الخدمات حال تمكّنت أن لا تنجرّ الى الصِدام مع التيار الصدريّ، وفي هذا الفرض تنتهي حكومة الإطار بالفشل السياسي ويُصار إلى الحكم الأمريكيّ على غرار تنصيب الكاظمي

السيناريو الخامس: أن يتم تشكيل حكومة شراكة بين التيار والإطار (( وهو يمكن أن يكون خيار أمريكا اضطراراً وإيران اختياراً ))

ويُفترض أن تتكون وفق التالي:

١- أن يكون هناك تفاهماً يؤدي الى تحالف بين التيّار والإطار الشيعي.

٢- أن يتم اختيار رئيس وزراء توافقيّ ترتضيه الجهات الشيعية .

إلّا أنّه في كِلا الأمرين لابُدَّ من التفاهم التفصيليّ بين الطرفين (الإطار والتيّار) وأن يكون هنالك درجات من التفاهم والحوار،وهذا ممكن إذا تمكّن الإطار أن يشكّل لجنة تفاوضية تمنع الاحتكاك بين مقتدى والمالكي،وأن تحلَّ اللّجنة الشيعية محلّهما في تسيير الأمور وتمشية التفاهمات وتحديد المخرجات .

النتيجة :
١- ونحن نعتقد أن الخيار الأخير وهو ((حكومة الشراكة )) أفضل الخيارات المعقّدة، وليس من حلٍّ غيرها ولابديل عنها،ولا بُدَّ من الوصول آليها مهما كلّف الثمن وإلّا فإنّ العراق سيعيش أسوء مراحله السياسية،وهو ممكن لو تم ضبط قرار السنة والكرد.

٢- حكومة الشراكة مع أنّه أفضل الخيارات العسيرة إلّا أنّها غير ممكنة في ظل تراجع الحاج العامري، إذ بلغ عدد مقاعده (5) وفي ظل قرار السيد عمّار الحكيم بعدم مشاركته في الحكومة، فليس من الممكن – حسب الخلفيات – أن يتحالف مقتدى مع الشيخ قيس الخزعلي(10) مقاعد، والمالكي (35) مقعداً، وحتى على فرض إمكانية التحالف فإنّ السيد مقتدى يبقى متحفّزاً للانقلاب على الشركاء وإعادة سيناريو عام 2019

٣- هناك من يرى أنَّ الأفضل أن يمضيَ مقتدى في تشكيل الحكومة، وحينها يُحكَم عليها بأمرين : إما النجاح ــ وهذا لصالح الشيعة وباقي الأحزاب لكي تتوجه لاستعادة دورها السياسي و الاجتماعي ــ وإما أن يفشل ويصعد دور الأحزاب الأخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى