أحدث الأخباراليمن

الشهيدُ الصماد إيقونة الصمود وذكرى الإباء

أمةالملك قوارة

عطاءٌ وصمود، وهوية قُدست، ومنهجٌ رباني كان منبعٌ للانطلاقة، وفي ظل أحداث عاتية، كانا الاستبسال والشجاعة هما الرائدان ، إذ انطلق الفارس ممتطياً صهوة جواده قاصداً الشهادة أو النصر في خضم وطأءة الحرب وجبروتها، متخذاً من القرآن زداً وغذاء ..
عاش الأحداث المأساوية وتجرع من كأس الظلم الذي أشربت به محافظته وتجرعته في عدة حروب متتالية، ثم لتنال الحرب من وطنه فيما بعد ، فينكوي قلبه من جبروت الطغاة وبطش الجبابرة وقسوة المجرمين، عندها يصمد مناضلا ومتحركا في سبيل الحق، ولعلنا نستطرق جزء بداية مسيرته حيث كان مدرساً يستنشق الأجيال من عبير صموده وشجاعته وتمسكه بالحق والدفاع عنه ، ومع إندلاع الحرب الثالثة على صعدة يظهر عنفوان الشهيد وشدة بأسه ليفتح جبهة بمفردة وليخفف الضغط على الجبهات الأخرى، وإنما ذكرناه كان نموذجا بسيطاً لسيرة عظيمة كان تفاصيلها الاستماتة في سبيل الحق مع شدة البأس وغلبة الشجاعة و قوة الحنكة والتحلى بالصبر قاصدا بذلك الوصول إلى حلمه وبناء وطنه والحفاظ على سيادته …

ينطلق لسانه بعد صقله بالقرآن وتقوى حجته بالتدبر في آيات الله ويبرز برهانه بعد تمسكه بمنهجية الحق، فكانت كلماته كالسهم الثاقب في ميدان الحوار والسياسة وليتخذ من فصاحته سبيلا لإقامة العدل والسعي إليه، فخاض في عمق الأحداث لا يساومه باطلا ولا يرضخ لمنكر، فشاءت حكمة الله أن تُفتح له الأبواب ليتولى مناصب يمثل فيها شعب بأكمله فصدح من خلالها بمظلومية الشعب ووقف أمام من استهوتهم أنفسهم الانسياق وراء مخططات العمالة والارتهان للخارج، وكان أبرز مثالٍ على ذلك موقف الشهيد الصماد في مؤتمر الحوار الوطني حين بين أهمية أن يكون الحوار وطنيٌ وطني وألا يتدخل أحدا في شؤون اليمن داخليا، ولأن منطقه حكيم وموقفه شريف ومنهجه عظيم؛ فلقد نال احترام جميع المكونات والأطياف السياسية، فترأس المكتب السياسي لأنصار الله وفي نفس التوقيت تم تعينه مستشارا للرئيس هادي أنذاك ، ثم عضوا في المجلس السياسي الذي كوناه حركة أنصار والمؤتمر الشعبي العام، ثم لتتوالى الأحداث ويسقط القناع ويُظهر الرئيس صالح هدفه ويعلن الفتنة فيسقط في بؤرتها قتيلا ! وليتولى الصماد بعد ذلك رئاسة المجلس السياسي فتبدأ مسؤوليته بالمضي بالشعب نحو الاستقرار كان ذلك الهدف الأول له في خضم وقع الحرب وتدهور الأوضاع..


الشهيد الصماد رمزا للإرادة والصمود، فقد قاد الشهيد الصماد الشعب نحو الاستقرار الداخلي فبدأ بترميم ما خلفته الحرب من صدوع في جانب الأمن، ثم ليشق الطريق رغم المعوقات والصعوبات نحو البناء واستنهاض الهمم والتركيز على جوانب التنمية المختلفة فكان مشجعا لها من ناحية وداعم لها من ناحية أخرى واضعاً نصب عينيه هم وطن بأكمله وهم الارتقاء به وهم الحفاظ عليه، فلم تثنيه الظروف ولم تخيفه ضربات الأعداء وتهديداتهم بين الفينة والأخرى ولم توقفه قسوة الحرب وشدة وطأتها، وقدكان ألهم عظيماً برز ذلك أثناء اندماجه في أوصال المجتمع وتلمسه لاحتيجاته وتذوقه لمعناة الناس فكان يرى نفسه واحداً منهم يضع نفسه مكانهم ويتألم لألمهم، فكان يعاني كما يعانون ويشعر كما يشعرون، ولقد ظهر في خطاباته حلمه ورؤيته وهدفه الكبير في الوصول بالوطن إلى الحرية والنهضة الحضارية مستسيغا شروط ومبادئ وأسس كل ذلك من منهجه القوي “القرآن الكريم” فعَلّم الجميع كيف يكون النجاح والنهوض من عمق الهوية ومن منطلق الإيمان الراسخ بالله، فحقق تغيرا ملحوظا مع بداية توليه للرئاسة واستمر في المسير ليحقق تغيرات كبيرة في واقع الحياة فأطلق شعاره العظيم “يدٌ تبني ويدٌ تحمي” وقد كان ذلك الشعار مواكبة للأحداث التي ظهرت أنذاك والتي لازالت علقة خلف ستار المستقبل فشتدت الجبهات وبُرز نضال الشعب المستميت للحفاظ على العرض والكرامة، متخذاً من قائده قدوة له، ولم يزل الصماد يصدح بأهمية الجهاد والنهوض بالوطن فتارة يقطع الجبال والوديان متجها نحو الجبهات ليثبت المجاهدين ويقوي عزائمهم وليذكرهم بفضل الجهاد وأهميته وجزاء الشهداء وتارة في ميدان التنمية يدعم مجالات التصنيع الحربي ويشجع على الاكتفاء الذاتي، ويعد الخطط ويفتتح المشاريع المختلفة متحركا في سبيل ذلك بكل حرية وإباء غير آبهٍ بتحركات الأعداء الذين أشعلت النار في صدورهم بتأثير ما قام به في سبيل وطنه وماحققه رغم الحرب والدمار ..

خاف تحالف العدوان كثيراً مما حققه الرئيس الصماد ومن تحركاته وثقل إنجازاته، فبدأوا يعدون العدة للتخلص منه فالحرب لن تؤتي أكلها في ظل قائد كمثله واحتضانه لتلك الرؤيا وتلك الأهداف التي مثلها، فاستهدفوه ولم يستهدفوا شخص عاديا بل استهدفوا شعبا بأكمله ورجلاً بحجم وطن ، عندها ظنوا أنهم أماتوا حلمه وقضوا على رؤيته إلا أنهم بذلك صنعوا مليون صماداً، وخط الشعب من جرحه العميق خارطة الصمود ولوحة التضحية وجَعل من قائده الشهيد قدوة يحتذي به أفراده، يمشون على نهجه ويشقون الطريق على دربه ..
وفي ذكرى استشهاد الرئيس صالح الصماد ، تلوح من ذكراه منهجية القدوة لكل رئيس حين حفر الشهيد معنى الرئاسة الحقيقية الخالية من براثين زيف المناصب الكاذبة والمظاهر الخاوية ، فلقد اندمج في أحشاء شعبه فكان هو الراعي والرعية، وصار القدوة لكل محاربٍ وقائد شريف في كيفية الاستبسال والذود عن وطنه، فمثل صدق الهوية ومتانة المبدئ وعمق القضية وصدق الولاء لله وللوطن ذلك هو الشهيد الرئيس الصماد صدق في وعده وتوكل على ربه واستمات في سبيل شعبه ووطنه، فلم تغريه دنيا ولم تضعف من قوته جبروت الظروف ولم تخيفه حروب الطغاة ولقد شق الطريق نحو ربه وعشق الشهادة حتى نالها، فالسلام عليه مابقيت سيرته فينا وما حَفر في التاريخ من بصمة إباء …

#اتحاد_كاتبات_اليمن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى