أحدث الأخبارشؤون امريكية

“الشرق الاوسط والتأهيل الامريكي لبريطاني”

مجلة تحليلات العصر - ماجد الشويلي

مقال كتبته منذ مدة

يبدو ان الولايات المتحدة تفكر جديا بمغادرة الشرق الاوسط مصوبة وجهها نحو الصين للحد من تنامي نفوذها المضطرد وتفاقم قدراتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية في العالم.
فالصين التي ترفض العودة لبيت الطاعة الامريكية باتت وكانها على استعداد لمواجهة امريكا على الصعد كافة .بل وكانها قد وطنت نفسها على مواجهة حتمية اعدت لها مايكفي من لوازم الاقتدار وتحقيق الظفر .
فتمردها على قرار المحكمة الدولية الخاص ببحر جنوب الصين الذي يشهد نزاعات حادة بينها وبين حلفاء الولايات المتحدة التي تشاطئها فيه) ينذر بوقوع حرب دولية كبرى هناك لاهمية هذا الموقع كممر مائي حساس تتجاوز قيمة البضائع التي تمر عبره سنويا ال5.3 تيرليون دولار فضلا عما يزخر به باطنه من ثروات نفطية هائلة .
فقد حدث ان اقتربت المدمرات الصينية من البارجات الامريكية لمسافات قريبة لاكثر من مرة الامر الذي اعدته امريكا استفزازا وتحرشا عسكريا .
ولم تخف الصين هذا الحنق الذي يعتلج بصدرها حين صرح الاميرال الصيني لو يوان ((اغرقوا حاملتي طائرات امريكيتين وستنتهي مشكلة بحر الصين الجنوبي))
لكن المشكلة لدى الولايات المتحدة الامريكية وهي لاتتعلق بعجزها عن مواجهة الصين فحسب وإن كانت تجد صعوبة في مجاراتها على المستوى الاقتصادي ،الا انها تكمن في التحدي والصعوبة الحقيقية بعدم قدرتها على مغادرة الشرق الاوسط لجملة من التعقيدات اهمها ؛
وجود اسرائيل الملزمة بحماية امنها واستقرارها وضمان تفوقها الاقليمي على سائر البلدان المحيطة بها ،فما من رئيس اميركي يمكن له ان يطأ البيت الابيض الا وعليه ان يؤدي فروض الطاعة للصهاينة سواء في الداخل الاميركي ام في اسرائيل.
وهناك ايران الجمهورية الاسلامية ذات الاذرع القوية والنظام السياسي القائم على اساس احياء القيم الدينية ورص صفوف المسلمين وتعزيز قدراتهم في مواجهة اسرائيل والغرب الطامع بنهب خيرات المنطقة .
ايران هذه التي اظهرت تفوقا لافتاً على الولايات المتحدة في الملفات الدبلماسية وحتى العسكرية حينما اسقطت طائرة التجسس الاكثر تطورا في العالم . لها القدرة على ازالة اسرائيل بل وان مشروعها قائم على هذه العقيدة بمجرد ان تخرج اميركا من المنطقة.
ناهيك عن وجود روسيا الاتحادية قريبا من محيط حلبة الصراع الازلي هذه
فكيف يمكن لنا ان نتصور بان اميركا ستخطو خطوة انسحابها من المنطقة بهذه السهولة .
لكن يظهر انها متحيرة بين امرين احلاهما مر ؛بين ان تترك اسرائيل لوحدها في مجابهة ايران وحلفائها وتتفرغ لمواجهة الصين وبين ان تتغافل عن التغول الصيني وهو يقضم مكانتها وقدراتها كافة !!
لذا فقد بادرت الولايات المتحدة لوضع خطة اجهاض توسع الصين التي اعلن الرئيس الاميركي انها ستنتهي عام 2022 وقد تتضمن مواجهة عسكرية شاملة او جزئية ،والى ذلك الحين سعت الولايات الاميركية لايجاد حل وسط يتمثل باعادة تاهيل بريطانيا للعودة الى الشرق الاوسط من جديد ،فتقسيمات المنطقة الجغرافية هي من هندسة البريطانيين والكيان الغاصب هم من زرعوه . وهم اكثر خبرة واطول نفسا بالتعاطي مع تناقضات المنطقة .
عملية التأهيل هذه تستلزم اول ماتستلزمه هو خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي وهذا ما كان يروج له ترامب في حملته الانتخابية حين قال بان خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي سيكون امرا (رائعا)
وهو ما اكده السفير الاميركي في بريطانيا وودي جونسون حين قال ((خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي سيكون امرا رائعا))
فبريطانيا توجد فيها طبقة سياسية لازالوا يعتقدون بانها دولة عظمى وانها تراجعت بسب التحاقها بالاتحاد الاوربي.
كما ان لبريطانيا علاقات عقائدية وسياسية واقتصادية عميقة جدا مع امريكا
واما عن علاقة البريطانيين باسرائيل فحدث ولاحرج ،فيكفيك ان بريطانيا ترفض الى اليوم تقديم اعتذار رسمي للفسطينيين والعرب عن وعد بلفور وحينما اعتدت اسرائيل على غزة كان رئيس الوزراء البريطاني كاميرون يقول ((انه دفاع عن النفس))
يبقى امرا واحدا هو ان على بريطانيا ان تدفع فاتورة ب 39مليار جنيه استرليني.
وقد تكون السعودية مع بعض الدول العربية مستعدة لتوفير هذا المبلغ في اطار صفقة ما.
إن ما يعزز نظرتنا هذه هو مجئ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونس من تلك الطبقة السياسية البريطانية التي تؤمن بان بريطانيا لازالت عظمى .
ولا اظن ان اختيار جونسون بهذا الشبه الكبير مع ترامب بالشكل والمضمون جاء اعتباطيا وانما قد تكون له رسالة مفادها ان امريكا وبريطانيا تحكمهما عقلية واحدة!!
ولعل احتجاز بريطانيا لناقلة النفط الايرانية وعودة بارجاتها الحربية للابحار قرب مضيق هرمز هو عملية تدشين لهذه العودة .
لكنها كانت عودة مخيبة لآمال امريكا وبريطانيا وحلفائهما حينما اصطدما بالارادة الصلبة لايران التي اجهضت هذا المشروع في بواكيره .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى