أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

الشهيدة بنت الهدى الصدر زينب عصرها

مجلة تحليلات العصر الدولية - بتول عرندس

تحل في هذا العام ذكرى استشهاد أحد أعمدة الفكر الإسلامي العراقي الفيلسوفين والمفكريين الإسلاميين الشهيد محمد باقر الصدر وأخته العلوية الزينبية الطاهرة السيدة أمنة الصدر المعروفة ب “بنت الهدى” رضوان الله تعالى عليهما.
التاريخُ نفسه، التاسع من أبريل من العام 2003، ذكرى سقوط نظام دكتاتوري بائد حصد حياة الملايين من الأبرياء، انه النظام البعثي وعلى رأسه صدّام وجلاوزته.
ما يقارب المليون ضحية سقطت على يد هذا المستكبر من خيرة أبناء العراق، فلاسفة ومفكرين وأطباء ومهندسين وكتّاب ومربين، الخ، سقطوا في مسلسلات اجرامية تعدد أوجهها. وفي حربه المفروضة على الجمهورية الإسلامية، ارتكب صدّام أشنع الجرائم، بدعمٍ من حكومات العالم التي لطالما وظّفّت صدام كمرتزقٍ للقتل كما توظف اليوم عملاء لها من دواعش ارهابين وسياسيين متشدقين مواجهين مصالح الأمة ومقاومتها.
عن صاحبي الذكرى، عن الفيلسوفيان الصدر، دعوني أعبر عن عظمة الأم التي ربت هاذين الأخوين اليتيمين بعد وفاة والدهم السيد حيدر الصدر في سنٍ مبكرةٍ جدًّا. تولت رعايتهما والعناية بهما في ظروفٍ معيشيةٍ ردئيةٍ جدًّا، لكنها صنعت بحق من طفليها شخصيتين ثوريتين زلزلتا عرش صدام وأرعبت بفكرها نظامه الرجعي الدكتاتوري.
علامات الإبداع والتفوق العلمي والأدبي والمعرفي برزت مبكرًا في هاتين الشخصيتين فأعطا التاريخ رغم العمر الشريف القصير اللذان قضياه فكرًا ومعرفةً أدهشت الكثيرين حول العالم.
السيد محمد باقر الصدر نال رتبة “آية الله في سنٍّ مبكرةٍ جدًا ومؤلفاته العظيمة، لا سيما (فلسفتنا) و(اقتصادنا)، من الأعمال الرائدة التي لا تدرّس اليوم في أرقى جامعات العالم.
كان (قدس) من أعظم الخطباء الذين أدهش فكرهم العراقيين وحثهم على الوحدة وضرورة مواجهة الجهل البعثي الذي يستغفلهم ويستضعفهم. مفكرٌ حلم بعراقٍ واحدٍ يتعايش فيه مسلموه، شيعةً وسنة مع مسيحيوه وكرده وغيرهم في بيئة خالية من الفساد الإداري والسياسي والمحسوبيات والتبعية للخارج.
أما السيدة بنت هدى، الكاتبةُ البارعة والسياسيةُ الواعية والتربوية المميزة، فكثيرةٌ هي اسهاماتها وانجازاتها وعطاءاته للعراق. قصصها القصيرة تحفٌ فنيةٌ وأدبيةٌ تعالجُ وتعكس قضايا وهموم المرأة العراقية بشكلٍ سلسٍ ومميز. أنشأت وأدارت العديد من مدارس البنات في العراق وكانت دائمًا تحث النساء على تحصيل العلم والمعرفة.
أما في السياسة، فقد كانت رضوان الله تعالى عليها على خطى أخيها السيد الشهيد، تنشر الوعي السياسي في الوسط النسائي العراقي وتحثهن على مواجهة المشروع الصدامي البعثي.
أدرك الصدام عمق التأثير الذي يشكله السيد محمد باقر الصدر (قدس) فاعتقله مرات عدة مع تلاميذه وتابعيه، وعذبهم وقتل الكثير منهم.
في المرة ما قبل الأخيرة، خرجت السيدة بنت الهدى الى مسجد الإمام علي (ع) في النجف الأشرف تحث العراقيين على التظاهرة والخروج في الشوارع ضد صدام لكي يفرج عن أخيها، فكانت كجدتها فاطمة حين وقفت في خطبة فدك الشريفة بوجه الظالمين. وبفعل المظاهرات الكثيفة، اضطر صدام للإفراج عن السيد الشهيد لكنه فرض عليه الإقامة الجبرية لتسعة شهور. وبتاريخ التاسع من آبريل من العام 1980، وبعد ثلاثة أيام متواصلة من التعذيب الوحشي والتنكيل أطفأ صدام نوري هاتين الشمعتين إلى الأبد.
ظنّ صدام أنه بقتل السيدة بنت الهدى مع أخيها الشهيد وعدم تركها حية كما فعل أستاذه وقدوته يزيد سيمحو السيرة الغظيمة والتاريخ الثوري للأخويين الصدر، لكنه خاب وفشل. فها هما اليوم منارتين وشخصيتين وملهميين لأحرار العالم، خالدين ما بقي الدهر كقدوةً ورمزًا ونبراسًا، فألفُ سلامٍ على روحهما الطاهرة ونفسهما الطيبة وفكرهما الخالد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى