أحدث الأخبارالعراقشؤون آسيويةمحور المقاومة

الشاطئُ الميِّت مقبرةُ الطحالب الميِّتة (جمال الضاري وعمقه الأردني)

مجلة تحليلات العصر الدولية - حازم أحمد

غرَّد السيد جمال الضاري على تويتر بتاريخ: 3-نيسان-2021 بأنَّ الأردن تمثل عمقنا الإستراتيجي.
لا ندري متى وكيف ولماذا؟ وكيف يُفرَّعُ الأصلُ على فرع، ويُطوَى المتنُ في هامش، مع الاحترام للدول والشعوب طبعًا، لكننا بحاجة إلى قياس الكلام على أرقام الواقع، ولا نطلق المفهومات الكبيرة دون فهمها، أو الاستعداد لعاقبتها لو فُضِحَت الفكرة الهزيلة؛ ولأجل ذلك نقدم هذه القراءة السريعة للأرقام؛ مُوازنين بين العراق، والأردن التي تُمَثِّل (العمق الستراتيجي للسيد جمال ضاري!)

١- التاريخ

احتفل العراقيون يوم: 1-نيسان-2021 بمناسبة رأس السنة البابلية التي سجَّلَت (6771) عامًا بهذا التاريخ، أي: واحد وسبعين وسبعمئة وستة آلاف عام!.
أما الأردن فلم تستقل من فلسطين إلا في عام 1946م حتى تكون دولة غير فلسطين!.

٢- الجغرافيا

مساحة الأردن: (89341) كم مربعًا، أما مساحة العراق فهي: (438.317) كم مربعًا، أي: الأردن أكثر قليلًا من خُمس مساحة العراق!.

٣- عدد السكان

عدد سكان الأردن: أكثر من (10) مليون نسمة، أما عدد سكان العراق فهو: أكثر من (40) مليون نسمة، وبذلك فإنَّ الأردن تعادل (25%) من سكان العراق فقط!.

٤- الحروب وإثبات القوة العسكرية

العراق خاض حروبًا تضمنت آلاف المعارك (حقًا وباطلًا)، منذ التاريخ القديم، والإسلام، وصولًا إلى ظهور معسكر محور المقاومة الذي هزم أعتى دولة مستبدة في الأرض وهي (أميركا)، وصار فصيلًا واحدًا من فصائل المقاومة يتمتع بالقدرة على ردع أميركا وحوافرها مثل السعودية وغيرها بضربات ذكية دقيقة، حتى قال السيد (حسن نصر الله) عن الحشد الشعبي مخاطبًا دول الخليج بأنه لو لا الحشد الشعبي لكانت (داعش) جالسة في قصوركم الآن، أي: قوة الحشد الشعبي تعادل قوة جيوش الخليج مجتمعةً؛ لأنه هزم القوة التي كانت مؤهلة أن تهزم دول الخليج كلها.

أما الأردن، فلم تشارك في معركة بتاريخها الممتد على سبعين سنة… عذرًا، يقولون إنها دخلت في مواجهة ضد جنود صهاينة في معركة (مشاجرة) لمدة (خمسين دقيقة كاملة دون أي انقطاع)، يقول أحد المصادر المهمة بأنّ هذه المشاجرة المرعبة احتدمت لدرجة أنَّ جنديًا صهيونيًا تُلَّ مِن شَعره، وبأنَّ أردنيًا خُمِشَ مِن خَدِّه!، سنة 1968!.

٥- الموازنة المالية

عندما كانت الموازنة العراقية مثلًا لعام 2013 تُسجِّل مبلغًا: (100) مليار دولار، كانت موازنة الأردن تسِّجل: (10) مليار دولار، أي: بفارق (90%) تقريبًا!، وهكذا النسبة بتفاوت قليل، وتعتمد الأردن بنسبة كبيرة على المساعدات الأميركية، ومساعدات مجلس التعاون الخليجي، فهي دولة فقيرة ماديًا وصناعيًا وزراعيًا وتكنولوجيًا… إلخ.

٦- النفط والغاز

العراق معروف بقدرته التصديرية ومخزونه بالنفط والغاز، وهو الذي يبيع النفط للأردن الآن بمبلغ (16) دولارًا للبرميل الواحد رأفةً بحالها، في الوقت الذي يتجاوز به سعر برميل النفط العراقي (60) دولارًا للبرميل الواحد في العالم.

الأردن بلا نفط، وبلا غاز، وهي تعتمد على المساعدات، ولم أرَ عمقًا إستراتيجيًا مقلوبًا على رأسه وبِطانته مثل العمق الإستراتيجي للسيد جمال الضاري!.

٧- الموقع الإستراتيجي

العراق يُمثِّل رأس الخليج الفارسي، وهو مجاور للجمهورية الإسلامية من الشرق، وتركيا من الشمال، وهو الدولة التي تؤهلها مواردها ومكانتها أن توقع اتفاقية مع الصين (الدولة العظمى دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي)؛ قيمتها أكثر من (400) مليار دولار تُدفَع من مواردها الطبيعية، وهو دولة تُعَدُّ ضمن طريق الحرير الصيني العالمي، الاتفاقية التي تأخرت، لكنها لا تُلغى، وبغضِّ الطرف عن ذلك؛ لكن العراق بمستوىً يؤهله التعامل مع الكبار.

أما الأردن، فهي محاصرة جغرافيًا من السعودية، والصهاينة، والبحر الميت، وليس عندها ما يؤهلها أن تتعامل مع القوى العظمى من موقع المقتدر، فقد تبتلعها إسرائيل في صفقة مع السعودية ذات عاصفة خاطفة، والبحر الميت مغلق دون منفذ بحري، وخليج العقبة لا يشفع لها!.

عندما نقول إنّ الجمهورية الإسلامية تُمَثِّل عمقنا الإستراتيجي

لا نريد عرض عملية موازنة أكثر بين العراق والأردن، ولكن نودُّ إعلام السيد ضاري بأننا عندما نقول: (الجمهورية الإسلامية تمثل عُمقنا الإستراتيجي)؛ فإنّ الجمهورية تتمتع بالتفوق في غرب آسيا، وهي حضارة عمرها أكثر من ستة آلاف عام، وهي اليوم جمهورية إسلامية تعتز بهويتها.
مساحتها الجغرافية أضعاف مساحة العراق؛ إذ تعادل مساحتها أكثر من: (1.6) مليون كم مربع، أما عدد السكان فهو أكثر من: (80) مليون نسمة، وهي دولة نشاركها في شريط حدودي بمسافة (1400) كم، وهي مطلة على شرق الخليج الفارسي كله، ومضيق هرمز، وخليج عمان، وبحر العرب، وبحر قزوين…
هي دولة غنية بالموارد الطبيعية، والصناعات الوطنية، من إبرة الخياطة حتى الأقمار الصناعية، وهي التي هزمت أميركا في مجلس الأمن الدولي كاسرةً حظرها العسكري بتاريخ: 14-آب-2020.
هي التي دكَّت قاعدة (عين الأسد) الأميركية بالصواريخ الباليستية ولم ترد عليها أميركا، وهي التي جعلت أميركا وأوروبا اليوم يتوسلون بها أن تعود للمفاوضات بشأن الاتفاق النووي.
هي التي خاطبت روسيا والصين (الدول العظمى) فجاءت روسيا لنصرة سورية، وجاءت الصين لتوقيع الاتفاقية الشاملة مع إيران، وتلحقها روسيا بعد أيام باتفاقية كبيرة مع إيران.
فهذا عمقنا الإستراتيجي الذي يقف معنا في الظروف كلها ولن يتخلى عنا، أما شاطئ البحر الميت فهو عمقٌ رمليٌّ مِلْحيٌ للطحالب الميتة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى